'الغارديان' البريطانية تثمن دور الجمعية الملكية لحماية الطبيعة في السياحة البيئية
عمّان
انضم الأردن هذا العام الى قائمة أفضل المواقع السياحية، بعد فوز برية الأردن ـ إحدى مديريات الجمعية الملكية لحماية الطبيعة - بجائزة السياحة المسؤولة، التي تمنحها بشكل سنوي كل من صحيفتي ''الغارديان'' و'الأوبزرفر' البريطانيتين.
واعلنت نتائج الجوائز التي تضم نحو 22 فئة الشهر الماضي، في قصر كارديف في ويلز بحضور شخصيات ووكالات سياحية عالمية بارزة، بالاضافة الى العديد من المتخصصين في صناعة السفر في العالم.
وأطلقت الصحيفتان ''الغارديان'' و'الاوبزيرفر' اللتان تعتبران من أقدم وأعرق الصحف البريطانية الجائزة في العام 1986، ومنذ ذلك الحين أصبحت الجائزة من الجوائز العريقة المشهورة، ويرجع ذلك إلى حقيقة أن قراء الصحيفتين يصوتون للفائزين عبر استبيان وبناء على تجاربهم الشخصية.
وأشارت صحيفة ''الغارديان'' على موقعها الالكتروني الى أن الاستبيانات التي يملؤها قراء الصحيفتين تبين مدى حبهم للسفر وشغفهم وقدرتهم على النقد والاختيار السليم، وأكدت ''الغارديان'' أنه ومن خلال نتائج الاستبيان تبين أن قراءها يقومون بـ4.8 مليون رحلة في العام، بينما يأخذ قراء 'الأوبزرفر' ما مجموعه 3.6 مليون رحلة في العام يزورون خلالها معظم مناطق العالم حتى النائية منها، ويكونون الآراء حولها ليعودوا للتصويت واختيار أفضل ما شاهدوه.
ونشرت 'الغارديان' بمناسبة فوز 'برية الأردن' تقريرا عن إنجازات برية الاردن والتقت كريس جونسون، وبينت أن برية الاردن استطاعت تطوير شبكة سياحية بيئية انيقة وعصرية واسست لنوع جديد من السياحة في الأردن والوطن العربي، الذي يطلق عليه السياحة البيئة.
مشاريع السياحة البيئية التي نفذتها الجمعية
أنشأت الجمعية عدة مرافق للسياحة البيئية في أربع محميات طبيعية، وهي ضانا والموجب وعجلون والأزرق، وتتميز هذه المحميات بتنوع في البيئات والمناظر الجمالية من غابات السنديان في الشمال إلى سلسلة الجبال الوسطى والجنوبية المطلة على وادي الأردن إلى المناطق الصحراوية في وادي الأردن وفي شرق المملكة.
وتعتبر محمية ضانا للمحيط الحيوي، الأكثر تطورا في مجال السياحة البيئية. أما محمية الموجب، التي تقع بالقرب من الشاطئ الشرقي للبحر الميت، فقد قامت الجمعية بتطوير أكثر الممرات المائية جمالا في الأردن، حيث تأخذ هذه الممرات الزوار بين الجبال الوردية التي تنمو على سفوحها أشجار النخيل، لتصل إلى شلال عميق لا يستطيع الزائر النزول الا من خلال الحبال وبمساعدة أدلاء المحمية المدربين، كما تم مؤخرا (2008) بناء عدة شاليهات على شاطئ البحر الميت.
وفي محمية غابات عجلون، تم بناء مرافق للزوار بطريقة توائم الطبيعة 'الغابوية' للمحمية، ويتوفر للزوار نوعان من المرافق، شاليهات مغطاة بالخيم والشاليهات الخشبية، كما ترتبط المحمية بالعديد من المواقع الأثرية والثقافية في المنطقة.
وفي محمية الأزرق المائية، التي تقع في الصحراء الشرقية ضمن واحة معروفة كمحطة عالمية لهجرة الطيور. قامت الجمعية ببناء نزل بالقرب من المحمية على أنقاض مستشفى ميداني بناه الإنكليز في الأربعينيات من القرن الماضي، يقدم النزل للزوار نقطة الانطلاق لزيارة المحمية المائية ومناطق الجذب السياحي الأخرى في الصحراء الشرقية.
'محمية ضانا: قصة نجاح
قامت الجمعية بتطوير البنية التحتية في محمية ضانا والمرافق للزوار على مدى عدة سنوات وتضمنت هذه المرافق المخيم السياحي، مركزا للزوار، ممرات للمشاة، وبيتا للضيافة مصمما بطريقة مميزة. طورت الجمعية المخيم السياحي أولا، حيث بدأت العمل به قبل مشروع المرفق البيئي العالمي واكتشفت الجمعية في ما بعد أن موقعه في منطقة بؤرة المحمية، وبما أن المخيم كان معروفا في ذلك الوقت وكان يستخدم قبل ذلك كموقع لخيم البدو، لذا قامت الجمعية بتحديد منطقة المخيم وممرات المشاة الموصلة إلى منطقة الاستخدام شبه المكثف ومنطقة الاستخدام المكثف. قامت الجمعية ولأول مرة في الأردن بإدخال 'حافلة ضانا' لنقل الزوار من بوابة المحمية إلى موقع المخيم، كبديل عن استخدام السيارات الخاصة. كما ساعدت 'حافلة ضانا' بالسيطرة على أعداد زوار المخيم بناء على القدرة الاستيعابية التي حددتها الجمعية. النجاح الكبير الذي حققه المخيم السياحي في جذب أعداد كبيرة من الزوار، حفز الجمعية على بناء بيت صغير للضيافة على حافة قرية ضانا، وكان قبل ذلك مخصصا كمركز للباحثين في وثيقة مشروع مرفق البيئة العالمي، إلا أن الجمعية حولته الى بيت للضيافة، ويتكون البناء من تسع غرف وقامت الجمعية باستئجار أحد بيوت القرية ليستخدم مركزا للباحثين . يبين هذا القرار، الوعي المتزايد بإمكانية السياحة في محمية ضانا، لتصبح وسيلة تساعد في تحقيق أهداف حماية الطبيعة، وساعد في ذلك الموقع المميز لبيت الضيافة في إطلالته على وادي ضانا وإشرافه على قرية ضانا، ولقد صمم المهندس المعماري بيت الضيافة بطريقة تمزج بين التصميم الأصيل للقرية مع عناصر تصميم حديثة تحافظ على شخصيتها العربية. وقد نجح بيت الضيافة بان يصبح المركز الرئيسي للزوار في محمية ضانا رغم احتوائه على تسع غرف فقط.
العمل مع المجتمع المحلي
عملت الجمعية خلال عمليات تطوير السياحة البيئة، على إشراك أبناء المجتمع المحلي في برامجها، كما سارت برامج بناء قدراتهم، جنبا إلى جنب مع تنفيذ تلك البرامج، حيث تمكنوا من الحصول على أكبر قدر ممكن من منافع تلك البرامج، وقد كان توفير فرص عمل لأبناء المجتمع المحلي التي هي أولى أولوياتهم، لذا تبنت الجمعية سياسة تعتمد على تعيين أبناء المجتمع المحلي في كافة الوظائف المتوفرة، كذلك إشراكهم في برامج ونشاطات السياحة في المحمية، وهي وسيلة لمحاولة توفير بدائل اقتصادية لأبناء وبنات العائلات الذين كانوا يعتمدون على المحمية كمصدر رزق لهم كـ(الرعي). كما قامت الجمعية بتطوير العديد من المشاريع الاقتصادية الصغيرة مثل الحرف اليدوية وتسويقها لزوار المحميات، وتؤمن هذه المشاريع الكثير من فرص العمل لأبناء وبنات المجتمع المحلي.
في العام 1994، كان عدد زوار المحمية لا يتجاوز الـ 100 زائر سنويا، بينما ارتفع عدد زوار المحمية في العام 2000 إلى حوالي 20000 زائر، لقد مكن الدخل المتأتي من زوار المحمية الى توفير أكثر من 55 فرصة عمل دائمة، وزاد عدد المنتفعين بطريقة مباشرة وغير مباشرة عن 800 شخص في محيط المحمية، وفي العام 1998 ساهم دخل السياحة في تغطية كامل نفقات المحمية (الأكبر في الأردن والتي تبلغ مساحتها 320 كم2)، وبناء على هذا الإنجاز الذي قل نظيره في العالم حصلت محمية ضانا للمحيط الحيوي على أربع جوائز عالمية في مجال السياحة المستدامة.
ولادة مديرية برية الاردن
بعد قصة النجاح التي تحققت في محمية ضانا.'أنشأت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة في العام 2003، مديرية برية الأردن (كذراع اقتصادي للإشراف وإدارة البرامج الاقتصادية الاجتماعية والسياحة البيئية). تعمل برية الأردن، على المزاوجة بين المشاريع الاقتصادية وفلسفة حماية الطبيعة، مطورة برامج اقتصادية اجتماعية خلاقة تعتمد أساساً على المعارف والمهارات المحلية.' يستطيع زائر المحميات الطبيعية، شراء منتجات يدوية مشغولة بالكامل بأيدي أبناء المجتمعات المحلية وكذلك الاستمتاع بالمرافق والبرامج السياحية التي طورت لهذا الغرض.'والجمعية تعتز وتفتخر، بان كافة هذه البرامج تدار بالكامل من قبل أبناء وبنات المجتمعات المحلية. قامت برية الأردن بافتتاح (مركز) رابط جديد لها، يكون بمثابة نافذة لعرض وتسويق كافة منتوجات الجمعية من الحرف اليدوية وكذلك البرامج السياحية في المحميات.
تتطلع مديرية برية الأردن بمسؤولية تطوير السياحة البيئية في المحميات الطبيعة التي تديرها الجمعية.