ترجمة : د. عماد أحمد
الجزء الأول
بحث طبي مترجم : فوائد استخراج الدم الطبية عند القدماء و المعاصرين
( الحجامة و الفصد)
( إن أمثل ما تداويتم به الحجامة )
جورنال القلب الهولندي ، أبريل 2010 ، 18 (4): 218 – 222
تقنية الحافة النازفة في علم أمراض القلب – مزيج من منفعة و ضرر خزع الوريد في الأعمار المختلفة
سي فان تيللينجن
أخصائي امراض القلب، روزندال، هولندا.
للمراسلة:
C. van Tellingen Duke Ellingtonlaan 23, 4702 KG Roosendaal, the Netherlands
الملخص:
إن استخراج الدم للعلاج إنما هو قديم بقدم الجنس البشري. و إن بقاء هذا العلاج في الأزمنة المعاصرة و رغم كل المعارضين له ، إنما يشبه مسارا يتقدم خطوة بخطوة بالتضحيات و الخبرة المكتسبة في كل خطوة لتحسين استخدامه. و لكي تستطيع هذه الطريقة في العلاج الاستمرار في الأزمنة و الأوقات المتغيرة فإن تنوع التطبيقات شرط لذلك. و من المتفق عليه أن العلاج باستخراج الدم مغروس في الذاكرة اللاشعورية عندنا و لهذا فلا يجب أن نفاجأ إذا ظهر من وقت لآخر ليذكرنا ليذكرنا بالجذور الأصيلة للتفكير الطبي عند البشر. ( جورنال القلب الهولندي : 2010. 18:218 – 22 ).
إن زيادة النزيف و خطر النزف من القناة الهضمية العليا ( المصاحب للعلاجات المضادة للتجلط – أدوية السيولة ) يكون الاحتياط و الاهتمام الرئيسي في علم أمراض القلب المعاصر. و على النقيض فقد كان الأطباء في الماضي يواجهون مرضاهم المساكين بضرورة و مزايا إراقة الدم بشكل يناسبهم أو لا يناسبهم!!
و على الرغم من هذا ، و في هذه الأيام أيضا فقد اعتمد أسلافنا على أدلة متوازنة و مجهزة بعناية من مراجعهم الطبية عام 1760م.
و لقد تراجع العلاج بالفصد ليكون غير ذي أولوية في ممارسات طب الحالات الحرجة هذه الأيام. و إن التاريخ الطويل المتميز المتعلق بهذه الممارسة و الذي امتد إلى 1000 عام ق.م.، و على الرغم من ذلك يجعل دراستها أمرا يستحق العناء حيث بقي استخدامها في الأزمنة المعاصرة كمسار ثوري في تطور الفكر. و للعثور على هذا المسار الذي تطور خطوة بخطوة مع اكتساب الخبرة و تحسين الأداء في استخدام الفصد قد يوفر نظرة ثاقبة على تطور الطب المعاصر. و هذه الورقة البحثية هي محاولة لتعريف هذا المسار.
الوضع الحالي:
في أيامنا هذه فإن الفصد يستعمل في ظروف و أمراض محددة لتخفيض خلايا الدم الحمراء و منها : الهيموكروماتوسيس الوراثية و البوليسيثيميا فيرا، و الثرومبوسيثيميا و البورفيريا كيوتينيا تاردا ( أمراض زيادة الدم بكوناته المختلفة بشكل يهدد صحة الإنسان ).
و لوقت قريب كان الفصد المنتظم هو أفضل علاج لأمراض القلب الازرقاقية المصحوبة بزيادة كرات الدم الحمراء خوفا من الجلطات الدماغية. و لكن وجد ان تكرار الفصد أيضا قد يؤدي إلى نقص الحديد و إنخفاض حجم كريات الدم و زيادة لزوجته مما يهدد بجلطات المخ أيضا و هكذا تراجع استخدام هذه الطريقة.
و هناك إجماع الآن على أن الفصد يستخدم للإسعاف العاجل لأعراض ارتفاع لزوجة الدم. و عند إسعاف الوذمة الرئوية قد يستخدم فصد عرق الباسليق لتخفيض ضغط الشريان الرئوي خاصة عند الحاجة للتدخل السريع.
و في النهاية فقد ذكر الفصد في إصابات الرئة و زيادة عبء الجهاز الدوري كإحدى مضاعفات نقل الدم المسببة للوذمة الرئوية.
و بالنسبة لجراحات العظام فإن 1% من مرضى جراحات عظمة الحوض و الركبتين يبدو أنهم يتعرضون لعبء زائد على الجهاز الدوري و هكذا فإن الفصد و العلاج بالأكسجين هما مفتاحا الإسعاف في هذه الحالات الطارئة.
و في الجزء الثاني نستأنف مع: " تطور فكرة العلاج بالفصد و الحجامة".. فإلى لقاء إن شاء الله..
الجزء الثاني:
بحث طبي مترجم : فوائد استخراج الدم الطبية عند القدماء و المعاصرين
( الحجامة و الفصد)
( إن أمثل ما تداويتم به الحجامة )
تطور فكرة العلاج باستخراج الدم
إن قصة استخراج الدم مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتراث الطبي، و لقد نشأت من الشعائر الدينية و السحرية. و لقد كان الطبيب و الكاهن شخصا واحدا حيث اعتبر المرض ناشئا عن قوى فوق الطبيعة. و لقد كان الأطباء و الكهنة و السحرة يستدعون لاستخراج الأرواح الشريرة. و لقد كان استخراج الدم وسيلة لتنظيف الجسم من الشوائب غير المعروفة و السوائل الزائدة. و لقد اشتملت الأدوات البدائية على الأشواك، و العصي المدببة و العظام و القطع الحادة من الحجارة و المحار و حتى أسنان أسماك القرش المدببة. و لقد عثر في أمريكا الجنوبية و غينيا الجديدة على أدوات القوس و السهم المصغرة لاستخراج الدم. و لقد استخدمت أداة استخراج دم صغيرة تشبه القوس المتقاطع في مالطة و اليونان. و لقد صورت الرسوم الجدارية منذ 1400 ق.م. سحب الدم من الأجسام البشرية باستخدام العلق الطبي.
البداية:
لقد مارس المصريون استخراج الدم من ألف سنة قبل الميلاد – في علاج الخراج و لدغ الأفاعي - ثم انتقلت الممارسة إلى الإغريق و الرومان و الذين غرسوا استخدامه في مفهوم الصحة و المرض. و افترض في البداية أن استخراج الدم يسهل استخراج الأرواح الشيطانية من الجسم و لكن لاحقا و في مذهب أبوقراط – جالن و الذي استمر حتى القرن السادس عشر أعطوا سببا منطقيا و إطارا محددا لهذا العلاج. و هكذا تطور استخراج الدم من طقوس تعبدية إلى فعل علاجي منطقي، معتمد على المعرفة و المهارة و الفكر في إطار نظرية سوائل الجسم الأربعة و هي الدم و العصارة الصفراء والسوداء و المخاط. و حسب هذه النظرية فإن العناصر الأربعة في الطبيعة و هي الهواء و النار و الأرض و الماء بما لها من خواص مميزة تحدد واحدا من مزاجات أربعة هي ( الصديد و الرشيح و السواد و البلغم ) و التي بدورها تعتمد على التوازن بين السوائل. و يكون المزاج ممتازا عندما لا يسود / يغلب أحد هذه السوائل. فالشخصية الصديدية على سبيل المثال افترض أنها تعتمد على عنصر الهواء ( الرطب و الحار ). و يكون عادة رقيق القلب ، اجتماعيا، تلقائيا وواثقا. ولكن قد يكون متغطرسا و انفعاليا و متساهلا أيضا. و فهم المرض كاضطراب أو انزعاج لهذا التوازن و تم اختيار العلاج على أساس السائل الغالب. و هكذا فالأعراض الصديدية ( الألم و الحمى و الالتهاب و الرشح و العطاس تشير إلى زيادة الدم مما جعل استخراج الدم منطقيا و سهلا في هذا الوقت.
و في الحلقة الثالثة إن شاء الله نناقش مفهوم " الدم أغلظ من الماء!!" و إلى لقاء .. أستودعكم الله.
الجزء الثالث:
بحث طبي مترجم : فوائد استخراج الدم الطبية عند القدماء و المعاصرين
( الحجامة و الفصد)
( إن أمثل ما تداويتم به الحجامة )
" الدم أغلظ من الماء!!"
عودا على بدء، فإن الطب القديم الأساس الإنساني اليوناني لم يبق أملا للحالات المستعصية و هكذا فقد اشتعل وامتلأ بالتطوعات المسيحية، مما أدى في النهاية لنوع جديد من الطب الرهباني. و في العصور الوسطى اكتسبت فلسفة أرسطو ارضية جديدة في مدارس الاتحاد الأوروبي. و في القرن الثالث عشر أصبحت هذه الفلسفة المدرسية تأثيرا سائدا في النظريات ز كل ما علاها في أعمال توماس أكويناس ( 1125-1274 ) و الذي أصبح تدريسه الدكتوراة الرسمية للكاثوليك الرومان. و لم يكن أكويناس معلقا فقط و و لكنه كون رؤيته الخاصة و التي ظهرت في نظرياته المكتوبة. و فوق ذلك ف4د تبنى مدخلا جديدا لمفهوم ما وراء الطبيعة. وفي هذه الفترة كان للطب الرهباني رؤية ضحلة عن استخراج الدم. و إن موقف الآباء الأولين تجاه الجسم عبر عنه "جيروم" كله. "" هل يخشن جلدك بدون حمام؟"" ، "" من اغتسل مرة بدم المسيح فلا يحتاج للغسل ثانية"" – منقول مع التحفظ . و في هذا الوسط غير الملائم لنموها فقد أهملت العلوم، ليس نتيجة أي عدائية و لكن نتيجة اعتبارها غير ضرورية. "" و من هذا بحق الجحيم – مع التحفظ – الذي سيشفيك من مرضك؟"". إن الدم أثقل من الماء و هكذا نفذ كل ( جراحي الحلاقة ) من هذه الثغرة في الأسواق و هم مسببوها بالتحديد.
" تنفيذ الأفكار الجديدة "
و قد يبدو لبعضنا أن تاريخ الطب قد بدأ في القرن التاسع عشر مع اكتشاف مسببات الأمراض. و ما حصل قبل ذلك قد لا يستحق الاهتمام. و لكن قد حصل تقدم كبير دفعته قوى اعتبارية. في البداية حاولت المدارس صياغة أفكار جديدة مع الطب القديم و لكن المنهج العلمي بدأ يزدهر حيث اتخذت التنمية الإدراكية اليد العليا و صار التشريح و تحليل العينات و التدريس بجوار المريض هو الغالب في التعليم الطبي و التطور مع تنامي التحدي للعلم القديم. و توفرت علاجات و أعشاب جديدة بعد اكتشاف العالم الجديد و تم وضعها بقوة في ممارسة العلاج مثال " مسحوق الإيبيكاكوانا " و هو عشب ملين اكتشف في أمريكا الجنوبية وورد ذكره في كتاب : " السائحين " لصمويل بوركاس. و سواء كان مقبولا أو منبوذا فإن الأعشاب قد تبدو في أعيننا من أجل البقاء نوعا من العلاج النافع و لو فهمناها بعلوم يومنا هذا فهو أمر متوقع. و هكذا فالعلاج باستخراج الدم – سواء في الموسم أو غيره- يتوقع له تأثير مفيد لعلاج الأمراض ( بجانب إسعاف الحالات الطارئة التي أشير إليها في المقالات السابقة ) حسب المعايير المعاصرة أيضا و هي موجودة بالفعل..
و إلى لقاء في حلقة رابعة إن شاء الله.
ترجمة و إعداد:
د_عماد أحمد فتحي
المدينة المنورة
الجزء الرابع:
بحث طبي مترجم : فوائد استخراج الدم الطبية عند القدماء و المعاصرين
( الحجامة و الفصد)
جورنال القلب الهولندي ، أبريل 2010 ، 18 (4): 218 – 222
تقنية الحافة النازفة في علم أمراض القلب – مزيج من منفعة و ضرر خزع الوريد في الأعمار المختلفة
سي فان تيللينجن
أخصائي امراض القلب، روزندال، هولندا.
للمراسلة:
C. van Tellingen Duke Ellingtonlaan 23, 4702 KG Roosendaal, the Netherlands
( إن أمثل ما تداويتم به الحجامة )
( تابع) الدليل من الخبرة و التقاليد
إن المتبرعين بالدم لديهم مستويات أعلى من الصحة و السعادة إذا ما قورنوا بغيرهم ، حيث يتمتعون بمزاج أفضل و يقظة و هدوء أعصاب. و من الطبيعي أن المتبرعين أصحاء و ذلك بالنظر إلى الانخفاض في ضغط و سريان الدم الانقباضي و الزيادة في مقاومة الأوعية بعد فصد الوريد ، حيث كانت هذه النتائج متماثلة في حالة استخراج الدم حقيقة أو التهدئة بالإيحاء مما يدل على أن هناك عاملا نفسيا. و لكن مجرد التنويم ( بدون فصد الوريد ) والراحة السريرية لم تثمر أي تأثير. و هذه النتائج ان التغيرات الهيموديناميكية الملاحظة بعد فقد الدم ليست ناتجة عن مجرد انخفاض الضغط الهيدروليكي للدم و لكن يضاف إليها التأثيرات الذهنية أيضا.
و الدليل الأكبر على أن لتفاعل المخ دورا كبيرا هو انه في المخ الطبيعي لا يحصل تحسن في نقل الأكسجين و غمر الأنسجة به بعد الفصد، على الرغم من الزيادة الملحوظة في سريان الدم بالمخ مما يحسن اليقظة.
و لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم الأساسي المقاوم للعلاج بثلاثة أنواع من العقاقير المخفضة للضغط فإن فصد الوريد أدي لتخفيض ضغط الدم بعد 14 يوما و استمر الضغط منخفضا بعده لمدة أربعة أسابيع.
و في النهاية فإن العلاج باستخراج الدم تم استخدامه لقدرته على تسكين الألم و تخفيض الحرارة لدى مرضى التهاب المفاصل. لو لعلها تخفض الحرارة و الألم من خلالا فعلها التنظيمي على البروتينات في النسيج الموضعي مثل الإنترليوكين في منطقة المرض كما تم قياسه بالتحليل الطيفي المناعي الإشعاعي.
و أكثر من ذلك فقد تم توضيح ان تخفيف الدم هو علاج وقائي فعال لأمراض انسداد الشرايين المحيطية حيث ثبت أن إحلال 500 ملل دم بمحلول ملح مكافئ التركيز زادت من قدرة المريض على المشي بدون ألم بمقدار 85% .
و هكذا فقد ساهم البحث المعتمد على الدليل في فهم و تطوير العلاج باستخراج الدم . و عليه فاستخدام العلاج باستخراج الدم في أمراض ارتفاع ضغط الدم و السكتة الدماغية و الاستسقاء و الاضطرابات العصبية كما ورد في دليل " تيسوت" يمكن أن يكون مفصلا رابطا بالطب الحديث.
تعليق المترجم:
( و إن كان الأمر كذلك فمن علم هذا لرسول الله صلى الله عليه و سلم؟، و مع كثرة المصابين بهذه الأمراض، لماذا لا نستفيد من هذه العلاجات ؟ المنخفضة التكلفة الرائعة التأثير؟ ).
و من المعروف يا إخواني أن أشهر طرق العلاج باستخراج الدم هي الحجامة والفصد..
و مما تجدر الإشارة إليه هو اعتماد الأطباء الشعبيين بالمدينة المنورة للفصد كعلاج إسعافي لجلطات الأوردة العميقة، و هو ناجح و فعال ولديهم فيه خبرات طيبة، كما عرف العرب فصد عرق الباسليق ( الذي بالذراع و يكون منه التبرع ، ينفع القلب و الرئتين و هو عند أهل الصين كذلك، فما قولكم يا أهل الطب الحديث؟
الجزء الأول
بحث طبي مترجم : فوائد استخراج الدم الطبية عند القدماء و المعاصرين
( الحجامة و الفصد)
( إن أمثل ما تداويتم به الحجامة )
جورنال القلب الهولندي ، أبريل 2010 ، 18 (4): 218 – 222
تقنية الحافة النازفة في علم أمراض القلب – مزيج من منفعة و ضرر خزع الوريد في الأعمار المختلفة
سي فان تيللينجن
أخصائي امراض القلب، روزندال، هولندا.
للمراسلة:
C. van Tellingen Duke Ellingtonlaan 23, 4702 KG Roosendaal, the Netherlands
الملخص:
إن استخراج الدم للعلاج إنما هو قديم بقدم الجنس البشري. و إن بقاء هذا العلاج في الأزمنة المعاصرة و رغم كل المعارضين له ، إنما يشبه مسارا يتقدم خطوة بخطوة بالتضحيات و الخبرة المكتسبة في كل خطوة لتحسين استخدامه. و لكي تستطيع هذه الطريقة في العلاج الاستمرار في الأزمنة و الأوقات المتغيرة فإن تنوع التطبيقات شرط لذلك. و من المتفق عليه أن العلاج باستخراج الدم مغروس في الذاكرة اللاشعورية عندنا و لهذا فلا يجب أن نفاجأ إذا ظهر من وقت لآخر ليذكرنا ليذكرنا بالجذور الأصيلة للتفكير الطبي عند البشر. ( جورنال القلب الهولندي : 2010. 18:218 – 22 ).
إن زيادة النزيف و خطر النزف من القناة الهضمية العليا ( المصاحب للعلاجات المضادة للتجلط – أدوية السيولة ) يكون الاحتياط و الاهتمام الرئيسي في علم أمراض القلب المعاصر. و على النقيض فقد كان الأطباء في الماضي يواجهون مرضاهم المساكين بضرورة و مزايا إراقة الدم بشكل يناسبهم أو لا يناسبهم!!
و على الرغم من هذا ، و في هذه الأيام أيضا فقد اعتمد أسلافنا على أدلة متوازنة و مجهزة بعناية من مراجعهم الطبية عام 1760م.
و لقد تراجع العلاج بالفصد ليكون غير ذي أولوية في ممارسات طب الحالات الحرجة هذه الأيام. و إن التاريخ الطويل المتميز المتعلق بهذه الممارسة و الذي امتد إلى 1000 عام ق.م.، و على الرغم من ذلك يجعل دراستها أمرا يستحق العناء حيث بقي استخدامها في الأزمنة المعاصرة كمسار ثوري في تطور الفكر. و للعثور على هذا المسار الذي تطور خطوة بخطوة مع اكتساب الخبرة و تحسين الأداء في استخدام الفصد قد يوفر نظرة ثاقبة على تطور الطب المعاصر. و هذه الورقة البحثية هي محاولة لتعريف هذا المسار.
الوضع الحالي:
في أيامنا هذه فإن الفصد يستعمل في ظروف و أمراض محددة لتخفيض خلايا الدم الحمراء و منها : الهيموكروماتوسيس الوراثية و البوليسيثيميا فيرا، و الثرومبوسيثيميا و البورفيريا كيوتينيا تاردا ( أمراض زيادة الدم بكوناته المختلفة بشكل يهدد صحة الإنسان ).
و لوقت قريب كان الفصد المنتظم هو أفضل علاج لأمراض القلب الازرقاقية المصحوبة بزيادة كرات الدم الحمراء خوفا من الجلطات الدماغية. و لكن وجد ان تكرار الفصد أيضا قد يؤدي إلى نقص الحديد و إنخفاض حجم كريات الدم و زيادة لزوجته مما يهدد بجلطات المخ أيضا و هكذا تراجع استخدام هذه الطريقة.
و هناك إجماع الآن على أن الفصد يستخدم للإسعاف العاجل لأعراض ارتفاع لزوجة الدم. و عند إسعاف الوذمة الرئوية قد يستخدم فصد عرق الباسليق لتخفيض ضغط الشريان الرئوي خاصة عند الحاجة للتدخل السريع.
و في النهاية فقد ذكر الفصد في إصابات الرئة و زيادة عبء الجهاز الدوري كإحدى مضاعفات نقل الدم المسببة للوذمة الرئوية.
و بالنسبة لجراحات العظام فإن 1% من مرضى جراحات عظمة الحوض و الركبتين يبدو أنهم يتعرضون لعبء زائد على الجهاز الدوري و هكذا فإن الفصد و العلاج بالأكسجين هما مفتاحا الإسعاف في هذه الحالات الطارئة.
و في الجزء الثاني نستأنف مع: " تطور فكرة العلاج بالفصد و الحجامة".. فإلى لقاء إن شاء الله..
الجزء الثاني:
بحث طبي مترجم : فوائد استخراج الدم الطبية عند القدماء و المعاصرين
( الحجامة و الفصد)
( إن أمثل ما تداويتم به الحجامة )
تطور فكرة العلاج باستخراج الدم
إن قصة استخراج الدم مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتراث الطبي، و لقد نشأت من الشعائر الدينية و السحرية. و لقد كان الطبيب و الكاهن شخصا واحدا حيث اعتبر المرض ناشئا عن قوى فوق الطبيعة. و لقد كان الأطباء و الكهنة و السحرة يستدعون لاستخراج الأرواح الشريرة. و لقد كان استخراج الدم وسيلة لتنظيف الجسم من الشوائب غير المعروفة و السوائل الزائدة. و لقد اشتملت الأدوات البدائية على الأشواك، و العصي المدببة و العظام و القطع الحادة من الحجارة و المحار و حتى أسنان أسماك القرش المدببة. و لقد عثر في أمريكا الجنوبية و غينيا الجديدة على أدوات القوس و السهم المصغرة لاستخراج الدم. و لقد استخدمت أداة استخراج دم صغيرة تشبه القوس المتقاطع في مالطة و اليونان. و لقد صورت الرسوم الجدارية منذ 1400 ق.م. سحب الدم من الأجسام البشرية باستخدام العلق الطبي.
البداية:
لقد مارس المصريون استخراج الدم من ألف سنة قبل الميلاد – في علاج الخراج و لدغ الأفاعي - ثم انتقلت الممارسة إلى الإغريق و الرومان و الذين غرسوا استخدامه في مفهوم الصحة و المرض. و افترض في البداية أن استخراج الدم يسهل استخراج الأرواح الشيطانية من الجسم و لكن لاحقا و في مذهب أبوقراط – جالن و الذي استمر حتى القرن السادس عشر أعطوا سببا منطقيا و إطارا محددا لهذا العلاج. و هكذا تطور استخراج الدم من طقوس تعبدية إلى فعل علاجي منطقي، معتمد على المعرفة و المهارة و الفكر في إطار نظرية سوائل الجسم الأربعة و هي الدم و العصارة الصفراء والسوداء و المخاط. و حسب هذه النظرية فإن العناصر الأربعة في الطبيعة و هي الهواء و النار و الأرض و الماء بما لها من خواص مميزة تحدد واحدا من مزاجات أربعة هي ( الصديد و الرشيح و السواد و البلغم ) و التي بدورها تعتمد على التوازن بين السوائل. و يكون المزاج ممتازا عندما لا يسود / يغلب أحد هذه السوائل. فالشخصية الصديدية على سبيل المثال افترض أنها تعتمد على عنصر الهواء ( الرطب و الحار ). و يكون عادة رقيق القلب ، اجتماعيا، تلقائيا وواثقا. ولكن قد يكون متغطرسا و انفعاليا و متساهلا أيضا. و فهم المرض كاضطراب أو انزعاج لهذا التوازن و تم اختيار العلاج على أساس السائل الغالب. و هكذا فالأعراض الصديدية ( الألم و الحمى و الالتهاب و الرشح و العطاس تشير إلى زيادة الدم مما جعل استخراج الدم منطقيا و سهلا في هذا الوقت.
و في الحلقة الثالثة إن شاء الله نناقش مفهوم " الدم أغلظ من الماء!!" و إلى لقاء .. أستودعكم الله.
الجزء الثالث:
بحث طبي مترجم : فوائد استخراج الدم الطبية عند القدماء و المعاصرين
( الحجامة و الفصد)
( إن أمثل ما تداويتم به الحجامة )
" الدم أغلظ من الماء!!"
عودا على بدء، فإن الطب القديم الأساس الإنساني اليوناني لم يبق أملا للحالات المستعصية و هكذا فقد اشتعل وامتلأ بالتطوعات المسيحية، مما أدى في النهاية لنوع جديد من الطب الرهباني. و في العصور الوسطى اكتسبت فلسفة أرسطو ارضية جديدة في مدارس الاتحاد الأوروبي. و في القرن الثالث عشر أصبحت هذه الفلسفة المدرسية تأثيرا سائدا في النظريات ز كل ما علاها في أعمال توماس أكويناس ( 1125-1274 ) و الذي أصبح تدريسه الدكتوراة الرسمية للكاثوليك الرومان. و لم يكن أكويناس معلقا فقط و و لكنه كون رؤيته الخاصة و التي ظهرت في نظرياته المكتوبة. و فوق ذلك ف4د تبنى مدخلا جديدا لمفهوم ما وراء الطبيعة. وفي هذه الفترة كان للطب الرهباني رؤية ضحلة عن استخراج الدم. و إن موقف الآباء الأولين تجاه الجسم عبر عنه "جيروم" كله. "" هل يخشن جلدك بدون حمام؟"" ، "" من اغتسل مرة بدم المسيح فلا يحتاج للغسل ثانية"" – منقول مع التحفظ . و في هذا الوسط غير الملائم لنموها فقد أهملت العلوم، ليس نتيجة أي عدائية و لكن نتيجة اعتبارها غير ضرورية. "" و من هذا بحق الجحيم – مع التحفظ – الذي سيشفيك من مرضك؟"". إن الدم أثقل من الماء و هكذا نفذ كل ( جراحي الحلاقة ) من هذه الثغرة في الأسواق و هم مسببوها بالتحديد.
" تنفيذ الأفكار الجديدة "
و قد يبدو لبعضنا أن تاريخ الطب قد بدأ في القرن التاسع عشر مع اكتشاف مسببات الأمراض. و ما حصل قبل ذلك قد لا يستحق الاهتمام. و لكن قد حصل تقدم كبير دفعته قوى اعتبارية. في البداية حاولت المدارس صياغة أفكار جديدة مع الطب القديم و لكن المنهج العلمي بدأ يزدهر حيث اتخذت التنمية الإدراكية اليد العليا و صار التشريح و تحليل العينات و التدريس بجوار المريض هو الغالب في التعليم الطبي و التطور مع تنامي التحدي للعلم القديم. و توفرت علاجات و أعشاب جديدة بعد اكتشاف العالم الجديد و تم وضعها بقوة في ممارسة العلاج مثال " مسحوق الإيبيكاكوانا " و هو عشب ملين اكتشف في أمريكا الجنوبية وورد ذكره في كتاب : " السائحين " لصمويل بوركاس. و سواء كان مقبولا أو منبوذا فإن الأعشاب قد تبدو في أعيننا من أجل البقاء نوعا من العلاج النافع و لو فهمناها بعلوم يومنا هذا فهو أمر متوقع. و هكذا فالعلاج باستخراج الدم – سواء في الموسم أو غيره- يتوقع له تأثير مفيد لعلاج الأمراض ( بجانب إسعاف الحالات الطارئة التي أشير إليها في المقالات السابقة ) حسب المعايير المعاصرة أيضا و هي موجودة بالفعل..
و إلى لقاء في حلقة رابعة إن شاء الله.
ترجمة و إعداد:
د_عماد أحمد فتحي
المدينة المنورة
الجزء الرابع:
بحث طبي مترجم : فوائد استخراج الدم الطبية عند القدماء و المعاصرين
( الحجامة و الفصد)
جورنال القلب الهولندي ، أبريل 2010 ، 18 (4): 218 – 222
تقنية الحافة النازفة في علم أمراض القلب – مزيج من منفعة و ضرر خزع الوريد في الأعمار المختلفة
سي فان تيللينجن
أخصائي امراض القلب، روزندال، هولندا.
للمراسلة:
C. van Tellingen Duke Ellingtonlaan 23, 4702 KG Roosendaal, the Netherlands
( إن أمثل ما تداويتم به الحجامة )
( تابع) الدليل من الخبرة و التقاليد
إن المتبرعين بالدم لديهم مستويات أعلى من الصحة و السعادة إذا ما قورنوا بغيرهم ، حيث يتمتعون بمزاج أفضل و يقظة و هدوء أعصاب. و من الطبيعي أن المتبرعين أصحاء و ذلك بالنظر إلى الانخفاض في ضغط و سريان الدم الانقباضي و الزيادة في مقاومة الأوعية بعد فصد الوريد ، حيث كانت هذه النتائج متماثلة في حالة استخراج الدم حقيقة أو التهدئة بالإيحاء مما يدل على أن هناك عاملا نفسيا. و لكن مجرد التنويم ( بدون فصد الوريد ) والراحة السريرية لم تثمر أي تأثير. و هذه النتائج ان التغيرات الهيموديناميكية الملاحظة بعد فقد الدم ليست ناتجة عن مجرد انخفاض الضغط الهيدروليكي للدم و لكن يضاف إليها التأثيرات الذهنية أيضا.
و الدليل الأكبر على أن لتفاعل المخ دورا كبيرا هو انه في المخ الطبيعي لا يحصل تحسن في نقل الأكسجين و غمر الأنسجة به بعد الفصد، على الرغم من الزيادة الملحوظة في سريان الدم بالمخ مما يحسن اليقظة.
و لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم الأساسي المقاوم للعلاج بثلاثة أنواع من العقاقير المخفضة للضغط فإن فصد الوريد أدي لتخفيض ضغط الدم بعد 14 يوما و استمر الضغط منخفضا بعده لمدة أربعة أسابيع.
و في النهاية فإن العلاج باستخراج الدم تم استخدامه لقدرته على تسكين الألم و تخفيض الحرارة لدى مرضى التهاب المفاصل. لو لعلها تخفض الحرارة و الألم من خلالا فعلها التنظيمي على البروتينات في النسيج الموضعي مثل الإنترليوكين في منطقة المرض كما تم قياسه بالتحليل الطيفي المناعي الإشعاعي.
و أكثر من ذلك فقد تم توضيح ان تخفيف الدم هو علاج وقائي فعال لأمراض انسداد الشرايين المحيطية حيث ثبت أن إحلال 500 ملل دم بمحلول ملح مكافئ التركيز زادت من قدرة المريض على المشي بدون ألم بمقدار 85% .
و هكذا فقد ساهم البحث المعتمد على الدليل في فهم و تطوير العلاج باستخراج الدم . و عليه فاستخدام العلاج باستخراج الدم في أمراض ارتفاع ضغط الدم و السكتة الدماغية و الاستسقاء و الاضطرابات العصبية كما ورد في دليل " تيسوت" يمكن أن يكون مفصلا رابطا بالطب الحديث.
تعليق المترجم:
( و إن كان الأمر كذلك فمن علم هذا لرسول الله صلى الله عليه و سلم؟، و مع كثرة المصابين بهذه الأمراض، لماذا لا نستفيد من هذه العلاجات ؟ المنخفضة التكلفة الرائعة التأثير؟ ).
و من المعروف يا إخواني أن أشهر طرق العلاج باستخراج الدم هي الحجامة والفصد..
و مما تجدر الإشارة إليه هو اعتماد الأطباء الشعبيين بالمدينة المنورة للفصد كعلاج إسعافي لجلطات الأوردة العميقة، و هو ناجح و فعال ولديهم فيه خبرات طيبة، كما عرف العرب فصد عرق الباسليق ( الذي بالذراع و يكون منه التبرع ، ينفع القلب و الرئتين و هو عند أهل الصين كذلك، فما قولكم يا أهل الطب الحديث؟