الحمد لله وبعد
هذا
الملخص كتبه وأعطاني إياه أحد إخواني المصريين الذين كانت تجمعني معه بعض
المجالس العلمية فرأيت أن أنشره ليعم نفعه ويكتب لي ولأخي الأجر إن شاء
الله تعالى
والكتاب في الأصل محاضرة ألقاها الشيخ صالح آل الشيخ وفقه الله تعالى وحفظه
قال المختصروفقه الله
(( بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله والصلاة والسلام على محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وبعد، فهذا ملخص
لمحاضرة "الضوابط الشرعية لموقف المسلم من الفتن" للشيخ صالح آل الشيخ حفظه
الله تعالى.
بداية نقول أن
الضوابط والقواعد لابد أن ترعى، فإن الضوابط بها يعصم المرء نفسه من الوقوع
في الغلط، فالضوابط الشرعية والقواعد المرعية إذا أخذنا بها ولزمناها،
فإنه عند ذلك سيحصل لنا من الخيرات ما لن نندم بعده أبداً بإذن الله.
الضابط في المسألة: هو ما به نعرف ما تحكم به مسائل الباب الواحد، وترجع إليه مسائل الباب الواحد.
وأما القاعدة: فهي أمر كلي ترجع إليه المسائل في أبواب مختلفة، وهناك فوائد ناجمة عن الأخذ بهذه الضوابط القواعد، منها:
أن رعاية الضوابط ورعاية القواعد تعصم تصور المسلم من أن يقع تصوره فيما لا يقره الشرع، كما أنها تعصمه من الخطأ وتسلمه من الإثم.
وهذا
الضابط أو القاعدة إما منصوص عليها في الأدلة الشرعية، أو أخذها أهل السنة
والجماعة بما دلت عليه الأدلة، أو يكون مأخذها من السنة العملية التي عمل
بها الصحابة والسلف عند ظهور الفتن في زمانهم.
أول تلك الضوابط والقواعد: أنه إذا ظهرت الفتن وتغيرت الأحوال فعليك بالتأني والرفق والحلم، ولا تعجل.
يدل
عليه حديث: ((ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه))،
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: ((إن فيك لخصلتين يحبهما
الله ورسوله، الحلم والأناة))، وفي صحيح مسلم أن المستورد القرشي قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تقوم الساعة والروم أكثر الناس))
-وكان عنده عمرو بن العاص- قال عمرو: لأن فيهم خصالاً أربعاً ومنها أنهم
أحلم الناس عند الفتنة، يعني إذا ظهر تغير الحال وظهرت الفتن، فإنهم يحلمون
ولا يعجلون ولا يغضبون ليقوا أصحابهم النصارى القتل ويقوهم الفتن، لأنهم
يعلمون أسرار الفتنة إذا ظهرت، فإنها ستأتي عليهم، فلأجل تلك الخصلة فيهم
بقوا أكثر الناس إلى قيام الساعة.
ثانيها:
أنه إذا برزت الفتن وتغيرت الأحوال فلا تحكم على شيء من تلك الفتن أو من
تغير الحال إلا بعد تصوره، قال الله تعالى: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم﴾
يعني إياك أن تتكلم فيه، وأبلغ منه أن تكون فيه قائداً أو أن تكون فيه
مُتَّبَعاً، أو أن تكون فيه حَكَماً.
ثالثها:
أن يلزم المسلم الإنصاف والعدل في أمره كله، يقول الله جل وعلا: ﴿ولا
يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾.
رابعها:
ما دل عليه قول الله تعالى: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا﴾ وبين
النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية فقال: ((عليكم بالجماعة وإياكم
والفرقة))، وكان عثمان يتم الصلاة بمنى أربع ركعات والسنة أن يصلي المصلي
في منى ركعتين قصراً لكل رباعية، فرأى عثمان أن يصلي أربع ركعات لتأويل
شرعي تأوله، مع ذلك كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول سنة المصطفى أن يصل في
منى ركعتين لا غير لكل صلاة رباعية، وكان يصلي خلفه، فقال له رجل في هذا
فقال: يا هذا الخلاف شر الخلاف شر.
خامسها:
أن الرايات التي ترفع في الفتن، سواء رايات الدول أو رايات الدعاة لابد
للمسلم أن يزنها بالميزان الشرعي الصحيح، قال تعالى: ﴿ونضع الموازين القسط
ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً﴾ فأهل السنة والجماعة لهم موازين قسط
يزنون بها الأمور، ويزنون بها الأفكار ويزنون بها الأحوال، ويزنون بها
الرايات المختلفة عند اختلاف الأحوال.
ومما
يترتب على تلك الموازين كما قرر أهل السنة والجماعة أن الجهاد ماض مع كل
إمام أو سلطان بر أو فاجر إلى يوم القيامة، لا يجوز لأحد أن يتخلف عن رايات
الجهاد لأجل أن السلطان عنده مخالفات شرعية في أي وقت، ومن تلك الحقوق
الدعاء لمن ولاه الله جل وعلا الأمر.
سادسها:
أن للقول والعمل في الفتن ضوابط، فليس كل مقال يبدو لك حسناً تظهره، وليس
كل فعل يبدو لك حسناً تفعله، لأن الفتنة قولك فيها يترتب عليه أشياء، ولأن
الفتنة عملك فيها يترتب عليه أشياء، وقد قال أبو هريرة رضي الله عنه: (حفظت
من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين: أما أحدهما فبثثته، وأما الآخر
فلو بثثته لقطع هذا الحلقوم) رواه البخاري، المقصود أنه في الفتن ليس كل ما
يعلم يقال، ولا كل ما يقال يقال في كل الأحوال.
سابعها:
أن الله أمر بموالاة المؤمنين والعلماء خاصة، كما قال: ﴿بعضهم أولياء بعض﴾
لأن العلماء هم ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً
وإنما ورثوا العلم.
فمن الناس
وقع في العلماء وقال إنهم لا يفقهون الواقع، ووالله إنها لمقالة سوء تدل
على عدم فهم ما تبنى عليه الأحكام الشرعية وما يأخذ به العلماء.
الثامن:
ضابط التولي للكفار والموالاة للكفار، التولي هو نصرة الكافر على المسلم
وقت حرب المسلم والكافر، قاصداً ظهور الكفار على المسلمين، وهو كفر: ﴿ومن
يتولهم منكم فإنه منهم﴾، والموالاة: هي مودتهم ومحبتهم لدنياهم، وتقديمهم،
وهي فسق وليست كفراً: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء
تلقون إليهم بالمودة﴾ وذلك لأنه ألقى المودة وأسر لهم لأجل الدنيا لا شكاً
في الدين.
آخرها وهي من أهمها:
أن لا تطبق أيها المسلم أحاديث الفتن على الواقع الذي تعيش فيه حيث وقوعها،
بل لابد أن تنتهي الفتنة ثم يقول بعد ذلك أهل العلم أن هذه الفتنة هي
المقصودة في الحديث.)
هذا
الملخص كتبه وأعطاني إياه أحد إخواني المصريين الذين كانت تجمعني معه بعض
المجالس العلمية فرأيت أن أنشره ليعم نفعه ويكتب لي ولأخي الأجر إن شاء
الله تعالى
والكتاب في الأصل محاضرة ألقاها الشيخ صالح آل الشيخ وفقه الله تعالى وحفظه
قال المختصروفقه الله
(( بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله والصلاة والسلام على محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وبعد، فهذا ملخص
لمحاضرة "الضوابط الشرعية لموقف المسلم من الفتن" للشيخ صالح آل الشيخ حفظه
الله تعالى.
بداية نقول أن
الضوابط والقواعد لابد أن ترعى، فإن الضوابط بها يعصم المرء نفسه من الوقوع
في الغلط، فالضوابط الشرعية والقواعد المرعية إذا أخذنا بها ولزمناها،
فإنه عند ذلك سيحصل لنا من الخيرات ما لن نندم بعده أبداً بإذن الله.
الضابط في المسألة: هو ما به نعرف ما تحكم به مسائل الباب الواحد، وترجع إليه مسائل الباب الواحد.
وأما القاعدة: فهي أمر كلي ترجع إليه المسائل في أبواب مختلفة، وهناك فوائد ناجمة عن الأخذ بهذه الضوابط القواعد، منها:
أن رعاية الضوابط ورعاية القواعد تعصم تصور المسلم من أن يقع تصوره فيما لا يقره الشرع، كما أنها تعصمه من الخطأ وتسلمه من الإثم.
وهذا
الضابط أو القاعدة إما منصوص عليها في الأدلة الشرعية، أو أخذها أهل السنة
والجماعة بما دلت عليه الأدلة، أو يكون مأخذها من السنة العملية التي عمل
بها الصحابة والسلف عند ظهور الفتن في زمانهم.
أول تلك الضوابط والقواعد: أنه إذا ظهرت الفتن وتغيرت الأحوال فعليك بالتأني والرفق والحلم، ولا تعجل.
يدل
عليه حديث: ((ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه))،
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: ((إن فيك لخصلتين يحبهما
الله ورسوله، الحلم والأناة))، وفي صحيح مسلم أن المستورد القرشي قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تقوم الساعة والروم أكثر الناس))
-وكان عنده عمرو بن العاص- قال عمرو: لأن فيهم خصالاً أربعاً ومنها أنهم
أحلم الناس عند الفتنة، يعني إذا ظهر تغير الحال وظهرت الفتن، فإنهم يحلمون
ولا يعجلون ولا يغضبون ليقوا أصحابهم النصارى القتل ويقوهم الفتن، لأنهم
يعلمون أسرار الفتنة إذا ظهرت، فإنها ستأتي عليهم، فلأجل تلك الخصلة فيهم
بقوا أكثر الناس إلى قيام الساعة.
ثانيها:
أنه إذا برزت الفتن وتغيرت الأحوال فلا تحكم على شيء من تلك الفتن أو من
تغير الحال إلا بعد تصوره، قال الله تعالى: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم﴾
يعني إياك أن تتكلم فيه، وأبلغ منه أن تكون فيه قائداً أو أن تكون فيه
مُتَّبَعاً، أو أن تكون فيه حَكَماً.
ثالثها:
أن يلزم المسلم الإنصاف والعدل في أمره كله، يقول الله جل وعلا: ﴿ولا
يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾.
رابعها:
ما دل عليه قول الله تعالى: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا﴾ وبين
النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية فقال: ((عليكم بالجماعة وإياكم
والفرقة))، وكان عثمان يتم الصلاة بمنى أربع ركعات والسنة أن يصلي المصلي
في منى ركعتين قصراً لكل رباعية، فرأى عثمان أن يصلي أربع ركعات لتأويل
شرعي تأوله، مع ذلك كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول سنة المصطفى أن يصل في
منى ركعتين لا غير لكل صلاة رباعية، وكان يصلي خلفه، فقال له رجل في هذا
فقال: يا هذا الخلاف شر الخلاف شر.
خامسها:
أن الرايات التي ترفع في الفتن، سواء رايات الدول أو رايات الدعاة لابد
للمسلم أن يزنها بالميزان الشرعي الصحيح، قال تعالى: ﴿ونضع الموازين القسط
ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً﴾ فأهل السنة والجماعة لهم موازين قسط
يزنون بها الأمور، ويزنون بها الأفكار ويزنون بها الأحوال، ويزنون بها
الرايات المختلفة عند اختلاف الأحوال.
ومما
يترتب على تلك الموازين كما قرر أهل السنة والجماعة أن الجهاد ماض مع كل
إمام أو سلطان بر أو فاجر إلى يوم القيامة، لا يجوز لأحد أن يتخلف عن رايات
الجهاد لأجل أن السلطان عنده مخالفات شرعية في أي وقت، ومن تلك الحقوق
الدعاء لمن ولاه الله جل وعلا الأمر.
سادسها:
أن للقول والعمل في الفتن ضوابط، فليس كل مقال يبدو لك حسناً تظهره، وليس
كل فعل يبدو لك حسناً تفعله، لأن الفتنة قولك فيها يترتب عليه أشياء، ولأن
الفتنة عملك فيها يترتب عليه أشياء، وقد قال أبو هريرة رضي الله عنه: (حفظت
من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين: أما أحدهما فبثثته، وأما الآخر
فلو بثثته لقطع هذا الحلقوم) رواه البخاري، المقصود أنه في الفتن ليس كل ما
يعلم يقال، ولا كل ما يقال يقال في كل الأحوال.
سابعها:
أن الله أمر بموالاة المؤمنين والعلماء خاصة، كما قال: ﴿بعضهم أولياء بعض﴾
لأن العلماء هم ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً
وإنما ورثوا العلم.
فمن الناس
وقع في العلماء وقال إنهم لا يفقهون الواقع، ووالله إنها لمقالة سوء تدل
على عدم فهم ما تبنى عليه الأحكام الشرعية وما يأخذ به العلماء.
الثامن:
ضابط التولي للكفار والموالاة للكفار، التولي هو نصرة الكافر على المسلم
وقت حرب المسلم والكافر، قاصداً ظهور الكفار على المسلمين، وهو كفر: ﴿ومن
يتولهم منكم فإنه منهم﴾، والموالاة: هي مودتهم ومحبتهم لدنياهم، وتقديمهم،
وهي فسق وليست كفراً: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء
تلقون إليهم بالمودة﴾ وذلك لأنه ألقى المودة وأسر لهم لأجل الدنيا لا شكاً
في الدين.
آخرها وهي من أهمها:
أن لا تطبق أيها المسلم أحاديث الفتن على الواقع الذي تعيش فيه حيث وقوعها،
بل لابد أن تنتهي الفتنة ثم يقول بعد ذلك أهل العلم أن هذه الفتنة هي
المقصودة في الحديث.)