رسالة " حكم الاحتفال بالمولد النبوي "
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه
أجمعين. إلى عموم إخواننا المسلمين في كل مكان، السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته، وبعد:
فلتعلم أخي المسلم أن الله تعالى قد أكمل الدين وأتم الرسالة، كما قال سبحانه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا )، وأن الله قد ختم الشرائع ببعثة رسولنا محمد الذي لم يترك أمر خيرٍ إلا دلَّ الأمة عليه، ولا أمر شرٍ إلا حذرها منه وأمر بطاعته واتباع هديه فقال: (قُلْ
إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) , وقال تعالى : (وَأَنَّ
هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم
بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ), وقال : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ). [رواه البخاري, ومسلم] . وفي رواية لمسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
ولتعلم أن الله قد افترض علينا محبة نبيه فلا يقوم إيمان العبد حتى يحب رسول الله أكثر من نفسه وماله وولده والناس أجمعين، فعن أنس قال: قال رسول الله : (فوالذي نفسي بيده لايؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين) رواه البخاري ، ومن لوازم محبته طاعته واتباع هديه وعدم الخروج على شرعه بأي وجه كان.
وقد بين العلماء قديماً وحديثاً أن الاحتفال بمناسبة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بدعة محدثة لم تكن من سنة الرسول
ولا من سنة خلفائه، ومن فعل شيئاً يتقرب به إلى الله تعالى لم
يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به، ولم يفعله خلفاؤه من
بعده، فقد تضمن فعلُه ذلك اتهامَ الرسول بأنه لم يبين للناس دينهم ،
وتضمن تكذيبَ قوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ).
وإذا كان البعض ينازع في بدعية المولد؛ فإن القاعدة الشرعية تقتضي رد
ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله محمد ، كما قال الله عز وجل: (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي
شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ
وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) وقال تعالى: ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) . وقد رددنا هذه المسألة إلى كتاب الله سبحانه، فوجدناه يأمرنا باتباع الرسول
فيما جاء به، ويحذرنا عما نهى عنه، ويخبرنا بأن الله سبحانه قد
أكمل لهذه الأمة دينها، وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا، وأمرنا باتباع الرسول فيه.
أخي المسلم: إن ذكرى الرسول تتجدد مع المسلم في كل أوقاته، ويرتبط بها كلما ذُكر اسمه في الأذان والإقامة والخطبة، وكلما ردد المسلم الشهادتين بعد الوضوء وفي الصلوات، وكلما صلى على النبي في صلواته وعند ذكره، وكلما عمل المسلم عملاً صالحاً واجباً أو مستحباً مما شرعه الرسول فإنه بذلك يتذكره.. وهكذا المسلم دائماً يحيي ذكرى الرسول
ويرتبط به في الليل والنهار طوال عمره بما شرعه الله ، لا في يوم
المولد فقط ، ولا بما هو بدعة ومخالفة لسنته ، فإن البدعة تبعدك أخي
المسلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
والرسول غني عن هذا الاحتفال البدعي بما شرعه الله له من تعظيمه وتوقيره كما في قوله تعالى : (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) ، فلا يذكر الله عز وجل في أذان ولا إقامة ولا خطبة إلا ويذكر بعده الرسول وكفى بذلك تعظيماً ومحبة وتجديداً لذكراه وحثاً على اتباعه.
اللهم اجعلنا من اتباع دينك ظاهراً وباطناً ، اللهم اجعل حبّك وحبّ
نبيك أحب إلينا من أنفسنا وأهلينا والناس أجمعين، اللهم ارزقنا
اتباع هدي رسولك الأمين واجعلنا من ورثة جنة النعيم ،،، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمدينة المنورة- 8/3/1424هـ