معهد ون ويب لتطوير المواقع | 1weeb.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ستايلات مجانية FREE STYLES


2 مشترك

    التخريج

    الجزائري عبد المعز
    الجزائري عبد المعز
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 05/10/2011

    الجنسية : جزائر

    عدد المشاركات : 3288

    مكسب العضو : 40583

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 21

    المزاج : منتديات طموح الجزائر

     التخريج Empty التخريج

    مُساهمة من طرف الجزائري عبد المعز 9/12/2011, 23:36




     التخريج Bism

     التخريج 090



    ان الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله

    من شرور انفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له

    و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا

    عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و أصحابه و من تبعهم

    بإحسان الى يوم الديـــن و سلم تسليما كثيرا ، أما بعد ...


     التخريج 090
    التخريج
    الكـاتب : إبراهيم بن عبد الله اللاحم



    الكتب المطلوبة في التخريج العملي:

    1 - (تحفة الأشراف) للمزي.

    2 - (المعجم المفهرس لألفاظ الحديث).

    3 - (مفتاح كنور السنة).

    4 - (التلخيص الحبير) لابن حجر.

    5 - (نصب الراية) للزيلعي.

    6 - (المقاصد الحسنة) للسخاوي.

    7 - (كشف الخفاء) للعجلوني.

    8 - (الجامع الصغير) للسيوطي.

    9 - (صحيح البخاري) ترقيم محمد فؤاد عبد
    الباقي، مطبوع مع (فتح الباري) لابن حجر، ومطبوع كذلك لوحده، وإن لم يتيسر
    فهناك طبعتان بديلتان: الطبعة التركية وتسمى (طبعة استانبول)، وطبعة مصطفى
    البغا، ولكن في هاتين الطبعتين اختلاف يسير في الترقيم، فيتقدم الباحث برقم
    أو رقمين، أو يتأخر كذلك.


    10 - (صحيح مسلم) ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي.

    11 - (سنن أبي داود) تحقيق عزت الدعاس.

    12 - (سنن الترمذي) تحقيق كمال الجوت.

    13 - (سنن النسائي) الطبعة المرقمة نشرها
    المكتب الإسلامي للتراث (ويحتمل أن يكون اسمه: مكتب التراث الإسلامي). وإن
    لم تتيسر فالطبعة التي رقمها الشيخ عبد الفتاح أبو غدة.


    14 - (سنن ابن ماجه) ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي.

    15 - (سنة الدارمي) تحقيق عبد الله هاشم، أو تحقيق مصطفى البغا، أو الطبعة التركية (استانبول).

    16 - (موطأ مالك) ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي.

    17 - (مسند أحمد) النسخة المصورة في دار
    صادر ببيروت عن طبعة بولاق. وهي في ست مجلدات، وبأولها فهرس الشيخ
    الألباني، وبحواشيها (كنز العمال).


    تمهيد:

    ظل التأكد من صحة ما ينسب إلى السابقين
    من أقوال وأفعال شغل بال الباحثين في كل وقت، ويزداد هذا الأمر أهمية حين
    يتعلق بعقائد الناس وأمورهم الشرعية الأخرى من حلال وحرام وترغيب وترهيب.


    وقد خص الله - تعالى - هذه الأمة بخصيصة
    (الإسناد)، وهو نقل أقوال وأفعال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -
    وصحابته وتابعيهم والأحداث التي وقعت في عصور الإسلام الأولى بالأسانيد،
    وشمل هذا فيما بعد كافة أوجه النشاط العلمي الإسلامي، من حديث وتفسير وفقه
    وتاريخ ولغة وأدب... فبذل علماء هذه الأمة غاية وسعهم في ضبط هذه الأسانيد
    ودراستها وتفحيصها، وتأليفها وجمعها في كتب تيسر للمسلمين معرفتها
    والاستفادة منها.


    ومع مرور الوقت: وتطاول الزمن وضبط
    المرويات وتدوينها – برزت الحاجة – إلى حذف الإسناد عند الاستدلال ونسبة
    الأقوال والحكايات إلى أصحابها، والاكتفاء بنسبة النص إلى صاحبه تارة بذكر
    الراوي الأخيرة وتارة أخرى بحذفه.


    ولما كانت معرفة صحة هذه النسبة تتوقف
    على الوقوف على الإسناد كان لزاماً بيان من روى النص بإسناده لينظر في
    صحته، وقد تولى هذه المهمة منذ بروز الحاجة عليها حتى الآن أئمة فضلاء
    وباحثون أجلاء.


    وفي كل هذه المراحل عرف هذا العمل بـ
    (التخريج) على اختلاف مفهوم هذه الكلمة بحسب الحاجة إليها في كل وقت، ويمكن
    للباحث أن يرى تطور مفهوم هذه الكلمة خلال العصور، وأنها قد مرت بأطوار
    خمسة متميزة:


    الطور الأول:

    رواية النص بإسناده إلى قائله في كتاب مصنف.

    وهذا الطور يشمل عصر الرواية، وهو عبارة عن القرن الثاني والثالث والرابع من الهجرة.

    فيقال في التعبير عن رواية النص بالإسناد
    في كتاب مصنف: أخرجه البخاري، أو مسلم، أو أبو داود، أو الطحاوي، أو
    الطبري، أو غيرهم من المؤلفين في هذا العصر.


    وسمي عملهم هذا تخريجاً للنص وإخراجاً
    له؛ لأن أصل الخروج في اللغة بمعنى البروز، فكأن المؤلف أبرز هذا النص
    وأظهره للناس حين وضعه بإسناده في كتابه، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن
    إسناد النص يعرف عند العلماء بالمخرج، فكأنه الطريق الذي خرج منه هذا النص،
    وحينئذ فرواية المؤلف للنص بإسناده تخريج له لأنه عرّف الناس بمخرجه.


    والذي يظهر لي – والله أعلم – أن كلا
    الأمرين له صلة يوصف هذا العمل بالتخريج، وتسمية مؤلفه بالمخرج، وذلك أن
    راوي النص إذا لم يضعه في كتاب له لا تسمى روايته له تخريجاً، وإلا لأصبح
    الرواة كلهم مخرجين، وليس الأمر كذلك، وكذلك المؤلف إذا وضع نصاً في كتابه
    دون أن يذكر إسناده لا يقال له في الاصطلاح أنه أخرجه، وإن قيل ذلك على
    سبيل التجوز فلا بد من تقييده، وإنما يقال: ذكره، وأورده، وساقه ونحو ذلك.


    فظهر من هذا ملاحظة الأمرين في تسمية هذا العمل تخريجاً: روايته بإسناد ووضعه في كتاب مصنف.

    الطور الثاني:

    في أثناء عصر الراوية وقبل انقراضه برز
    نوع من التخريج فيه معنى ما في الطول الأول – وهو رواية الحديث بإسناده في
    كتاب مصنف – وزيادة على ذلك وهو: تخصيص كتاب من كتب السنة وإخراج الأحاديث
    الموجودة فيه بأسانيد للمؤلف الثاني لا بمر بها على المؤلف الأول: ويلتقي
    فيه بشيخه أو من فوقه حتى الصحابي، ولأجل هذه الزيادة سمي عملهم هذا:
    استخراجاً.


    فاستخراج الأئمة على (الصحيحين) وعلى
    (سنن الترمذي)، و(سنن أبي داود)وكثرت المؤلفات من هذا النوع... ومن عمل
    مستخرجاً في أثناء عصر الرواية: أبو علي الطوسي، عمله على (سنن الترمذي)
    وهو من أقران الترمذي، وكانت وفاته سنة 308ه، وكذلك أبو بكر محمد بن رجاء
    النيسابوري المتوفى سنة 286ه، وهو من أقران مسلم، وعمل على كتابه (الصحيح)
    مستخرجاً... واستمر هذا النوع من التصنيف حتى قبيل نهاية القرن الخامس.


    الطور الثالث:

    بعد انقراض عصر الرواية واستكمال تدوين
    السنة أخذ التخريج معنى جديداً، وهو أن يروي النخرج الحديث بإسناد يمر به
    على كتاب مصنف سابق في عصر الرواية مثل: (صحيح البخاري)، و(سنن أبي داود)
    و(مسند أحمد) و(مصنف عبد الرزاق)، ثم بعد ذلك يعزوه دون إسناد إلى كتب أخرى
    يريد التخريج منها، وممن يكثر من هذا العمل البيهقي في (سننه الكبرى)
    وكتبه الأخرى، والبغوي في (شرح السنة) وابن الجوزي في (التحقيق) وغيره من
    كتبه وكثيراً ما ينصون على موضع التقاء إسناد من عزوه إليه بالإسناد الذي
    ساقوه، ويحدد بعض الباحثين هذا الطور بنهاية القرن السادس.


    الطور الرابع:

    نهجوا منهج من سبقهم في الطور الثالث،
    واستحدثوا مع ذلك طريقة جديدة اضطرهم إليها بعدهم عن عصر الراوية، فطالت
    الأسانيد، وهذه الطريقة هي العزو المباشر إلى كتاب السنة الأولى دون سوق
    أسانيد.


    وأكثر كتبهم في التخريج على الطريقة
    الجديدة، فمن ذلك كتب الأحكام: (عمدة الأحكام) للمقدسي، و(الإلمام) لابن
    دقيق العبد، و(المحور) لابن عبد الهادي، و(بلوغ المرام) لابن حجر، وكذلك
    الكتب المخصصة لتخريج أحاديث معينة من كتب الفقه وغيرها، مثل (تحفة الطالب)
    لابن كثير، و(تحفة المحتاج) لابن الملفق، و(نصب الراية) للزيلعي،
    و(التلخيص الحبير) لابن حجر، وغيرها.


    ومن الكتب المؤلفة على طريقة أصحاب الطور
    الثالث: (نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار) و(تعليق التعليق) وهما
    لابن حجر. ويمكن جعل مهاية القرن التاسع حداً لانتهاء هذا الطور.


    الطور الخامس:

    وبعد القرن التاسع إلى وقتنا الحاضر
    اكتفى المخرجون بعزو الأحاديث إلى كتب السنة الأولى دون سوق أسانيد إلا في
    النادر جداً، وهذا النادر غير مستساغ أيضاً، وذلك لطول الإسناد وعد الحاجة
    إليه.


    والمراد بسوق الأسانيد أن يقول المخرج:
    حدثنا فلان، قال: حدثنا فلان... إلى أن يصل إلى رسول الله - صلى الله عليه
    وعلى آله وسلم - أو إلى صاحب الأثر، فهذا هو الذي حذفه أهل الطور الرابع في
    غالب تخريجهم، وكذلك أهل الطور الخامس، وأما ذكر الإسناد من كتب السنة
    الأولى كأن يقول: أخرجه البخاري عن فلان عن فلان... فهذا موجود في الطورين
    بكثرة وله أهميته في بيان درجة النص.


    والمتأمل في تطور مفهوم كلمة: (التخريج) ومتابعة تطبيقها في عصورها يلاحظ عدة أمور:

    أ. الأطوار الخمسة – كما هو ظاهر – بينها
    تداخل في وقتها الزمني، فظهور معنى جديد للتخريج لا يعني ترك ما قبله
    بالكلية، فالغرض من ذكر هذه الأطوار بيان ما هو الغالب على كل عصر في معنى
    التخريج، وما هو الأليق به بالنسبة لحاجة النصوص إلى تمييز صحيحها من
    سقيمها.


    ب. تقدم في ذكر الطور الأول وجه إطلاق
    هذه الكلمة على رواية النص بإسناده في كتاب مصنف، والملاحظ أن الأطوار
    الأربعة اللاحقة لها صلة قوية بهذا المعنى، حتى حين أخذ التخريج شكل العزو
    المجرد دون رواية الحديث بالإسناد، وذلك أن العزو يكون إلى من روى النص
    بالإسناد في كتاب مصنف فهو دلالة على من أخرج النص، فصح أن يسمى هذا العمل
    تخريجاً.


    ج. ظهر أن هناك اختلافاً في معنى التخريج
    في أطواره الخمسة، وذلك تبعاً لحاجة النصوص في كل عصر من العصور التي مرت
    بها، وهو في كل ذلك له قواعد وضوابط يسير عليها المخرجون.


    واليوم قد عمت العالم الإسلامي نهضة
    مباركة هدفها خدمة النصوص وتقريبها للناس، مع تمييز صحيحها من سقيمها،
    وتحقيق الكتب المتقدمة التي تروى بالإسناد، ودراسة أسانيدها – اتجه
    الباحثون إلى شرح وتوضيح طرق التخريج التي يمكن أن يوصل عن طريقها إلى مكان
    النص في مصادره الأصلية، كما اتجهوا إلى تحرير قواعد وضوابط أخذوها من
    تصرفات السابقين وعملهم ومما مر بهم من تجارب في تخريج النصوص، لكي يستعين
    بهذه الطرق ويسير على هذه الضوابط والقواعد من يأتي بعدهم، فظهر في التخريج
    كفن مستقل عرفه بعضهم بأنه (معرفة القواعد الموصلة إلى معرفة كيفية تخريج
    النصوص وبيان درجتها عند الحاجة).


    واتضح من هذا الفرق بين (علم التخريج)
    وبين (التخريج) فالتخريج عمل الباحث في تخريج النصوص، وعلم التخريج الطريق
    التي يسلكها للوصل إلى النصوص في المصادر، والقواعد والضوابط التي تحكم
    عمله.


    د. (عزو النص إلى رواه بإسناد في كتاب مصنف، مع بيان فروق المتن ودرجة النص).

    هذا تعريف التخريج الذي استقر عليه الاصطلاح في الوقت الحاضر فمن وفي بما في هذا التعريف فقد أتى بتمام التخريج.

    وبما أن التعاريف تصان عن الإسهاب
    والتطويل – فإن تحت هذا التعريف تفاصيل وقيود تحتاج إلى شرح وإيضاح، هذه
    التفاصيل والقيود هي قواعد وضوابط التخريج، وكيفية وصول الباحث إلى مكان
    النص في الكتاب المصنف ليطبق هذه القواعد والضوابط هي طرق التخريج.


    وبالنسبة لبيان درجة النص وذكره في
    التعريف – فلا شك أن معرفة درجة النص هي الغاية من كافة العلوم المتعلقة
    بالمرويات، وقد كان السابقون – بعد إتمام عملية التدوين – قد تولوا هذه
    المهمة، تارة بتأليف كتب يلتزم فيها أصحابها اختيار النصوص وانتقائها مثل
    (موطأ مالك)، و(صحيحي البخاري)، و(صحيح مسلم)، وتارة بالنص على درجة النص
    مثل (سنن الترمذي)، وتارة بتأليف كتب للكلام على النصوص وأسانيدها مثل: كتب
    العلل، وفي كثر من الأحيان يكتفون بذكر الإسناد عن بيان درجته ويقولون:
    (من أسند فقد أحالك) يعني ترك للقارئ معرفة درجة الإسناد.


    ومع بعد الناس عن عهد الرواية وتقاصر
    الهمم صارت معرفة درجة النص أمر غير ميسور حتى بالنسبة لطلبة العلم، ولذا
    اشترط الباحثون بيان درجة النص في التخريج.


    والذي يظهر لي أن بيان درجة النص من تمام
    التخريج، وأن الاكتفاء بعزو النص دون بيان درجة يسمى تخريجاً وإن كان فيه
    قصور عن الأول، وليس كل باحث مخرج يستطيع الوفاء ببيان درجة النص، وإشعار
    الباحثين بهذا الإلزام دفع ممن لا يحسن هذا العمل إلى اقتحامه والتخبط فيه.


    وهذه الرسالة الصغيرة: إسهاماً في توضيح
    الطرق التي توصل الباحث إلى أماكن النصوص في مصادرها، وتحرير قواعد وضوابط
    في عزو النص وبيان فروق المتن وتكون البداية بالثاني منهما في فصل، ثم
    الأول منهما في فصل آخر. وأما ما يتعلق ببيان درجة النص: فله شأن آخر وعلم
    آخر،


    الفصل الأول:

    قواعد وضوابط في التخريج:

    وفيه المباحث التالية:

    أولاً: المراد بالنص المأثور.

    ثانياً: معنى العزو.

    ثالثاً: بيان فروق المتن.

    رابعاً: بيان درجة النص.

    خامساً: التخريج الإجمالي والتفصيلي.

    سادساً: تقسيم مصادر التخريج.

    سابعاً: تحديد المصادر التي يعزو إليها المخرج.

    ثامناً: ترتيب مصادر التخريج.

    تاسعاً: اختلاف التخريج بحسب النص الذي يقوم الباحث بتخريجه.

    عاشراً: اشتباه بعض النصوص على الباحث.

    حادي عشر: التخريج بالواسطة.

    أولاً: المراد بالنص المأثور:

    كل نص نسب إلى قائل متقدم فهو بحاجة إلى تخريج، وتختلف أهمية هذا النص من جهتين:

    الأولى: من جهة قائلة، فلا شك أن أعظم
    النصوص وأهمها في هذا الباب نصوص حديث رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله
    وسلم -، حتى أن كثيراً من الباحثين يعبر في تعريف التخريج بأنه: ((عزو
    الحديث...)) فاخترت التعبير بالنص المأثور ليكون أعم وأشمل.


    ويلي نصوص حديث رسول الله - صلى الله
    عليه وعلى آله وسلم - نصوص صحابته رضوان الله عليهم على اختلاف طبقاتهم، ثم
    من بعدهم... وهكذا، وإن كان الأمر في العصور المتأخرة صار من حيث الجملة،
    وقد يكون قول إمام متأخر أهم من قول إمام متقدم عليه.


    الثانية: من جهة العصر الذي قيل فيه
    النص، فأهم العصور في موضوع التخريج عصر ما قبل التدوين، حين كانت النصوص
    في الأغلب الأعم تتناقل مشافهة، وكان الاعتماد على الأسانيد، وأما بعد عصر
    التدوين فإن أقوال الأئمة عادة تكون موجودة في كتبهم التي اشتهرت عنهم شهرة
    استغنى بها عن روايتها بالأسانيد، فإذا لم يكن صاحب النص مؤلفاً فإننا
    نحتاج إلى تخريج نصوصه وإن كان في عصر التدوين والتأليف، لأننا حينئذ نعتمد
    على الإسناد، مع أن الباحثين اصطلحوا على تسمية تخريج نصوص الأئمة بعد عصر
    التدوين ويعنون بها أقوال من كانوا قبل عصر التدوين، ويقولون: توثيق
    النصوص ويعنون بها أقوال الأئمة بعد عصر التدوين، مثل أقوال أئمة الجرح
    والتعديل، هذا من جهة الاصطلاح، وإلا فإن المعنى في الحالين واحد.


    ثانياً: معنى العزو:

    العزو ذكر من روى النص على الشريط
    المذكور في التعريف، ويعبر عنه الباحث بقوله: رواه فلان،أو أخرجه فلان، ومن
    تمام العزو أن ينص الباحث على مكان وجود النص في الكتاب المعزو إليه بذكر
    الأمور التالية:


    اسم الكتاب داخل الكتاب المصنف، واسم الباب، ورقم الجزء والصفحة، ورقم الحديث، فيقول مثلاً:

    أخرجه أبو داود في ((سننه)) في (الحج) (باب ما يلبس المحرم)؟: 410 حديث 1823.

    ويستوفي الباحث هذه الأمور بحسب ما توافر
    منها في الكتاب المعزو إليه فيعفى من رقم الحديث إن لم تكن النسخة مرقمة
    الأحاديث، ويعفى من اسم الكتاب والباب إذا لم يكن الكتاب مرتباً على
    الأبواب.


    وبالنسبة لترتيب الأمور السابقة له أن
    يسلك غير هذا الترتيب، فيذكر مثلاً رقم الجزء والصفحة قبل اسم الكتاب
    والباب، وقد يقدم أيضاً رقم الحديث، فإذا اختار ذلك فيحسن به أن يلتزمه ولا
    يخرج عنه في بحثه كله.


    وإذا كان لأحاديث الكتاب رقمان: عام
    للمؤلف كله، وخاص بالكتاب المعين كالصلاة مثلاً وذلك في مثل ((صحيح مسلم))
    فللباحث أن يختار أحد الرقمين، وإن كان الأولى في نظري أن يختار الإحالة
    على الرقم العام، وإذا اختار أحدهما فعليه أن يلتزم ذلك أيضاً.


    ويكثر من طلاب الحديث السؤال عن ذكر
    الطبعة للكتاب، وهذا ليس من أمور التخريج في شيء، والجواب عنه في مادة
    ((مناهج البحث)) والمستحسن في هذا أن يلتزم الباحث طبعة يكون قد اختارها
    لما فيها من مميزات مثل كونها محققة تحقيقاً علمياً، أو كونها مرقمة
    الأحاديث، أو نحو ذلك، ثم يذكر ما يتعلق بطباعتها في ذكر المراجع في نهاية
    البحث، فإذا احتاج إلى العزو إلى طبعة أخرى لغرض من الأغراض نص عليه في
    مكانه، ومثل هذا يقال في لعزو إلى النسخ المخطوطة.


    والأمور السابقة في تمام العزو يمكن اختصارها من جهتين:

    الأولى: حذف اسم الكتاب المؤلف استغناء
    بشهرته إذا ذكر مؤلفه، فيقال في المثال السابق: أخرجه أبو داود في
    ((الصلاة))... ، وهكذا في البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم من المؤلفين، فإذا
    عزا الباحث إلى مؤلف آخر لذلك الإمام فلا بد من النص على تسميته، مثل أن
    يعزو إلى ((المراسيل)) لأبي داود، أو إلى ((الشمائل)) للترمذي.


    ويضع الباحث في مقدمة بحثه قائمة بأسماء الكتب التي التزم حذفها استغناء بشهرة نسبتها إلى مؤلفيها

    الثانية: الرمز للمؤلف بحرف أو حرفين من اسمه بدلاً من ذكره كاملاً، مثل: خ = للبخاري، د = أبو داود، قط = الدار قطني...

    ثالثاً: بيان فرق المتن:

    جرى التدوين العام للسنة وأقوال الصحابة
    والتابعين في عصر متأخر من الوقت الذي قبلت فيه، والاعتماد في الغالب على
    نقلها مشافهة، فإذا أضيف إلى ذلك أن كثيراً من الرواة يروون النصوص بالمعنى
    - أمكننا أن ندرك بسهولة السبب في وجود الاختلاف في ألفاظ الرواة في النص
    الواحد.


    ثم إذا عرفنا أهمية هذه النصوص واحتياج
    الأمة إليها في تشريع – أدركنا أيضاً ضرورة معرفة اختلاف ألفاظ الرواة، وهو
    المعبر عنه ببيان فروق المتن، فمعناه حينئذ: ذكر الاتفاق والاختلاف بين
    النص الذي أمام الباحث ويقوم بتخريجه وبين ما في المصدر الذي يعزو إليه.


    ولما كانت الاختلافات والزيادة والنقص في الروايات كثيرة في بيان فروق المتن تحكمه الضوابط التالية:

    أ - وضع ضابط علم فيما ينبغي الاعتناء له
    من هذه الاختلافات أمر غير ممكن، والذي يحكم هذا نوع من البحث الذي يدخل
    فيه تخريج ذلك النص، فإذا كان الباحث في موضوع فقهي فلا شك أن مجال عنايته
    ألفاظ النص التي تستنبط عنها الأحكام، وعلى الأخص ما يتعلق بموضوعه الذي
    يبحث فيه، وكمثال على هذا نقد بعض الأئمة للبيهقي عند روايته حديث: ((أيما
    إهاب دبغ فقد طهر)) فإنه بعد أن رواه بإسناده عزاه إلى ((صحيح مسلم)) مع أن
    الموجود في ((صحيح مسلم)) بلفظ: ((إذا دبغ الإهاب فقد طهر)) وبين اللفظين
    فرق كبير من جهة حكم فقهي، مع أن البيهقي يمكن أن يلتمس له عذر فيه صنعه.


    ولهذا يقولون لو كان الباحث يخرج نصوص
    كتاب في((الغريب)) فإن عليه أن يعتني بهذا الجانب في بيان فروق المتن، وكذا
    لو كان يخرج نصاَ جرى مجرى المثل عليه أن يوليه عناية تخدم الغرض الذي من
    أجله سيق النص وهو جريانه مجرى المثل.


    والخلاصة أن هذا الأمر منوط بفقه الباحث في التخريج وبخبرته وكثرة مرانه.

    ب – تقدم أن من فقه التخريج أن لا يلتزم
    الباحث تفصيل بيان فروق المتن وأنه يفعل ذلك بحسب الحاجة، ولكن ما يتركه
    الباحث دون تفصيل عليه أن يفعله على طريق الإجمال، وقد يجمع بين الأمرين:
    يفصل شيئاً ويجمل ما بقي، وهذا أيضاً راجع إلى فقه المخرج ودرايته.


    وقد استخدم الأئمة والباحثون مصطلحات في
    بيانهم لفروق المتن والاتفاق والاختلاف بطريقة مجملة، يختار منها الباحث ما
    يناسب النص الذي معه، ومن هذه المصطلحات:


    1 - بلفظه: يستعملها الباحث إذا كان النص الذي أمامه موافقاً للنص في المصدر الذي يعزو إليه.

    2 - بنحوه: إذا كان الاختلاف بين النص يسيراً.

    3 - بمعناه: إذا كان الاختلاف بين النصين
    واسعاً واتفقا في المعنى مع ملاحظة أن كثيراً من الأئمة يعبر بإحدى
    الكلمتين (بنحوه، بمعناه) في مقام الأخرى، ولكن الباحثين في الوقت الحاضر
    مالوا إلى التدقيق، ففرقوا بينهما كما سبق، مع أن في التفريق بينهما عند
    التطبيق الذي صعوبة قد تواجه الباحث، والأمر في ذلك واسع(1).


    4 - مختصراً: إذا كان النص في المصدر الذي يعزو إليه فيه اختصار وحذف بالنسبة للنص الذي أمام الباحث.

    5 - مطولاً: إذا كان النص في المصدر الذي يعزو إليه فيه طول في السياق بالنسبة للنص الذي أمام الباحث.

    6 - في أثناء حديث: إذا كان النص الذي أمام الباحث موجوداً في المصدر الذي يعزو إليه في ضمن حديث مطول.

    ويحتاج الباحث إلى دقة في استعمال هذا
    المصطلح، قد يشتبه عليه بمصطلح: مختصراً، مع أن بينهما فرق، فالاختصار
    معناه أن الحديث واحد ووقع اختصار وحذف في السياق، وأما الآخر فالحديث
    مختلف، وقد لا يكون له علاقة لباقية للنص الذي يخرجه الباحث.


    7 - في أوله أو في آخره زيادة أو قصة: إذا كان الحديث بهذه الصفة في المصدر الذي يعزو إليه الباحث.

    8 - مفرقاً: إذا كان النص الذي أمام
    الباحث موجوداً في المصدر الذي يعزو إليه في أماكن متفرقة في الكتاب، في كل
    مكان جزء من الحديث وفي مجموعها النص كله.


    9 - ملفقاً: إذا كان النص الذي أمام
    الباحث موجوداً في المصدر الذي يعزو إليه وكنه في عدة أحاديث، وذلك مثلاً
    إذا كان النص حديثاً فبعضه عن أبي هريرة، وبعضه عن عائشة، وبعضه عن جابر،
    وقد يكون الجميع عن صحابي واحد وهي أحاديث متفرقة.


    وفي كثير من الأحيان يجمع الباحث بين
    مصطلحين عند الحاجة إلى هذا، فيقول مثلاً: أخرجه أحمد... مختصراً في أثناء
    حديث، أو بلفظه وفي آخره قصة أو بمعناه مطولاً.


    ج - لا يظن الباحث أن مسألة الإجمال في
    بيان فروق المتن قصد بها الاختصار تخفيفاً على الباحث المخرج، وإنما ذلك من
    حق القارئ أيضاً، فكما ألزم الباحث بالتفصيل عند الحاجة أمر بالإجمال عند
    عدمها.


    ولا شك أن هذا يحتاج إلى خبرة وممارسة
    طويلة للتخريج ليكون عند البحث فقهاً في هذا الجانب، ومما يساعد على تكوينه
    أيضاً القراءة في كتب الأئمة الذين فعلوا هذا في عصر الرواية أو بعده،
    وأخص بالذكر ((صحيح الإمام مسلم)) فكله أمثلة تطبيقية، مع ضرورة قراءة
    تعبيره عن منهجه المتعلق ببيان فروق المتن، وذلك في مقدمة صحيحه.


    ح - إذا كان الباحث يعزو نصاً إلى أكثر
    من مصدر فلا ينبغي له أن يفرق بيان فروق المتن بحيث يذكر فرق ما في كل مصدر
    بعد ذكر المصدر نفسه، ففي هذا العمل إطالة لا داعي لها، ويغني عنها أن
    يؤخر بيان الفروق حتى يفرغ من سرد المصادر.


    والسبب في ترجيح هذا ظاهر، إذ قد يتفق
    مصدران أو ثلاثة أو أكثر في صفة النص الذي فيها، فيجملها الباحث بالتعبير
    عن الجميع بمصطلح واحد ثم يعبر عن الباقي بما يناسبه، وقد يصطلح للباقي
    أيضاً مصطلح آخر لا أكثر.


    وليس المراد بهذا تقييد الباحث، فله أن
    ينفلت منه إما في بعض نصوصه أو في بحثه كله، بشرط أن يظهر لديه مرجح
    للتفريق خدم به القارئ وزاده فائدة.


    والخلاصة هو أن الأصل جمع مصادر التخريج
    في نهاية العزو، وأن الخروج عن هذا الأصل يحتاج إلى مرجح قوي يحسن بالباحث
    أن يبينه ويشرحه في مقدمة البحث أو الكتاب.


    رابعاً: بيان درجة النص:

    تقدم في التمهيد عند تعريف التخريج في
    الاصطلاح الحاضر أن كثيراً من الباحثين يجعل بيان درجة النص من صلب
    التخريج، وأنهم لا يسمون عمل الباحث تخريجاً إذا لم يف بذلك، ويسمون عمله
    عزواً، وأن الذي يظهر لي أنه يسمى تخريجاً وإن كان فيه نقص.


    وينبغي أن يعرف هنا أن النصوص ليست كلها
    تحتاج إلى بيان درجتها، فمن النصوص ما يغني عزوه إلى مصادره عن بيان درجته،
    فالعزو إلى صحيح ((البخاري)) و ((صحيح مسلم)) كاف في الدلالة على صحة
    النص، وليس ذلك لغير هذين الكتابين، مع التنبيه إلى أن النص إذا كان حديثاً
    نبوياً فيتأكد من عزوه إلى أحد هذين الكتابين أنه فيه عن ذلك الصحابي الذي
    أمامه، فقد يكون الحديث عند الباحث عن صحابي وهو فيهما، أو في أحدهما عن
    صحابي آخر، وهذا وإن كان يشمل غيرهما – كما سيأتي التنبيه عليه – إلا أنه
    فيهما آكد، لأن مجرد العزو إليهما دال على صحة الحديث، وقد يصح الحديث عن
    صحابي ولا يصح عن صحابي آخر.


    وفي مقابل التصحيح هناك كتب يدل على
    العزو إليها على أن النص موضوع على من نسب إليه أو ساقط الدرجة، وذلك مثل:
    كتب الأحاديث الموضوعة ك ((الموضوعات)) لابن الجوزي و ((اللآلئ المصنوعة في
    الأحاديث الموضوعة)) للسيوطي و ((العلل المتناهية في الأحاديث الواهية))
    لابن الجوزي.


    وهذا النوع يحتاج إلى تحرٍ خشية أن يكون
    المؤلف لم يوافق على حكمه على النص. فإذ لم يكن النص من أحد هذين النوعين
    فيحتاج حينئذ إلى بيان درجته، ولا يخلو الباحث حينئذ من حالين.


    الأولى: أن يكون لديه القدرة على دراسة
    الأسانيد ولديه الرغبة والجرأة على الحكم غليها – فهذا يولى ما تولى، فيحكم
    بما أدى إليه اجتهاده وسيأتي في دراسة قادمة الشروط التي ينبغي توافرها
    فيمن يحق له الاجتهاد، ومتى يجتهد؟ وكيف يجتهد؟ وعموم ما يتعلق بدراسة
    الأسانيد من قواعد وضوابط.


    الثانية: أن لا تكون لديه القدرة على
    الاجتهاد، أو لديه القدرة ولكن يرى أن سد هذا الباب لئلا يلج منه من لا
    يحسنه كما هو حاصل الآن أولى من الاجتهاد – فهذا يبحث في كتب الأئمة الذين
    تكلموا على النصوص لعلة يقف على من ذكر درجة للنص الذي أمامه، وذلك مثل كتب
    تخريج النصوص التي تكلم فيها الأئمة على النصوص تصحيحاً وتضعيفاً، وجمعوا
    فيها أقوال من سبقهم ك ((نصب الراية)) للزيلعي و ((التلخيص الحبير)) لابن
    حجر، و ((المقاصد الحسنة)) للسخاوي، و ((كشف الخفاء)) للعجلوني، وكذلك
    يستعين بكتب وتحقيقات الباحثين في الوقت الحاضر لعله يجد فيها شيئاً من
    كلام الأئمة على النص.


    وينبغي أن يتنبه الباحث إلى شيء مهم هنا
    وهو أن يكون أميناً في نقل كلام الأئمة، فإذا وجد إماماً صحح الحديث وآخر
    ضعفه نقل كلام الاثنين، ليعرف القارئ أن هذا الحديث مختلف في درجته، ذلك أن
    بعض الباحثين يذكر من كلام الأئمة ما يعجبه وما يرغب أن يكون النص عليه،
    وهذا ينافي الأمانة العلمية.


    وإذا لم يقف الباحث على كلام لأحد سبقه
    فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ويسكت حينئذ، ولا بأس أن يشير إلى أنه لم
    يقف على كلام لأحد في هذا النص.


    خامساً: التخريج الإجمال والتفصيلي:

    عزو النص إلى من أخرجه، وبيان فروق درجة النص تشكل عناصر التخريج الرئيسية، فمن وقى بها فقد أتى بتمام التخريج.

    وكل واحد من هذه العناصر يمكن عرضه بصورة مفصلة، كما يمكن عرضه أيضاً بصورة مجملة.

    وأظهر ما يمكن التمثيل به للتفصيل
    والإجمال العنصر الأول وهو عزو النص، فقد تقدم أن تمام العزو يتضمن ذكر اسم
    الكتاب المؤلف، واسم الكتاب داخل الكتاب المؤلف، واسم الباب، ورقم الجزء
    والصفحة، ورقم الحديث، فذكر هذه الأشياء عزو تفصيلي، واختصار شيء منها
    إجمال لهذا التفصيل فبعض الباحثين يكتفي بالجزء والصفحة، وبعضهم يكتفي برقم
    الحديث، وبعضهم بالكتاب والباب، بل بعض المخرجين يكتفي بذكر اسم المؤلف
    كالبخاري وأبي داود فيقول مثلاً: أخرجه البخاري أو أبو داود، وهذه كانت
    طريقة الأئمة قبل عصرنا يعزون بإجمال شديد بذكر المؤلف فقط.


    وهكذا يقال في بيان فروق المتن، وفي بيان
    درجة النص، هناك طريقة تفصيلية لعرضهما، وهناك طريقة إجمالية، فقد يميل
    الباحث إلى التدقيق في بيان فروق لمتن، فيكثر من النص على مواضع الاختلاف
    ويسوق الألفاظ، وقد يميل إلى التعبير بالعبارات المجملة التي سبقت في مبحث
    بيان فروق المتن، وفي بيان درجة النص قد يفصل الباحث في دراسة الإسناد في
    الرواة، وفي الاتصال والانقطاع، وفي بيان العلل، وقد يأتي بعبارات مجملة
    تكون نتيجة لدراسته التي لم يثبتها في التخريج، وقد يكتفي بعض المخرجين
    بالعزو فقط دون بيان فروق المتن ودرجة النص، وعلى هذا الأساس يمكن أن يقال
    إن وضع ضابط يقع به الحد بين التخريج الإجمالي والتخريج التفصيلي غير ممكن،
    فكل تخريج قام به باحث إذا نسبته إلى تخريج أكثر تفصيلاً منه فهو تخريج
    إجمالي، وإذا نبته إلى تخريج أقل تفصيلاً فهو تخريج تفصيلي.


    ثم هناك درجة من الإجمال ليس دونها درجة
    وهي أن يكتفي المخرج بالعزو بذكر اسم المؤلف فقط، كأن يقول: أخرجه البخاري،
    أو أخرجه أحمد، وتبقى الإجابة على سؤال قائم وهو: ما الذي ينبغي أن يسلكه
    الباحث يوغل في التفصيل أو يوغل في الإجمال أو يتوسط؟


    والإجابة تحددها نوعية البحث الذي تخرج
    فيه النصوص، ففي مثل الرسائل العلمية في الدراسات العليا يكون التخريج
    تفصيلياً، وفي رسالة أفردها الباحث لدراسة نص معين وبيان درجته أكثر
    تفصيلاً، وفي مثل خطب الجمعة، ومقالات عامة في مجلة، ونحو ذلك يكون التخريج
    في أدنى درجات الإجمال، وبين هذه الأنواع من البحوث درجات متفاوتة يتحدد
    فيها المنهج الذي يسلكه المخرج في تخريجه بعد دراسة وتحر.


    كما أن هناك عاملاً آخر له تأثيره في
    المنهج المناسب في التخريج وهو نوع النص الذي يقوم الباحث بتخريجه، فإذا
    فرضنا أن الباحث يعد رسالة علمية فنصوصه التي يقوم بتخريجها ليست على وتيرة
    واحدة، فرب نص استغرق تخريجه صفحة واحدة أو أقل لكونه نصاً ثابتاً لا
    إشكال فيه، ورب نص احتاج إلى صفحات عديدة لكونه من النصوص التي كثر
    الاختلاف حول ثبوتها.


    وخلاصة الأمر أن اختيار المنهج الأمثل
    تفصيلاً أو إجمالاً على فقه الباحث وخبرته بالدرجة الأولى، وهو في كل ذلك
    يراعي الأمانة العلمية التي تحملها، فلا يكون همه سرعة الفراغ من بحثه على
    حساب إتقان البحث وجودة التخريج وتحريره، وأيضاً لا يكون همه الإكثار من
    الصفحات وتضخيم البحث على حساب القارئ، بالإضافة إلى ملاحظته لمستوى القارئ
    الذي يكتب له، أو المستمع الذي يخطب له.


    سادساً: تقسيم مصادر التخريج:

    يمكن تقسيم مصادر التخريج قسمين رئيسيين:

    الأول: مصادر أصلية، وهي التي ألفت
    الأسانيد في عصر الرواية، ويشمل ذلك القرون الأربعة الأولى – مثل كتب السنة
    ك ((موطأ مالك)) و ((مصنف عبد الرزاق))، و ((مصنف ابن أبي شيبة))، و
    ((مسند الحميدي))، و ((مسند أحمد)) والكتب الستة، وغيرها كثير، وكذلك كتب
    التفسير المسندة ك ((تفسير ابن ماجه))، و ((تفسير عبد بن حميد))، و ((تفسير
    بن جرير))، و ((تفسير ابن أبي حاتم)) وكتب الفقه ك ((الحجة على أهل
    المدينة)) لمحمد بن الحسن، و ((الأم)) للشافعي، وكتب التاريخ ك ((تاريخ بن
    جرير الطبري))، وكتب العقائد ك ((التوحيد)) لابن خزيمة، و ((الإيمان)) لابن
    منده.


    فهذه كلها مصادر أصلية لاعتمادها على
    الرواية بالإسناد، وإن كانت ليست على درجة واحدة، إذ تختلف درجاتها بحسب
    المؤلف وانتفائه لنصوص كتابه، وبحسب الفن الذي تبحث فيه، وأيضاً بحسب الوقت
    الذي ألفت فيه.


    الثاني: مصادر فرعية: وهي الكتب التي
    ألفت بعد عصر الرواية، سواء كانت بالأسانيد مثل كتاب ((شرح السنة) للبغوي،
    وكتب ابن الجوزي التي يروي فيها بالإسناد، أو كانت محذوفة الإسناد مثل:
    أحاديث الأحكام، وكتب شروح الأحاديث، وكتب الفقه، وكتب العقائد، وكتب
    الزوائد، والكتب العامة، وغير ذلك.


    ويلاحظ في موضوع العزو إلى المصادر الأصلية والفرعية ثلاثة أمور:

    أ - أن الأصل في العزو يكون إلى مصدر
    أصلي، ولا يعدل عن هذا الأصل إلا عند الضرورة، وذلك إذا لم يقف الباحث على
    النص في مصدر أصلي، فلا يصح عزو النص مثلاً إلى ((زاد المعاد)) لابن القيم،
    أو ((فتح الباري)) لابن حجر، أو ((الجامع الصغير)) للسيوطي – وهو موجود
    مثلاً في ((مصنف عبد الرزاق)) أو في ((سنن الترمذي)) أو في ((مسند الإمام
    أحمد)).


    ب - وقد يجمع الباحث بن العزو إلى مصدر
    أصلي والعزو إلى مصدر فرعي في حالات معينة، مثل أن يذكر صاحب المصدر الفرعي
    طريقاً جديدة للنص لم يقف عليها الباحث في مصدر أصلي، وهو مع ذلك محتاج
    إليها في دراسته لأسانيد النص ونظره يف اختلاف وقع في تلك الأسانيد، فقد
    يذكر المزي مثلاً في ((تحفة الأشراف))، أو ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) –
    طريقاً وقف عليها في مصدر أصلي قد فقد في لوقت الحاضر، تكون هذه الطريق
    عامل حسم في ترجيح الباحث.


    ومن الحالات كذلك أن يكون مؤلف المصدر
    الفرعي قد حكم على النص، ويريد الباحث أن ينقل هذا الحكم، أو يكون المؤلف
    قد نقل عن إمام متقدم كلمة له في النص إما بتصحيحه أو بتعليله أو بترجيح
    رواية على رواية.


    ج - العزو إلى مصدر فرعي إذا كان هذا
    المصدر لا يروي بالإسناد ليس بتخريج للنص، فقد سبق في تعريف التخريج بأنه
    (عزو النص إلى من رواه بإسناده) وإلحاقه بمصادر التخريج من باب التجوز فهو
    عزو في الجملة، وأيضاً قد يكون بديلاً عن مصدر أصلي كما تقدم فيأخذ حكمه،
    ومن جهة ثالثة قد يحكم على النص أو ينقل حكم إمام، وقد سبق أن من عناصر
    التخريج بيان درجة النص.


    ومع هذا فإنه يفرق بين العزو إلى مصدر
    يروي بالإسناد والعزو إلى مصدر فرعي محذوف الأسانيد، فيقال في العزو إلى
    الأول: خرجه أو أخرجه أو رواه، ويقال في الثاني ذكره أو ساقه أو أورده،
    ونحو ذلك من العبارات التي تشعر بأنه لم يرو بإسناده.


    سابعاً: تحديد المصادر التي يعزو إليها التخريج:

    النص الواحد قد يكون مخرجاً في مصادر
    عديدة من مصادر التخريج الأصلية، وهنا يتردد الباحث في عدد المصادر التي
    يعزو إليها: هل يستوعب ذكر جميع المصادر التي يقف على النص فيها، وقد تكون
    كثيرة فتزيد على العشرين مصدراً أحياناً؟ وسيجد في هذه الحالة من يلومه،
    ويرميه بأنه تعمد الإطالة في التخريج، وتضخيم البحث دون ما فائدة جليلة، إذ
    ما الفائدة من عزو النص إلى ((ذكر أخبار أصبهان)) مثلاً، أو ((فوائد
    تمام)) – والنص موجود في كتب السنة الأمهات ك ((صحيح البخاري))، و ((صحيح
    مسلم))، و ((السنن)) الأربعة؟


    وأيضاً فإن الغرض الأول من التخريج هو
    الوقوف على درجة النص، وهذا يحصل دون ركوب مثل هذا المركب الوعر على الباحث
    وعلى القارئ معاً، مع أن استيعاب مصادر التخريج أمر غير ممكن، وضبط ذلك
    بما يقف عليه الباحث إحالة على غير ملئ.


    وفي مقابل ذلك هل يكتفي المخرج بمصادر
    معينة، فيتهم بالتقصير في التخريج والاستعجال في إخراج البحث، وسلوك أيسر
    السبل عليه عل حساب القارئ؟


    وقبل أن أذكر ما أساهم به في إزالة هذا
    التردد لا بد من النص على حالات لا ينطبق عليها ما سأذكره، ومن ذلك الحالات
    أن يكون الموقوف لا يحتمل الإطالة، فهذا لا خلاف أن الاكتفاء ببعض المصادر
    التي ترشد إلى درجة النص بل والعزو المجمل إليها – هو الواجب، وذلك مثل نص
    في خطبة، أو في مقال عابر، أو في بيان حكم بشكل مختصر.


    وفي مقابل ذلك فكرة تأليف موسوعة لفن من
    الفنون كالسنة النبوية، أو الآثار الفقهية، أو أقوال السلف في التفسير،
    ويكون الغرض من هذه الموسوعة استيعاب مصادر النص بغرض التيسير على
    الباحثين، يشترك في تلك الموسوعات باحثون كثر ضماناً للوقوف على أوسع قدر
    ممكن من المصادر – فهذا له شأن آخر.


    وإنما يقع التردد الذي أشرت إليه آنفاً
    في مثل تحقيق كتاب متقدم من كتب السنة، أو تخريج أحاديث ونصوص كتاب فقهي،
    أو دراسة خاصة ببعض النصوص، ولا سيما في رسائل الدراسات العليا، فإن بعض
    الأقسام في الجامعات الإسلامية بدأت تميل إلى التشديد، وتكليف الباحث أعباء
    استيعاب مصادر التخريج، وإثباتها في البحث.


    والذي أراه أن يسلك الباحث منهجاً علمياً
    يجمع فيه بين الوفاء بالغرض الأول من التخريج، وهو الوقوف على درجة النص،
    وبين تجنب سلبيات إطالة البحث، وما يتطلبه ذلك من عناء على الباحث والقارئ،
    بالإضافة إلى أن ترهل البحث – وهو عبارة عن سمن شحمه ورم، يتخذ أشكالاً
    متعددة في كثر من البحوث – يعود على البحث بالضعف والتزلزل، ويطبع على
    صاحبه منهج الجمع والتكثير دون التمييز والتحقيق.


    وهذا المنهج يمكن تلخيصه في ثلاث نقاط:

    1 - يكتفي الباحث بأمهات مصادر الفن، ففي
    السنة مثلاً يكتفي مثلاً بالكتب الستة، أو يضيف إليها ((مسند أحمد))، أو
    يضيف أيضاً ((موطأ مالك)) بحسب نظره واجتهاده، فيلتزم استيعاب العزو إلى
    هذه الأمهات، فكل حديث لا يعزوه إليها إلى واحد منه يعرف القارئ أنه غير
    موجود فيما تركه الباحث من مصادر.


    2 - يلتزم الباحث بذكر مصادر بديلة في
    حالة عدم وجود النص في المصادر التي حددها أو في بعضها، كأن يقول: إذا لم
    أجد الحديث في ((صحيح البخاري)) ولا في ((صحيح مسلم)) ذكرت مكانهما كتابين
    من الكتب التي التزم أصحابها الصحة مثل: ((صحيح ابن خزيمة)) و ((صحيح ابن
    حبان))، وإن كان النقص من المصادر في غير ((الصحيحين)) أضفت إلى مصادري ما
    يكمل عددها من كتب السنة الأخرى مبتدئاً بالأقدم وفاه، أو ينص على أسماء
    المصادر البديلة وترتيبها.


    3 - يلتزم الباحث بالنظر فيما يستطيع
    الوقوف عليه من مصادر الفن، ثم يذكر من هذه المصادر في تخريجه ما فيه فائدة
    جديدة ليست في المصادر التي التزم التخريج منها، وهذه الوائد قد تكون في
    المتن كأن يكون لفظ النص الذي يقوم بتخريجه موجوداً في مصدر خارج المصادر
    التي التزمها، أو في ذلك المصدر زيادة يحسن ذكرها، وقد تكون في الإسناد
    كطريق غير موجود في مصادره، وهو محتاج لهذا الطريق في نظره في الأسانيد.


    وفي كثر من الأحيان تواجه الباحث حالات
    يعزو فيها إلى مصادر فرعية لا تروى بالإسناد مع وجود النص في مصادر أصلية
    ولم يعزه إليها، لأن العزو إلى هذه المصادر لا جديد فيه بالنسبة إلى مصادره
    التي اعتمدها.


    وقد يقول قائل: إناطتك إضافة الباحث
    مصادر في التخريج غير التي التزم التخريج منها بالفوائد أمر غير منضبط، ورب
    فائدة وقعت في ذهن باحث لم يلتفت إليها باحث آخر، وأيضاً من الذي يضمن لنا
    أن الباحث آجال نظره في بقية المصادر واختار منها ما فيه فائدة؟ وأمر ثالث
    وهو أننا عندما نطلب من الباحث تقصي بقية المصادر فلم لا يثبتها تتميماً
    للفائدة؟


    أما الأمر الأول: فلا شك أنه اعتراض
    وجيه، ولكن أقول إن أمور هذا الفن مبنية على الاجتهاد، ولا بأس أن تكل هذا
    الأمر إلى اجتهاد الباحث، وسيظهر من خلال تطبيق هذا المبدأ تفاوت عقول
    وخبرة الباحثين، وما يضيرنا إذا أغفل الباحث فائدة، أو ذكر فائدة ليست ذات
    بال.


    وأما الأمر الثاني: فلا مناص منه أصلاً،
    فإن كثيراً من شئون البحوث العلمية منوطو بأمانة الباحثين، وينبغي تنمية
    روح الصبر عندهم، وإشعارهم بعظم المسئولية، وسيكون في هذا مجال للمنافسة
    أيضاً، ويمثله يتميز الباحث المحقق من ناشر الكتب.


    وأما الأمر الثالث: فلا شك أنه موجود في
    أذهان كثير من الباحثين، ويطبقه كثير منهم أيضاً، ولا يقتصر على مسألة
    الزيادة في عدد المصادر بل يشمل كافة أوجه البحوث العلمية، إذ يرى كثير
    منهم أن الباحث متى وقف على فائدة فمن الأفضل له وللقارئ إثباتها، ولا شك
    في خطل هذا الرأي وتأثيره سلباً على مستوى البحوث.


    وليست العبرة بكثرة المصادر فقط، بل أهم
    من ذلك حسن التعامل مع المعلومات وانتقائها للقارئ، وليعلم الباحث أنه متى
    ما اختار أن يجعل حشر المعلومات – بل حشو المعلومات – على حساب إتقان البحث
    وتحريره فإنه واقع لا محالة – فلا بد أن يتكشف عن ماذا حطب في ليلة.


    يتبع بإذن الله





     التخريج 879111589tv8



    ahmade
    ahmade
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 27/11/2011

    الجنسية : alg

    عدد المشاركات : 2394

    مكسب العضو : 14803

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 0

     التخريج Empty رد: التخريج

    مُساهمة من طرف ahmade 10/12/2011, 04:44

    موضوع فيقمة التميز

    واكثر من رآآئع

    جزاك الله خييرا

    تقبل مروري

      الوقت/التاريخ الآن هو 27/11/2024, 14:37