فوائد السفر السبعة
========
إن للسفر منافع وفوائد كثيرة، كما له أيضاً عيوب وأضرار، ونبدأ بذكر الفوائد والمنافع فنقول وبالله التوفيق:
فوائد السفر: إن مما يُسْتَشهدُ به دائماً عند ذكر فوائد السفر ومحاسنه أبيات للإمام الشافعي رحمه الله تعالى – قال فيها:
تغرَّبْ عن الأوطان في طلب العلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تَفَرُّج همٍّ، واكتساب مــعيشة وعلم، وآداب، وصحبة ماجد
فإن قـيل في الأسفار ذُلٌّ ومحنـة وقطع الفيافي وارتكاب الشدائد
فـموت الـفتى خير له من قيامه بدار هوان بين واشٍ وحـاسد
فلذا نبدأ بذكر هذه الفوائد التي ذكرها الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى – ثم نذكر ما تيسر من فوائد غيرها:
وهذا ما ينصح به الأطباء النفسيون من أصابه همّ أو غمّ أن يسافر، وقد قيل:
لا يصلح النفوس إذا كانت مدبرة، إلا التنقل من حال إلى حال،
وفي كتاب الله العزيز، ذكر الله سبحانه وتعالى لنا قصة سفر موسى صلى الله عليه وسلم للخضر عليه السلام في آيات من سورة الكهف
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ
فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ »
وقيل: لولا التغرب ما ارتقى درُّ البحور إلى النحور
نزلت على آل المهلب شاتياً غريباً عن الأوطان في زمن المجد
فما زال بي إحسانهم وجميلهم وبـرُّهُمُ حتى حسبـتهمُ أهلي
ويقول الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى -:
سافر تجد عوضاً عمن تفارقه وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
إني رأيت وقوف الماء يفسده إن ساح طاب وإن لم يجرِ لم يـطِبِ
فلذا ينبغي للمسافر الحرص على الإكثار من الدعاء بالمغفرة والرحمة له
ولوالديه ولجميع المسلمين، وأن يسأل الله عز وجل التسهيل والتوفيق لما فيه
خير الدنيا والآخرة.
يقول الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى –:
ارحل بنفسك من أرض تضام بها ولا تكن من فراق الأهل في حُرق
مـن ذلّ بيـن أهاليه بـبلدتـه فـالاغتراب له من أحسن الخلق
فالعنبـر الخـام روث في مواطنه وفي التـغرب محمول على العنق
والكحل نوع من الأحجار تنظره في أرضه وهو مرميٌّ على الطرق
لما تغرب حـاز الفضل أجـمعه فصار يحمل بين الجفـن والحدق
المنتج :عبدالسلام 112
2 – اكتساب المعيشة: فإن من ضاق عليه رزقه في بلد نُصح بالسفر إلى بلاد
أخرى طلباً للرزق، فالله سبحانه وتعالى يقول: { هو الذي جعل لكم الأرض
ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور } . فكم من رجل سافر
لاكتساب الرزق ففتح الله عليه، ومن نوابغ الكلم: ( صعود الآكام وهبوط
الغيطان خير من القعود بين الحيطان )
5 – صحبة الأمجاد: ويشهد لها الحس والواقع، فكم سافر إنسان فلاقى كرام
الرجال وأطايبهم، فخالطهم وعاش معهم، لأنهم أهل الضيافة والكرم، ومساعدة
المحتاج والعناية بالغريب، ولله درّ القائل:
6 – استجابة الدعوة: لقول رسول الله r: « ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ
لا شَكَّ فِيهِنَّ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ
وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ »
1 – انفراج الهم والغم: فمما عرف واشتهر بين الناس أن الملازم للمكان
الواحد، أو الطعام الواحد قد يصاب بالسأم والملل منه، فتنتابه الرغبة في
التجديد، وهذا حال بعض المقيمين، إذ قد يعتريهم ما يُضيّقُ صدورهم، ويغتمون
به، فيصابون بالملل والسآمة ويحسون بالرتابة في حياتهم، فإذا سافر الواحد
منهم تغيّرت الوجوه من حوله واختلفت المشاهد والأجواء عليه، فحينئذ يذهب
همه وينشرح صدره.
3 – تحصيل العلم : فقد كان أسلفنا ومن نقتدي بهم من الأنبياء والصالحين،
يرتحلون في طلب العم، ويقطعون المسافات الطويلة أحياناً لأجل سماع حديث
واحد عن رسول الله r، يقول الإمام البخاري – رحمه الله تعالى – ( رحل جابر
بن عبد الله t، مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس t، في حديث واحد )
4 – تحصيل الآداب: وذلك لما يُرى من الأدباء ولقاء العلماء والعقلاء الذين
لا يردون بلده، فيكتسب من أخلاقهم ويقتدي بهم، فيحصل له من الأدب الشيء
الكثير وتسمو طباعه.
7 – زيارة الأحباب من أقارب وأرحام وأصحاب: وهذا من أفضل القربات إلى الله
سبحانه وتعالى ويشهد لذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أَنَّ
رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ
عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ
تُرِيدُ ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَ: هَلْ
لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا ؟ قَالَ: لا غَيْرَ أَنِّي
أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عز وجل. قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ
إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ »
8 – رفع الإنسان نفسه من الذل، إذا كان بين قوم لئام: لأنه قد يكون مثلاً:
صاحب دين وهم أهل فسق، أو غير ذلك فتسقط منزلته بينهم، وقد يستخفون به،
فإذا فارقهم إلى بلد أخرى صار في عزٍّ وارتفعت منزلته، ويشهد لهذا أن النبي
صلى الله عليه وسلم خرج من مكة، وهي أحب البقاع إليه، وهاجر إلى طيبة
الطيبة، فكان من أمره ما كان، ثم عاد إليها عزيزاً فاتحاً. يقول عن هذا
العلامة بدر الدين الزركشي – رحمه الله تعالى –: ( يستنبط منه مشروعية
الانتقال من مكان الضرر )
========
إن للسفر منافع وفوائد كثيرة، كما له أيضاً عيوب وأضرار، ونبدأ بذكر الفوائد والمنافع فنقول وبالله التوفيق:
فوائد السفر: إن مما يُسْتَشهدُ به دائماً عند ذكر فوائد السفر ومحاسنه أبيات للإمام الشافعي رحمه الله تعالى – قال فيها:
تغرَّبْ عن الأوطان في طلب العلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تَفَرُّج همٍّ، واكتساب مــعيشة وعلم، وآداب، وصحبة ماجد
فإن قـيل في الأسفار ذُلٌّ ومحنـة وقطع الفيافي وارتكاب الشدائد
فـموت الـفتى خير له من قيامه بدار هوان بين واشٍ وحـاسد
فلذا نبدأ بذكر هذه الفوائد التي ذكرها الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى – ثم نذكر ما تيسر من فوائد غيرها:
وهذا ما ينصح به الأطباء النفسيون من أصابه همّ أو غمّ أن يسافر، وقد قيل:
لا يصلح النفوس إذا كانت مدبرة، إلا التنقل من حال إلى حال،
وفي كتاب الله العزيز، ذكر الله سبحانه وتعالى لنا قصة سفر موسى صلى الله عليه وسلم للخضر عليه السلام في آيات من سورة الكهف
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ
فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ »
وقيل: لولا التغرب ما ارتقى درُّ البحور إلى النحور
نزلت على آل المهلب شاتياً غريباً عن الأوطان في زمن المجد
فما زال بي إحسانهم وجميلهم وبـرُّهُمُ حتى حسبـتهمُ أهلي
ويقول الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى -:
سافر تجد عوضاً عمن تفارقه وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
إني رأيت وقوف الماء يفسده إن ساح طاب وإن لم يجرِ لم يـطِبِ
فلذا ينبغي للمسافر الحرص على الإكثار من الدعاء بالمغفرة والرحمة له
ولوالديه ولجميع المسلمين، وأن يسأل الله عز وجل التسهيل والتوفيق لما فيه
خير الدنيا والآخرة.
يقول الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى –:
ارحل بنفسك من أرض تضام بها ولا تكن من فراق الأهل في حُرق
مـن ذلّ بيـن أهاليه بـبلدتـه فـالاغتراب له من أحسن الخلق
فالعنبـر الخـام روث في مواطنه وفي التـغرب محمول على العنق
والكحل نوع من الأحجار تنظره في أرضه وهو مرميٌّ على الطرق
لما تغرب حـاز الفضل أجـمعه فصار يحمل بين الجفـن والحدق
المنتج :عبدالسلام 112
2 – اكتساب المعيشة: فإن من ضاق عليه رزقه في بلد نُصح بالسفر إلى بلاد
أخرى طلباً للرزق، فالله سبحانه وتعالى يقول: { هو الذي جعل لكم الأرض
ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور } . فكم من رجل سافر
لاكتساب الرزق ففتح الله عليه، ومن نوابغ الكلم: ( صعود الآكام وهبوط
الغيطان خير من القعود بين الحيطان )
5 – صحبة الأمجاد: ويشهد لها الحس والواقع، فكم سافر إنسان فلاقى كرام
الرجال وأطايبهم، فخالطهم وعاش معهم، لأنهم أهل الضيافة والكرم، ومساعدة
المحتاج والعناية بالغريب، ولله درّ القائل:
6 – استجابة الدعوة: لقول رسول الله r: « ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ
لا شَكَّ فِيهِنَّ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ
وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ »
1 – انفراج الهم والغم: فمما عرف واشتهر بين الناس أن الملازم للمكان
الواحد، أو الطعام الواحد قد يصاب بالسأم والملل منه، فتنتابه الرغبة في
التجديد، وهذا حال بعض المقيمين، إذ قد يعتريهم ما يُضيّقُ صدورهم، ويغتمون
به، فيصابون بالملل والسآمة ويحسون بالرتابة في حياتهم، فإذا سافر الواحد
منهم تغيّرت الوجوه من حوله واختلفت المشاهد والأجواء عليه، فحينئذ يذهب
همه وينشرح صدره.
3 – تحصيل العلم : فقد كان أسلفنا ومن نقتدي بهم من الأنبياء والصالحين،
يرتحلون في طلب العم، ويقطعون المسافات الطويلة أحياناً لأجل سماع حديث
واحد عن رسول الله r، يقول الإمام البخاري – رحمه الله تعالى – ( رحل جابر
بن عبد الله t، مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس t، في حديث واحد )
4 – تحصيل الآداب: وذلك لما يُرى من الأدباء ولقاء العلماء والعقلاء الذين
لا يردون بلده، فيكتسب من أخلاقهم ويقتدي بهم، فيحصل له من الأدب الشيء
الكثير وتسمو طباعه.
7 – زيارة الأحباب من أقارب وأرحام وأصحاب: وهذا من أفضل القربات إلى الله
سبحانه وتعالى ويشهد لذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أَنَّ
رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ
عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ
تُرِيدُ ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَ: هَلْ
لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا ؟ قَالَ: لا غَيْرَ أَنِّي
أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عز وجل. قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ
إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ »
8 – رفع الإنسان نفسه من الذل، إذا كان بين قوم لئام: لأنه قد يكون مثلاً:
صاحب دين وهم أهل فسق، أو غير ذلك فتسقط منزلته بينهم، وقد يستخفون به،
فإذا فارقهم إلى بلد أخرى صار في عزٍّ وارتفعت منزلته، ويشهد لهذا أن النبي
صلى الله عليه وسلم خرج من مكة، وهي أحب البقاع إليه، وهاجر إلى طيبة
الطيبة، فكان من أمره ما كان، ثم عاد إليها عزيزاً فاتحاً. يقول عن هذا
العلامة بدر الدين الزركشي – رحمه الله تعالى –: ( يستنبط منه مشروعية
الانتقال من مكان الضرر )