هل تريد أن تنجح في كل عمل تقوم به وأن تكون رجلاً ناجحًا ومحبوبًا؟ إنه
السؤال الذي لا يمكن أن ينال إجابة سلبية واحدة، ولا يوجد رجل في هذه
الدنيا يرضى بأن يجيب على هذا السؤال بكلمة «لا»، لماذا؟ لأن النجاح أمنية
عظيمة وغالية جدًا، ولأن كل رجل يسعى ويكافح ويبذل جهده في كل عمل سواء كان
صغيرًا أو كبيرًا مهمًا أو تافهًا لكي يحقق هذه الأمنية ويقطف ثمارها
الصالحة النافعة المفيدة لشخصه ولمستقبله.
والنجاح شيء عظيم ولذيذ
يعرف طعمه كل من تذوقه، وهو أمر يمنح صاحبه إحساسًا لا يوصف بالسعادة، وثقة
بالنفس لا تقدَّر، وحماسًا لا يوزن ولا يقاس. والنجاح شيء لا يأتي من نفسه
ولا يتحقق بلا شيء، لا تنفع معه الأماني، ولا الكلام، ولا القعود والكسل،
إنه يحتاج إلى الكثير؛ يحتاج أولاً إلى العزيمة القوية الفولاذية، والتوكل
على الله القوي القدير المعز الذي بيده كل شيء؛ كما قال تعالى: ﴿فإذا عزمت
فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين﴾، ثم يحتاج إلى العمل وبذل الجهد
الكبير الدؤوب المتواصل.
إن أي لاعب لنوع من أنواع الرياضة يعلم
تمامًا أنه لا يمكنه أن يكون ناجحًا في لعبته وأن يكون بطلاً من أبطالها
بمجرد التمني والكلام، إنه يعلم أن النجاح هدف لا يمكنه إحرازه إلا بقضاء
الساعات الطويلة يوميًا في التمرين، حتى التمرين العادي البسيط لا يصنع
النجاح والفوز والبطولة، بل لا بد من التمرين الطويل الشديد المستمر دون
كلل أو تعب. وهذا ما يحتاجه كل عمل لتحقيق التقدم والوصول إلى النجاح
والتفوق.
قد ينجح الرجل في مجال أو أكثر، ولكن الناجح الحقيقي هو
الذي يحقق النجاح في كل مجال وفي كل ميدان من مجالات وميادين الحياة التي
يدخل فيها أو يعمل بها أو يتعامل معها؛ وكما أنه لصنع النجاح في الرياضة لا
بد من العمل بالأسباب لتحقيقه، فكذلك النجاح في كل عمل أو مجال له أسباب
ووسائل لا بد من العمل بها بإخلاص وتفان وجهد مستمر حتى يتحقق.
وفي
سبيل تسهيل الطريق على المسلم لتحقيق النجاح في كل عمل يقوم به، ومن أجل أن
يكون ناجحًا ومحبوبًا من كل إنسان يتعامل معه أو يعرفه، فقد قدَّر الله
جلَّ جلاله أن أكتب هذا الكتاب «كيف تكون ناجحًا ومحبوبًا» الذي تضمن أسباب
النجاح الرئيسة لأكثر المجالات والميادين أهمية في حياة الإنسان وأكثرها
ضرورة لكل إنسان. والكتاب يتضمن ستة عشر موضوعًا كل واحد منها مستقل عن
الآخر؛ أي بعبارة أخرى فإنها ستة عشر كتابًا اختُصِرت في كتاب واحد.
أدعو
الله عزَّ وجلَّ أن ينفع بهذا الكتاب الإسلام والمسلمين، وأن يجعله سببًا
للنجاح فيما تضمنه من مجالات وميادين لكل من يقرأه من المسلمين، وأن يجعله
في ميزان حسناتي يوم الدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد
لله رب العالمين. وصلى الله على نبينا محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين
وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وسلَّم تسليمًا كثيرًا.