بسم الله الرحمان الرحيم
[/center]
الحمد
لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى لاسيما عبده المصطفى وعلى آله
المستكملين الشرفا. أما بعد:
فإن الأمم تسعى وتتسابق نحو التقدم والازدهار والتحضر لقيادة العالم والسيطرة
عليه فكريا وماديا.
ولكل أمة عقيدة أو فكرة أو نهج تعتقد أنه هو الموصل للرفعة والتقدم والحياة
السعيدة وبالتالي الحضارة.
ولا يتحدث عالم أو مفكر عن مفهوم الحضارة (اصطلاحا وليس لغويا ) إلا ويشير
لوجوب وجود عقيدة أو فكرة فجلهم يقول: " إنه لا توجد حضارة إلا وللدين أثر
فيها ".
فمالك بن نبي رحمه الله يعتقد أن الحضارة "هي مجموع الشروط الأخلاقية
والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقدم لكل فرد من أفراده – في كل طور من
أطواره – وجوده منذ الطفولة إلى الشيخوخة المساعدة الضرورية" (آفاق جزائرية
ص:49 ).
أما العوامل التي تشكل الحضارة، فقد صاغها على شكل المعادلة التالية:
ناتج حضاري = إنسان + تراب + وقت.
لكن هذه المعادلة عنده لابد لها من مفاعل حتى يخرج الناتج حضاريا أي أنه لا
يتحد هذا المزيج إلا بوجود العامل الديني.
فالعمران والتقدم العلمي يأتي عن عقيدة، ألا ترى أن المجتمع الغربي قبل نهضته
المادية كانت الكنيسة تشن حربا على من تجرأ على الإتيان بنظرية أو اكتشاف
جديد فعذب الكثير من العلماء من جراء ذلك.
والمجتمع الشيوعي الذي شيد تقدمه المادي على التقتيل والتشريد والتدمير
والتجويع كان عن فكرة وعقيدة "لا إله والحياة مادة" و"الدين أفيون الشعوب" و
"الصراع يولد التطور أو مبدأ الجدلية الديالكتيكية" .
وعلى عكس المجتمع الأوربي الصليبي والمجتمع الشيوعي المادي نجد المجتمع
الإسلامي قد تقدم كثيرا في العلوم الدنيوية فبنى وشيد وعمر وتوسع في أرض الله
لأن أساس تقدمه المادي هو الدين الإسلامي.
من هنا يظهر لنا الفرق الشاسع بين دين سماوي محرف ودين بشري أرضي قاصر والدين
الإسلامي السماوي الرباني المصدر(وفي الحقيقة من الغباء عقد مقارنة بين الدين
الإسلامي وبين أي فكرة أو إيديولوجية سواء أرضية أو سماوية محرفة لأنك تحاول
أن تقارن بين الخالق والمخلوق وهذا حمق جلي).
ولكن يبقى الإشكال هو: هل تستطيع كل عقيدة أو فكرة أن تصل بالأمة للحضارة ؟
أولا من الخطورة والنقص وضع الإسلام موضع مساواة مع أي فكرة دينية أواعتباره
شعلة أخلاقية تصلح لتركيب المعادلة (إنسان + تراب + وقت). لأن الإسلام دين
شامل وليس مبدأ أخلاقيا فحسب، وقاعدته الأساسية هي التوحيد الذي ينبني عليه
الأخلاق والآداب والتشريعات.
لذلك فالحضارة التي تصل إليها الدولة الإسلامية (إن تمسكت بدينها والعبرة
بسلفنا و حضارتهم) حقيقية، وغيرها مزيفة وذلك ظاهر أبلج لا يخفى على فطين.
لأن:
-
المجتمع الإسلامي = تطبيق الإسلام ( عقيدة – عبادة – شريعة – نظام – خلق –
سلوك).
- المجتمع
الجاهلي = عدم تطبيق الإسلام ( لا تحكمه عقيدته وقيمه وموازينه ونظامه
وشرائعه وخلقه وسلوكه).
لذلك :
-
فالمجتمع الإسلامي = مجتمع متحضر ( يهيمن عليه إله واحد)
-
والمجتمع الجاهلي = مجتمع متخلف ( تهيمن عليه المادة )
فنخلص إلى أن الإسلام هو الوحيد الذي ينتج حضارة متكاملة حقيقية.
ومادمنا نؤمن أن هناك دين صحيح هو الإسلام وديانات باطلة واتفقنا مع من يقول
" إنه لا توجد حضارة إلا وللدين أثر فيها " فإننا نصل إلى أنه:
" لا توجد حضارة حقيقية إلا وللدين الإسلامي أثر فيها، ولا توجد حضارة مزيفة
إلا وللديانات المحرفة والباطلة أثر فيها".
( دين محرف (– )
)
x (إنسان + تراب + وقت (+)
) = حضارة مزيفة (– )
(دين صحيح (+)
)
x
(إنسان + تراب + وقت (+)
) = حضارة حقيقية
(+)
ولا ينبهر أحد لما قد تصل إليه الدول الكافرة من تقدم وتطور وعمران فإن من
وراء ذلك قوانين وضعية مليئة عن آخرها بالثغرات والنقص والضعف تربي في
المجتمع رادعا خارجيا حيث تكثر الجرائم والاعتداءات بشتى أنواعها- حين تغيب
السلطة-
ناهيك عن تفشي الإباحية وانسلاخ الرجل والمرأة عن فطرتهما،فهل هذه حضارة؟
فالدولة التي تحكم القوانين البشرية فهي مهددة بالسقوط في أية لحظة وإن
تمسكوا بقوانينهم وعظوا عليها بالنواجد.
عكس الدولة الإسلامية فمادمت متشبثة بدينها وعقيدتها فستظل الحضارة متشبثة
بها.
وأخيرا أقول:
[center]
إن الدين الذي يقود إلى الجنة في الآخرة هو نفسه الذي يقود إلى الحضارة في
الدنيا
والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين