معهد ون ويب لتطوير المواقع | 1weeb.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ستايلات مجانية FREE STYLES


2 مشترك

    فتنة الخوارج

    الجزائري عبد المعز
    الجزائري عبد المعز
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 05/10/2011

    الجنسية : جزائر

    عدد المشاركات : 3288

    مكسب العضو : 40583

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 21

    المزاج : منتديات طموح الجزائر

     فتنة الخوارج Empty فتنة الخوارج

    مُساهمة من طرف الجزائري عبد المعز 17/12/2011, 02:41


    فتنة الخوارج
    كلمة في ندوة بالمدينة النبوية بمناسبة
    (جائزة الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة)
    للشيخ
    صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
    [شريط مفرّغ]

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
    يسر
    إخوانكم في مؤسسة دار ابن رجب للإنتاج الإعلامي والتوزيع بالمدينة النبوية
    أن يقدموا لكم هذه المادة العلمية، سائلين الله عز وجل أن ينفع بها وأن
    يجعلنا ممن يسمع القول فيتبع أحسنه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أما بعد:
    فإني
    مسرور غاية السرور أن تكون هذه الندوة فاتحة أنشطة كثيرة ومتوالية
    ومتتابعة لجائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود للسنة النبوية والدراسات
    الإسلامية المعاصرة.
    فأجدني متذكرا جهد سموه الكبير على مدى سنتين مضت لترسو قواعد هذه الجائزة ولتتضح معالم أنشطتها والأطر لبحوثها.
    فأبدأ
    بعد حمد الله والثناء عليه بالشكر لسموه باسمي وباسم جميع طلبة العلم
    والباحثين والدارسين وخطباء المساجد والدعاة الذين هم جميعا يحرِصون على
    السنة النبوية وعلومها.
    ثم اشكر لسمو أمير منطقة المدينة المنورة حضوره
    لهذه لهذا الافتتاح وهذه الندوة، شاكرا له جهوده الكبيرة في دعم النشاط
    العلمي والبحثي في منطقة المدينة المنورة.
    ولسمو المشرف العام على
    الجائزة الشكر منا والتقدير على حرصه على هذه الأنشطة والندوات، وما قدمه
    في كلمته من إيضاح للجائزة ولأنشطتها، وما ذكره من جائزة جديدة لحفظ السنة
    النبوية والحديث النبوي الشريف.
    ولأمانة الجائزة ولسعادة الدكتور المقدِّم مني الشكر والتقدير.
    الوقت يضيق عن تَكرار بعض ما تفضل به سماحة الشيخ محمد سيد طنطاوي جزاه الله خيرا.
    وأجدني مضطرا لأن أدخل في صلب الموضوع.
    وأقسم ما سأتكلم عنه إلى أربعة أقسام:
    أما الأول: فهو ذكر أسباب الفتن؛ لأن معرفة السَّبب يورث معرفة المسبَّب، ومعرفة المقدمات تورث يقينا معرفة المآلات.
    والثاني: بعض نتائج وصور من الفتن والافتتان الذي وقع في هذه أمة.
    والثالث: رؤية موجزة للعلاج.
    والرابع: ما موقف المسلم أيا كان من الفتن في ضوء الكتاب والسنة وقواعد الشريعة المطهرة.
    الفتن: جمع فتنة، والفتنة كغيرها من الألفاظ لها استعمالان:
    استعمال لغوي: وقد فصل فيه فضيلة الشيخ قبل ذلك، وذكر الشواهد عليه من الكتاب والسنة.
    وهناك استعمال اصطلاحي عُرفي مشى في الناس: وهو أنَّ الفتنة ضرر يقع في الناس باختلاف فيما بينهم أو قتل أو انعدام في الأمن.
    أو
    يمكن تعريف الفتنة التي يتداول معها الناس هذه الكلمة: بأنها أقوال وأعمال
    تخرج عن الشريعة، وتؤدي إلى انعدام الأمن واختلال الجماعة وحدوث الفرقة.
    وهذا
    هو المقصود من التحذير من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وهو تحذير من
    الأعمال والأقوال التي تخرج عن إطار الشريعة، وتؤدي إلى انعدام الأمن
    وتفرق الجماعة وحصول الفرقة.
    هذا المعنى للفتن وُجد في تاريخ الإسلام؛ بل قد قال بعض الباحثين إن تاريخ الإسلام مملوء بالفتن.
    بل غلا بعضهم وقال: هل تاريخ المسلمين إلا الفتن، وهل نقرأ في كتب التاريخ إلا الاقتتال، وهل تقرأ في كتب التاريخ إلا سفك الدماء.
    وهذا صحيح من وجه وغلط من وجه:
    أما صحته فموجود في التاريخ ما ذُكر؛ من كثرة اقتتال والخروج والدماء واستباحة الدم والمال والعرض.
    ولكن
    هناك شأن عند المؤرخين لا ينبغي لا أن يسود في أذهانا وأذهان المسلمين،
    وهو أنّ المؤرخين درجوا على أنهم لا يذكرون إلا السيئ الغريب، ولا يذكرون
    الحسنات الكثيرة التي عملها الخلفاء وعملتها دول الإسلام، إلا ما ندر،
    فتجدهم عند حوادث كل سنة يذكرون ما حصل فيها من القتال، ما حصل فيها من
    الفتن، ما حصل فيها من الوفيات، والقليل أن يذكروا ما فيها من أمور
    محمودة، فلا يغلبَنَّ على الأذهان تلك الصورة التاريخية مما هو موجود في
    التاريخ.
    لكن الفتن موجودة، وسنعرض لبعض الأمثلة بحسن ما يتسع له الوقت
    فتن
    لها أسباب، الفتن بالمعنى الذي ذكرنا، الفتن التي تحدث الفرقة، تحدث
    انعدام الجماعة، تحدث الخروج عن إطار الشريعة وانعدام الأمن وحصول القلاقل
    والاعتداء على الناس في أنفسهم وأعراضهم لها نشأة.
    نشأتها دائما تكون
    ممن مجموعة أو جماعة أرادت زعزعةَ الأمن وتفريق الجماعة، وغالبا من الصور
    تكون تلك الفئة أداها إلى الفتنة وإلى الخروج وإلى القتل وإلى السفك الغلو
    في الدين وزيادة التدين؛ لذلك نذكر بعض الأسباب بحسب ما يناسب المقام:
    أما
    السبب الأول لظهور الفتن فهو الجهل، والجهل بالدين أو الجهل بقواعد الشرع،
    أو الجهل بالحقوق، هذا يؤدي إلى حدوث الفتن؛ لأن من كان عنده جرأة وغيرة
    باطلة غير منضبطة، فإنه سيتجرأ بجهله على أن يخوض الفتنة، وقد بدأت منذ
    ذلك الرجل الذي قال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما فرّق بعض
    المال قال: اعدل يا محمد. فنظر إله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    مغضبا وقال «ويحك من يعدل إذا لم أعدل؟»، ثم قال «يخرج من ضئضئ هذا أقوام
    يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم» هم أهل تعبد وأهل صلاة وأهل
    صيام، «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة»، فعلا خرج أولئك.
    الجهل
    بحق لنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الجهل بالعلم الجهل بالدين
    قاتل، ولذلك ما خرج أحد إلى الفت إلا وأداه خروجه إلى أن يكون جاهلا بل
    كان سبب ذلك هو جهله ولقد أحسن العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في قوله
    والجهل
    والجهلُ داء قاتلٌ وشفـــاؤه أمران في التركيب متفقـانِ
    نص من القرآن أو من سنــة وطبيب ذاك العالم الربانـي
    فإذا كان الكتاب والسنة دواء، فإن صرفَه وفهمه يكون من العالم الرباني لا من فهْم آحاد الناس.
    السبب
    الثاني لظهور الفتن وظهور الفاتنين والمارقين اتَّباع المتشابه وترك
    المحكم، الله جل وعلا ابتلى الناس بأن جعل في كتابه محكما ومتشابه.
    المحكم: هو ما هو بين واضح يُدرك معناه.
    والمتشابه: ما يشتبه معناه فيدركه أهل العلم وأهل الرسوخ في ذلك، ولا يدرك معناه كل أحد.
    قال
    جل وعلا في فاتحة سورة آل عمران ?هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ
    الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ
    مُتَشَابِهَاتٌ?[آل عمران:7]، فيه آيات محكمات واضحة بينة، وفيه آيات
    متشابهة، قال ?فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ
    مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ
    ?[آل عمران:7].
    وأقف هنا وقفتين:
    (أما الأولى هو انقسام القرآن
    إلى محكم ومتشابه، فالمتشابه موجود، فمعنى ذلك ن يكون المسلم من أن يستدل
    بالقرآن استدلالا خاطئا، وكما قال بعض أئمة الإسلام: ليس الشأن في أن
    تستدل-ليس الشأن أن تقول قل الله قال رسوله-، وإنما الشأن أن يكون
    استدلالك صحيحا موافقا لفهم السلف. الشأن ليس في الدليل، الدليل منه محكم
    ومنه متشابه؛ لكن الشأن في أن يكون استدلالك صحيحا.
    كل أحد اليوم يقول
    الكتاب والسنة، ما فيه أحد يأتي، حتى أهل المروق وحتى أهل الضلال الذين
    أوبقوا وعملوا ما علموا من تفجيرات وفتن وقتل للمسلم ومن للمعاهد ومن فتن
    وعمِل، كل أحد يستدل هل الشأن في وجود الدليل؟ ليس الشأن كذلك، الشأن أن
    يكون:
    أولا: الدليل محكما.
    الثاني: أن يكون الاستدلال صحيحا؛ موافقا لفهم سلف الأمة من هذا الدليل.
    وكذلك
    السنة، إذا القرآن فيه محكم ومتشابه، فالسنة كلام النبي صَلَّى اللهُ
    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه محكم وفيه متشابه، كيف نعرف المتشابه؟ كيف يعرف
    أهل العلم المتشابه؟ يردون المتشابه إلى المحكم فيفهمونه.
    (الوقفة
    الثانية في الآية: والحظها في قوله (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
    زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ) فأثبت وجود الزيغ في القلوب، أولا قال (فَأَمَّا
    الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ) يعني أن وجود المتشابه
    ليس هو سبب الزيغ؛ لكن هم قد وجد الزيغ في أنفسهم فاتبعوا المتشابه، وهذا
    كثير في أن المرء الذي عنده هوى وعنده ضلال يبحث عما يستدل به لمقررات
    سابقة عنده، وقد ذكر ابن حزم في أول كتابه الإحكام في أصول الأحكام ذكر أن
    من أسباب الانحراف أن يكون عند الإنسان مقررات سابقة، فهوم، أحكام، اتجاه
    فيبحث عن الدليل ليؤيد اتجاهه، وهذا سبب رئيس لحدوث الفتن والاختلاف
    والضلالات.
    فاحذر أن يكون عندك هوى في شيء، ثم بعد ذلك تبحث في الأدلة
    تبحث في الكتب عما يساند ما قررته سلفا، وما اتجهت إليه سابقا، أو اتجهت
    إليه مجموعتك أو اتجهت إليه جماعتك أو نحو ذلك هنا نحذر.
    في السنة أيضا محكم ومتشابه.
    كذلك
    كلام العلماء، هل أقوال العلماء من الصحابة أو أقوال العلماء وأفعال
    العلماء كلها محكمة؟ ليست كذلك، منها ما هو محكم ومنها ما هو متشابه.
    فإذا
    أتى أحد وقال في بعض كلامه الإمام الشافعي قال كذا وكذا، الإمام ابن تيمية
    قل كذا وكذا، الإمام ملك قال كذا وكذا، هل المسألة انتهت في أن يكون قوله
    صوابا، ليس كذلك، لابد أن يكون أقوال أهل العلم:
    أولا محكمة.
    ثانيا إذا كانت متشابهة فترد إلى المحكم.
    إذا لم يستبن الأمر فيها فالرجوع في فهم كلام أهل العلم إلى كتب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    السبب
    الثالث التأويل، وهل أفسد الدنيا إلا التأويل، يتأول الأمور فيحرف الأمور
    عن وجهها حتى يصل إلى ما يريده، والتأويل مما أضر بالناس سواء أكان
    التأويل في العقائد أم كان التأويل في مسائل العمليات التي اتجهت إليها
    الفرق كالخوارج والمعتزلة وغير ذلك .
    من الأسباب [السبب الرابع] حب الدنيا والرياسة، ابن تيمية رحمه الله تعالى لما ذكر الخوارج قال: إن سبب ظهورهم.
    هم
    ظهروا في أي زمن؟ ظهروا في زمن عثمان رضي الله عنه، هل هناك أنقى في زمن
    عثمان رضي الله عنه من عثمان؟ هل هناك أنقى من دولة عثمان؟ لكنهم نقموا
    عليه وخرجوا عليه وقتلوه في بيته وهو ناشر المصحف يقرأ فيه وكان صائما رضي
    الله عنه وأرضاه.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن من خرج من الخوارج
    وغيرهم على ولي الأمر، فإنما أخرجه لذلك شهوة باطنة لحب الدنيا والرياسة،
    جعل لها سبيلا من بعض مسائل الدين أو الغيرة على الشريعة، فجعل ذلك
    سُلَّما لشهوة باطنة عنده.
    وهذا كلاما ظاهر وصحيح لمن تأمله.
    السبب
    الخامس في الغلو هو مجاوزة الحد، الله جل وعلا نهى هذه الأمة عن الغلو كما
    نهى أهل الكتاب قال ?يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي
    دِينِكُمْ?[النساء:171]، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال
    «إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو» الغلو مجاوزة الحد عن
    المأذون به، فمن جاوز الحد عن السنة المرضية فقد غلا، النبي صَلَّى اللهُ
    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما خُيِّر بين أمرين إلا واختار أيسرهما، كان عف
    الكلام عف اللسان رحيما برا قويا في موضع القوة لينا في موضع اللين.
    بعض
    الناس يظن أن الشدة دائما هي الحق، هذا غلط على الشريعة، قد يكون في مواضع
    كثيرة وكثيرة اللين واليسر والأناة والرفق هو المطلوب، لهذا ثبت في
    الصحيحين أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال «إن الله رفيق يحب
    الرفق في الأمر كله فمن كان رفيقا في أمره كله» فقد ابتعد عن الفتن وسلم
    من الغلو وكان محبوبا لله جل وعلا.
    السبب الذي بعده [السبب السادس]
    مخالفة العلماء وعدم الرجوع إليهم، الخوارج ما رجعوا إلى الصحابة استقلوا
    بفهومهم، الذين خرجوا اليوم من هذه الجماعات الضالة جماعات الفتن الذين لا
    يفرقون بين مؤمن وغير مؤمن؛ بل يقتلون كما يشاءون ولا يرعون لذي عهد عهده،
    هؤلاء لم يرجعوا إلى فهم العلماء.
    فكان من أسباب من ظهور الفتن والوقوع
    في الفتنة أن المرء يستق في نفسه في الفهم ولا يرجع إلى أهل العلم
    الراسخين فيه، العلم إذا رجعت ليس كل من قرأ صار عالما، وليس كل من بحث
    صار باحثا وعالما.
    العلم له أهله الذين رجع إليهم، فلا بد حينئذ أن يعرف أن من أسباب الفتن مخالفة العلماء أو عدم الرجوع إلى العلم الراسخين فيه.
    إذا
    تبين ذلك فإن هذه الأسباب مجتمعة أدَّت إلى خروج فئات في تاريخ الإسلام
    بسبب هذه الأسباب جميعا أو بعض هذه الأسباب، فكان صورتها أبشع صورة.
    من ذلك وهو أشهرها وأولها الخوارج، الخوارج خرجوا على الإمام الحق؛ خرجوا على عثمان رضي الله عنه وقتلوه.
    ضحوا بأشمط عنوان السجود به يُقَطِّعُ الليلَ تسبيحا وقرآنا
    ثم قتلوا من؟ قتلوا علي بن أبي طالب خير الناس في زمانه، وهؤلاء مبشرين بالجنة.
    والنبي
    صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في حق عثمان «ما ضرَّ عثمان ما فعل
    بعد اليوم» لكنهم أداهم القول بالخروج وأداهم الهوى إلى أن يقتلوا عثمان
    ويقتلوا عليا، هل كانت حين ذاك كانت لهم معتقدات خاصة؟ لا، خرجوا وقتلوا
    لأنهم رأوا أن هؤلاء تجاوزوا الشريعة، قبل أن يحكموا على عثمان بالتكفير،
    عثمان ما حكموا عليه بالكفر، وإنما حكموا عليه بالضلال في باب المال، وفي
    باب الولايات وقالوا أنت تقسم المال كما تشاء، وتعطي الإقطاعات كما تشاء.
    وأجمع أهل العلم على ضلال هؤلاء، وعلى أنهم من كلاب أهل النار.
    كذلك
    قتلوا عليا رضي الله عنه، الذي قتل عليا من؟ هل قتل عليا رجل فاسق ويزني
    ويسرق ويرتشي ويشرب الخمر ويعمل؟ لا، ربما كان هذا الرجل الذي يعمل مثل
    هذه الأعمال لعلي في قلبه من المكانة ما ليس لدى قاتل علي، من؟ قاتل علي
    عبد الرحمن بن ملجَم ، ملجَم بفتح الجيم لا بكسرها.
    عبد الرحمن بن ملجم
    هذا رجل صالح في أول أمره أرسله عمر بن الخطاب إلى مصر رضي الله عنه، طلبه
    عمرو بن العاص، قال: يا أمير المؤمنين أرسل لي رجلا قارئا للقرآن يقرئ أهل
    مصر القرآن. فقال عمر بن الخطاب: أرسلت إليك رجلا هو عبد الرحمن بن ملجم
    من أهل القرآن آثرتك به على نفسي -يعني أنا أريده عندي في المدينة؛ لكن
    آثرتك به على نفسي- فإذا أتاك فاجعل له دارا يقرئ الناس فيها القرآن
    وأكرمه.
    لكن عبد الرحمن بن ملجم لم يكن عنده علم، دخلته الأسباب التي ذكرنا فجرّه الخوارج معهم.
    قتل
    عبد الرحمن بن ملجم علي رضي الله عنه، ولما قتله وقيد للقصاص قال للسيّاف:
    لا تقتلني مرة واحدة -يعني قطعة رأس- قطّع أطرافي شيئا فشيئا حتى أرى
    أطرافي تعذب في سبيل الله.
    أنظر هذا الحب لله جل وعلا حب لله جل وعلا عظيم وبذل للنفس عظيمة يريد تُقطع ليش؟ لأنه عنده أن قتل علي حق.
    لهذا تنتبه أن أئمة السنة والجماعة قالوا كلمة عظيمة قالوا: ليس الشأن أن تحِب الله -لأن هذه دعوى-؛ ولكن الشأن أن تحَب.
    ليس
    الشأن أن تقول: أنا أحب الله جل وعلا وتعمل كل شيء. الشأن أن تبحث عما
    يحبه الله فتعلمه، تقول: أنا أحب الله غيرة لله جل وعلا، أنا أريد أن أضحي
    في سبيل الله، أريد أن أبذل نفسي في سبيل الله وتمشي في طريق خطأ؟ هذا
    عرضة للضلال.
    لابد أن تبحث عما يحب الله، وقد يحب الله جل وعلا الأناة والحلم في موضعه، وقد يحب الإقدام في موضعه.
    هذا
    قاتل علي أتى رجل بمدحه هو عِمران بن حِطَّان، عمران بن حطان من الخوارج
    تتابعوا الخوارج انقضوا؟ لم ينقضوا وهم أساس الفتن، وكما جاء في حديث «لا
    يزالون يخرجون حتى يقاتل آخرُهم مع الدجال »والحظ قوله عَلَيْهِ
    الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ (لا يزالون يخرجون) يعني يخرجون ثم يخمدون، ثم
    يخرجون ثم يخمدون، وقد قال في حقهم «أيْنَمَا لقِيتُمُوهُم فاقْتُلُوهُم
    فإنَّ فِي قَتْلِهِم أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُم عند الله جل وعلا» عمران بن
    حطان مدح قاتل علي بقوله:
    يا ضربة من تقيٍّ ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
    يمدح من؟ يمدح الذي قتل علي يقول
    يا ضربة من تقيٍّ ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
    إنّي لأذكرُه حينا فأحسبُـه أوْفى البريـة عنـد الله ميزانـا
    قبحه الله ذاك المجرم الخبيث.
    إذن
    سبب الفتن، أو من أسباب الفتن من مظاهرها في التاريخ الزيادة في التدين،
    فاحذر أن يكون التدين على طريق غلط؛ لأنه إذا تدينت على طريق خطأ فليس
    شأنك أنك تسلم، فقد تتدين على طريق خاطئة فتصبح مثل أولئك الأقوام الذين
    انحرفوا.
    فالشأن أن تكون ناصحا لنفسك متدينا صالحا متبعا للكتاب والسنة متبعا للصحابة على نهج سلف الأمة حذِرا من الأهواء.
    واحذر
    سبب الفتنة؛ وهو أن تسمع لأهل الفتن والأهواء، بعض الناس يتساهل في نفسه،
    يعرض نفسه للخطر؛ يسمع لهذا ويسمع لهذا ويجلس مع أصحاب الفتن، لا، من
    أسباب وقاية نفسك والوقاية خير من العلاج أن تبتعد عن أصحاب الفتن. قال
    بعض أئمة السلف:
    لا تصغي إلى ذي هوى بأذنيك، فإنك ما يوحي إليك.
    تجلس تتسائل، والله هؤلاء عندهم غيرة، هؤلاء فعلوا، هؤلاء مجاهدون، هؤلاء تجلس تسمع تسمع، ثم يأتيك الفتنة، ويأتيك الانحراف.
    لابد أن يكون لك موقف واضح في هذا الأمر، موقف واضح وقائي، لا تتساهل في السماع؛ لأن المرء يتأثر بأي شيء؟ يتأثر بالسماع.
    من مظاهر الفتن التي حصلت أن يتقرب أناس بالنيل من الكعبة وهم ينتسبون للإسلام.
    ربما يكون فاسق إذا أتى عند الكعبة ورآها بكى ولان قلبه ولم تحدثه قلبه بمعصية.
    لكن
    أتى أناس من قوة تدينهم لم يرعوا حتى للكعبة حرمة مثل ما حصل من طائفة من
    العبيدين؛ بل اقتلعوا الحجر الأسود وأخذوه معهم من مكة إلى الأحساء -كانت
    تسمى البحرين في ذلك الوقت-، جلس معهم فوق العشرين سنة، تقريبا من سنة 317
    هجرية إلى 339 هجرية.
    الخِرقي -صاحب مختصر الحنابلة الذي شرحه ابن
    قدامة في المغني- لما أتى في الحج ألفه في وقت عدم وجود الحجر الأسود،
    قتلوا مئات الآلاف من الحجاج وأخذوا الحجر الأسود وذهبوا به باسم الدين،
    لما أتى لهذا الموضع قال: ويقبل الحجر الأسود إن كان. يعني إن كان موجودا؛
    لأنه ما كان موجودا شيء يدمى له القلب أن يأخذ ناس الحجر الأسود ويذهبون
    به؛ لكن سببه التدين الباطل والتأويل والجهل والطائفة البطينية العبيدية.
    كذلك
    منهم المنتسب للسنة حوادث الحرم الأخيرة التي حصلت سنة ألأف وأربعمائة 01/
    01/ 1400 هـ هذه الحوادث الفضيعة سببها إيش؟ هل كان أولئك في سلوكهم أو في
    ظاهرهم يشك فيهم؟ لا، كانوا ظاهرهم ظاهر الدين والخير ويطلبون العلم وفي
    حلق المشايخ لكن أتاهم الضلال والفتنة من جهة الغلو ومن جهة الجهل ومن جهة
    اتباع المتشابه ومن جهة الرؤى ومن جهة أسباب كثيرة، فأداهم إلى أن يجعلوا
    الحرم مكان خوف، الله جل وعلا قد أمن في الحرم إيش؟ أمّن الطير، أمن
    الحمام ، أمّن العصافير ، أمن الطيور، حتى بعض الحشرات غير الضارة مؤمَّنة
    فيه فكيف هؤلاء يرتكبون باسم الدين.
    ما حصل من تفجيرات أخيرة هذه من
    الفتن، التفجيرات التي حصلت لأخيرة في الرياض وما حصل قبلها في الرياض
    والخضر، وفي غيرها من بلاد المسلمين في مصر قبل ذلك وفي إندونيسيا وإلى
    آخره، يأتون إلى أناس آمنين من مسلمين وغير مسلمين فيقتلون الجميع.
    هذه
    من أعظم الفتن في هذا الوقت، السبب أن فيها عدة مخالفات؛ فتنة عن الدين
    عظيمة، وخروج عن الصراط، واتّباع لسبيل الخوارج من عدة أوجه:
    أولا: أن فيها قتل للنفس، والله جل وعلا يقول ?وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا?[النساء:29].
    الأمر
    الثاني: أن فيها قتل للمسلمين، والله جل وعلا يقول ?وَمَنْ يَقْتُلْ
    مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا
    فِيهَا?[النساء:93]، بعض الذين قتلوا في الرياض مسلم، شاب مسلم كان ماشي،
    لما دخلوا بالرشاش هرب أراد أن يهرب ضربوه في رأسه، هو معروف أنه مسلم
    هارب ليس معه سلاح وليس معه شيء هرب ضربوه في رأسه هو وغيره ممن قتلوا.
    قتلوا
    معاهدين أين هم من قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قتل
    معاهدا لم يرح رائحة الجنة العهد لم يعطيه؟ يعطيه إمام المسلمين، الأمان
    من يعطيه؟ يعطيه الإمام يعطيه ولي الأمر حتى لو أعطاه أحد المسلمين بكفالة
    ودخل بأمان لا يجوز الاعتداء عليه لأن المسلمين تتكافأ دماءهم ويسعى
    بذمتهم أدناهم.
    فيه اعتداء على الأموال كل المسلم على المسلم حرام دمه
    كما يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دمه وماله وعرضه»،
    الأموال هذه المجمعات إلى آخره هذه ملك لمن ؟ أليست ملك لمسلمين؟ بأي حق
    تفني أموال المسلمين وتعتدي على أموالهم؟ أين أنت من هذا الحديث؟ لكن هو
    الغلو هو سبب الفتن.
    هناك عدة اعتبارات أخرى لمثل هذا، هذه صور لما حدث
    في التاريخ القديم والجديد يبين لك أن الفتن يجب أن نحذرها ممن جاء بها،
    سواء كانت فتن شبهات كما ذكرنا أم فتن شهوات .
    العلاج أعطي نقط سريعة بدون شرح :
    أولا يجب علينا أن نعتصم بالكتاب والسنة والله جل وعلا يقول ?أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ?[النساء:59].
    [الثاني:]
    ويجب علينا أن نتبع المحكم من كلام الله وكلام رسوله صَلَّى اللهُ
    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن كلام أهل العلم وأن ندع المتشابه.
    الثالث: أن نلتزم فهم الراسخين في العلم وألا نأخذ بَنيات الطريق .
    الرابع:
    أن نحرص على لزوم الجماعة والحذر من الفرقة الله جل وعلا يقول
    ?وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا?[آل
    عمران:103]، النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لكم «الجماعة
    رحمة والفرقة عذاب»، فمن سعى في أي سبيل للفرقة فقد دخل في الفتن من أوسع
    أبوابها، وفي الحديث «الفتنة نائمة لعن الله من أيقضها» رواه ابن النجار
    في تاريخه وغيره باسناد فيه مقال .
    [الخامس:] من أسباب علاج الفتن الاهتمام بجمع الكلمة، الفتن لا تظهر إلا في أرض؛ أرض التفرق، ما تظهر في أرض الاجتماع.
    فلذلك
    موقفك أيها لمسلم إذا أردت أن تأمن على نفسك، وأن تأمن على دملك، وأن تأمن
    على عرضك؛ بل أن تأمن على دينك، وأن تكون حاميا لدين الله جل وعلا، فاحذر
    الفتن بأي طريق؟ في أن يكون هناك أرضية خصبة أن يكون هناك أرض خصبة للفتن،
    بأي شيء؟ بأن تهتم لجمع الكلمة.
    قد يكون هناك مفاسد، قد يكون هناك
    معاصي، قد يكون هناك منكرات، قد يكون، قد يكون..، لكن المصلحة العظمى في
    إيش؟ المصلحة العظمى في اجتماع الكلمة؛ لأن الشهوات تطرأ وتزول، مشكلة
    الشهوة أنها معصية، لكنها هي تطرأ وتزول، يعمل الشهوة المحرمة، ثم بعد ذلك
    يقول أستغفر الله وتوب إليه ويحس في نفسه بالألم والندم، الصلاة إلى
    الصلاة مكفرات، رمضان إلى رمضان مكفرات، العمرة مكفرة للعمرة، الحج
    المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
    لكن المشكلة الشبهة، الشبهة هذه ما
    دواؤها؟ الشبهة يتدين بها صاحبها وتبقى في نفسه، بخلاف الشهوة تأتي ويقول
    أستغفر الله وأتوب إليه أنا عصيت ربي وفي نفسه الندم، وإذا صلى يرجو مغفرة
    ذنوبه، وقال أستغفر الله تعالى.
    لكن صاحب الشبهة إذا قال أستغفر الله
    تعالى؟ ما يستغفر الله تعالى من قتل مسلم، لا ما يستغفر الله تعالى من
    التفجير، ما يستغفر الله تعالى مما يعمل؛ لأنه يرى أن هذه قربة إلى الله
    جل وعلا، ويرى نفسه شهيدا، ويرى نفسه مجاهدا.
    فهنا الاهتمام بجمع الكلمة ووحدة الصف، هذا يُلغي كل سبيل إلى ذلك، فالله جل وعلا أمرنا بأن نحقق المقاصد والوسائل.
    هذه بعض الكلمات في العلاج والوقائع والأسباب، موقفك أن تهتم بأن تكون أيها المسلم:
    * بعيدا عن الفتن، ليس فقط بعيدا.
    * وواقيا لنفسك ثانيا.
    * الثالث أن تكون مسلما حقا مجاهدا في درء الفتن.
    الجهاد أنواع:
    من الجهاد أن تكون مجاهدا لهذه الفرق الضالة.
    من الجهاد أن تكون مجاهدا في جمع الكلمة.
    من
    الجهاد أن تكون محققا لمراد الله ومراد رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ في الكتاب والسنة في رد الفتن عن الدين ما ظهر منها وما بطن.
    من الجهاد الحق أن تكون عنصرا عالما تقي صالحا بأن لا تجعل للشيطان مدخلا في هذه البلاد.
    الله
    جل وعلا أصلح هذه البلاد وأصلح بلاد المسلمين، فكيف نسعى في الإفساد، يقول
    الله جل وعلا ?وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ
    إِصْلاَحِهَا?[الأعراف:56 ،85]، لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها بجمع
    الكلمة، لا تفسدوا في الأرض بالشرك بعد إصلاحها بالتوحيد.
    لعل فيما ذكرت كفاية، الموضوع مهم وطويل.
    أكرر شكري لجميع الإخوة الحاضرين، وللمنظمين لهذا النشاط، ولمن سبقني لسماحة الشيخ ولمقدمي هذه الندوة، شاكرا للجميع حسن استماعه.
    سائلا المولى جل وعلا أن يوفقنا جميعا لما فيه رضاه.
    اللهم وفق ولاة أمورنا لما فيه رضاك.
    اللهم اجمع كلمتنا على الحق والهدى.
    اللهم من أراد بنا سوءا فرد كيده إلى نحره.
    اللهم من أراد بنا فتنة فاجعل فتنته على نفسه واجعله عبرة لمعتبرين.
    اللهم اجزي ولاة أمورنا خيرا عما يبذلون للإسلام والمسلمين.
    اللهم أجزي صاحب الجائزة خيرا.
    واجعلنا جميعا ممن يعلم الحق ويسعى في سبيله ويجاهد في سبيل درء الفتن وإحقاق الحق إنك جواد كريم.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

    أعدَّ هذه المادة: سالم الجزائري




    انتهى

    ahmad
    ahmad
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 27/11/2011

    الجنسية : algh

    عدد المشاركات : 1040

    مكسب العضو : 15384

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 0

     فتنة الخوارج Empty رد: فتنة الخوارج

    مُساهمة من طرف ahmad 17/12/2011, 03:09

    شكرا على الموضوع الرائع

      الوقت/التاريخ الآن هو 22/9/2024, 16:26