معهد ون ويب لتطوير المواقع | 1weeb.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ستايلات مجانية FREE STYLES


+2
مرتاح بهجرك
الجزائري عبد المعز
6 مشترك

    امراض القلوب

    الجزائري عبد المعز
    الجزائري عبد المعز
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 05/10/2011

    الجنسية : جزائر

    عدد المشاركات : 3288

    مكسب العضو : 40583

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 21

    المزاج : منتديات طموح الجزائر

     امراض القلوب Empty امراض القلوب

    مُساهمة من طرف الجزائري عبد المعز 18/12/2011, 05:39


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده

    اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين

    امابعد:

    أيها
    الإخوة المؤمنون: حقيقة خطيرة ودقيقة وهي أن المهزوم أمام نفسه وأمام
    شهواته وأمام رغباته وأمام مصالحه، لا يمكن أن يقابل نملة، لذلك الأصل في
    الجهاد جهاد النفس والهوى، فإذا صح هذا الجهاد يمكن أن تواجه أكبر قوة
    عاتية في الأرض
    أيها
    الإخوة الكرام: من فقرات جهاد النفس والهوى أن تتفحص قلبك وتتعاهده،
    كمقدمة لهذه الخطبة لماذا يحرص أحدنا أن يكون سليماً في جسمه وهو يتألم
    أشد الألم لخلل أصاب جسمه ؟ بل إن كلمة المرض العضال يفزع منها الإنسان
    وترتعد فرائصه، يقلق أشد القلق لظاهرة لم تكن من قبل في عينه، يقلق أشد
    القلق لخلل في قلبه، ويقلق أشد القلق لخلل في حركته لماذا يحرص على صحته
    حرصاً لا حدود له ؟ بينما يهمل قلبه.
    أيها الإخوة: طالبوني بالدليل الله عز وجل يقول:



    ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً﴾



    (سورة البقرة)



    خالق السماوات والأرض ينبئنا أن القلب يمرض، قلب النفس.



    ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً﴾

    آية ثانية:



    ﴿لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾



    (سورة الحج)



    آية ثانية:



    ﴿وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾



    (سورة الأنفال)



    آية ثانية:



    ﴿لَئِنْ
    لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
    وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ﴾



    (سورة الأحزاب)



    آية ثالثة:
    ﴿وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾
    آية رابعة:



    ﴿وَلَا
    يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ
    الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ
    بِهَذَا مَثَلاً﴾



    (سورة المدثر)



    آية خامسة:



    ﴿قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ﴾



    (سورة يونس)



    كان هناك مرض في الصدر فشفي بهذا القرآن، آية سادسة:



    ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾



    (سورة الإسراء)



    آية سابعة:



    ﴿وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14)﴾



    (سورة التوبة)



    آية ثامنة:



    ﴿وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾



    (سورة التوبة)



    مجموع
    هذه الآيات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن قلب النفس يمرض، الآن
    الموازنة: مرض الجسم ينتهي بالموت، لكن مرض القلب يبدأ بعد الموت ! مرض
    الجسم ولو كان عضالاً ينتهي بالموت وقد يكون صاحبه في أعلى الجنات وانتهى
    الأمر.
    واه كربتاه يا أبتِ قال: لا كرب على أبيك بعد اليوم غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه.
    لكن
    مرض القلب يبدأ بعد الموت ويشقي صاحبه إلى أبد الآبدين، لو كنا منطقين
    لوجدنا أن أخطر أمراض الجسد أثره محدود في الحياة الدنيا، بينما أمراض
    القلب تشقي صاحبها إلى أبد الآبدين، فلذلك ينبغي أن ترتعد فرائصنا من
    أمراض القلب لأنه.



    ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)﴾



    (سورة الشعراء)



    هذه
    مقدمة ! أمراض الجسد على أنها مميتة وقاكم الله هذه الأمراض أنتم وأهلكم
    وأولادكم ومن يلوذ بكم، لكن هذه الأمراض تنتهي بالموت، بينما أمراض القلوب
    تستمر بعد الموت إلى أبد الآبدين.
    أيها
    الإخوة: من أمراض القلب فساد في تصوره، يظن أن الدنيا هي كل شيء هذا مرض،
    مع أن الدنيا مطية للآخرة، يضع كل ثقله في الدنيا، يسعى لها بكل ما أوتي
    من قوة.



    ﴿فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)﴾



    (سورة البقرة)



    أن
    تتصور أن الدنيا هي كل شيء أو أن المال والمرأة والمكانة والرفعة في
    الدنيا هي كل شيء هذا مرض من أمراض القلوب، فساد في التصور، أو فساد في
    الاعتقاد أو ضبابية في الرؤية، أو رؤية غير صحيحة، وليس هناك من ذنب إلا
    ويقابله رؤية غير صحيحة، لذلك في الدعاء النبوي: اللهم أرنا الحق حقاً لأن
    هناك من يرى الحق باطلاً، ولأن هناك من يرى الباطل حقاً، فهذا مرض من
    أمراض القلوب أن تتوهم شيئاً ليس واقعياً، أن تعطي الدنيا حجماً أكبر من
    حجمها، أن تسعى إليها بكل ما تملك ولو على حساب دينك فهناك فساد في
    التصور، هناك خطأ في الرؤية وفساد في العقيدة.
    من
    هذا الذي يسعى لمعرفة الحقيقة ؟ ويقتطع من وقته وقتاً بحضور مجالس العلم،
    من هذا الذي يقتدي حرصه على سلامة قلبه أن يسأل عن الحقيقة أن يبحث، من
    هذا الذي يستجيب لحاجته العليا وهي طلب العلم ؟
    أيها
    الإخوة الكرام: هناك مرض آخر، المرض الأول أساسه شبهات أوهام عقائد زائغة
    فساد في التصور مرض خطير شفاءه أن تطلب الحقيقة أن تكون مع الحقيقة، فإذا
    وجدتها في كتاب الله وسنة رسوله التزمت بهما
    أما
    المرض الثاني أن تريد معصية، لو علمت الحقيقة إذا دعتك نفسك إلى معصية أو
    مخالفة أو تجاوز حد أو تقصير في أداء واجب إلى التماس شهوة لا ترضي الله
    عزوجل فهناك مرض آخر من أمراض القلوب.
    أيها
    الإخوة الكرام: أقول لكم دائماً الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم
    المريح، لا تجامل وتحابي نفسك، ابحث عن وضعك الحقيقي، أما إذا ظننت أنك
    على ما يرام ولن تكن كذلك هناك مفاجأة بعد فوات الأوان.
    أيها
    الإخوة الكرام: الخطأ في التصور علاجه باليقين وطلب العلم ومعرفة حقيقة
    هذا القرآن وحقيقة سنة النبي العدنان، والخطأ في الاتجاه نحو الشهوات
    علاجه بالصبر.



    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا﴾



    (سورة آل عمران)



    علاجه كما قال الله عز وجل:



    ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)﴾



    (سورة النازعات)



    هذان
    مرضان خطيران من أمراض القلب، خطأ في التصور وخطأ في السلوك، الخطأ الأول
    علاجه في الحقيقة ومعرفتها، والخطأ الثاني علاجه الإرادة والصبر على طاعة
    الله.
    أيها الإخوة الكرام: من هذه الأمراض يقول الله عز وجل:



    ﴿وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾



    (سورة التوبة)



    حينما
    يقوى الكافر على المؤمن، والمؤمن لضعف في توحيده وتصوره وإرادته يشعر أن
    الله تخلى عنه، فحالة اليأس والقنوط كما يعانيها معظم المسلمين اليوم هذا
    مرض من مرض القلوب، أن تسيء الظن بالله، وترى أن الله سبحانه وتعالى لم
    ينصر عباده المؤمنين وأنه قوى أعدائه الكافرين، هذا أيضاً مرض من أمراض
    القلب، أحد أسبابه ضعف اليقين وأنك لا تقف على حقيقة معاني القرآن الكريم.
    أيها الإخوة الكرام: الإنسان حينما يجهل قضية يشعر بألم، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

    ((عَنْ
    جَابِرٍ قَالَ خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ
    فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ
    هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ فَقَالُوا مَا نَجِدُ لَكَ
    رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَلَمَّا
    قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ
    بِذَلِكَ فَقَالَ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ
    يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ
    يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ شَكَّ مُوسَى عَلَى
    جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ))

    (سنن أبي داود)
    الذي
    لا يعرف الحكم الشرعي هذا حالة قلق وحيرة ! أيعقل أن ينزل الله كتاباً وأن
    يرسل نبياً يبين كتابه، ثم نعاني من مشكلة خطيرة في مجتمعنا ولا نجد لها
    حلاً في الكتاب أو السنة ؟ مستحيل !



    ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾



    (سورة النساء)



    أيعقل
    أن نحال على لاشيء ؟ حينما نشعر أن هذا التشريع ناقص لا يلبي حاجات
    المجتمع المعاصر هذا مرض من أمراض القلوب، أن تشعر أن الله تخلى عن
    المؤمنين مرض، أن تشعر أن هذه الشريعة لا تغطي حاجات المجتمع الإسلامي
    مرض، أن يكون هناك فساد في التصور هذا مرض، أن يكون هناك رغبة إلى معصية
    مرض، هذه كلها أمراض، وذكرت لكم تسع آيات بينات تؤكد أن القلب يمرض و أن
    مرضه خطير جداً وأن مرض القلب قد يبدأ فعله الوبيل بعد الموت ويشقي صاحبه
    إلى أبد الآبدين.
    أيها الإخوة الكرام: شيء آخر: لو أن هناك جهلاً مطلقاً لكان هناك موت محقق للقلب.



    ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ﴾



    (سورة النحل)



    ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22)﴾



    (سورة فاطر)



    إن
    كان هناك نقص في المعلومات هناك مرض، فالقلب يتردد بين الموت المطبق وبين
    المرض الوبيل، نقص المعلومات مرض وخلو القلب من الحقائق كلياً موت محقق.
    أيها
    الإخوة الكرام: الصحيح قد يأتيه جرثوم قوة مناعته كبيرة فيرد ويقضي عليه،
    لكن ضعيف المقاومة وضعيف المناعة أضعف الجراثيم يجعله مريضاً، يقعده في
    الفراش، كذلك مرض القلب، أي شيء يفتنه، أي شيء يصرفه عن الحق ويغريه
    بالمعصية، لأنه في الأصل مريض، البرد قد يصيب الصحيح فلا يتأثر به عنده
    مقاومة، ومن كان قلبه سليماً لا يتأثر بالمغريات ولا بمظاهر القوة التي
    يراها عند الكفار، ولكن القلب المريض يضعفه أي شيء، فلذلك القلب المريض
    يزداد مرضاً.



    ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً﴾

    لأنه مرض الأعراض الخفيفة التي لا تؤذي الصحيح تتلف المريض.
    أيها
    الإخوة المشكلة أن قلوب المرضى ليست كقلوب الأصحاء صحيحة وليست كقلوب
    الكفار ميتة، بينَ بين مؤمن لأن لهذا الكون إلهاً وأن هناك يوماً آخر لكن
    لا يعمل له، لذلك قلب المريض ليس كقلب الصحيح من جهة، وليس كقلب ميت من
    جهة ثانية، هذه نماذج من أمراض القلوب ما علاجها ؟ أول علاج القرآن لأن
    الله بين لنا أن القرآن شفاء لما في الصدور، الرؤية غير الصحيحة يصححه
    القرآن، يذهب إلى بلاد الغرب فيرى الغنى والخصب والرفاه إلى درجة يعتب على
    الله لحال المسلمين، لو قرأ القرآن وقرأ قوله تعالى:



    ﴿
    فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ
    شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً
    فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)﴾



    (سورة الأنعام)



    هذه الآية شفاء لما في القلوب، يرى قوة جبارة متعجرفة متغطرسة تقتل وتقصف وتفعل، يقرأ قوله تعالى:



    ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48)﴾



    (سورة الحج)



    يشعر أن هذا من سنن الله في خلقه، أما القوى أحياناً يمدها الله لتأخذ أبعادها الإجرامية.



    ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48)﴾

    قد يرى تقلب الكفار في الدنيا وامتلاكهم لأزمتها، فيألم، يقرأ قوله تعالى:



    ﴿لَا
    يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ
    قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)﴾



    (سورة آل عمران)



    أنت
    حينما تقرأ القرآن كل الأمراض الناتجة من سوء الرؤية ومن ضعفها وفساده
    مصحح في القرآن الكريم، أنت إذا قرأت القرآن مع تصور صحيح، من قبل خالق
    السماوات والأرض، فالقرآن شفاء لما في الصدور حينما ترى ظالماً يشتد في
    ظلمه ويملأ الأرض ظلماً وجوراً، تقرأ قوله تعالى:



    ﴿وَلَا
    تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا
    يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾



    (سورة إبراهيم)



    يشفى
    صدرك، أنت إذا قرأت القرآن تصحح رؤيتك، وتصح عقيدتك وتكون مع الحقيقة ومن
    أدق التعريفات أن الحق ما وافق الوحيين الكتاب والسنة، والحق في مقاييس
    علوم الأرض ما طابق الواقع مع الدليل، فأنت حينما تعتقد اعتقاداً صحيحاً
    أساسه الوحيان، وترى الأمور رؤية علمية أساسها الواقع أن قد سلمت نفسك من
    مرض من أمراض القلوب الخطيرة.
    أيها
    الإخوة الكرام: القرآن أول شفاء ينبغي أن تقرأه، القلب الذي ليس فيه قرآن
    كالبيت الخرب، ينبغي أن تقرأه كل يوم، تستعيد توازنك، ينبغي أن تقرأ حصة
    يومية من كتاب الله، وأن تقرأها قراءة تمعن وتدبر لا تعنيك الكمية، ليعنيك
    النوعية، أنت حينما تقرأ القرآن كأن الله يحدثك إذا أردت أن تحدث الله
    فادعه، وإن أردت أن يحدثك الله فاقرأ القرآن، كأن الله يبين لك حينما يقول
    لك الله عز وجل:



    ﴿وَعَسَى
    أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا
    شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا
    تَعْلَمُونَ (216)﴾



    (سورة البقرة)



    ألا
    تكفي هذه الآية ؟ والله الذي لا إله إلا هو هذه الآية تمتص كل متاعب
    الحياة ‍ هناك من لا يعجبه بيته أو زوجته أولا يرضى عن دخله ويعاني مشكلات.



    ﴿وَعَسَى
    أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا
    شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا
    تَعْلَمُونَ (216)﴾

    أول
    حل أن تقرأ القرآن كل يوم، حصة لابد منها، لا تنسى أن تأخذ طعام الفطور
    لأن جسمك بحاجة إلى الغذاء، ولا تنسى أن تقرأ القرآن كل يوم لأن نفسك
    بحاجة إلى القرآن هو شفاء لما في الصدور هذه واحدة، الشيء الثاني: من
    أسباب شفاء القلب أن تكون مؤتمراً بما أمر منتهياً عما نهى عنه نهى وزجر،
    ليس الولي الذي يمشي على وجه الماء أو الذي يطير في الهواء، هذه خرافات ‍!
    الولي كل الولي الذي تجده عند الحلال والحرام، أن يجدك حيث أمرك وأن
    يفتقدك حيث نهاك، أدق تعريف للولي في القرآن:



    ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)﴾



    (سورة يونس)



    بعد
    أن تقرأ القرآن وتستوعب آيات القرآن وتتدبرها وتعمل بآيات القرآن لابد من
    أن تلتزم بمنهج الله في كتابه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم الطاعة
    وحدها مريحة، أن تقف عند حدود الله شيء مريح، تشعر أنك فائز متفوق أنك مع
    الله ومنضبط وعبد طائع هذا دواء آخر من أدوية أمراض القلوب، أن تلتزم بما
    أمر وأن تنتهي عما نهى عنه وزجر.
    أيها الإخوة: لاشك أن الاستقامة تعطيك راحة وسلامة وأمن.



    ﴿فَأَيُّ
    الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81)
    الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ
    لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)﴾



    (سورة الأنعام)



    لكنك
    إن أردت أن تتقرب إلى الله لا تكفيك الاستقامة لابد من عمل صالح ماذا بذلت
    ؟ ماذا أعطيت لهؤلاء المسلمين ؟ ماذا قدمت لعباد الله الصالحين؟ ماذا قدمت
    لخلق الله أجمعين ؟ ماذا قدمت لغير البشر ؟ هل عالجت قطة ؟ هل أطعمت
    جائعاً ؟ هل سقيت حيواناً يعاني من العطش ؟ لقد غفر الله للمرأة رأت كلباً
    يأكل الثرى من العطش، هل لك عمل صالح ؟ هل حملت بعض هموم المسلمين ؟ هل
    أنفقت بعض مالك ووقتك وجهدك الذي لا تملك إلا غيره أحياناً ؟ هل أنفقت من
    علمك وربيت أولادك؟ لابد من حركة نحو الله.
    الإيمان
    الذي لا يترجم إلى حركة ليس إيماناً، الإيمان حركي لا يوجد إيمان سكوني،
    مؤمن ومستريح مؤمن ومنسحب من المجتمع مؤمن ولا يفعل شيئاً، هذا كلام فارغ،
    ما إن تستقر حقيقة الإيمان في قلب المؤمن حتى تعبر عن ذاتها بحركة نحو
    الخلق، اسأل نفسك كل يوم ماذا فعلت من الأعمال الصالحة ؟ هل عنت مريضاً ؟
    هل نصحت إنساناً ؟ هل آويت مسافراً؟ هل أطعمت جائعاً ؟ هل رعيت يتيماً ؟
    هل دللت على الله ؟ هل نقلت حقيقة للآخرين ؟ هل وصلت رحمك ؟ ماذا فعلت ؟
    العلاج
    الأول أن نقرأ القرآن كل يوم، والعلاج الثاني أن نحرص حرصاً لا حدود له
    على طاعتنا لله عز وجل، والعلاج الثالث أن يكون لك عمل صالح والعمل الصالح
    يرفعك.



    ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً ﴾



    (سورة الكهف)



    والله
    أيها الإخوة: أن تشعر بسلامة قلبك وأن تشعر بطهره وأن تشعر بقربه من الله
    وأن تشعر أن الله تجلى على هذا القلب السليم هو أعظم مغنم في الدنيا، لذلك
    هذا معنى قول الله عز وجل:



    ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ﴾



    (سورة التوبة)



    تزكية النفس أحد أكبر أهداف الإنسان في الأرض.



    ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)﴾



    (سورة الأعلى)



    ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)﴾



    (سورة الشمس)



    ﴿إِنَّا
    عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ
    فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا
    الْإِنْسَانُ إِ﴾



    (سورة الأحزاب)



    ما
    الأمانة ؟ نفسك التي بين جنبيك أوكلك الله إليها، فقد أفلح من زكى هذه
    النفس وعرفها بربها، وحملها على طاعته وصبغها بصبغة الحق، وقد خاب من
    أبقاها جاهلة وقد خاب من سمح لها أن تعصي الله، ومن حرمها من فعل الخير.
    أيها الإخوة الكرام:



    ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾

    ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ ﴾



    (سورة النور)



    ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً﴾



    (سورة النور)



    آيات
    كثيرة تؤكد أن تزكية النفس هو الهدف الأول من وجود الإنسان في الأرض،
    الفلاح لا في جمع الدرهم والدينار، ولا في أن تكون في أعلى مكان في الأرض،
    الفلاح كل الفلاح والفوز والنجاح والعقل كله أن تتزكى نفسك وتعرفها بربها
    وتحملها على طاعته وتصبغها بصبغة الله عز وجل، لكن هناك من يزكي نفسه
    وليست هي كذلك، الله عز وجل يقول:



    ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ﴾



    (سورة النساء)



    لا
    تحاول أن تضع نفسك في حجم أكبر من حجمك، لا تحاول أن تظهر بأكبر مما أنت
    فيه، كن متواضعاً، أظهر العكس، كن مفتقراً إلى الله عز وجل، المؤمن يتلقب
    في اليوم الواحد أربعين حالاً، بينما المنافق يستقر أربعين عاماً على حال
    واحد وهو العجب بنفسه.
    أيها
    الإخوة الكرام: الشيء الأول أن تقرأ القرآن والثاني أن تستقيم على أمر
    الله والثالث أن تعمل الصالحات كل بطاقته وبقدر إمكانياتك، الشيء الرابع
    أن لا تظلم، أن تكون منصفاً، شئت أم أبيت أن تكون قاضياً آلاف المرات في
    الحياة، قد تكون قاضياً بين ابنيك، بين ابنك وابنتك أو بين ابنتك وصهرك
    بين شركائك، كن منصفاً أنصف الناس من نفسك.



    ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا﴾



    (سورة المائدة)



    هؤلاء الذين تعادونهم هم الكفار، لا تحملنكم كراهية الكفار على أن لا تعدلوا معهم، فما استقاموا له فاستقيموا له.



    ﴿لَا
    يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ
    وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا
    إِلَيْهِمْ﴾



    (سورة الممتحنة)



    وبهذا
    قامت السماوات بالعدل وهو من صفات المؤمنين، اقرأ القرآن والتزم منهج
    النبي عليه الصلاة والسلام، واعمل الصالحات وتحرى العدل في علاقاتك، إياك
    أن تتبع ازدواجية المقاييس، إنها تؤلمك أشد الألم من أعداء الله، ما من
    ألم أصاب المسلمين كازدواج المعايير والكيل بمكيالين، لا تفعل هذا أنت مع
    الآخرين، لا تغطي أخطاء من يلوذ بك وتكبر أخطاء من لا يلوذ بك، لا تعتم
    ولا تظهر، كن منصفاً.

    ((والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها))



    يا
    فاطمة بنت محمد، يا عباس عم رسول الله أنقذا نفسيكما من النار أنا لا أغني
    عنكما من الله شيئاً، لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم.

    ((من يبطء به عمله لم يسرع به نسبه))

    (ورد في الأثر)



    يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين لا يغفر، كان عليه الصلاة والسلام لا يصلي على صحابي عليه دين.

    ((حَدَّثَنَا
    يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِي
    اللَّهم عَنْهم قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم
    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ فَقَالُوا صَلِّ عَلَيْهَا
    فَقَالَ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا لَا قَالَ فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا
    قَالُوا لَا فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى
    فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلِّ عَلَيْهَا قَالَ هَلْ عَلَيْهِ
    دَيْنٌ قِيلَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا قَالُوا ثَلَاثَةَ
    دَنَانِيرَ فَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ فَقَالُوا
    صَلِّ عَلَيْهَا قَالَ هَلْ تَرَكَ شَيْئًا قَالُوا لَا قَالَ فَهَلْ
    عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ قَالَ صَلُّوا عَلَى
    صَاحِبِكُمْ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ
    وَعَلَيَّ دَيْنُهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ))

    (صحيح البخاري)
    لم يبترد جلد الشهيد بالتعهد بل بالأداء.
    أيها
    الإخوة: هذا هو الدين، لو كنا كذلك والله لأملينا إرادتنا على الطرف الآخر
    وهم راغمون، أين الإسلام ؟ أين شخصية المسلم ؟ لذلك حينما قلت في الخطبة
    السابقة: المهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نفسه لابد من أن ننتصر على
    أنفسنا وعلى شهواتنا ومصالحنا ورغباتنا.
    أيها
    الإخوة الكرام: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن
    عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطاناً إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا،
    فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه
    هواها وتمنى على الله الأماني.




    مرتاح بهجرك
    مرتاح بهجرك
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 22/09/2011

    الجنسية : العراق

    عدد المشاركات : 1082

    مكسب العضو : 4717

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 21

     امراض القلوب Empty رد: امراض القلوب

    مُساهمة من طرف مرتاح بهجرك 18/12/2011, 06:11

    موضوع رائع
    المخلص الموعود
    المخلص الموعود
    المراقب العام
    المراقب العام


    تاريخ الإنضمام : 26/03/2012

    الجنسية : ذكر

    عدد المشاركات : 1045

    مكسب العضو : 2044

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 19

     امراض القلوب Empty رد: امراض القلوب

    مُساهمة من طرف المخلص الموعود 27/3/2012, 04:09

    شكررررررررررررررررررررررررررررر كبير على الموضوع ننتظر منك كل جديد
    anthamelina
    anthamelina
    عضو شرف
    عضو شرف


    تاريخ الإنضمام : 30/03/2012

    الجنسية : non

    عدد المشاركات : 525

    مكسب العضو : 1012

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 0

     امراض القلوب Empty رد: امراض القلوب

    مُساهمة من طرف anthamelina 31/3/2012, 14:37

    شكرا جزيل
    MAXٍِِ~
    MAXٍِِ~
    عضو مبدع
    عضو مبدع


    تاريخ الإنضمام : 10/02/2012

    الجنسية : ذكر

    عدد المشاركات : 234

    مكسب العضو : 3020

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 0

     امراض القلوب Empty رد: امراض القلوب

    مُساهمة من طرف MAXٍِِ~ 5/4/2012, 09:34

    شككرآآ لكك
    k a k a
    k a k a
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 08/02/2012

    الجنسية : مصرى و افتخر

    عدد المشاركات : 650

    مكسب العضو : 2064

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 0

     امراض القلوب Empty رد: امراض القلوب

    مُساهمة من طرف k a k a 10/4/2012, 12:06

    بارك الله فيك

      الوقت/التاريخ الآن هو 22/9/2024, 10:30