اثناء قراتى لروايه
نبيل فاروق ( المرأه مشكله صنعها الرجل ) شدنى العنوان ووجدت انها تحليل
منطفى للواقع فلنقرا جزء من دراسه دكتور نبيل فاروق و ياريت الكل يقول رأيه
منذ
بدء الخليقة ، أدركت المرأة أنها أقل قوة ـ بدنياً ـ من الرجل ، وبدا لها
أن الوسيلة الوحيدة للحصول على الأمان ، هو أن تضل في كنفه ، وتحتمي بظله (
الأفضل طبعاً من ظل الحائط ، كما تقول الأمثال الشعبية ) ؛ لذا فقد ارتبطت
به ، وأسلمته قيادها ، وقررت أن تتبعه في كل مكان يذهب إليه ، مطلقة شعار
آخر ..
إلي الأمان يا رجل ..
والأمان أولاً ..
وقبل كل شئ ..
وعندما
هبطت الأديان السماوية على البشر ، كانت كلها تستحث المرأة على طاعة الرجل
والخضوع له ، وتطالبها بأن تكون له أطوع من بنانـه ، كما تحتم عليه ـ في
المقابل ـ رعايتها والعناية بها وحسن معاشرتها ..
ولأن الانتماء والخضوع
للأقوى جزء من طبيعة المرأة ، على الرغم من روح التمرد والعناد ، التي تطل
برأسها كل حين وآخر ( وبذات عند قراءة هذه السطور ) فلم تكن أمامها مشكلة
كبيرة في تنفيذ الأمر ..
لقد خضعت له ، وأطاعت ، ولبت مطالب الرجل ومتطلباته ، فأعدت له طعامه ، ورتبت فراشه ، وغسلت ملابسه ، و . . ، و . .
ثم جلست تنتظر منه أن يقدم لها المقابل ..
الحنان ، والحب ، والرعاية ، والدفاع ..
ثم ـ وهو الأكثر أهمية ـ حسن المعاملة والمعاشرة ..
ولكن الرجل لم يؤد الأمانة ..
لقد استوعب من الرجولة ، ذلك الجزء الخاص بالقوة والسيطرة والتفوق فحسب .
ونسي ، أو تناسى ، كل الأمور الأخرى ..
لم يحاول أن يقدم لها الحب والحنان ..
أو يحسن حتى معاملتها ..
لقد اعتبرها جندياً في جيـش محـدود ، وهو قائـده الوحيد ، فراح يأمر وينهى ، ويعاقب ، ويشكو ، ويغضب ، ويثور ..
وعلى أتفه الأسباب ..
ثم
انه ـ وهذا هو الأسوأ ـ افترض انه صاحب كل ما يمكن أن يحصل عليه دخل ،
متناسياً أن الله ( سبحانه و تعالى ) يرسل لزوجته وأولاده رزقهم عن طريقـه ،
وأن رزقهم هذا يمكن أن يفوق رزقه المنفرد بمرات ومرات ، و راح يتحكم في
وسائل إنفاق هذا الدخل ، ويستخدمه كوسيلة للسيطرة على زوجته ، و إثبات قوته
و تفوقه أمامها و في مواجهتها ، إذا ما اقتضت الظروف ..
وهنا ، ومع كل العوامل السابقة ، فقدت المرأة ذلك الشعور بالأمان ، الذي كانت تسعى إليه ، عندما ارتبطت بالرجل ..
بل ، وعلى العكس تماماً لقد سيطر عليها شعور مخيف بعدم الأمان ، ما دامت واقعة تحت سيطرة الرجل ..
أي رجل ..
فخلال رحلة عمرها ، لم يحاول أي رجل منحها الشعور الحقيقي بالأمان ..
والدها
عاملها دائماً بصرامة ، حتى لا تشب عن الطوق ، و تخرج عن طاعته ، وتنحرف
أخلاقياً و جسدياً ، ( و لست أدري لماذا يقتصر هذا الحذر على البنات ، و
ليس على الأولاد ؟! )
وشقيقها أفرز أولى احساساته بالرجولة ، في بدايات فترة المراهقة ، على شكل سيل من التعليمات والانتقادات والأوامر إليها ..
ثم أتى زوجها ليجهز على ما تبقى منها ، بتعنتات اجتماعية ، ومادية ، وأسرية ..
ولسنوات طويلة ..
طويلة للغاية ..
اضطرت المرأة للخضوع إلى هذا التعنت ، واستسلمت لمصيرها المظلم ، باعتبار أن هذا قدرها ، وأنه ليس بيدها تغييره ..
أو حتى الاعتراض عليه ..
ومع
خضوعها واستسلامها المستمر ، تمادى الرجل في غيه ، واختلت عنده موازين
الرجولة ، فتصور أنها الفوز بأفضل وأحسن الامتيازات ، والتفوق على المرأة
في كل المجالات ، والسيطرة عليها في كل الاتجاهات ..
وراح الرجل يخرج
للعمل وحده ( باستثناء البيئات الريفية و الزراعية ) فيكد ويكدح ، ثم يعود
إلى منزله في آخر اليوم ،منهكاً ، متذمراً ، صارماً ، قاسياً ، يطالب
المرأة بأن تفني نفسها في خدمته والعناية به ، و كأنها لم تكد وتكدح بدورها
طيلة النهار ، حتى يجد الطعام والشراب والمنزل النظيف الهادئ ، عند عودته
إليه ..
ورضيت المرأة ..
وتعبت ..
وتعذبت ..
ثم أتى العصر الحديث بغتة ، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ..
تغير وجه العالم كثيراً عن ذي قبل ، وحصلت المرأة على حريات أكثر ، وعلى الحقوق السياسية ، والاجتماعية ، و …
وخرجت للعمل ..
وعند هذه النقطة الأخيرة بالتحديد ، تفجرت القضية ..
لقد بدأت تربح دخلها بكدها وعرقها ..
تماماً مثل الرجل ..
وهذا يعني أنه لم يعد يتميز عنها ، في هذا الشأن ..
فلماذا تسمح له بالتحكم فيها ، وإخضاعها إذن ؟!
وبدأ التمرد في منتصف الخمسينات ، وراح يتصاعد ويتصاعد .
ومع تصاعده بدأ الرجل يشكو ..
وبدأ يعتبر المرأة مشكلة ..
نه لم يعد يشعر بالارتياح والدفء في منزلة ..
لم يعد يجد فيه تلك الزوجة الهادئة الحنون ..
أو حتى الاستقرار المنشود ..
فزوجته أيضاً تـذهب للعمل في الصباح ، وتقضي فيه ساعات طويلة
عندما
يضيق صدر الرجل بكل هذا ، ولا يحتمل العودة إلى المنزل يومياً ، لمواجهة
كل هذا ، فإن ذهنه يتفتق عن فكرة ، تبدوا له ( بالتأكيد ) منطقية وعملية
للغاية ، فيجتمع مع زوجته يوماً ، ويطلب منها الاستقالة من عملها ، والتفرغ
له وللمنزل والأولاد ، ثم يعرض عليها ( بكرم حاتمي ) أن يمنحها نفس الراتب
، الذي تحصل علية من العمل ، متصوراً أنه بهذا قد حسم الأمر ، وأنهى
المشكلة ، وأعاد كل شيء إلى نصابة القانوني ..
ولكن جوابها دائماً ما يدهشه ..
أو بمعنى أدق ، يصدمه ( ولست أدري لماذا ) ..
فزوجته
سترفض ـ بمنتهى الشدة والحزم ـ مجرد مناقشة فكرة توقفها عن العمل ، بل
وستؤكد له أنها متمسكة بعملها ، وستضل فيه حتى النهاية ، ولو أدى الأمر إلى
انفصالهما عن بعض ..
أو إلى الطلاق نفسه ..
وبالطبع يثور الزوج ،
ويغضب ، ويشكوا لطوب الأرض من تلك الزوجة الجاحدة المتعجرفة ، التي تفضل
عملها على زوجها وأولادها ، والتي تبيع استقرار الأسرة كلها ، من أجل حفنة
من الجنيهات ، و .. و ..
وسيتعاطف معه ـ بالطبع ـ كل أصدقائه من الرجال ،
الذين يعانون من المشكلة ذاتها ، دون أن يخطر في ببال واحد منهم أن السبب
في كل تلك المشكلة ، التي صنعتها المرأة هو الرجل ..
والرجل وحده ..
فلو
نفذ ما أمر به الله (سبحانه وتعالي) منذ البداية . ولو أنه منحها الحب
والدفء والحنان والرعاية ، وأدرك أن الرجولة الحقة تحتم عليه أن يرعى
شئونها ، ويعمل على راحتها ، قبل أن يحصل هو نفسه على الراحة والرعاية ..
ولو أنه انفق عليها ، بما يرضي الله (عز وجل) ، ولم يتخذ المال وسيلة لإذلالها ، وتأديبها ، والسيطرة عليها ..
ولو أنه فعل كل هذا منذ البداية ، لما كانت المشكلة ..
والرجل يريد أن يحصل دائماً على حقوقه مقدماً ، دون أن يلتزم بأية واجبات أو مسئوليات ، أو حدود ..
والمرأة ترفض أن تلعب دور المعطي دائماً ، كما ظلت تلعبه لقرون طويلة ..
لقد اتخذت قرارها بالانتقال من خانة العطاء إلى خانة الأخذ .
وبنفس التطرف ..
وهذا أمر طبيعي ..
فقوانين الطبيعة علمتنا أن لكل فعل رد فعل ، مساو له في القوة ، ومضاد له في الاتجاه
باختصار ، حاربت المرأة لتثبت أنها الأفضل في كل شيء ..
واعتبرت الرجل هو الخصم ، والعدو اللدود في هذه الحرب الضروس ..
وانقلبت الآية ..
أصبح الرجل هو المدافع ، بعد أن ضل طويلاً في مركز الهجوم .
وفقد البيت استقراره بحق ..
وظهرت عبارات ، ومصطلحات ، وآراء جديدة ، توحي بأنه لا كيان للمرأة إلا في العمل والاستقلال المادي ..
وكأنما الأمومة ليست عملاً ؟!
وليست كياناً رائعاً للمرأة ؟!
دعوني أسألكم بالله عليكم ، هل كان التفكك الأسري ظاهرة فيما مضى ، قبل أن تخرج المرأة للعمل ؟!
هل انتشرت المخدرات ، والعقاقير ، والتقاليع السخيفة بين الشباب ، كما يحدث الآن ؟!
هل كانت معدلات الطلاق مرتفعة ، كما في أيامنا هذه ؟!
فلا بد أن يعود الرجل إلى الرجولة الحقة ..
وأن تعود المرأة إلى الأنوثة الطبيعية ..
فعلى الرغم من كل ما حققته المرأة من تفوق ونجاح ، على الصعيد المالي والاقتصادي ، إلا أنها مازلت تفتقد إلى الشعور بالأمان ..
مازلت تشعر وكأنها تحارب الدنيا كلها ..
والخطأ الأكبر ، الذي وقعت فيه المرأة ، في رحلة بحثها عن الأمان ، هو أنها تصورت أن الأمان يكمن في المال وحدة ..
لذا فقد سعت ، وجاهدت ، وقاتلت بكل قوتها ، بل وضحت بكل عزيز لديها ، حتى تظفر به ، وترقد في دفئه ..
ولكنها ، وبعد كل هذا ، لم تشعر بالأمان ، الذي كانت تنشده .
فالأنثى
ـ كل أنثى ـ لا يمكنها أن تشعر بالأمان إلا في كنف رجل ، يمنحها الحب
والحنان ، الذين يحتاج إليهما توازنهما النفسي والعاطفي ..
وهي تقضي عمرها كله في البحث عنه ..
والخوف منه في نفس الوقت ..
فعلى
الرغم من احتياجها الشديد للرجل ، مازلت تخشى الارتباط به ، حتى لا ينتزع
منها استقلالها المادي ، أو يفرض عليها إرادته وسطوته ..
مازلت تخشى أن تحب ، فتخضع ، وتستكين ..
وتعود إلى عبادة الرجل ..
لذا فالمشكلة تضل داخلها قائمة ..
تلك المشكلة ، التي صنعها الرجل ، والتي تضطرها للمضي قدماً في الحياة ، وهي تردد الهتاف نفسه ..
إلى الأمان
نبيل فاروق ( المرأه مشكله صنعها الرجل ) شدنى العنوان ووجدت انها تحليل
منطفى للواقع فلنقرا جزء من دراسه دكتور نبيل فاروق و ياريت الكل يقول رأيه
منذ
بدء الخليقة ، أدركت المرأة أنها أقل قوة ـ بدنياً ـ من الرجل ، وبدا لها
أن الوسيلة الوحيدة للحصول على الأمان ، هو أن تضل في كنفه ، وتحتمي بظله (
الأفضل طبعاً من ظل الحائط ، كما تقول الأمثال الشعبية ) ؛ لذا فقد ارتبطت
به ، وأسلمته قيادها ، وقررت أن تتبعه في كل مكان يذهب إليه ، مطلقة شعار
آخر ..
إلي الأمان يا رجل ..
والأمان أولاً ..
وقبل كل شئ ..
وعندما
هبطت الأديان السماوية على البشر ، كانت كلها تستحث المرأة على طاعة الرجل
والخضوع له ، وتطالبها بأن تكون له أطوع من بنانـه ، كما تحتم عليه ـ في
المقابل ـ رعايتها والعناية بها وحسن معاشرتها ..
ولأن الانتماء والخضوع
للأقوى جزء من طبيعة المرأة ، على الرغم من روح التمرد والعناد ، التي تطل
برأسها كل حين وآخر ( وبذات عند قراءة هذه السطور ) فلم تكن أمامها مشكلة
كبيرة في تنفيذ الأمر ..
لقد خضعت له ، وأطاعت ، ولبت مطالب الرجل ومتطلباته ، فأعدت له طعامه ، ورتبت فراشه ، وغسلت ملابسه ، و . . ، و . .
ثم جلست تنتظر منه أن يقدم لها المقابل ..
الحنان ، والحب ، والرعاية ، والدفاع ..
ثم ـ وهو الأكثر أهمية ـ حسن المعاملة والمعاشرة ..
ولكن الرجل لم يؤد الأمانة ..
لقد استوعب من الرجولة ، ذلك الجزء الخاص بالقوة والسيطرة والتفوق فحسب .
ونسي ، أو تناسى ، كل الأمور الأخرى ..
لم يحاول أن يقدم لها الحب والحنان ..
أو يحسن حتى معاملتها ..
لقد اعتبرها جندياً في جيـش محـدود ، وهو قائـده الوحيد ، فراح يأمر وينهى ، ويعاقب ، ويشكو ، ويغضب ، ويثور ..
وعلى أتفه الأسباب ..
ثم
انه ـ وهذا هو الأسوأ ـ افترض انه صاحب كل ما يمكن أن يحصل عليه دخل ،
متناسياً أن الله ( سبحانه و تعالى ) يرسل لزوجته وأولاده رزقهم عن طريقـه ،
وأن رزقهم هذا يمكن أن يفوق رزقه المنفرد بمرات ومرات ، و راح يتحكم في
وسائل إنفاق هذا الدخل ، ويستخدمه كوسيلة للسيطرة على زوجته ، و إثبات قوته
و تفوقه أمامها و في مواجهتها ، إذا ما اقتضت الظروف ..
وهنا ، ومع كل العوامل السابقة ، فقدت المرأة ذلك الشعور بالأمان ، الذي كانت تسعى إليه ، عندما ارتبطت بالرجل ..
بل ، وعلى العكس تماماً لقد سيطر عليها شعور مخيف بعدم الأمان ، ما دامت واقعة تحت سيطرة الرجل ..
أي رجل ..
فخلال رحلة عمرها ، لم يحاول أي رجل منحها الشعور الحقيقي بالأمان ..
والدها
عاملها دائماً بصرامة ، حتى لا تشب عن الطوق ، و تخرج عن طاعته ، وتنحرف
أخلاقياً و جسدياً ، ( و لست أدري لماذا يقتصر هذا الحذر على البنات ، و
ليس على الأولاد ؟! )
وشقيقها أفرز أولى احساساته بالرجولة ، في بدايات فترة المراهقة ، على شكل سيل من التعليمات والانتقادات والأوامر إليها ..
ثم أتى زوجها ليجهز على ما تبقى منها ، بتعنتات اجتماعية ، ومادية ، وأسرية ..
ولسنوات طويلة ..
طويلة للغاية ..
اضطرت المرأة للخضوع إلى هذا التعنت ، واستسلمت لمصيرها المظلم ، باعتبار أن هذا قدرها ، وأنه ليس بيدها تغييره ..
أو حتى الاعتراض عليه ..
ومع
خضوعها واستسلامها المستمر ، تمادى الرجل في غيه ، واختلت عنده موازين
الرجولة ، فتصور أنها الفوز بأفضل وأحسن الامتيازات ، والتفوق على المرأة
في كل المجالات ، والسيطرة عليها في كل الاتجاهات ..
وراح الرجل يخرج
للعمل وحده ( باستثناء البيئات الريفية و الزراعية ) فيكد ويكدح ، ثم يعود
إلى منزله في آخر اليوم ،منهكاً ، متذمراً ، صارماً ، قاسياً ، يطالب
المرأة بأن تفني نفسها في خدمته والعناية به ، و كأنها لم تكد وتكدح بدورها
طيلة النهار ، حتى يجد الطعام والشراب والمنزل النظيف الهادئ ، عند عودته
إليه ..
ورضيت المرأة ..
وتعبت ..
وتعذبت ..
ثم أتى العصر الحديث بغتة ، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ..
تغير وجه العالم كثيراً عن ذي قبل ، وحصلت المرأة على حريات أكثر ، وعلى الحقوق السياسية ، والاجتماعية ، و …
وخرجت للعمل ..
وعند هذه النقطة الأخيرة بالتحديد ، تفجرت القضية ..
لقد بدأت تربح دخلها بكدها وعرقها ..
تماماً مثل الرجل ..
وهذا يعني أنه لم يعد يتميز عنها ، في هذا الشأن ..
فلماذا تسمح له بالتحكم فيها ، وإخضاعها إذن ؟!
وبدأ التمرد في منتصف الخمسينات ، وراح يتصاعد ويتصاعد .
ومع تصاعده بدأ الرجل يشكو ..
وبدأ يعتبر المرأة مشكلة ..
نه لم يعد يشعر بالارتياح والدفء في منزلة ..
لم يعد يجد فيه تلك الزوجة الهادئة الحنون ..
أو حتى الاستقرار المنشود ..
فزوجته أيضاً تـذهب للعمل في الصباح ، وتقضي فيه ساعات طويلة
عندما
يضيق صدر الرجل بكل هذا ، ولا يحتمل العودة إلى المنزل يومياً ، لمواجهة
كل هذا ، فإن ذهنه يتفتق عن فكرة ، تبدوا له ( بالتأكيد ) منطقية وعملية
للغاية ، فيجتمع مع زوجته يوماً ، ويطلب منها الاستقالة من عملها ، والتفرغ
له وللمنزل والأولاد ، ثم يعرض عليها ( بكرم حاتمي ) أن يمنحها نفس الراتب
، الذي تحصل علية من العمل ، متصوراً أنه بهذا قد حسم الأمر ، وأنهى
المشكلة ، وأعاد كل شيء إلى نصابة القانوني ..
ولكن جوابها دائماً ما يدهشه ..
أو بمعنى أدق ، يصدمه ( ولست أدري لماذا ) ..
فزوجته
سترفض ـ بمنتهى الشدة والحزم ـ مجرد مناقشة فكرة توقفها عن العمل ، بل
وستؤكد له أنها متمسكة بعملها ، وستضل فيه حتى النهاية ، ولو أدى الأمر إلى
انفصالهما عن بعض ..
أو إلى الطلاق نفسه ..
وبالطبع يثور الزوج ،
ويغضب ، ويشكوا لطوب الأرض من تلك الزوجة الجاحدة المتعجرفة ، التي تفضل
عملها على زوجها وأولادها ، والتي تبيع استقرار الأسرة كلها ، من أجل حفنة
من الجنيهات ، و .. و ..
وسيتعاطف معه ـ بالطبع ـ كل أصدقائه من الرجال ،
الذين يعانون من المشكلة ذاتها ، دون أن يخطر في ببال واحد منهم أن السبب
في كل تلك المشكلة ، التي صنعتها المرأة هو الرجل ..
والرجل وحده ..
فلو
نفذ ما أمر به الله (سبحانه وتعالي) منذ البداية . ولو أنه منحها الحب
والدفء والحنان والرعاية ، وأدرك أن الرجولة الحقة تحتم عليه أن يرعى
شئونها ، ويعمل على راحتها ، قبل أن يحصل هو نفسه على الراحة والرعاية ..
ولو أنه انفق عليها ، بما يرضي الله (عز وجل) ، ولم يتخذ المال وسيلة لإذلالها ، وتأديبها ، والسيطرة عليها ..
ولو أنه فعل كل هذا منذ البداية ، لما كانت المشكلة ..
والرجل يريد أن يحصل دائماً على حقوقه مقدماً ، دون أن يلتزم بأية واجبات أو مسئوليات ، أو حدود ..
والمرأة ترفض أن تلعب دور المعطي دائماً ، كما ظلت تلعبه لقرون طويلة ..
لقد اتخذت قرارها بالانتقال من خانة العطاء إلى خانة الأخذ .
وبنفس التطرف ..
وهذا أمر طبيعي ..
فقوانين الطبيعة علمتنا أن لكل فعل رد فعل ، مساو له في القوة ، ومضاد له في الاتجاه
باختصار ، حاربت المرأة لتثبت أنها الأفضل في كل شيء ..
واعتبرت الرجل هو الخصم ، والعدو اللدود في هذه الحرب الضروس ..
وانقلبت الآية ..
أصبح الرجل هو المدافع ، بعد أن ضل طويلاً في مركز الهجوم .
وفقد البيت استقراره بحق ..
وظهرت عبارات ، ومصطلحات ، وآراء جديدة ، توحي بأنه لا كيان للمرأة إلا في العمل والاستقلال المادي ..
وكأنما الأمومة ليست عملاً ؟!
وليست كياناً رائعاً للمرأة ؟!
دعوني أسألكم بالله عليكم ، هل كان التفكك الأسري ظاهرة فيما مضى ، قبل أن تخرج المرأة للعمل ؟!
هل انتشرت المخدرات ، والعقاقير ، والتقاليع السخيفة بين الشباب ، كما يحدث الآن ؟!
هل كانت معدلات الطلاق مرتفعة ، كما في أيامنا هذه ؟!
فلا بد أن يعود الرجل إلى الرجولة الحقة ..
وأن تعود المرأة إلى الأنوثة الطبيعية ..
فعلى الرغم من كل ما حققته المرأة من تفوق ونجاح ، على الصعيد المالي والاقتصادي ، إلا أنها مازلت تفتقد إلى الشعور بالأمان ..
مازلت تشعر وكأنها تحارب الدنيا كلها ..
والخطأ الأكبر ، الذي وقعت فيه المرأة ، في رحلة بحثها عن الأمان ، هو أنها تصورت أن الأمان يكمن في المال وحدة ..
لذا فقد سعت ، وجاهدت ، وقاتلت بكل قوتها ، بل وضحت بكل عزيز لديها ، حتى تظفر به ، وترقد في دفئه ..
ولكنها ، وبعد كل هذا ، لم تشعر بالأمان ، الذي كانت تنشده .
فالأنثى
ـ كل أنثى ـ لا يمكنها أن تشعر بالأمان إلا في كنف رجل ، يمنحها الحب
والحنان ، الذين يحتاج إليهما توازنهما النفسي والعاطفي ..
وهي تقضي عمرها كله في البحث عنه ..
والخوف منه في نفس الوقت ..
فعلى
الرغم من احتياجها الشديد للرجل ، مازلت تخشى الارتباط به ، حتى لا ينتزع
منها استقلالها المادي ، أو يفرض عليها إرادته وسطوته ..
مازلت تخشى أن تحب ، فتخضع ، وتستكين ..
وتعود إلى عبادة الرجل ..
لذا فالمشكلة تضل داخلها قائمة ..
تلك المشكلة ، التي صنعها الرجل ، والتي تضطرها للمضي قدماً في الحياة ، وهي تردد الهتاف نفسه ..
إلى الأمان