بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الوصايا العشر للشيخ العلامة عبد الله بن جبرين(رحمه الله) هل من وصية أخيرة توصون لها طالب العلم؟ هذه بعض الوصايا لعل الطالب الصادق أن يتمثل بها، ويسير على ضوئها، رجاء أن يكون ذلك سببا في تفوقه ونيله من العلم ما ينفعه،وينفع غيره. نوصيه أولاوآخرا بتقوى الله -تعالى- فإنها وصية الله للأولين والآخرين،وحقيقتها الخوف من الله -تعالى- ومراقبته في السر والعلن، وفسّر ابن مسعود تقوى الله ? حَقَّتُقَاتِهِ ?[ سورة آل عمران، الآية : 102 ] بأن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر. ونوصيه ثانيا: بالتواضع لله -تعالى- ولعبادالله،فإن من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر على الله وضعه،وحقيقة التواضع أن يصغر نفسه، وأن يحتقر علمه، ولا يرى أنه أرفع من فلان وفلان، ولايشمخ بأنفه، ولا يعجب بعلمه ورتبته، ولا يذل نفسه بتعظيم أهل الدنيا، والتواضع لهم لأجل دنياهم، بل يصونه عن ابتذاله وامتهانه، حتى يرزقه الله -تعالى- الهيبة في قلوب الناس. ونوصيه ثالثا:أن يترفع عن مجالس اللهو، واللعب، والقيل، والقال، والخوض في الباطل،كما قال -تعالى- : " وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ " [ سورة الأنعام، الآية : 68 ] وكما مدحالله المؤمنين بقوله: " وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِمَرُّوا كِرَامًا "[ سورة الفرقان، الآية : 72 ]؛ وذلك لأن مجالسة السفهاء،والخوض معهم إقرار لهم على المعاصي والباطل، فمن استطاع أن ينصحهم ويرشدهم إلى الخير فعل ذلك، وله أجر كبير، ومن عرف أنهم لا يقبلون منه صد عنهم، وابتعد عن مجالستهم لينجو بنفسه. ونوصيه رابعا:أن يعز نفسه عن مزاحمة أهل الدنيا في دنياهم،سيما أهل الحرف الدنيئة والمكاسب المشتبهة التي توقع في الحرام أو تدني منه، فإن ذلك مما يزري بالعلم وأهله، وقد ورد النهي عن تعاطي كلحرفة أو صنعة رديئة يحتقر صاحبها في أفهام العامة، لكن عند الضرورة والحاجة تباح لأجل التعفف، والبعد عن الحاجة إلى الناس، وعن بذل العلم لأجل الدنيا. ونوصيه خامسا:أن يحافظ على الطاعات والعبادات، وأن يواظب على جميع الواجبات،كأداء الصلاة جماعة، والمسابقة إلى المساجد، والإكثار من الأعمال الصالحة كالقراءة، والذكر، والدعاء، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والنصيحة للأمة، والبر، والصلة، وحسن الجوار، وبذل السلام، ومواساة ذوي الحاجات، والمسارعة إلى الخيرات، ونوافل القربات من التهجد، وصوم التطوع، والحج والعمرة، والنفقة فيسبيل الله، وتعاهد الصدقة، وأذكار الصباح والمساء، وكثرة ذكر الله في كل الحالات،والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند ذكره، وإظهار محبته، وتعظيم سنته،واحترام أقواله وأفعاله، ونحو ذلك مما هو من سمات المؤمنين، وأهل العلم أولى بذلك ونوصيه سادسا:أن يحرص على التخلق بالفضائل،ومكارم الأخلاق،فينبسط للأمة، ويلقاهم بوجه طلق، ويبذل ما يقدر عليه من النفع لهم كإطعام الجائع، وكسوة العاري، وفك العاني، وقضاءالحوائج، والشفاعة لذوي الحاجات، والسعي في مساعدة العاجزين، وبذل الجاه في نفع المسلمين على حد قول الشاعر: فرض الإله زكاة ما ملكت يدي * * * وزكـاةجاهي أن أعين وأشفعا ويستعمل مع ذلك التلطف ولين الكلام عند الإرشاد وإنكار المنكر، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الأعرابي الذي بال في المسجد، وكما عفا عن الآخر الذي سل سيفه وقال: من يمنعك مني؟ قال (الله) و لم يعاقبه، ولا شك أن هذه الأخلاق الرفيعة تنشر له سمعة حسنة، وقبولا بين الناس. ونوصيه سابعا:أن يتحلى بالفضائل، ويتخلى عن الرذائل، فيبتعد عن الحسد، والبغي، والظلم، والعدوان، وعن الرياء والإعجاب بنفسه، واحتقار غيره، وعن التكبر، والأشر، والبطر، والفخر، والخيلاء، والمباهاة بالمنصب، وحب المدح، واحتقار من هم مثله، والاشتغال بذم الناس، وتتبع عيوبهم،والمنافسة على الدنيا وحظوظها، وتتبع عثرات العلماء للإزراء بهم، وتنقص علوم غيره ليصرف الناس إليه، فقد ابتلي الكثير من العلماء بالمنافسة والحسد كما قال الشاعر: ينسى من المعروف طودا شامخا * * * وليس ينســى ذرة ممــن أسـا وقد كثر الحسد وفشا بين مدعي العلم،وانشغل الكثير بعيوب غيره وتكبيرها، فيجعلمن الحبة قبة، ويجسد الزلة الصغيرة. ويجعل الراجح مع غيرهم رجوحا،ولا شك أن هذا اعتراض على الله -تعالى- في تصرفه، فهو سبحانه يعز منيشاء ويذل من يشاء، ويرفع بعضا، ويخفض آخرين، "ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ "[ سورة الحديد، الآية : 21 ] وعلى العالم أن يعترف بما فضله الله به،ويعلم أنذلك محض فضل من الله وجود منه، فيشكر ربه ويعبده ويحمده، ويعترف بفضل الآخرينوما حباهم الله من العلم والحلم، ولا يعترض على ربه في عطائه وفضله. ونوصيه ثامنا:باستعمال الأخلاق المرضية عند الله -تعالى- كالتوبة،والإنابة والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، وإخلاص العمل لله -تعالى- والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، والرضى عن الله -تعالى- بما قسمه، والاستعداد للرحيل،والقناعة بالقليل، والخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والتوكل على الله -تعالى- وتفويض الأمور إليه، والرضى به حسيبا ووكيلا، والشفقة والرحمة بالخلق وإيثار رضى الله -تعالى- على كل أحد، ومحبة الله -تعالى- ومحبة من يحبه الله، وبغض أعداء الله،وهجرهم في ذات الله، ولو كانوا أقرب قريب. ونوصيه تاسعا:بحفظ الوقت واستغلاله فيما يعود عليه بالفائدة،واستغلاله في التزود من العلم والعمل،فإن العلم كثير، والعمر قصير، ومما يذكر عن الشافعي -رحمه الله- أنه قال في وصف العلم وطلبة العلم : « العلم بطيء اللزام،بعيد المرام، لا يدرك بالسهام، ولا يرى في المنام، ولا يورث عن الأباء والأعمام،إنما هو شجرة لا تصلح إلا بالغرس، ولا تغرس إلا في النفس، ولا تسقى إلا بالدرس، ولامحصل إلا لمن أنفق العينين، وجثا على الركبتين، ولا يحصل إلا بالاستناد إلى الحجر،وافتراش المدر، وقلة النوم، وصلة الليل باليوم، انظر إلى من شغل نهاره بالجمع،وليله بالجماع، أيخرج من ذلك فقيها؟، كلا والله حتى يعتضد الدفاتر، ويستحصل االمحابر، ويقطع القفار، ولا يفصل في الطلب بين الليل والنهار ». اهـ. ومماروي عنه أنه قال : « حق على طلبة العلم بلوغ غايته جهدهم فيالاستكثار من علمه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله -تعالى- فيإدراك علمه نصا واستنباطا، والرغبة إلى الله -تعالى- في العون عليه» . اهـ. ثم نقول: ليس له أن يجهد نفسه ويتعبها مخافة الملل والضحر، فقد روى ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: « كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا » ؛ فلهأن يريح نفسه وقت الأكل، والشرب والنوم، والاستراحة بعد التعب، وعليه أن يقوم بماعليه من حق زوجة أو ولد، أو زائر، أو سعي في طلب معاش، ويجعل بقية وقته في التعلموالعمل، فإنه لا ينال العلم براحة الجسم. ونوصيه عاشرا:أنلا يستنكف عن أخذ العلم عن غيره، ولو من صبي أو عامي،أو شريف، أو طريف، فإنالحكمة ضالة المؤمن، يلتقطها أين كانت،فالفاضل يستفيد من المفضول ما ليس عنده،فقد روى كثير من الصحابة عن بعض التابعين، ونقل عن سعيد بن جبير -رحمه الله تعالى- أنه قال: « لايزال الرجل عالما ما تعلم، فإذا تركالتعلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون ». وكان أبو حنيفة يجلس بين يدي مالك كالصبي، مع أنه أكبر منه سنا،وكان الشافعي يقول للإمام أحمد أنتم أعلممني بالحديث، فإذا صح عندكم الحديث فقولوا لنا حتى نأخذ به ، مع أن الشافعي أكبروأشهر أهل زمانه. ونسأل الله -تعالى- أن ينفعنا بما علمنا، وأن يزقنا علما نافعا، وعملا صالحا ونعوذ به من علم لا ينفع، ومن عمل لايرفع، والله -تعالى- أعلم وأحكم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. عبد اللَّـه بن عبد الرَّحمن بن جِبرينٍ الألوكة |
2 مشترك
الوصايا العشر للشيخ العلامة عبد الله بن جبرين(رحمه الله)
الجزائري عبد المعز- عضو ماسي
- تاريخ الإنضمام : 05/10/2011
الجنسية : جزائر
عدد المشاركات : 3288
مكسب العضو : 40583
نقاط تقييم مواضيع العضو : 21
المزاج : منتديات طموح الجزائر
خليل إبراهيم- صاحب الموقع
- تاريخ الإنضمام : 02/12/2009
الجنسية : أردني وافتخر
عدد المشاركات : 9177
مكسب العضو : 122149
نقاط تقييم مواضيع العضو : 118
العمر : 34
المزاج : رايق
مشكووووور على الموضوع المميز
» من منافع الحج وفوائده ( للشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله
» فوائد طيبة في مسألة تشميت العاطس للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى-
» سنة متروكة يجب إحياؤها((العلامة الألباني))رحمه الله
» فتـاوي لفضيلة العلامة ابن باز (رحمه الله) تخص الوالدين
» تفسير سورة النصر لشيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله
» فوائد طيبة في مسألة تشميت العاطس للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى-
» سنة متروكة يجب إحياؤها((العلامة الألباني))رحمه الله
» فتـاوي لفضيلة العلامة ابن باز (رحمه الله) تخص الوالدين
» تفسير سورة النصر لشيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله