معهد ون ويب لتطوير المواقع | 1weeb.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ستايلات مجانية FREE STYLES


2 مشترك

    الشهاب السني في إثبات ضعف حديث العتبي : أو إتمام الكلام على حديث الأعرابي

    الجزائري عبد المعز
    الجزائري عبد المعز
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 05/10/2011

    الجنسية : جزائر

    عدد المشاركات : 3288

    مكسب العضو : 40583

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 21

    المزاج : منتديات طموح الجزائر

     الشهاب السني في إثبات ضعف حديث العتبي : أو إتمام الكلام على حديث الأعرابي Empty الشهاب السني في إثبات ضعف حديث العتبي : أو إتمام الكلام على حديث الأعرابي

    مُساهمة من طرف الجزائري عبد المعز 10/12/2011, 08:34

    [center]الشهاب السني في إثبات ضعف حديث العتبي : أو إتمام الكلام على حديث الأعرابي



    قومٌ
    مفتونون بالحكايات ، من قصص موضوعة ، ورأيا مقطوعة ، يقيمون الأحكام على
    مثل هذه التفاهات ، يقيمونها ويصدون بها الآيات ، وما صح من الأحاديث
    النبوية ، أين هم من قوله تعالى {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم
    الله} ، أُناس تخبطوا في مصادر التلقي ؛ فأصبحوا يتلقون دينهم عن المنامات ،
    وأكاذيب الحكايات ، فقبحاً قبحاً لمن لم يرفع بكلام الله رأساً ، وبسنة
    الحبيب اقتداءً وتأسياً ..

    وسنقف بإذن الله مع رواية أخرى لحديث الأعرابي الذي تكلمنا عنه قبل ذلك ،واليوم مع رواية أخرى لهُ والذي يسمونه (بحديث العتبي)

    تعدد روايات الحديث

    " لقد ورد حديث توسل الأعرابي هذا في روايات عديدة:
    بعضها
    بلا إسناد ، والبعض الآخر بأسانيد مظلمة ، كما أن ألفاظها جاءت مختلفة
    ومضطربة ، مع زيادة ونقصان في جميع ألفاظ متونه ، وفي جميع رواياته
    وأسانيده ، مما يدل دلالة واضحة صريحة على أن الحديث في جميع رواياته مختلق
    موضوع ، وخبر مكذوب مصنوع ، وأن صنعة الكذب والوضع ظاهرة عليه وإنها بينة
    جليلة واضحة فيه ، وضوح الشمس.

    وها
    أنت يا أخي القارئ ، اطلعت على الحديث في روايته الأولى لفظاً وسنداً
    وتعليقاً وتحقيقاً ، ولا أخالك إلا مقتنعاً بالنتائج التي تترتب على وضع
    مثل هذا الحديث ، ولعلك تتوق إلى تفصيل الروايات الأخرى التي ورد فيها على
    نحو ما تم تفصيله في الرواية الأولى … فأهلاً بك يا أخي على صعيد التحقيق
    والتدقيق … ثم بعد ذلك ، نترك لك الحكم على هذه الروايات المتعددة ، فيما
    إذا كانت تصلح للاحتجاج بها ، في خلافنا القائم مع القوم هدانا الله وإياهم
    سواء السبيل.

    الروايـة الأولى
    وهي
    الرواية الأولى المتقدمة عن أبي الحسن الكرخي بسنده إلى علي بن أبي طالب
    رضي الله عنه ، وحاشاه من نسبة هذه الرواية إليه بعد أن تأكدت يا أخي من
    كذب نسبتها إليه رضي الله عنه وأرضاه.:
    "مقتبس من كلام الرفاعي في (التوصّل) 273"

    وهذا رابط الموضوع السابق والذي بعنوان:
    البروق السنية في كشف أباطيل حديث الأعرابي سنداً وتمناً وقمع أصحاب الاستغاثات الشركية
    وكذلك علقنا على الآية التي يحرف معناها بعض أهل البدع ومحبي الاستغاثات الشركية بعنوان:
    إتحاف أهل السنة والجماعة بالرد على من استدل على هذه الآية بجواز الاستغاثة
    http://saaid.net/feraq/sufyah/shobhat/3.htm

    والله
    اسأل أن يشرح صدور أصحاب الأهواء للحق ، وأن ينزع من قلوبهم أتباع الأهواء
    وما عليه الآباء من البدع والانحرافات ، ولا يكونوا ممن قال الله فيهم {إن
    وجدنا آبائنا على ملة} ، ولا يصدهم الهوى فيكونوا ممن قال الله فيهم:
    {أفرأيت من أتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على قلبه وسمعه ، وعلى
    بصره غشاوة ، فمن يهديه من بعد الله ، أفلا تذكرون}
    نعم
    {على علم} يبين له أن ما يستشهد به كذب موضوع ، فتأخذه العزة بالإثم ،
    وإتباع ما عليه الآباء بأن لا يتزحزح {فمن يهده من بعد الله} لا أحد!{أفلا
    تذكرون}

    الرواية الثـــانية
    أما
    الرواية الثانية المشهورة (بحديث العتبي) ويحسن بي يا أخي أن أثبت لك نص
    هذه الرواية كما وردت في كتاب (الشامل) لأبي منصور الصباغ بلا إسناد!!!!إذ
    لو كان إسنادها جيد لذكره كما سنبين.

    نص رواية حديث العتبي
    (
    كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فجـاء أعرابي فقال:السلام
    عليك يا رسول الله ، سمعت الله يقول: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك
    فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} وقد جئتك
    مستغفراً لذنبي ، مستشفعاً بك إلى ربي ، ثم أنشأ يقول:
    يا خير من دفنت بالقاع أعظمه … فطاب من طيبهن القاع والأكم
    نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه …. فيه العفاف وفيه الجود والكرم)

    الكلام على متن الرواية

    (
    إن متن هذه الرواية "حديث العتبي" عللاً مشتركة مع الرواية الأولى –رواية
    أبو الحسن الكرخي- وعللاً أخرى مختلفة ، فما توافق منها أحلناك يا أخي على
    إجابتنا على مثلها في ما سبق من تحقيق الرواية فارجع إليها إن أعوزك
    ذلك.أما ما اختلف عنها واضطرب ، عالجناه وناقشناه على ضوء الشريعة المطهرة:

    1-
    تقول الرواية الأولى: "قدم أعرابي بعدما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم
    بثلاثة أيام ، فرمى نفسه فوق القبر وحثا على رأسه من ترابه"
    بينما تقول "رواية العتبي" : "كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله .. "
    فالعتبي هذا:
    قال
    عنه المؤرخون أنه توفي سنة 228هجرية فهل يمكن أن يحضر حادثة وقعت بعدما
    دفن الرسول بثلاثة أيام؟!! .. فهب أنه عاش مائة سنة ، فيبقى بينه وبين
    الحادثة انقطاع مائة وعشرين سنة فهل يمكن أن يحضر واقعة حدثت قبل أن يخلقه
    الله بمائة وعشر سنين؟!!
    وهل تصح رواية الواقعة عنه؟!
    وعلى كل سوف نأتي عند البحث في سند هذا الحديث ، على تفصيل تام لترجمة العتبي.

    2-
    إن الرواية الأولى ورواية العتبي تتفقان في إيراد لفظ تلاوة الأعرابي
    للآية الكريمة: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر
    لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} .
    ولقد
    أجبنا على استدلالهم بهذه الآية الكريمة على جواز التوسل بذوات المخلوقين
    من أنه في غير محله ، وأنه لا قياس بين حياة الرسول وموته ، فما يمكن أن
    يفعله في حياته ، قد انقطع بسبب وفاته.فارجع يا أخي إلى معالجة ذلك فيما
    ذكرناه وعالجناه في الرواية الأولى ، مع العلم أن هذه الآية الكريمة نزلت
    في بعض المنافقين ، لا من أجل جواز التوسل بذات الرسول صلى الله عليه وسلم.

    3-
    أن رواية العتبي ليس فيها أن الأعرابي رمى نفسه فوق القبر ، وحثا على رأسه
    من ترابه كما في الرواية الأولى. فهذا اختلاف في اللفظ واضطراب في وصف
    الحادثة ، فلو كان العتبي حاضراً فيها لوصفها كما وصفت في الرواية الأولى
    فوقوع هذا الاختلاف والاضطراب بين الروايتين علة طاعنة ومانعة من صحة
    الحديث والاحتجاج به.

    4-
    قول الأعرابي في الرواية الأولى: "وقد ظلمت نفسي وجئتك مستغفراً" وقول
    العتبي أن الأعرابي قال: " وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي"
    ولم يقل فيها: "وقد ظلمت نفسي" .
    وفي
    الرواية الأولى يقول الأعرابي: "وجئتك مستغفراً" وفي رواية العتبي "وقد
    جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي". إنهما قد ترافقا بين العبارتين
    المتعلقتين بالمجيء من أجل الاستغفار. وجاءت زيادة في رواية العتبي
    "مستشفعاً بك إلى ربي" .
    وهنا
    يجــب الوقوف عند قول الروايتين "وجئتك مستغفراً" في الرواية الأولى
    "وجئتك مستغفراً لذنبي" في رواية العتبي فبصرف النظر عن الاختلاف والاضطراب
    في لفظ الروايتين ؛ إن خطراً كبيراً يهون بجانبه خطر التوسل بذوات
    المخلوقين ، قد ذر قرنه من قوله "وجئتك مستغفراً" أو "قد جئتك مستغفراً
    لذنبي" إن الكلام الوارد في كلا الروايتين يوهم –إن لم نقل يؤكد- أن
    الأعرابي إنما جاء القبر ليستغفر الرسول من ذنبه! بينما الآية التي
    يستشهدون بها تقول: {ولو أنهم ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله} لا
    فاستغفروك!!! لأن الاستغفار عبادة له تعالى ، فلا يجوز استغفار أحد من
    المخلوقين .. حتى ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغفار رسول الله
    عبادة له ، والعبادة لا تليق إلا بالله تعالى وحده لا شريك له.إذاً
    فاستغفار الرسول شرك بالله تعالى.
    أما
    مراد الآية: فهو المجيء إلى مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإشهاده على
    استغفارهم الله من الذنب ، ثم الطلب منه صلى الله عليه وسلم أن يستغفر
    الله لهم ، وليس فيها قطعاً ذكر المجيء إليه صلى الله عليه وسلم من أجل أن
    يستغفره هو من الذنب.

    5-
    إن الزيادة الواردة في قول العتبي "مستشفعاً بك إلى ربي" ، هذا طلب لا
    يجوز توجيهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته. إذا كيف يشفع وهو
    منقطع العمل بسبب وفاته؟ ثم كيف يشفع ولم يصدر الإذن بالشفاعة من الله
    تعالى ولن يصدر الإذن إلا يوم القيامة لمن يشاء ويرضى .. وهذه ولا شك عقائد
    ومعلومات بدهية لا يعذر المسلم في الجهل بها .. فضلاً عن وقوع ذلك في زمن
    الصحابة الذين هم خير أمة أخرجت للناس وخاصة أمام على علم شامخ من أعلامهم
    وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه.

    6-
    قول الرواية الأولى: "فنودي من القبر [أنه قد غفر له] " بينما يقول العتبي
    في الرواية الثانية: "ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني .. فرأيت النبي صلى
    الله عليه وسلم في النوم فقال: [ يا عتبي إلحق بالأعرابي فبشره أن الله قد
    غفر له] " .
    لا شك يا أخي
    أنك قد أدركت الفارق بين اللفظين رواية تقول: أن الرسول قد ناداه من القبر
    "إنه قد غفر له" رواية تقول: أن الرسول أتى العتبي في المنام وأمره أن يلحق
    بالأعرابي ويبشره بأن الله قد غفر له.
    فإذا
    كان الرسول قد بلغه شفهياً بأن الله قد غفر له فما حاجته بتكليف العتبي أن
    يبشره مباشرة منه صلى الله عليه وسلم وأما أن يبلغها من العتبي ، أما من
    الطرفين فيكون من التكرار الذي لا طائل تحته.
    وإذا كان من الممكن نداء الرسول للأعرابي وتبليغه مباشرة فلماذا يستعين بالعتبي ويأتيه بالمنام ويستلحقه بالأعرابي ليبشره؟!
    أرأيت يا أخي هذا الاضطراب العظيم بين الروايتين مما يؤكد ولا شك أن الروايتين غير صحيحتين بالنسبة لعلل كل منهما.
    على
    أن واضع هذا الحديث في الرواية الأولى يريد أن يوهم المسلمين إمكانية
    اتصال النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته بأحد من أمته ، بينما هذا مستحيل
    وقوعه ولو أمكن لكان من الأحرى والأجدى أن يتصل بأمته صلى الله عليه وسلم
    في حوادث هامة ، لم يُعرف فيها الحق أين هو .. ومع من هو ..؟ وكم كانت تلك
    الوقائع المؤلمة سبباً لقتل آلاف من الصحابة.
    فيا
    سبحان الله يكلم رسول الله بعد وفاته الأعرابي .. ولا يكلم المسلمين فيما
    شجر بينهم من المشـاكل؟!!! إن مثل هذه العلل في متن الروايتين كافيـة للحكم
    على هذا الحديث بالوضع والسقوط.

    الكـلام على سند هذا الحديث

    ليس لرواية حديث العتبي أي سند يستأنس به للحكم بصحة الرواية ، أو اعتلالها ؛ ولكن رأينا بصيصاً من الضوء على ذلك ، وهو:
    إنه
    وإن كان العقد منفرطاً إلى العتبي ، وغير معروف من رواه عنه ، إنما نكتفي
    بالاستدلال على كذب الحديث ، أو على الأقل على علة الانقطاع فيه ، أن
    العتبي الذي يروي هذه الرواية عن الأعرابي كشاهد عيان!!! أن بينه وبين
    الأعرابي انقطاعاً يربو على مائتي سنة تقريباً وإليك البيان:

    1-
    قال زين الدين أبو بكر بن الحسين بن عمر أبو الفخر المراغي المتوفي سنة
    816 هجرية في كتابه "تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة" ص 111 في
    /ترجمة العتبي/ قال: "أسمه محمد بن عبدالله بن عمر بن معاوية بن عمر بن
    عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين" .

    2- وقال ابن الأثير في كتابه "اللباب في تهذيب الأنساب" 1/119:
    "
    والعتبي وهي نسبة إلى عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبدشمس أخي
    معاوية بن أبي سفيان. وينسب إليه جماعة ، منهم محمد بن عبدالله بن عمر بن
    معاوية بن عتبة بي أبي سفيان العتبي البصري يكنى أبا عبدالرحمن صاحب أخبار
    وآداب ، حدث عن أبيه وابن عيينة وروى عنه أبو حاتم السجستاني" .

    3- وقال ابن خلكان في "وفيـات الأعيان" 1/522-523:
    "أبو
    عبدالرحمن محمد بن عبدالله بن عمر بن معاوية بن عمر بن عتبة بن أبي سفيان
    صخر بن حرب بن أمية بن عبدالشمس القريشي الأموي المعروف بالعتبي الشاعر
    البصروي المشهور كان أديباً فاضلاً ، وشاعراً مجيداً وكان يروي الأخبار
    وأيام العرب … إلى أن قال:روى عن أبيه وعن سفيان بن عيينة ، ولط بن مخنف
    وروى عنه أبو حاتم السجستاني وأبو الفضل الرياشي وإسحاق بن محمد النعنعي
    وغيرهم وقدم بغداد وحدث بها أخذ عنه أهلها … إلى أن قال: وتوفي سنة ثمان
    وعشرين ومائتين رحمه الله تعالى" .

    4- ولعل أحداً من القوم يقول: وما يدريك أن هذا هو العتبي ، المعنى بالرواية عن الأعرابي فأقول:
    وإنني
    أؤكد أنه هو نفسه الذي تزعمون أنه رأى الأعرابي صاحب القصة ودليلنا على
    ذلك ما حكى عنه المؤرخون وخاصة اعتراف رجل منكم ممن يجوزون التوسل بذوات
    المخلوقين وهو: الشيخ السبكي مؤلف كتاب "شفاء السقام" الذي رد عليه ابن
    عبدالهادي في كتابه "الصارم المنكي في الرد على السبكي" قال في ص 136 منه:
    "
    قال السبكي في كتابه /شفاء السقام في زيارة خير الأنام/ العتبي ، وأسمه
    محمد بن عبدالله بن عمر بن معاوية بن عمر بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب
    كان من أفصح الناس رواية للأدب وحدث عن أبيه ، وسفيان بن عيينة توفي سنة
    ثمان وعشرين ومائتين يكنّى أبا عبدالرحمن"أهـ .كلام السبكي. وذلك طبعاً بعد
    أن ذكر حكاية العتبي وروايته عن الأعرابي مستدلاً بها في كتابه على جواز
    التوسل بذوات المخلوقين.

    إذاً
    فالعتبي الذي تزعمون أنه صاحب الرواية عن الأعرابي ، هو نفسه المترجم له
    في الكتب المذكورة بشهادة شيخكم السبكي في كتابه /شفاء السقام في زيارة خير
    الأنام/ [وشهد شـاهــد من أهلها] بينما في الحقيقة أن العتبي هذا ، تأخر
    عن العتبي الذي يردون إقحامه في الرواية عن الأعرابي ، بما يربو على
    المائتي سنة تقريباً ؛ فتأمل!

    قال ابن عبدالهادي في كتابه [ الصــارم المنكي في الرد على السبكي] :
    "وأما حكاية العتبي التي أشار إليها –أي السبكي- حكاية ذكرها بعض الفقهاء والمحدثين ، وليست بصحيحة ولا ثابتة إلى العتبي ..!!

    وقد
    رويت عن غيره بإسناد مظلم ، وهي في الجملة حكاية لا يثبت بها حكم شرعي ،
    لا سيما في مثل هذا الأمر الذي لو كان مشروعاً مندوباً ، لكان الصحابة
    والتابعون أعلمَ به وأعملَ به من غيرهم وبالله التوفيق" أهـ ) .
    "أنظر "التوصّل" للرفاعي محمد نسيب ص274-279"

    وقال
    المُحدِّث العلامة محمد بشير السهسواني الهندي في "صيـانة الإنسـان من
    وسوسة الشيخ دحلان" رداً على استدلال دحلان بحديث العتبي قائلاً:
    ( أقول: ليست هذه الحكاية مما تقوم به الحجة.
    قال
    في الصارم المنكي: وهذه الحكاية التي ذكرها بعضهم يرويها عن العتبي بلا
    إسناد ، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب عن أبي الحسن الزعفراني عن الأعرابي ،
    وقد ذكرها البيهقي في كتاب شعب الإيمان بإسناد مظلم عن محمد بن روح بن
    يزيد البصري حدثني أبو حرب الهلالي قال: حج أعرابي ، فلما جاء إلى باب مسجد
    رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ راحلته فعقلها ، ثم دخل المسجد حتى أتى
    القبر ، ثم ذكر نحو ما تقدم.وقد وضع لها بعض الكذابين إسناداً إلى علي بن
    أبي طالب رضي الله عنه كما سيأتي ذكره [أتى ذكره في الرابط السابق] .

    وفي
    الجملة ليست هذه الحكاية المذكورة عن الأعرابي مما تقوم به حجة ، وإسنادها
    مظلم مختلف ، ولفظها مختلف أيضاً ، ولو كانت ثابتة لم يكن فيها حجة على
    مطلوب المعترض ، ولا يصلح الاحتجاج بمثل هذه الحكاية ولا الاعتماد على
    مثلها عند أهل العلم ، وبالله التوفيق ) .

    سؤال يفرض نفسـه

    وأثناء نقاشنا وبياننا الواضح هناك سؤال يفرض نفسه هل خرجت هذه الحكاية المكذوبة في كتب الحديث المحترمة؟
    وهل حين يذكرها هو يحتج بها؟وهل هو يصححها؟
    وسؤال آخر هل إذا ذكرت القصة في كتب بعض أهل العلم يعتبر حجة؟

    هذه أسئلة كثيرة .. وللإجابة عليها .. أقول:
    يقول عبدالله بن علي في "الصراع" بعد أن ذكر الخلاف في الراوي:
    ( .. ولكن لا يوجد شيء من ذلك إسناد ينظر إليه ، ولم تخرج كتب الحديث المحترمة ، ولم يصححها أو يحسنها أحد من أهل العلم والدراية.
    وإنما يذكرها بصيغة التمريض ، فيقولون:يروى عن العتبي كذا.
    ومثل هذا لا يقول أحد من أهل العلم:إنه يجوز للاحتجاج به.
    فالحكـــــــاية باطلة من الأساس.

    ولو فرض أنها صحيحة الإسناد لما دلت على شيء مما يذهبون إليه.
    وذلك أن هذا فعل أعرابي من نكرات الأعراب ، والأعراب ليسوا حججاً في دين الله.
    ولو
    أن العتبي نفسه الذي شهرت عنه الحكاية فعل ذلك لما كان فعله حجة ولا
    مقبولاً ، فكيف بفعل أعرابي يروي عن العتبي والعتبي ليس معروفاً بالحديث
    ولا بالدين. وقد ذكر الخطيب البغدادي في التاريخ وقال عنه: "كان صاحب أخبار
    ورواية للآداب ، وكان من أفصح الناس .." ولم يذكره بتزكية ولا بتوثيق ولا
    بحديث ، وإنما ذكره بالشعر وروايته.وقال بلغني أنه مات سنة 228."

    أما الإجابة على السؤال الثاني فيقول عبدالله بن علي في "الصراع":
    (وذكرها شيخ الإسلام [كما سيأتي في الإجابة على السؤال الثالث] ابن تيمية في مواضع من كتبه ، وقال:إنها لا تعرف إلا عن هذا الأعرابي.
    قال:وبها احتج من احتج من متأخري الفقهاء من أصحاب الشافعي وأصحاب أحمد.
    وهذا
    صحيح فإن صاحب "المغني" وصاحب "الشرح الكبير" الحنبليين ، وهما من كبار
    الفقهاء ، حينما ذكرا هذا ذكراه عن العتبي عن الأعرابي. ولم يذكرا شيئاً عن
    ذلك عن مالك رضي الله عنه [وقد بينا كذب القصة على الإمام مالك رحمه الله
    مع أبي جعفر المنصور رحمه الله] ولو كانت الرواية محفوظة عندهما عن مالك
    لأسنداها إليه واحتجا بها ، ولكان هذا أفضل من الاحتجاج بفعل ذلك الأعرابي
    المجهول.ولكن هذا يدل على أنهم ما كانوا يعرفون شيئاً من هذا النوع عن
    أمثال مالك ثم هم يذكرون الرواية على وجه التوهين ، لا يذكرون لها سنداً
    ولا يصححونها ، ولا يقولون فيها غير: " يروى عن العتبي" مثلاً فهم لا
    يعرفون لها سنداً ، ولا يعرفون لها صحة أو ثبوتاً ، وإنما يسوقونها معللة
    موهنة مرسلة) .

    وللإجابة على السؤال الثالث وهو هل حين يذكرها أحد أهل العلم تكون بذكره حجة؟!
    فندع
    الإجابة الشافية لشيخ الإسلام في مصنف "قاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات
    أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق" تحقيق سليمان الغصن ص
    111-114:
    ( وهكذا أهل
    الزيارات البدعية ، منهم من يطلب من المزور دعاءه وسؤاله لربه ، واستغفاره
    واستنصاره ،ودعاءه له بالرزق ، وشفاعته ، ونحو ذلك ، وهذا وإن كان قد ذكر
    بعضه طائفة من العلماء ، وجعلوا قوله: {ولو أنهم ظلموا أنفسهم جاؤوك
    فاستغفروا الله واستغفروا لهمُ الرسولُ لوجدوا الله تواباً رحيماً} يتناول
    من يأتيه بعد الموت ، فيطلب منه الاستغفار له ، كما كان أصحابه يطلبون منه
    الاستغفار في حياته ، وذكروا في ذلك حكاية لبعض الأعراب ، ومناماً رآه
    العتبي ، وقيل:بل رآه محمد بن حرب الهلالي ، وهم مختلفون في الشعر المذكور
    فيها ، فجمهور الأئمة لم يستحبوا ذلك ، وإنما ذكره بعض أصحابهم ، ولم يكن
    الصحابة يفعلون مثل هذا ، ولا هو أيضاً معروف عن التابعين ، ومعلوم أن كل
    واحد من المسلمين يطلب من مغفرة الله ، وهو مأمور بالاستغفار ، فإنه لا
    يغفر الذنوب إلا الله ، قال تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا
    أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا
    على ما فعلوا وهم يعلمون}

    وفي
    حديث الاستفتاح الذي في الصحيح عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه
    وسلم: ((اللهم أنت ربي وأنا عبدك ، ظلمت نفسي ، واعترفت بذنبي ، فاغفر لي ،
    فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، واهدني لأحسن الأخلاق ، فإنه لا يهدي
    لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها ، فإنه لا يصرف عني سيئها إلا أنت))
    رواه مسلم .

    وفي حديث
    ركوب الدابة الذي رواه أهل السنن عن علي بن أبي طالب أيضاً ، عن النبي صلى
    الله عليه وسلم أنه كان إذا أُتي بدابة ليركبها إذا وضع رجله في الركاب
    قال: ((بسم الله)) ثم إذا استوى على ظهرها قال: ((الحمد لله)) ثلاثاً.ثم
    قال {سبحان الذي سخر لنا هذا وما ما كنا له مقرنين ، وإنَّا إلى ربنا
    لمنقلبون} ثم يكبر ثلاثاً ، ويحمد ثلاثاً ، ثم يقول: (( لا إله إلا أنت))
    ثم يضحك ويقول: ((ألا تسألوني مم ضحكت؟ إن الرب ليعجب إذا قال عبده اغفر لي
    ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، يقول: علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب إلا
    أنا)) رواه أبو داود والترمذي والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه
    الذهبي.

    وكان أصحابه
    في حياته يأتيه أحدهم فيطلب منه أن يستغفر له كثيراً ، وقد قال تعالى في
    المنافقين: {وإذا قيلَ لهم تَعَالَوْا يستغفرْ لكم رسول الله لَوَّوْا
    رؤوسهم ورأيتهم يصدُّون وهم مستكبرون ، سواء عليهم أستغفرتَ لهم أم لم
    تستغفرْ لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين} .

    وقد قال تعالى في حق غير المنافقين: {فاعف عنهم واستغفرْ لهم وشاورهم في الأمر} .

    وقال
    تعالى: {واستغفرْ لذنبكَ وللمؤمنينَ والمؤمنات} ، وقال: {ولو أنهم إذْ
    ظلموا أنفسَهُم جاؤوك فاستغفروا اللهَ واستغفر لهم الرسولُ لوجدوا الله
    تواباً رحيماً} .

    والمؤمنون
    شرع لهم أن يستغفر بعضهم لبعض ، وكان الصحابة أيضاً يستغفرون للرسول ، ففي
    الحديث الصحيح أن الأنصـار قالوا: يغفر الله لرسول الله ، يعطى صناديد نجد
    ويدعنا.[رواه بنحوه البخاري في كتاب المغازي] .
    وفي
    الحديث الآخر ، أن عبدالله سرجس قال غفر الله لك يا رسول الله .فقال النبي
    صلى الله عليه وسلم: ((ولك)) فقالوا:استغفر لك رسول الله صلى الله عليه
    وسلم. فقال: ((ولكم)) ثم قرأ قوله تعالى: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين
    والمؤمنات}

    فلما مات
    لم يكن أصحابه يأتون قبره فيقولون:استغفر لنا. كما كانوا يأتونه في حياته ،
    وكذلك لما أجدبوا لم يأتوا إلى قبره فقالوا ادع الله لنا. كما كانوا في
    حياته إذا أجدبوا أتوا إليه فقالوا:ادع الله لنا ؛ بل كانوا هم يدعون الله ،
    ويستسقون تارة بالعباس ، وتارة بيزيد بن الأسود الجرشي ، فيقولون له: ادع
    لنا،ويقولون: اللهم إنا نتوسل إليك به ، أي بدعائه وشفاعته ، وكثيراً من
    الأوقات لا يستسقون الله بأحد ؛ بل يدعون الله تعالى.

    وكذلك
    الاستنصار ، كانوا في حياته يقولون: يا رسول الله ، ألا تدعوا لنا ، ألا
    تستنصر لنا؟ وأما بعد وفاته فلم يكونوا يفعلون ذلك ؛ بل كانوا هم يدعون
    الله تعالى ، ويستنصرونه ، يعتدّون به ، وكان عمر لما غزا النصارى يقنت
    عليهم في الصلاة ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت على الكفار ،
    وكان عمر يدعو بدعاء يناسب ذلك فيقول: اللهم عذب كفرة أهل الكتاب ، الذين
    يصدون عن سبيلك ، ويبدلون دينك ، ويكذبون رسلك .[رواه أحمد مرفوعاً]
    ونحو
    ذلك ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت يدعو للمؤمنين ، ويلعن
    الكفار ، ويدعو بدعاء يناسب ذلك مثل قوله: ((اللهم أنج الوليد بن الوليد ،
    وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين)) رواه
    البخاري،ومسلم واللفظ لمسلم.

    وكذلك
    لما استسقى عمر بالعباس قال:اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقنا ،
    وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، فيسقون.رواه البخاري في صحيحه.

    وكان
    توسلهم في حياته توسلاً بدعائه ، وشفاعته ، واستسقائه لهم ، فلما مات لم
    يطلبوا ذلك منه بعد موته ، ولا قالوا: ادع لنا ؛ بل توسلوا بدعاء العباس) .

    ووقفتنا القادمة في الإتمام للكلام المحتوي، لضعف بقية روايات الأعرابي، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    كتبه:
    أبو عمر الدوسري(المنهج) - شبكة الدفاع عن السنة



    بسم الله الرحمن الرحيم


    ردود العلماء على قصة العتبي, والأبيات الشركية التي ذكرها عائض القرني, بلا تحقيق منه ولا تأني..


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. أما بعد:

    فقد
    قال عائض القرني في كتابه المسك والعنبر في خطب المنبر الجزء الثاني, 23,
    ط. مكتبة الصحابة 1421هـ, في خطبة بعنوان: ضوابط محبة الرسول صلى الله عليه
    وسلم (!!) :


    يا من تضوَّع طيب القاع أعظمه ** فطاب من طيب ذاك القاعُ والأكمُ
    نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ** فيه العفاف وفيه الجودُ والكرمُ


    وهذان البيتان هما بيتان شركيان, وهما عمدة عند الصوفية - كما سيأتي بيانه إن شاء الله-.

    ولو لم يكن من هذين البيتين إلا نسبة الجود والكرم إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لكفى به شركاً أكبر - والعياذ بالله -.

    وقد
    أعاد هذين البيتين في كتيب بعنوان: هذا الرسول يا محب (!!), وعلى غلاف هذا
    الكتيب رُسِمت القبة الخضراء الصوفية التي بنيت على قبره صلى الله عليه
    وسلم (!!).

    أعادهما في صفحة 25 من هذا الكتيب.

    وقد طبَّق ما
    وضعه في كتاب الخطب تطبيقاً عملياً عندما ألقى هذين البيتين في خطبة له في
    جنوب المملكة, سُجلت على شريط له بعنوان: احذروا الاختلاط. توزيع المكتب
    التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالصناعية القديمة بالرياض!!.
    وقد ذكر البيتين في الوجه الثاني من الشريط.

    ثم فوجئتُ - كما فوجئ غيري - بايراده لهذين البيتين في الطبعة الجديدة "الفاخرة!!" من المسك والعنبر ص363, ط. مكتبة العبيكان 1424هـ.

    وهو الذي يدَّعي أنه تراجع عن "شطحات!!" الماضي, وأنه تاب من صوفياته وشركياته التي كتبها أيام "الصبا" !!.

    ثم بعد ذلك يقول: مدحت الرسول فلامني "الأوباش"!!

    وهذان
    البيتان اللذان تفوح منهما رائحة الغلو الصوفي النتن, هما نتاج قصة منكرة
    هي عمدة عند الصوفية والروافض، لأنها تجيز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه
    وسلم، وطلب الشفاعة منه بعد وفاته. وقد ذكرها ابن كثير رحمه الله - مع
    الأسف - في تفسيره (1/521) ط. دار الفكر, والبيهقي رحمه الله في شعب
    الإيمان (3/496) ط. دار الكتب العلمية, والسيوطي رحمه الله في الدر المنثور
    (1/570-571) ط. دار الفكر, وغيرهم.

    روايةً عن العتبي أنه قال: كنت
    جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا
    رسول الله, سمعت الله يقول: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا
    الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً) وقد جئتك مستغفراً
    لذنبي, مستشفعاً بك إلى ربي, ثم أنشأ يقول:


    يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ** فطاب من طيبهن القاع والأكم
    نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ** فيه العفاف وفيه الجود والكرم


    ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال يا عتبي الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له.

    وقد
    ردَّ أئمة السنة على هذه القصة المنكرة, وبينوا بطلانها ونكارتها,
    ومخالفتها لما عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدم الدعاء عند
    قبره صلى الله عليه وسلم, فضلاً عن دعاءه.


    ومنهم:


    1- شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
    2- العلامة ابن عبد الهادي رحمه الله.
    3- الشيخ الإمام عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله.
    4- الشيخ العلامة عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن رحمه الله.
    5- فضيلة الشيخ العلامة: عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين رحمه الله.
    6- العلامة المحدِّث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله.
    7- فضيلة الشيخ العلامة: ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله.]



    --------------------------------------------------------------------------------

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ج1/ص393-397 ط. مطبعة السنة المحمدية:

    (ولم
    يكن أحد من السلف يأتي قبر نبي أو غير نبي لأجل الدعاء عنده, ولا كان
    الصحابة يقصدون الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم, ولا عند قبر غيره
    من الأنبياء, وإنما كانوا يصلون ويسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم
    وعلى صاحبيه, واتفق الأئمة على أنه إذا دعا بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم
    لا يستقبل قبره, وتنازعوا عند السلام عليه, فقال مالك وأحمد وغيرهما
    يستقبل قبره ويسلم عليه, وهو الذي ذكره أصحاب الشافعي, وأظنه منصوصا عنه,
    وقال أبو حنيفة بل يستقبل القبلة ويسلم عليه, وهكذا في كتاب أصحابه, وقال
    مالك فيما ذكره إسماعيل بن إسحاق في المبسوط والقاضي عياض وغيرهما لا أرى
    أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو ولكن يسلم ويمضي, وقال أيضا
    في المبسوط لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج أن يقف عند قبر النبي صلى الله
    عليه وسلم فيصلي عليه ويدعو لأبي بكر وعمر, فقيل له: فإن ناسا من أهل
    المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه إلا يفعلون ذلك في اليوم مرة وأكثر
    عند القبر فيسلمون ويدعون ساعة, فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه
    ببلدنا ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها, ولم يبلغني عن أول هذه
    الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك, ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده.
    وقد تقدم في ذلك من الآثار عن السلف والأئمة ما يوافق هذا ويؤيده من أنهم
    كانوا إنما يستحبون عند قبره ما هو من جنس الدعاء والتحية كالصلاة والسلام,
    ويكرهون قصده للدعاء والوقوف عنده للدعاء, ومن يرخص منهم في شيء من ذلك
    فإنه يرخص فيما إذا سلم عليه ثم أراد الدعاء أن يدعو مستقبل القبلة إما
    مستدبر القبر أو منحرفا عنه وهو أن يستقبل القبلة ويدعو ولا يدعو مستقبل
    القبر, وهكذا المنقول عن سائر الأئمة ليس في ائمة المسلمين من استحب للمار
    أن يستقبل قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو عنده, وهذا الذي ذكرناه عن
    مالك والسلف يبين حقيقة الحكاية المأثورة عنه وهي الحكاية التي ذكرها
    القاضي عياض عن محمد بن حميد قال: ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكاً في
    مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع
    صوتك في هذا المسجد فإن الله تعالى أدب قوما فقال (لا ترفعوا أصواتكم فوق
    صوت النبي) الآية ومدح قوما فقال (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله)
    وذم قوما فقال (إن الذن ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون) الآية
    وإن حرمته ميتا كحرمته حيا فاستكان لها أبو جعفر وقال: يا أبا عبد الله
    أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ولِمَ
    تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى يوم القيامة, بل استقبله
    واستشفع به فيشفعه الله فيك, قال الله تعالى (ولو أنهم ظلموا أنفسهم جاءوك
    فاستغفروا الله) الآية فهذه الحكاية على هذا الوجه إما أن تكون ضعيفة أو
    مغيرة, وإما أن تفسَّر بما يوافق مذهبه, إذ قد يُفهم منها ما هو خلاف مذهبه
    المعروف, بنقل الثقات من أصحابه, فانه لا يختلف مذهبه أنه لا يستقبل القبر
    عند الدعاء, وقد نص على أنه لا يقف عند الدعاء مطلقا, وذكر طائفة من
    أصحابه أنه يدنو من القبر ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو
    مستقبل القبلة ويوليه ظهره, وقيل لا يوليه ظهره فاتفقوا في استقبال القبلة,
    وتنازعوا في تولية القبر ظهره وقت الدعاء, ويشبه والله أعلم أن يكون مالك
    رحمه الله سئل عن استقبال القبر عند السلام, وهو يسمي ذلك دعاء, فإنه قد
    كان من فقهاء العراق من يرى أنه عند السلام عليه يستقبل القبلة أيضا, ومالك
    يرى استقبال القبر في هذه الحال, كما تقدم وكما قال في رواية ابن وهب عنه,
    إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة,
    ويدنو ويسلم ويدعو, ولا يمس القبر بيده, وقد تقدم قوله إنه يصلي عليه
    ويدعو له, ومعلوم أن الصلاة عليه والدعاء له يوجب شفاعته للعبد يوم
    القيامة, كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (إذا سمعتم المؤذن
    فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا ثم
    سلوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله
    وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي يوم
    القيامة) فقول مالك في هذه الحكاية ان كان ثابتا عنه معناه أنك إذا
    استقبلته وصليت عليه وسلمت عليه وسألت الله له الوسيلة يشفع فيك يوم
    القيامة, فإن الأمم يوم القيامة يتوسلون إلى الله بشفاعته, واستشفاع العبد
    به في الدنيا هو بطاعته وفعل ما يشفع له به يوم القيامة, كسؤال الله له
    الوسيلة ونحو ذلك, وكذلك ما نقل عنه من رواية ابن وهب إذا سلم على النبي
    صلى الله عليه وسلم ودعا يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة ويدعو ويسلم
    يعني دعاءه للنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه, فهذا الدعاء المشروع هناك
    كالدعاء عند زيارة قبور سائر المؤمنين وهو الدعاء لهم فإنه أحق الناس أن
    يصلي عليه ويسلم ويدعي له بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم, وبهذا تتفق
    أقوال مالك ويفرق بين الدعاء الذي أحبه والدعاء الذي كرهه, وذكر أنه بدعة.

    وأما
    الحكاية في تلاوة مالك هذه الآية (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم..) الآية فهي
    والله أعلم باطلة, فإن هذا لم يذكره أحد من الأئمة فيما أعلمه ولم يذكر أحد
    منهم أنه استحب أن يُسأل النبي صلى الله عليه وسلم بعد الموت, لا استغفارا
    ولا غيره, وكلام مالك المنصوص عنه وعن أمثاله ينافي هذا, وإنما يُعرف مثل
    هذا في حكاية ذكرها طائفة من متأخري الفقهاء عن أعرابي أنه أتى قبر النبي
    صلى الله عليه وآله وسلم وتلا هذه الآية وأنشد بيتين:


    يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ** فطاب من طيبهن القاع والأكم
    نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ** فيه العفاف وفيه الجود والكرم


    ولهذا
    استحب طائفة من متأخري الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد مثل ذلك, واحتجوا
    بهذه الحكاية التي لا يثبت بها حكم شرعي, لا سيما في مثل هذا الأمر الذي لو
    كان مشروعا مندوبا لكان الصحابة والتابعون أعلم به وأعمل به من غيرهم, بل
    قضاء حاجة مثل هذا الأعرابي وأمثاله لها أسباب قد بسطت في غير هذا الموضع,
    وليس كل من قضيت حاجته لسبب يقتضي أن يكون السبب مشروعا مأمورا به, فقد كان
    صلى الله عليه وسلم يُسأل في حياته المسألة فيعطيها لا يرد سائلا, وتكون
    المسألة محرمة في حق السائل, حتى قال (إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها
    يتأبطها نارا) قالوا يا رسول الله: فلم تعطيهم؟ قال (يأبون إلا أن يسألوني,
    ويأبى الله لي البخل) وقد يعمل الرجل العمل الذي يعتقده صالحا ولا يكون
    عالما أنه منهي عنه فيثاب على حسن قصده ويعفى عنه لعدم علمه, وهذا باب
    واسع, وعاما العبادات المبتدعة المنهي عنها قد يفعلها بعض الناس ويحصل له
    بها نوع من الفائدة, وذلك لا يدل على أنها مشروعة, بل لو لم تكن مفسدتها
    أغلب من مصلحتها لما نهى عنها...).

    وقال رحمه الله في كتابه قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ط. مكتبة الفرقان, ص160-162:

    (وأيضاً
    فإن طلب شفاعته ودعائه واستغفاره بعد موته وعند قبره ليس مشروعاً عند أحد
    من أئمة المسلمين، ولا ذكر هذا أحد من الأئمة الأربعة وأصحابهم القدماء،
    وإنما ذكر هذا بعض المتأخرين: ذكروا حكاية عن العتبي أنه رأى أعرابيا أتى
    قبره وقرأ هذه الآية، وأنه رأى في المنام أن الله غفر له.
    وهذا لم يذكره
    أحد من المجتهدين من أهل المذاهب المتبوعين، الذين يفتي الناس بأقوالهم،
    ومن ذكرها لم يذكر عليها دليلاً شرعياً....) الخ كلامه رحمه الله.


    --------------------------------------------------------------------------------

    قال العلامة محمد بن عبد الهادي رحمه الله في كتابه العظيم "الصارم المنكي في الرد على السبكي" ص 212 ط. الإمام بمصر:

    (وهذه
    الحكاية التي ذكرها - يعني السبكي - بعضهم يرويها عن العتبي بلا إسناد،
    وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب الهلالي، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب بلا
    إسناد، عن أبي الحسن الزعفراني عن الأعرابي.
    وقد ذكرها البيهقي في كتاب
    "شعب الإيمان" بإسناد مظلم عن محمد بن روح بن يزيد البصري حدثني أبو حرب
    الهلالي، قال: حج أعرابي، فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه
    وسلم أناخ راحلته فعقلها، ثم دخل المسجد حتى أتى القبر، ثم ذكر نحو ما
    تقدم. وقد وضع لها بعض الكذابين إسناداً إلى علي بن أبي طالب - رضي الله
    عنه -.
    وفي الجملة؛ ليست الحكاية المذكورة عن الأعرابي مما تقوم به
    الحجة، وإسنادها مظلم، ولفظها مختلف "أيضاً"، ولو كانت ثابتة لم يكن فيها
    حجة على مطلوب المعترض، ولا يصلح الاحتجاج بمثل هذه الحكاية، ولا الاعتماد
    على مثلها عند أهل العلم، وبالله التوفيق).





    العالم الرباني, والمجدد الثاني الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله


    ونقل
    العالم الرباني, والمجدد الثاني الشيخ عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن
    عبدالوهاب رحمه الله كلام شيخ الإسلام المتقدم مع شيء من التصرف, فقال في
    كتابه القول الفصل النفيس في الرد على المفتري داود بن جرجيس. ص120-122 ط.
    دار الهداية.

    (وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء أيضاً:

    ولم
    يكن أحد من السلف يأتي قبر نبي ولا غير نبي لأجل الدعاء به, ولا كان
    الصحابة يقصدون الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند قبر غيره
    من الأنبياء وإنما كانوا يصلون عليهم ويسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم
    وعلى صاحبيه. فاتفق الأئمة على أنه إذا دعا في مسجد النبي صلى الله عليه
    وسلم أنه لا يستقبل قبره, وتنازعوا عند السلام عليه. فقال مالك وأحمد
    وغيرهما: يستقبل قبره ويسلم عليه. وهو الذي ذكره أصحاب الشافعي. وقال مالك
    فيما ذكره إسماعيل بن إسحاق في المبسوط والقاضي عياض وغيرهما: لا أرى أن
    يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم, ولكن يسلم ويمضي. وقال في المبسوط:
    لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج أن يقف على النبي صلى الله عليه وسلم, ويدعو
    له ولأبي بكر وعمر, فقيل له: إن ناسا من أهل المدينة يفعلون ذلك في اليوم
    مرة أو أكثر فيسلمون ويدعون ساعة فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه
    ببلدنا, ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك, ويكره
    إلا لمن جاء من سفر أو أراده.

    قال:
    وقد تقدم من الآثار عن السلف ما يوافق هذا ويؤيده من أنهم إنما كانوا
    يستحبون عند قبره صلى الله عليه وسلم ما هو من جنس الدعاء له كالصلاة
    والسلام ويكرهون قصده للدعاء والوقوف عنده, وليس في أئمة المسلمين من استحب
    للمرء أن يستقبل قبره ويدعو.

    وهذا الذي ذكرناه عن مالك والسلف يبين
    ضعف ما ينقله المحرفون عن مالك وغيره, مما يخالف ذلك مما هو خلاف مذهبه
    المعروف بنقل الثقات من أصحابه. وهو نص على أنه لا يقف عند قبره للدعاء
    مطلقاً. ولم يذكر أحد من الأئمة أن أحداً منهم استحب أن يسأل أحداً بعد
    الموت, وإنما يعرف ذلك في حكاية ذكرها طائفة من متأخري الفقهاء عن أعرابي
    أنه أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال:


    يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ** فطاب من طيبهن القاع والأكم
    نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ** فيه العفاف وفيه الجود والكرم


    فاحتجوا
    بهذه الحكاية التي لا ينبغي أن يثبت بها حكم شرعي, لا سيما في مثل هذا
    الأمر الذي لو كان مشروعاً لكان الصحابة والتابعون أعلم به وأعمل له...).




    فرسان السنه

    [/center]
    ahmade
    ahmade
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 27/11/2011

    الجنسية : alg

    عدد المشاركات : 2394

    مكسب العضو : 14803

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 0

     الشهاب السني في إثبات ضعف حديث العتبي : أو إتمام الكلام على حديث الأعرابي Empty رد: الشهاب السني في إثبات ضعف حديث العتبي : أو إتمام الكلام على حديث الأعرابي

    مُساهمة من طرف ahmade 11/12/2011, 12:05

    موضوع في القمة

      الوقت/التاريخ الآن هو 22/9/2024, 02:45