معهد ون ويب لتطوير المواقع | 1weeb.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ستايلات مجانية FREE STYLES


2 مشترك

    التحذير من أكل المال الحرام - للهم اجر كل المسلمين من النار

    الجزائري عبد المعز
    الجزائري عبد المعز
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 05/10/2011

    الجنسية : جزائر

    عدد المشاركات : 3288

    مكسب العضو : 40583

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 21

    المزاج : منتديات طموح الجزائر

     التحذير من أكل المال الحرام - للهم اجر كل المسلمين من النار Empty التحذير من أكل المال الحرام - للهم اجر كل المسلمين من النار

    مُساهمة من طرف الجزائري عبد المعز 18/12/2011, 05:14


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد
    لله ذي الجبروت والملكوت ، أحمد سبحانه وهو حي لا يموت ، الحمد لله رب
    الأرض والسموات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحيى ويميت
    وهو على كل شيء قدير ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اختاره ربه لتبليغ
    رسالته ، وهداية الناس أجمعين ، عليه من ربه أفضل صلاة وأعظم تسليم ، وعلى
    أزواجه أمهات المؤمنين ، وصحابته الغر الميامين ، والتابعين ومن تبعهم
    بإحسان إلى يوم القيامة . . . وبعد :
    جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
    الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    : " أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا
    طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ
    الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ
    الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) ،
    وَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا
    رَزَقْنَاكُمْ ) ، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ ، أَشْعَثَ
    أَغْبَرَ ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ، يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ ،
    وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ،
    وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ " [ أخرجه مسلم في
    صحيحه ] ، يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى خطورة أكل المال الحرام ،
    بأي طريقة كانت ، وأي وسيلة حصلت ، فالمال الحرام سبب لمنع إجابة الدعاء ،
    وإغلاق باب السماء ، فالمال الحرام طريق مستعر ، محفوف بالخطر ، وسلم هار
    ، ينهار بصاحبه إلى النار ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله
    عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
    لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ ، أي : من حرام " [
    أخرجه الترمذي وغيره ] ، وأخرج البخاري وأحمد من حديث خَوْلَةَ
    الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِي اللَّه عَنْهَا قَالَتْ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ
    صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ رِجَالًا
    يَتَخَوَّضُونَ ـ يتصرفون ـ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، فَلَهُمُ
    النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " ، فاحذروا أيها الناس من أكل المال الحرام
    ، فهو مستنقع قذر ، ووحل ضرر ، سبيل إلى الهلاك ، ومركب إلى الهاوية ،
    فاحذروا المال الحرام بكل صوره وأنماطه ، وشتى أنواعه وأشكاله ، فهو خبيث
    والله تعالى لا يحب الخبيث ، قال تعالى : " قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو
    أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب " .
    كم للمال الحرام من
    صور مغلفة يزينها الشيطان ، يخيل بها على ضعاف النفوس من الناس ، فمن صور
    المال الحرام ، وأعظمها خطورة على الأفراد والمجتمعات ، والدول والشعوب :
    1=
    تعاطي الربا ، فالربا ممحوق البركة ، منزوع الخير ، قال تعالى : "
    يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ
    كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ " ، الربا من أشد الرزايا على المجتمعات ، سواءً
    كان مع الأفراد أو البنوك أو المؤسسات ، فالربا رباً وإن اختلفت أسماؤه
    وهيئاته وطرق التعامل به ، قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
    وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من
    الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون " ، وقال
    تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا
    أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " ،
    فالربا حرام بكل أشكاله ، وجميع تعاملاته ، قليله وكثيره سواء ، قَاْلَ
    اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : " وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ
    الرِّبَا " ، ولقد جاء التحذير من خطورة الربا أو التعامل به في سنة
    المصطفى صلى الله عليه وسلم ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : " لَعَنَ
    رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا ،
    وَمُؤْكِلَهُ ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ ، وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ " [
    أخرجه مسلم ] ، ثم اعلموا أيها الناس أن الربا لم يُحل في شريعة قط ، ولم
    تصدر فتوىً بجوازه إلا كان صاحبها محارباً لله ولرسوله ، ضيقة أفقه ،
    متعسرة مداركه ، متبعاً لهواه ، ممزقاً إيمانه ، يرضي الناس بسخط الله ،
    قال صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به
    " ، الربا حرام وكبيرة من كبائر الذنوب ، وجريمة من أعظم الجرائم ، مهلك
    للأموال ، قاتل للنفوس ، يهلك الحرث والنسل ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
    صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَتَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي
    عَلَى قَوْمٍ بُطُونُهُمْ كَالْبُيُوتِ ، فِيهَا الْحَيَّاتُ تُرَى مِنْ
    خَارِجِ بُطُونِهِمْ ، فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرَائِيلُ ؟ قَالَ
    " هَؤُلَاءِ أَكَلَةُ الرِّبَا " [ أخرجه ابن ماجة ] ، وقَالَ صَلَّى
    اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الرِّبَا سَبْعُونَ بابًا ، أَيْسَرُهَا
    أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ " [ أخرجه ابن ماجة ] ، وقال صَلَّى
    اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ ، فَإِنَّ
    عَاقِبَتَهُ تَصِيرُ إِلَى قُلٍّ " [ أخرجه أحمد وغيره ] ، وقَالَ صَلَّى
    اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي ، رَجُلًا
    يَسْبَحُ فِي نَهَرٍ دم ، وَيُلْقَمُ الْحِجَارَةَ ، فَسَأَلْتُ مَا هَذَا
    ؟ فَقِيلَ لِي : " آكِلُ الرِّبَا " [ متفق عليه ] ، فالله الله أيها
    المسلمون احذروا الربا في تعاملاتكم ، وفي أعمالكم ، فهو حرب على الله
    تعالى ، وأنى لعبد أن يحارب خالقه ورازقه وموجده .
    2= ومن صور المال
    الحرام ، الحلف بالله زوراً لتضييع الحقوق ، وهضم الأموال ، عَنْ أَبِي
    أُمَامَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ ،
    فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ "
    ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ
    اللَّهِ ؟ ، قَالَ : " وَإِنْ كان قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ " [ أخرجه مسلم
    والنسائي واللفظ له ] ، فانظروا أيها الناس كيف أن أخذ عود السواك ظلماً
    وحراماً ، كان سبباً من أسباب دخول النار والعياذ بالله ، فكيف بمن يسرق
    أكبر من السواك ، لجرمه أعظم ، وعقابه أكبر ، ومن الناس اليوم من لا يخاف
    الله تعالى ولا يتقه ، ولا يخشاه ولا يراقبه ، فتراه مقسماً بالله ،
    حالفاً به زوراً وظلماً ، عمداً وعدواناً ، ليأكل حفنة من المال الحرام ،
    أو ربما كان قسمه سبباً لإزهاق حق ، أو إظهار باطل ، وكم هي المشاهد
    والمآسي المؤلمة التي نراها ونسمعها عمن حلف بالله كذباً وزوراً إرضاءً
    لنفس ، أو نكايةً بأخرى ، فكانت العاقبة موتاً مفاجئاً ، وحادثاً مروعاً ،
    عذاباً فوق العذاب ، ليذوق وبال أمره ، قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا
    لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا
    تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً * ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف
    نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً " ، وقال صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ : " مَنِ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ، بِيَمِينٍ
    كَاذِبَةٍ ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ ، ثُمَّ قَرَأَ
    مِنْ كِتَابِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ " إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ
    بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ
    لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ولهم عذاب أليم " [
    أخرجه البخاري ومسلم ] ، ولقد جاءت تسمية تلكم اليمين الفاجرة الظالمة
    باليمين الغموس ، التي تغمس صاحبها في الإثم ثم تغمسه في نار جهنم والعياذ
    بالله ، عقد البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه باباً وسمه ببَاب
    الْيَمِينِ الْغَمُوسِ ثم ذكر قول الله جل وعلا : " وَلَا تَتَّخِذُوا
    أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا
    وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ
    عَذَابٌ عَظِيمٌ " دَخَلًا مَكْرًا وَخِيَانَةً ، وعَنْ عَبْدِاللَّهِ
    بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ قَالَ : " الْكَبَائِرُ : الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ، وَعُقُوقُ
    الْوَالِدَيْنِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ " [ أخرجه
    البخاري ] ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ
    اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ
    شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ ، إِلَّا طَوَّقَهُ اللَّهُ
    إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " [ أخرجه مسلم ] ، وعَنْ
    أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
    اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ
    وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ
    بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ ، فَإِنْ قَضَيْتُ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ بِشَيْءٍ
    مِنْ حَقِّ أَخِيهِ ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ ،
    فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا " [ أخرجه الترمذي وقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ
    صَحِيحٌ ] .
    3= ومن صور المال الحرام أخذ الرشوة ، ولقد لُعن أهلها
    والمتعاملين بها ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ
    : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي
    وَالْمُرْتَشِي " [ أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجة وأحمد ] ، وكم من
    الموظفين اليوم من لا يخاف الله ولا يخشاه ، فتراه آكلاً للمال الحرام ،
    متعاط للرشوة ، ولقد علم سلف هذه الأمة خطورة الرشوة ، وشديد أمرها ،
    وأنها سبب لزعزعة الأمن ، ومجلبة للضعف والخور ، وهلاك ودمار ، فتركوا
    طريقها ، وابتعدوا عن سبيلها ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ
    رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ يَبْعَثُ
    عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ ، فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ
    وَبَيْنَ يَهُودِ خَيْبَرَ قَالَ : فَجَمَعُوا لَهُ حَلْيًا مِنْ حَلْيِ
    نِسَائِهِمْ ، فَقَالُوا لَهُ : هَذَا لَكَ وَخَفِّفْ عَنَّا وَتَجَاوَزْ
    فِي الْقَسْمِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ : يَا مَعْشَرَ
    الْيَهُودِ ! وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَمِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيَّ
    ، وَمَا ذَاكَ بِحَامِلِي عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ ، فَأَمَّا مَا
    عَرَضْتُمْ مِنَ الرَّشْوَةِ فَإِنَّهَا سُحْتٌ ، وَإِنَّا لَا
    نَأْكُلُهَا ، فَقَالُوا : بِهَذَا قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ " [
    أخرجه مالك ] ، ألا فاعلموا أيها المسلمون أن من أشد أنواع الرشوة خطورة ،
    وأعظمها نكاية بالأمة ، الرشوة لإبطال حق ، أو إحقاق باطل ، وكذا الرشوة
    للحاكم والقاضي ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : " لَعَنَ
    رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ
    وَالْمُرْتَشِيَ فِي الْحُكْمِ " [ أخرجه الترمذي وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ
    صَحِيحٌ ] ، وقال مَسْرُوقٍ رحمه الله : إِذَا أَكَلَ الْقَاضِي
    الْهَدِيَّةَ فَقَدْ أَكَلَ السُّحْتَ ، وَإِذَا قَبِلَ الرِّشْوَةَ
    بَلَغَتْ بِهِ الْكُفْرَ " [ أخرجه النسائي ] ، فالرشوة فساد للمجتمعات ،
    تدمير للحقوق ، أذانٌ بالهلاك من الله جل وعلا ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ
    الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه
    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَا مِنْ قَوْمٍ يَظْهَرُ فِيهِمُ
    الرِّبَا ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسَّنَةِ ـ القحط والجدب ـ وَمَا مِنْ
    قَوْمٍ يَظْهَرُ فِيهِمُ الرُّشَا ـ الرشوة ـ إِلَّا أُخِذُوا بِالرُّعْبِ
    " [ أخرجه أحمد ] ، وهاهي الأمة اليوم تعاني تبعات أكل المال الحرام ، من
    حروب مدمرة ، وويلات مهلكة ، وقحط وجدب ، فقد أمسكت السماء ماءها ، ومنعت
    الأرض خيراتها ، ولفحت الشمس بحرارتها ، واشتدت الطقوس ببرودتها ، فاتقوا
    الله عباد الله ، واحذروا أسباب سخطه ، وموارد عقوبته .
    4= كم تعاني
    الأمة اليوم من ويلات الحرب المسعورة ضد الإسلام وأهله ، والزج بهم لأكل
    المال الحرام ، فمن صور المال الحرام التسول وسؤال الناس بلا حاجة أو
    ضرورة ، فالتسول سبب لمحق بركة المال ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
    اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تُلْحِفُوا فِي الْمَسْأَلَةِ ،
    فَوَاللَّهِ لَا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا ، فَتُخْرِجَ لَهُ
    مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شَيْئًا وَأَنَا لَهُ كَارِهٌ فَيُبَارَكَ لَهُ
    فِيمَا أَعْطَيْتُهُ " [ أخرجه مسلم ] ، التسول تعتيم لصورة الإسلام
    المضيئة ، وتشويه لحقيقته الوضاءة ، فكم سعى الأعداء للنيل من الإسلام
    بشتى الطرق والوسائل ، ومنها تغيير منهج المساجد وملؤها بأولئك المتسولين
    والمتسولات ، حتى تفاقم الوضع وانتشر ، وزاد المكر والخطر ، ينهبون الناس
    بكلمات رقيقة جذابة ، صنعها لهم صُناع الكلمة من العصابات ، والمؤسسات
    المنحرفة ، قال صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَزَالُ
    الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ ، حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ فِي
    وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ " [ أخرجه مسلم ] ، وكم من الناس اليوم من يعاني
    الفقر ، ويصارع الجوع ، ويدفع الفاقة ، ومع ذلك تراه عفيف النفس ، شامخ
    الأخلاق ، فلا يمد يديه إلا لله ، ولا يُنزل حاجته إلا بالله ، ومع فقره
    وشدة حاجته فهو كما قال الله تعالى : " يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف
    تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً " ، وهناك من الناس من يسأل عباد
    الله ، ويترك من بيده خزائن السموات والأرض ، لا حاجة ولا فاقة ، وإنما
    إكثاراً من الأموال وتكسباً ، فأصبح التسول هو وظيفته ، ومصدر رزقه ، وقد
    قال صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي
    الْمَسْأَلَةِ مَا مَشَى أَحَدٌ إِلَى أَحَدٍ يَسْأَلُهُ شَيْئًا " [
    أخرجه النسائي ] ، وقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا
    يَفْتَحُ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ ، إِلَّا فَتَحَ
    اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ ، يَأْخُذُ الرَّجُلُ حَبْلَهُ فَيَعْمِدُ
    إِلَى الْجَبَلِ ، فَيَحْتَطِبُ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَأْكُلُ بِهِ ، خَيْرٌ
    لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ ، مُعْطًى أَوْ مَمْنُوعًا " [ أخرجه
    أحمد ] ، ومع حرمة التسول ، وأليم عقابه في الآخرة ، إلا أن هناك أنواعاً
    من التسول أجازها الشارع الكريم ، وبينها أيما تبيين ، عَنْ قَبِيصَةَ
    بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ : تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً ، فَأَتَيْتُ
    رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ فِيهَا ،
    فَقَالَ : " أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا
    " ، ثُمَّ قَالَ : يَا قَبِيصَةُ ! إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ
    إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ : رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ
    الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ
    جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى
    يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ، أَوْ قَالَ : سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ،
    وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي
    الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ ، فَحَلَّتْ
    لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ، أَوْ قَالَ :
    سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ، فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا
    قَبِيصَةُ سُحْتًا ، يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا " [ أخرجه مسلم ] ،
    فهذا الحديث أصل عظيم في تحريم التسول لغير حاجة ماسة ، أو ضرورة ملحة ،
    فالتسول حرام ، وناراً يأكله صاحبه في جوفه ، فاتقوا النار وذروا المال
    الحرام ، فقد قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
    إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ
    ـ قوي صحيح ـ إِلَّا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ ، أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ ،
    وَمَنْ سَأَلَ النَّاسَ لِيُثْرِيَ بِهِ مَالَهُ ، كَانَ خُمُوشًا فِي
    وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَرَضْفًا ـ حجارة محمية ـ يَأْكُلُهُ
    مِنْ جَهَنَّمَ ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُقِلَّ ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُكْثِرْ "
    [ أخرجه الترمذي ] .
    5= ومن صور المال الحرام أخذ أموال الناس بقصد
    السلف والدين ، مع إضمار النية بعدم رده وسداده ، أو التهاون في ذلك ،
    فهذا هو الظلم والعدوان ، والتعدي على حرمات الواحد الديان ، قال الله
    المنان : " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
    رَضِي اللَّه عَنْه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    قَالَ : " مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى
    اللَّهُ عَنْهُ ، وَمَنْ أَخَذَها يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ
    اللَّهُ " [ أخرجه البخاري ] ، ثم اعلموا أيها الناس أن أكل المال بمثل
    هذه الصورة من صور المال الحرام هو ظلم وتعد على الأموال المعصومة ، فمن
    كانت لديه أموال لأناس أسدوا له معروفاً ، وقدموا له إحساناً فعليه أن يرد
    المال لأصحابه ، والإحسان إحساناً ، يقول الله جل وعلا : " هل جزاء
    الإحسان إلا الإحسان " ، وقال تعالى : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات
    إلى أهلها " ، واعلموا أيها الناس أن من يأكل أموال الناس بطريقة خسيسة ،
    وحيلة ملتوية ، لا إسلام ، ولا إيمان له ، ويصدق ذلك قول رَسُولُ اللَّهِ
    صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ
    الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ
    النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ " [ متفق عليه ] ، فأين
    الإسلام ممن لم يسلم الناس من يده ، وأين الإيمان ممن لم يرع أموال الناس
    ، فاتقوا الله عباد الله ، وردوا الأمانات إلى أهلها ، وتوبوا إليه قبل أن
    لا يكون دينار ولا درهم ، وإنما هي الحسنات والسيئات ، عَنْ أَبِي
    هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ
    فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا
    دِرْهَمٌ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ،
    فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ ، أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ
    فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ " [ أخرجه البخاري ] .
    6= ومن صور المال الحرام ،
    بيع المسلم على بيع أخيه ، وشرائه على شرائه ، كمن يشتري سلعة من شخص ، ثم
    يأتي آخر ، فيعرض مبلغاً أكثر من الأول بقصد الإضرار أو بلا قصد ، فهذا
    بيع وشراء محرم ، وكذلك بيع المسلم على بيع أخيه ، كمن يبيع سلعة على شخص
    ثم يأتي بائع آخر ، فيعرض سلعته على المشتري بقصد الإضرار بالبائع الأول ،
    أو بغير قصد ، فهذا بيع وشراء حرام ، لقوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ : " لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ حَتَّى
    يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ " [ متفق عليه واللفظ للنسائي ] ، فلا يجوز للمسلم
    إذا رأى أخيه المسلم أقدم على شراء سلعة أن يقدم على شرائها ، حتى يتم
    البيع أو يترك المشتري السلعة ، ولا يجوز للمسلم أن يبيع سلعة على مسلم قد
    باعها إياه بائع آخر ، حتى يتم البيع أو يترك المشتري ، وكذلك لا يجوز أن
    يسوم المسلم على سوم أخيه ، لقوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
    لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ " [ أخرجه الترمذي ] هذه من
    محاسن الإسلام ، وخصاله الحميدة ، وصفاته النبيلة ، التي فقدها كثير من
    التجار ، ولم يرمها كثير من الناس اليوم ، لا سيما في بيعهم وشرائهم ،
    فعليكم بتقوى الله ، وتحري الكسب الحلال في أموالكم ، فالله طيب لا يقبل
    إلا طيباً .
    7= ومن أكثر طرق المال الحرام تداولاً بين الناس اليوم ،
    ولاسيما في المعارض والمحلات التجارية الكبرى ، بيع النجش ، ومقصوده ، أن
    يزيد أو ينقص في ثمن السلعة من لا يريد شراءها ، وإنما يريد الإضرار
    بالبائع أو المشتري ، سواءً كان متواطئاً مع البائع أم المشتري أم لم يكن
    ، فكل ذلك من أكل المال الحرام ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا
    قَالَ : " نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ
    النَّجْشِ " [ متفق عليه ] ، فاحذروا عباد الله أسباب سخط الله تعالى ،
    وكلوا الرزق الحلال الطيب ، ليبارك لكم فيما رزقكم ربكم .
    8= ومن صور
    أكل المال الحرام ، غش الناس والتدليس عليهم في المعاملات ، من أجل أكل
    أموالهم بالباطل ، كمن يجعل طيب الطعام في الأعلى ، والرديء في الأسفل ،
    أو الجديد في الأعلى والقديم في الأسفل ، أو الكبير في الأعلى والصغير في
    الأسفل ، وهذا أمر لا يجوز شرعاً ولا عرفاً ، وهو من الغش المتداول بين
    الناس اليوم ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ
    اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ
    ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا ، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا ، فَقَالَ
    مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ ؟ قَالَ : أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا
    رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ ، كَيْ
    يَرَاهُ النَّاسُ ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي " [ أخرجه مسلم ] ، فأين
    الإسلام ، وأين الأخوة التي حث عليها كتاب الله تعالى ، وأمر بها نبيه صلى
    الله عليه وسلم ، ألا فليتق الله أناس عرف الحق فلم يتبعوه ، وعلموا
    الحلال فتجاوزوه ، فاتقوا الله أيها التجار وبينوا عيوب السلع للناس قبل
    بيعها ، والله هو الرزاق ذو القوة المتين ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ
    رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ يَقُولُ : " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، لَا يَحِلُّ
    لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ ، إِلَّا بَيَّنَهُ
    لَهُ " [ أخرجه ابن ماجة وأحمد ] ، وعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي
    الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ ، لَمْ يَزَلْ
    فِي مَقْتِ اللَّهِ ، وَلَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَلْعَنُهُ " [ أخرجه
    ابن ماجة ] ، ومن علم أن في سعلة عيباً وجب عليه أن يبينه لمن اشتراه ،
    لأن هذا من حق المسلم على أخيه ، ولا يجوز له أن يكتمه ، فإنه كتمه فهو
    آثم ، قَالَ أَبُو سِبَاعٍ : اشْتَرَيْتُ نَاقَةً مِنْ دَارِ وَاثِلَةَ
    بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه ، فَلَمَّا خَرَجْتُ بِهَا ، أَدْرَكَنَا
    وَاثِلَةُ وَهُوَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ فَقَالَ : يَا عَبَد اللَّهِ !
    اشْتَرَيْتَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : هَلْ بَيَّنَ لَكَ مَا فِيهَا ؟
    قُلْتُ : وَمَا فِيهَا ؟ قَالَ : إِنَّهَا لَسَمِينَةٌ ظَاهِرَةُ
    الصِّحَّةِ ، فَقَالَ : أَرَدْتَ بِهَا سَفَرًا أَمْ أَرَدْتَ بِهَا
    لَحْمًا ؟ قُلْتُ : بَلْ أَرَدْتُ عَلَيْهَا الْحَجَّ ، قَالَ : فَإِنَّ
    بِخُفِّهَا نَقْبًا ، فَقَالَ صَاحِبُهَا : أَصْلَحَكَ اللَّهُ ! أَيْ
    هَذَا تُفْسِدُ عَلَيَّ ، قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
    اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يَبِيعُ
    شَيْئًا إِلَّا يُبَيِّنُ مَا فِيهِ ، وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ يَعْلَمُ
    ذَلِكَ إِلَّا يُبَيِّنُهُ " [ أخرجه أحمد ] ، فما أحوجنا أيها الأخوة في
    الله ، للعودة الصادقة للدين ، والنصيحة لجميع المسلمين .
    وحتى لا أطيل في الموضوع فينسي آخره أوله ، لعلي أتطرق إلى بعض وسائل الحرام للوصول إلى المال الحرام ومن ذلك :
    9=
    الكذب في البيع والشراء ، كمن حلف أنه اشترى السلعة بكذا وكذا ، وهو كاذب
    في ذلك ، أو أنه أعطي فيها كذا وكذا من الثمن وهو كاذب في ذلك ، ليرفع سعر
    السلعة وهي لا تساوي المبلغ الذي طلبه .
    10= بعض العمال والأجراء يتفق
    مع الزبون لبيع السلعة بسعر ، ويخفي السعر الحقيقي عن صاحب العمل ، ويأخذ
    الفرق بين السعرين ، وهذا حرام لما فيه من الغش والكذب والخيانة .
    11=
    ومن الأموال المحرمة بيع سلعة تقليدية أو تجارية على أنها سلعة أصلية ،
    ولا يخفى على كل مسلم ما لهذا العمل المشين من خيانة للمسلمين ، وأكل
    أموالهم بالباطل ، وهذا لا شك أنه يأكل هذا المال ظلماً وعدواناً ، إنما
    يأكل في بطنه ناراً ، فليتق الله ويسلم ، أو ليعصه فيندم .
    12= ومن
    الأموال المحرمة ، الأموال التي تأتي من بيع ( الدشوش ) ، لأنها تعرض
    الكثير من الحرام سواءً الأغاني أو المسلسلات التي تدعوا إلى الفاحشة
    والرذيلة ، أو تستهزئ بالمسلمين ورموزهم وعلماؤهم ، وما تعرضه من ساقط
    الأقوال والأعمال ، فلا يبث فيها إلا كل سقيم ومريض من الأفعال ، يتولى
    كبرها كفار مرجفون في الأرض ، أو أناس طغت عليهم حب المادة فلم يأبهوا بأي
    طريق سلكوا ، ولا ريب أن هذه القنوات تأتي بالمحرم من الفعل والقول
    والمشاهدة .
    13= ويدخل في ذلك أيضاً بيع آلات اللهو والطرب ، وبيع
    أشرطة الغناء ، وأشرطة الفيديو التي تحوي مسلسلات هابطة ، وأفلام خليعة ،
    مخلة بالآداب ، ملفتة إلى الحرام ، وتصد عن سبيل الله وعن الصلاة ، وتبعد
    عن طريق الله القويم ، وصراطه المستقيم .
    14= ومن الأموال المحرمة بيع
    الدخان والشيشة والمخدرات ، مما لا يخفى على كل مسلم ضررها على الأفراد
    والمجتمعات والأمم ، وإن الله عز وجل إذا حرم شيئاً حرم ثمنه ، فهذه
    الأموال التي بسببها يتم تدمير شباب الأمة ورجالها ونسائها ، حرام أشد
    الحرمة ، وصاحبها معرض للعقوبة والعياذ بالله ، إذا وضع في قبره ، وعند
    لقاء ربه ، هذه الأموال بهذه الطرق الغير مشروعة سحت حرام ، وكل جسد نبت
    من السحت فالنار أولى به والعياذ بالله .
    فاتقوا الله أيها المسلمون
    واعلموا أنما هذه الحياة الدنيا أيام وسويعات ما تلبث أن تنقضي وتذهب ،
    وفجأة يجد العبد نفسه موقوف بين يدي الجبار سبحانه وتعالى ، فيسأله عن
    ماله من أين اكتسبه ، وفيما أنفقه ؟ ويسأله ربه وهو أعلم به ، ماذا عمل
    بأوامر القرآن والسنة ونواهيهما ، هل أطاع الأوامر وترك الزواجر ، أم
    ارتكب الحرام ، وترك الحلال ، فيا أيها الناس أعدوا للسؤال جواباً ،
    وللجواب صواباً ، فلابد من تقوى الله في المعاملات ، وخشيته في الغيب
    والشهادة ، والخوف منه سبحانه فهو مطلع على السرائر والضمائر ، كما يعلم
    خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، والله من وراء القصد ، وهو الهادي إلى
    سواء السبيل ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد
    وعلى آله وأصحابه أجمعين .

    مرتاح بهجرك
    مرتاح بهجرك
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 22/09/2011

    الجنسية : العراق

    عدد المشاركات : 1082

    مكسب العضو : 4717

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 21

     التحذير من أكل المال الحرام - للهم اجر كل المسلمين من النار Empty رد: التحذير من أكل المال الحرام - للهم اجر كل المسلمين من النار

    مُساهمة من طرف مرتاح بهجرك 18/12/2011, 06:25

    موضوع رائع

      الوقت/التاريخ الآن هو 27/11/2024, 04:35