من علامة استقامة القلب قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ( فصل ) وإنما يستقيم له هذا باستقامة قلبه وجواره فاستقامة القلب بشيئين : ( أحدهما ) أن تكون محبة الله تعالى تتقدم عنده على جميع المحاب فإذا تعارض حب تعالى الله وحب غيره سبق حب الله تعالى حب ما سواه فرتب على ذلك مقتضاه. ما أسهل هذا بالدعوى وما أصعبه بالفعل.. فعند الامتحان يكرم المرء أو يهان.. وما أكثر ما يقدم العبد ما يحبه هو ويهواه أو يحبه كبيره وأميره وشيخه وأهله على ما يحبه الله تعالى.. فهذا لم تتقدم محبة الله تعالى في قلبه جميع المحابّ ولا كانت هي الملكة المؤمرة عليها.. وسنة الله تعالى فيمن هذا شأنه أن ينكد عليه محابه وينغصها عليه ولا ينال شيئا منها إلا بنكد وتنغيص.. جزاء له على إيثار هواه وهوى من يعظمه من الخلق أو يحبه على محبة الله تعالى. وقد قضى الله تعالى قضاء لا يرد ولا يدفع أن من أحب شيئا سواه عذب به.. ولا بد وأن من خاف غيره سلط عليه وأن من اشتغل بشيء غيره كان شؤما عليه ومن آثر غيره عليه لم يبارك فيه ومن أرضى غيره بسخطه أسخطه عليه ولا بد. ( الأمر الثاني ) الذي يستقيم به القلب تعظيم الأمر والنهى وهو ناشئ عن تعظيم الآمر الناهي فإن الله تعالى ذم من لا يعظم أمره ونهيه قال سبحانه وتعالى: { ما لكم لا ترجون لله وقارا } قالوا في تفسيرها: ما لكم لا تخافون لله تعالى عظمة ما أحسن ما قال شيخ الإسلام في تعظيم الأمر والنهي: هو أن لا يعارضا بترخص جاف ولا يعرضا لتشديد غال ولا يحملا على علة توهن الانقياد.. ومعنى كلامه أن أول مراتب تعظيم الحق عز وجل تعظيم أمره ونهيه وذلك المؤمن يعرف ربه عز وجل برسالته التي أرسل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كافة الناس ومقتضاها الانقياد لأمره ونهيه. وإنما يكون ذلك بتعظيم أمر الله عز وجل واتباعه وتعظيم نهيه واجتنابه فيكون تعظيم المؤمن لأمر الله تعالى ونهيه دالا على تعظيمه لصاحب الأمر والنهي ويكون بحسب هذا التعظيم من الأبرار المشهود لهم بالإيمان والتصدق وصحة العقيدة والبراءة من النفاق الأكبر. فإن الرجل قد يتعاطى فعل الأمر لنظر الخلق وطلب المنزلة والجاه عندهم ويتقي المناهي خشية سقوطه من أعينهم وخشية العقوبات الدنيوية من الحدود التي رتبها الشارع صلى الله عليه وسلم على المناهي.. فهذا ليس فعله وتركه صادرا عن تعظيم الأمر والنهي ولا تعظيم الآمر والناهي فعلامة التعظيم للأوامر رعاية أوقاتها وحدودها والتفتيش على أركانها وواجباتها وكمالها والحرص على تحينها في أوقاتها والمسارعة إليها عند وجوبها.. والحزن والكآبة والأسف عند فوت حق من حقوقها كمن يحزن على فوت الجماعة ويعلم أنه تقبلت منه صلاته منفردا فإنه قد فاته سبعة وعشرون ضعفا. الوابل الصيب [ جزء 1 - صفحة 15 ] المصدر: موقع يا له من دين . |
2 مشترك
من علامة استقامة القلب .
الجزائري عبد المعز- عضو ماسي
- تاريخ الإنضمام : 05/10/2011
الجنسية : جزائر
عدد المشاركات : 3288
مكسب العضو : 40583
نقاط تقييم مواضيع العضو : 21
المزاج : منتديات طموح الجزائر
- مساهمة رقم 1
من علامة استقامة القلب .
خليل إبراهيم- صاحب الموقع
- تاريخ الإنضمام : 02/12/2009
الجنسية : أردني وافتخر
عدد المشاركات : 9177
مكسب العضو : 122149
نقاط تقييم مواضيع العضو : 118
العمر : 34
المزاج : رايق
- مساهمة رقم 2
رد: من علامة استقامة القلب .
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووور على هذا الموضوع الرائع