|
نسيم الجنة
|
|
عبدالرحمن اليحيا التركي
|
[center] بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حق حمده والشكر له حق شكره واصلي واسلم على نبيه وخيرته من خلقه وبعد حديثي معكم عن نسيم الجنة والسؤال هل للجنة نسيم نعم وردت عدة احاديث صحيحة وصريحة أن للجنة ريح تشم حقيقة يوم القيامة من مسافة بعيدة،والناس فيها على درجات بحسب ما علموا واما الجنة فهي اميرة الجمال ويكفي في وصفها ما اخرجة الامام ابن ماجة وابن حبان عن أسامة بْنُ زَيْدٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ لأَصْحَابِهِ ذَاتَ يَوْمٍ : " أَلا هَلْ مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ ؛ فَإِنَّ الْجَنَّةَ لا خَطَرَ لَهَا , هِي وَرَبِّ الْكَعْبَةَ نُورٌ يَتَلأْلأُ , وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ , وَقَصْرٌ مَشِيدٌ , وَنَهْرٌ مُطَّرِدٌ , وَفَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ نَضِيجَةٌ , وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ , وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ فِي مَقَامٍ أَبَدًا , فِي حَبْرَةٍ وَنَضْرَةٍ , فِي دَارٍ عَالِيَةٍ سَلِيمَةٍ " , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ لَهَا , قَالَ : " قُولُوا : إِنْ شَاءَ اللَّهُ ) وفي الجنة اربعة نداءات تلغي مشاكل الدنيالأن الدنيا خلقها الله ناقصة بل طبعت على كدر فما عيبت الدنيا بألغ من ذكر فنائها وتقلب احوالها وسرعة زوالها فتتبدل صحتها بالسقم ووجودها بالعدم وشبيبتها بالهرم ونعيمها بالبؤس وحياتها بالموت وغنا ولذلك ورد في الحديث اذا دخا اهل الجنة الجنة ( ينادي المنادي أن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وأن تحيوا فلا تموتوا أبدا وان لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وان لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا) رواه مسلم اما طريق الجنة يقول ابن الجوزي عليه رحمةُ الله: طهر قلبك من الشوائب؛ فالمحبة لا تلقى إلا في قلب طاهر، أما رأيت الزارع يتخيرُ الأرض الطيبة، ويسقيها ويرويها، ثم يثيرها ويقلبها، وكلما رأى حجراً ألقاه، وكلما شاهد ما يُؤذي نحّاه، ثم يلقي فيها البذر، ويتعاهدها من طوارق الأذى؟ وكذلك الحق عز وجل إذا أراد عبداً لوداده حصد من قلبه شوك الشرك، وطهره من أوساخ الرياء والشك ثم يسقيه ماء التوبة والإنابة، ويرزقه الخوف والإخلاص، فيستوي ظاهره وباطنه في التقى، ثم يلقي فيه بذر الهدى، فيثمر المحبة (قلت وفي الحديث القدسي عند البخاري(( ... فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَقَدَمَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا) فيسكن لُب القلب، ، فيسري من بركاتها إلى العين ما يفُضها عن سوى المحبوب، وإلى الكف ما يكُفها عن المطلوب، وإلى اللسان ما يحبسه عن فضول الكلام، وإلى القدم ما يمنعه من سرعة الإقدام. (قلت انا كاتب الاسطر وصف أحد فرسان الأدب بقوله: شباب والله مكتهلون بشبابهم، غضيضة عن الشرّ أعينهم، ثقيلةٌ عن الباطل أرجلهم، أنضاءُ عبادةٍ وأطلاحُ سَهَر، نظر اللَّه إليهم في جوف الليل منحنيةً أصلابهم على أجزاء القرآن الكريم، كلَّما مر أحدُهم بآيةٍ من ذكرالجنّة بكى شوقاً إليها، وإذا مَرّ بآية من ذكر النار شَهِقَ شَهقة كأنّ زفير جهنّم بين أذنيه،موصولٌ كَلاَلهم بكلالهم[ أي تعب النهار بتعب الليل] كَلالُ الليل بكلال النهار، قد أكلت الأرضُ رُكَبَهم وأيديَهم، وأنوفَهم وجباهَهم، واستقلّوا ذلك في جنْب اللَّه،هؤلاء هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه صلتهم بالقرآن الكريم، تعظيم له، واتباع صادق واخرج ابن ابي الدنيا في قيام الليل وابن عساكر عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ انه صلى صلاةَ الْفَجْرِ ، فَلَمَّا سَلَّمَ انْفَتَلَ عَنْ يَمِينِهِ ، ثُمَّ مَكَثَ كَأَنَّ عَلَيْهِ كَآبَةً ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ عَلَى حَائِطِ الْمَسْجِدِ قِيدَ رُمْحٍ ، قَلَبَ يَدَهُ ، وَقَالَ : " وَاللَّهِ , وَلَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَا أَرَى الْيَوْمَ شَيْئًا يُشْبِهُهُمْ ، وَلَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ شُعْثًا صُفْرًا غُبْرًا ، بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ أَمْثَالُ رُكَبِ الْمِعْزَى ، قَدْ بَاتُوا لِلَّهِ سُجَّدًا وَقِيَامًا ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، يُرَاوِحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَأَقْدَامِهِمْ ، فَإِذَا أَصْبَحُوا فَذَكَرُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، مَادُوا كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ فِي يَوْمِ الرِّيحِ ، وَهَمِلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تُبَلَّ ثِيَابُهُمْ ، وَاللَّهِ لَكَأَنَّ الْقَوْمَ بَاتُوا غَافِلِينَ) فما زالت تلك النفس الطاهرة رائضُها العلم، ونديمها الحلم، وسجنها الخوف، وميدانها الرجاء، وبُستانها الخلوة، وكنزها القناعة، وبضاعتها اليقين، ومركبها الزهد، وطعامها الفكر، وحُلواها الأنس، وهي مشغولة بتوطئة رحلها لرحيلها، وعينُ أملها ناظرة إلى سبيلها. فإن صعد حافظها فالصحيفة نقية، وإن جاء البلاء فالنفس صابرة تقية، وإن أقبل الموت وجدها من الغش خلية؛ فيا طوبى لها إذا نُوديت يوم القيامة: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر:27-28]. فخلاصة وصية ابن الجوزي طهر قلبك من الشوائب فالمحبة لاتلقى الا في قلب طاهر ( اما سمعت ( اولئك الذين لم يرد الله ان يطهر قلوبهم ) شكى رجل من الفتور في الطاعات فقال الشيخ القلب اذا مرض وفتن بلي بالكسل والفتور فلا يضعف في طاعة الا من عظمت غفلته واصيب بالفتنة ونسيان عظمة الرب إذا حلت الهدايةُ قلباً ** نشطتْ للعبادةِ الأعضاءُ ولذلك الجنة متوقفة على الايمان والايمان متوقف على المحبة والمحبة متوقفة على السلام وافشاء السلام كرم نفس ولايكون الانسان كريم النفس الا حينما يكون سليم الصدر للمسلمين طليق الوجة لهم والذي يفشي السلام لايسب ولا يشتم ولا يؤذي احدا ولذلك صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم كما اخرجه الامام احمد وابن خزيمه وحسنة الالباني في الجامع عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ : " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرْفَةً يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا ، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ ، وَتَابَعَ الصَّلاةَ وَالصِّيَامَ ، وَقَامَ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ) فجمعوا بين كرم النفس بالسلام وكرم اليد بالاطعام وهذا في حق الخلق وحسن المعاملة مع الخالق بقيام الليل . وكل ذلك متوقف على التوفيق والتوفيق كله بيد الله والسؤال ما هو اعظم شيء يجلب التوفيق اسباب كثير ابرزها ثلاث 1- الاخلاص فكل مخلص موفق ومسدد ومعان فما نزل من السماء شيء اعظم من التوفيق وما رفع الى السماء عمل اعظم من الاخلاص 2- الخوف من الله فاعظم ما يجلب التوفيق الخوف من الله ( ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا ) أسأل الله أن يكرمني وإياكم بتمام تقواه وتقوى الله ما جاورت قلب امرئٍ إلا وصل !وقد قيل : كن تقياً تكن قوياً وقد يتسأل متساءل ما سبيل كبح جماح النفس عن هواها واستشعار مراقبة الله والجواب لا أعلم شيئا اعظم من الدعاء ان يقسم الله لك من خشيته ما يحول بينك وبين معصيته واستدامة ذلك 3- بر الوالدين من اعظم اسباب التوفيق ولذلك لما سال رجل قاتل ابن عباس هل له من توبة فساله عن امة هل هي حية فقال ماتت فقيل لابن عباس لماذا سالته عن امه فقال لااعلم عملا يتقرب به الى الله أعظم من بر الام وختاما اوصيكم بثلاث هي ملاك الامر كله اولا الاهتمام بحق الله فلا تمسي وتصبح وانت تحمل هما اعظم من هم كيف تؤدي حق الله وكيف يرضى الله عليك فان من فرغ قلبه لله كفاه الله كل هم وتولى امره فان بيد الله حياتك وموتك وصحتك وسقمك وغناك وفقرك فالامر كله لله وحده فبيده ملكوت كل شي فاستح من الله ان يرى منك مالا يحب فان فعلت ذلك فتح في وجهك ابواب رحمته ثانيا الاهتمام بحق نفسك فهي امانة عندك اسعى في فكاكها من النار ولا يكون الا بتوفيق الله فالله فرض فرائض فلا تضيعها وحد حدودا فلا تنتهكها ارحم نفسك لاتعذبها بالمعاصي هذا من ناحية الدين اما من ناحية الدنيا اتق الله واجمل في الطلب فلا تكلف نفسك مالا طاقة لك به فترحم هذه النفس فلا تتسبب لها بالامراض فصحتك ثروتك (عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيخا يهادى بين ابنيه قال ما بال هذا قالوا نذر أن يمشي قال إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني وأمره أن يركب ) رواه البخاري وعن أبن عباس رضي الله عنهما قال : بينما النبي يخطب إذا هو برجل قائم ، فسال عنه فقالوا : أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ، ولا يستظل ولا يتكلم ، ولا يصوم ، فقال النبي : ( مروه فليتكلم وليستظل وليقعد، وليتم صومه ) رواه البخاري ثالثا الاهتمام بحقوق العباد من بر الوالدين والاقارب والاصحاب ليحقق ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) اياك والغل والحسد وغض الطرف عن زلات المسلمين ففي الحديث عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ , قَالَ : لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَبَدَرْتُهُ ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ ، أَوْ بَدَأَنِي فَأَخَذَ بِيَدِي ، فَقَالَ : " يَا عُقْبَةُ ، أَلا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ أَخْلاقِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَأَهْلِ الآخِرَةِ ؟ تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ ، وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ ، وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ )رواه الحاكم وابن ابي الدنيا حب الخير للمسلمين) احرص كل الحرص على رفقة اهل الخيرقال الحكماء :مُصاحب رفقاء السوء ، كراكب البحر ،إن هو سلم من الغرق ، لم يسلم من المخاوف الكثيرة
تمت هذه الرسالة والله اسال ان يجعل لها القبول بين عباده وان يتولى نشرها ويعظم بها لنا الاجر ويضع لها القبول ويجعل خيرها وبركتها على من سمعها وقرأها وكتبهاواجعلها وسيلة نافعة وشافعة عندك واجعلها نورا ورحمة على من الفها وقرأها ونشرها |
|