مقتل القذافي دروس وعبر لمن كان له قلب علي سعد لجهر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله الطيبين الطاهرين, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كل منا قد علم بمقتل الرئيس الليبي معمر القذافي – عليه من الله ما يستحق - ولي مع هذا الحدث والاحداث الحالية والسابقة التي تمر علينا من نزع الملك من بعض الرؤساء والحكام بعض الوقفات التي لابد للمؤمن ان يتدبرها ويستفيد منها ويتعظ بها .
1 – عظمة الله جل في علاه : فعن عبدالله ابن عمر – رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :" يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة . ثم يأخذهن بيده اليمنى . ثم يقول : أنا الملك . أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرضين بشماله . ثم يقول : أنا الملك . أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ " رواه مسلم
نعم فل يعلم انه لا ملك ولا جبار ولا متكبر ولا قوي ولا عظيم الا الله قال عز من قائل :" هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم . هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون .هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم " 22- 24 الحشر . و ذكر ابنُ بطوطة الرحالة المسلم المغربي الشهير انه مر على مقبرة دُفن فيها ألفُ ملِكٍ عليها لوحةٌ مكتوبٌ فيها : وسلاطينُهم سلِ الطين عنهمُ . . . . والرؤوسُ العظامُ صارتْ عظاما
2 – نزع الملك : يقول الله تعالى : " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير " 26 ال عمران فكم من الملوك والرؤساء من نزع الملك منه نزعا . فبعد العز والمنعة والرفعة رأينا البعض يشنق والاخر يطرد خائفا ذليلا وآخر يسجن ويحاكم على سرير المرض وآخر يحرق وجهه وصدره من اثر قنبلة وآخر يقاطع ويضيق عليه فلا يجد مخرجا الا قتل شعبه وآخر يطارد ويحاصر ويقتل وهو مختبئ ذليل . قال الله عز وجل : [ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى الله مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ المُلْكُ الْيَوْمَ لله الْوَاحِدِ الْقَهَّار ِ] {غَافِرِ:16}. وعن ابو هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : " أغيظ رجل على الله يوم القيامة ، وأخبثه وأغيظه عليه ، رجل كان يسمى ملك الأملاك . لا ملك إلا الله " رواه مسلم
3 - عاقبة الظلم : الظلم، الذي حرمه الله سبحانه وتعالى على نفسه وحرمه على الناس، فقال سبحانه وتعالى فيما رواه رسول الله في الحديث القدسي: " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا........ " الى اخر الحديث الذي رواه مسلم وعن جابر أن رسول الله قال : " أتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة .......... " الى اخر الحديث الذي رواه مسلم فعندما تكبر فرعون وجنوده وطغوا وبغوا وظلموا واكثروا في الارض الفساد قال الله عنهم : " فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين " واعلموا أن دعوة المظلوم مستجابة لا ترد – فعن عبدالله ابن عباس – رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن ، فقال له : ( اتق دعوة المظلوم ، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب ) . رواه البخاري فالى كل ملك او رئيس او مسؤول بل الى كل فرد ذكراً كان ام انثى لاتظلموا احدا فإن عاقبة الظلم وخيمة في الدنيا والآخره وها نحن نشاهد كل ذلك عيانا بيانا .
وكما قال الشاعر
لاتظلمن إذا ما كنت مقتدراً *** فالظلم آخره يأتيك بالندم نامت عيونك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم فتذكر أيها الظالم وأيتها الظالمة قول الله عز وجل " : وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ . مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء " ابراهيم:43،42 ولا يغتر الظلمة بإمهال الله لهم فله حكمة في ذلك ولكنه اذا أخذهم فإن أخذه اليم شديد . فعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إن الله لَيُمْلِي للظَّالِم، فإذا أخذه لَم يفلتْه))، ثم قرأ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إذَا أخَذَ الْقُرَى وَهِي ظَالِمَةٌ إنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَديدٌ ﴾ [هود: 102]؛ متفق عليه. وكما قال الشاعر
فاظلم كما شئـت لا أرجـوك مرحمـة إنـا إلـى الله يـوم الحشـر نحتكـم
4 – تفاهة الدنيا : فكل هذه الاحداث تبين لنا بالبرهان القاطع الذي لا ريب فيه بان هذه الدنيا ليست درا بقاء ولا كمال ولا راحة بل هي دار عمل واستعداد للقاء الواحد الاحد وهي بمثابة المزرعة للآخرة فما تزرع هنا تلقاه هناك , ولم يذكرها الله جل في علاه ولا رسوله محمد صلى الله عليه وسلم الا بصيغة الذم والتحذير منها ومن الانشغال بها عن الهدف الاسمى الذي خلقنا من اجله . فيقول الله عز وجل في سورة الحديد : " اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور " ثم بعد ما بين سبحانه تفاهة هذه الدنيا وحقيقتها امرنا بالمسابقة الى مغفرته وجنته فقال في الآية التي تليها : " ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) فادعوا نفسي واياكم الى الفرار الى الله والمسارعة الى الخيرات والبعد عن الذنوب والمنكرات والاستعداد للقاء رب الارض والسماوات , جعلنا الله من اهل القلوب الحية النقية الطاهرة . والله اعلم واعظم واكرم وأخيرا هذه الكلمة ستجدونها كمقطع فيديو لي في مواقع الفيديو المعروفة وبعض المنتديات بعنوان " القذافي ويوم القيامة "
محبكم في الله والمحتاج له في كل طرفة عين علي سعد لجهر منسق الدعوة بمحافظة احدرفيدة منطقة عسير جنوب المملكة العربية السعودية
وسقط .. الشيخ . محمود القلعاوي
وسقط الطاغية .. وانتهى ، وقلبت الصفحة ، سقط بصورة مشبعة ، وهبه الله من النعم ما وهب ، وهبه المال والسلطة والنفوذ وكان أولى به أن يأخذ بكل هذا فييسر للناس أمرهم ويذلل صعبهم ويقضى حوائجهم ، ولكنه وللأسف سخر من الناس واستهزأ بهم ، اعتلقهم ، نهب أموالهم ، سفك دمائهم ، خرب بلادهم .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .
ما أبشع الظلم ؟! ، ما أبشع أن يجد الإنسان سعادته وهنائه فى ظلمه للآخريين ، كيف ينام تاركاً ضحيته وهى تأن ، كيف يستمتع بمال أخذه ظلماً وجوراً من صاحبه ؟! ، كيف يستمع بلحظته وهى تمر على الآخريين جبالاً من شدتها وقسوتها عليهم بسببه ، كيف يستمع بأولاده وقد تسب فى يتم الآخريين ؟! ، جرم عظيم ولهذا جزاءه أعظم وإليك قطرة من فيض ، قال صلى الله عليه وسلم :- ( من اغتصب مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان ، قالوا :- ولو كان شيئاً يسيراً يا رسول الله ؟ قال :- ولو كان قضيباً من أراك - أي ولو كان سواكاً ) .
وللأسف قد يظلم الواحد منا متناسياً عقاب السماء له ، وإليكم قصة نقلتها من على صفحات هذه الشبكة تقول صاحبتها :- حدثت قصتي مع الظلم قبل سبع سنوات ، فبعد طلاقي الثاني ، قررت الزواج بأحد اقاربي الذي كان ينعم بحياة هادئة مع زوجته وأولاده الخمسة ، حيث اتفقت مع ابن خالتي الذي كان يحب زوجة هذا الرجل على اتهامها بخيانة زوجها ، وبدأنا في إطلاق الشائعات بين الأقارب ، ومع مرور الوقت نجحنا ، حيث تدهورت حياة الزوجين وانتهت بالطلاق ، وبعد مضي سنة تزوجت المرأة برجل آخر ذي منصب ، أما الرجل فتزوج امرأة غيري ، وبالتالي لم احصل مع ابن خالتي هدفى المنشود ، ولكن حصلت على نتيجة أخرى حيث أصبت بسرطان الدم ، أما ابن خالتي فقد مات حرقاً بسبب ماس كهربائي في الشقة التي كان يقيم فيها ، وذلك بعد ثلاث سنوات من القضية.
درس القذافي ! مصلح بن زويد العتيبي
لا خلاف في أن عاقبة الظلم وخيمة ،وأن الله سبحانه من يتولى نصرة المظلوم بنفسه فهو القائل لدعوة المظلوم كما في الحديث القدسي:وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين . ولكن هناك أمر يجب التنبه له وعدم الغفلة عنه ؛فإن مقدار الفهم هو من يحدد قيمة الدرس ؛كما أن المبادرة بالعمل بما تم فهمه هي المقياس الحقيقي لنجابة الطالب . فإذا كانت الحياة مدرسة (ومقتل القذافي ) درساً من الدروس التي عرضت في هذه المدرسة فماذا استفدنا منه ؟؟ لعلي أذكر بعض الفوائد مختصرة ،عسى أن يكون فيها بياناً وذكرى : أولاً:أن الأمر كله لله يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء ؛فإن كنت ترجو فلا ترجو إلا الله ،وإن كنت تخشى فلا تخشى إلا الله ،فلو اجتمع الإنس والجن على أن يهبوا لك ريالاً واحداً لم يهبوه لك إلا أن يشاء الله ،ولو اجتمعوا على أن يمنعوك قطرة ماء لم يمنعوك منها إلا أن يشاء الله . ثانياً :حقارة الدنيا وخستها فمن كان ملكاً يأمر وينهى يُسحب سحباً ويُضرب ضرباً ويُشتم شتماً ؛وكأنه ما ملك يوماً ولا أمر ساعة . وكلها ذهبت الملك والذل ،فقد مات الرجل وانتهى أمره من هذه الدنيا. ثالثاً:أنه بقدر ما يظلم الإنسان غيره بقدر ما يُشقي نفسه ؛فإذا لم يكن قصاص في الدنيا كان القصاص في الآخرة أشد وأنكى . رابعاً:أن الكثيرين منا تأسفوا وتألموا لمآل هذا الرجل ؛ولم يكلف أحد منا نفسه أن يسأل عن مآل نفسه وما عاقبة أمره ،فلينظر كل منا في مسيره وليستعد لرحيله ؛فإن من عاش على شيء مات عليه ،ومن مات على شيء بُعث عليه . خامساً:أن عدم الشكر سرطان النِعم ،فقد رأينا كيف نزع الله لباس الملك عن القذافي وغيره ،فلنعلم أن نزع كل الألبسة أخف من نزع لباس الملك والله على كل شيء قدير ،فيا من تلبس لباس العلم أو المال أو الأمن أو الأهل والولد أو المنصب والوظيفة البس لباس الشكر فوق لباسك وإلا فإن نزعه على الله يسير . ختاما :الحذر من مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ،فبعد أربعين سنة من الملك يُقتل الملك وتشرد الذرية ولله الأمر من قبل ومن بعد .
مصلح بن زويد العتيبي 26/11/1432هـ
{وقيل بعدًا للقوم الظالمين}القذافي بقلم :عبدالرحيم بن سعيد الإسحاقي
عجبًا والله من أناس حزنوا على موت القذافي بل ذرفوا عليه ماء عيونهم كمدًا، وأوقدوا له في قلوبهم نار الحزن حرقة وأسى، ولقد رأيت كثيرًا من الناس ترتسم على وجوههم علامات الاستياء والحزن والشفقة على هذا الظالم المتغطرس والمجرم المتسلط . لا مجال هنا لرهافة المشاعر، ولا محل لرقة القلوب، ولا داعي لذروف الأعين، ولا عذر في حزن المرء، ولا مكان ثمة لتأثر النفوس، فقد حل العذاب ونزل القضاء وقضي الأمر وقيل : بعدًا للقوم الظالمين . إن من سنن الأنبياء والمرسلين -عليهم السلام- ألا يأسفوا على الهالكين عند حلول العذاب، ومن هديهم ألا يحزنوا على مصارع الظالمين إذا نزل بهم من الله ما يستحقونه . فها هو صالح -عليه السلام- يتولى عن قومه وقد حل بهم العذاب ونزل بهم البلاء ويعاتبهم على عدم قبول نصحه ويوبخهم على إعراضهم عن دعوته قال تعالى :{ فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين * فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين} [ الأعراف : 77 – 79] . قال ابن كثير -رحمه الله- :" هذا تقريع من صالح، عليه السلام، لقومه، لما أهلكهم الله بمخالفتهم إياه، وتمردهم على الله، وإبائهم عن قبول الحق، وإعراضهم عن الهدى إلى العمى -قال لهم صالح ذلك بعد هلاكهم تقريعا وتوبيخا وهم يسمعون ذلك " [ تفسير ابن كثير : 3/443-444 ] . وها هو إبراهيم -عليه السلام- يجادل عن قوم لوط لما علم بحلول العذاب بهم، فيدافع عنهم رغبة في إسلامهم وطمعًا في نجاتهم كما قال تعالى : {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط * إن إبراهيم لحليم أواه منيب * يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود } [ هود: 74 -76] . وجدال إبراهيم -عليه السلام- للملائكة كان عن القوم الكافرين على أصح قولي المفسرين، كما قال ابن عطية -رحمه الله- :" وقالت فرقة : المراد { يجادلنا } في مؤمني قوم لوط - وهذا ضعيف - وأمره بالإعراض عن المجادلة يقتضي أنها إنما كانت في الكفرة حرصاً عليهم ، والمعنى : قلنا يا إبراهيم أعرض عن المجادلة في هؤلاء القوم والمراجعة فيهم ، فقد نفذ فيهم القضاء" [ المحرر الوجيز : 3/449]. وقال ابن جزي الكلبي :" ومعنى جداله كلامه من الملائكة في رفع العذاب عن قوم لوط" [ التسهيل : 709] . وها هو شعيب -عليه السلام- وهو يرى هلاك قومه فيتولى عنهم غير مأسوف عليه ولا مكثتر لهم كما قال الله - وهو يحكي في كتابه تلك القصة العجيبة- { وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون * فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين * فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين } [ الأعراف : 91 – 93 ] . قال ابن جزي -رحمه الله- :" { فَكَيْفَ آسى على قَوْمٍ كَافِرِينَ } أي كيف أحزن عليهم وقد استحقوا ما أصابهم من العذاب بكفرهم " [ التسهيل : 512] . وقال ابن سعدي -رحمه الله- :" { فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ } أي: فكيف أحزن على قوم لا خير فيهم، أتاهم الخير فردوه ولم يقبلوه ولا يليق بهم إلا الشر، فهؤلاء غير حقيقين أن يحزن عليهم، بل يفرح بإهلاكهم ومحقهم. فعياذا بك اللهم من الخزي والفضيحة، وأي: شقاء وعقوبة أبلغ من أن يصلوا إلى حالة يتبرأ منهم أنصح الخلق لهم ؟ " [ تيسر الكريم الرحمن : 296] . وقال محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- :" أنكر نبي الله شعيب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام الأسى، أي : الحزن على الكفار إذا أهلكهم الله بعد إبلاغهم ، وإقامة الحجة عليهم مع تماديهم في الكفر والطغيان لجاجا وعنادا ، وإنكاره لذلك يدل على أنه لا ينبغي ، وقد صرح تعالى بذلك فنهى نبينا صلى الله عليه وسلم عنه في قوله : {وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين} " [ أضواء البيان : 2/37] . وها هو موسى عليه السلام يعاقب الله قومه بالتيه ويأمره بألا يأسى عليهم ولا يكترث لهم ولا يحزن عليهم قال تعالى :{ قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين } [ المائدة : 26] . قال ابن كثير -رحمه الله- :" وقوله تعالى: { فلا تأس على القوم الفاسقين } تسلية لموسى، عليه السلام، عنهم، أي: لا تتأسف ولا تحزن عليهم فمهما حكمت عليهم، به فإنهم يستحقون ذلك " [تفسير ابن كثير : 3/81]. وقال ابن سعدي -رحمه الله- :" ولما علم الله تعالى أن عبده موسى في غاية الرحمة على الخلق، خصوصا قومه، وأنه ربما رق لهم، واحتملته الشفقة على الحزن عليهم في هذه العقوبة، أو الدعاء لهم بزوالها، مع أن الله قد حتمها، قال: { فلا تأس على القوم الفاسقين } أي: لا تأسف عليهم ولا تحزن، فإنهم قد فسقوا، وفسقهم اقتضى وقوع ما نزل بهم لا ظلمًا منا " [ تيسير الكريم الرحمن : 227] . وهكذا كان دأب خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ، فلا يأسى على أولئك عند حلول العذاب، ولا يرق لهم إذا نزل المصاب، وإليك مواقف من سيرته العطرة، وقطوفًا من مشاهده الجليلة النظرة : منها ما جاء عن أبي طلحة t أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في طوى من أطواء بدر حيث ... حتى قام على شفا الركية فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم : يا فلان بن فلان ، ويا فلان بن فلان ، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله ؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ فقال عمر : يا رسول الله ، ما تكلم من أجساد لا أرواح لها ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : والذي نفس محمد بيده ، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يجيبون ) . [ صحيح البخاري : 3976 ] . فها هو صلى الله عليه وسلم يرى صناديد قومه وكبراء عشيرته وسادة قبيلته فلم يعبأ بهم ولا يأسف عليهم . ومنها أنه صلى الله عليه وسلم في أثناء رجوعه للمدينة بعد غزوة بدر أمر بقتل عقبة بن أبي معيط، فلما سمع عقبة بن معيط بذلك قال: يا ويلي، علام أُقتل يا معشر قريش من بين من هاهنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعداوتك لله ولرسوله" قال: يا محمد مَنُّك أفضل، فاجعلني كرجل من قومي، إن قتلتهم قتلتني، وإن مننت عليهم مننت علي، وإن أخذت منهم الفداء كنت كأحدهم، ثم أراد أن يستعطف النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة ربما لو يلت لأحدنا لذاب لها قلبه قال: يا محمد مَنْ للصبية ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " النار، قدمه يا عاصم فاضرب عنقه" فضرب عاصم عنقه [ انظر: سنن أبي داود : (ح )2688، وحسنه الألباني، ومجمع الزوائد (6/89) وقال: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات، والسيرة النبوية لابن هشام(1/439، 440) ] . ومنها أنه أمر بضرب رقاب بني قريظة في يوم أحد و هم نحو سبعمائة فحفرت لهم الأخاديد في سوق المدينة وهو منظر مهول وهو الآن في الأعراف الدولية جريمة إنسانية ومذبحة بشرية وتطهير عنصري وسمها ما شئت من الأسماء المحدثة، ولو كان أحدنا في موقفه ربما ما فعل ذلك، فهل نحن أرحم من رسول صلى الله عليه وسلم ؟! ومع هذا لم يشفق عليهم ، ولم يأسى لهم ، ولم يرأف بهم، بل قتلهم وسبى ذراريهم ونسائهم . وما يهلك الله أمة من الأمم الظالمة إلا ويقال لها : بعدًا ، كما قال الله تعالى لما أهلك قوم نوح : {وقيل بعدًا للقوم الظالمين} [هود: 44] . قال الشوكاني -رحمه الله- :" { وقيل بعدا للقوم الظالمين } القائل : هو الله سبحانه ، ليناسب صدر الآية . وقيل : هو نوح وأصحابه . والمعنى : وقيل هلاكا للقوم الظالمين ، وهو من الكلمات التي تختص بدعاء السوء ووصفهم بالظلم للإشعار بأنه علة الهلاك " [فتح القدير : 3/450] . وقال تعالى لما أهلك قوم عاد: {ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود} [هو:60] . قال ابن جرير الطبري -رحمه الله- :" أبعدهم الله من الخير" [ جامع البيان : 15/ 367] . وقال البيضاوي -رحمه الله- :" {ألا بعدا لعاد} دعاء عليهم بالهلاك والمراد به الدلالة على أنهم كانوا مستوجبين لما نزل عليهم بسبب ما حكي عنهم" [ أنوار التنزيل : 3/242 ] . وقال تعالى لما أهلك قوم صالح : { ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود} [هود: 68] . وقال عنهم :{ فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين} [ المؤمنون : 41] . قال ابن سعدي - رحمه الله- :" { فبعدا للقوم الظالمين } أي: أتبعوا مع عذابهم البعد واللعنة والذم من العالمين" [تيسر الكريم الرحمن : 551] . وقال تعالى لما أهلك قوم شعيب : {ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود} [ هود: 95] . ثم قال - في سياق ذكر الأمم التي بعثت لها الرسل فكذبت تلك الأمم رسلها فأصابهم الهلاك - :{ ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون"}[ المؤمنون : 44] . قال ابن سعدي -رحمه الله- :" { وجعلناهم أحاديث } يتحدث بهم من بعدهم، ويكونون عبرة للمتقين، ونكالا للمكذبين، وخزيا عليهم مقرونا بعذابهم. { فبعدا لقوم لا يؤمنون } ما أشقاهم!!. وتعسا لهم، ما أخسر صفقتهم!! " [ تيسير الكريم الرحمن : 552] . وفي معنى البعد قال البغوي -رحمه الله- :" وللبعد معنيان: أحدهما ضد القرب، يقال منه: بعد يبعد بعدًا، والآخر: بمعنى الهلاك، يقال منه: بعد يبعد بعدا وبعدا" [ معالم التنزيل : 4/185] . وقال الشوكاني :" والبعد : الهلاك ، والبعد : التباعد من الخير ، يقال : بعد يبعد بعدا : إذا تأخر وتباعد ، وبعد يبعد بعدا : إذا هلك ، ومنه قول الشاعر :
لا يبعدن قومي الذين هم --- سم العداة وآفة الجزر وقال النابغة :
فلا تبعدن إن المنية منهل --- وكل امرىء يوما به الحال زائل ومنه قول الشاعر :
ما كان ينفعني مقال نسائهم --- وقتلت دون رجالهم لا تبعد " [ فتح القدير : 3/458] ونهى الله أنبياؤه أن يخاطبوه في شأن المعذبين، وأن يكلموه في أمر الهالكين قال تعالى لنوح –عليه السلام- :{ ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون} [ هود : 37] . قال الشوكاني -رحمه الله - :" وقد أطبق علماء البلاغة على أن هذه الآية الشريفة بالغة من الفصاحة والبلاغة إلى محل يتقاصر عنه الوصف ، وتضعف عن الإتيان بما يقاربه قدرة القادرين على فنون البلاغة ، الثابتين الأقدام في علم البيان ، الراسخين في علم اللغة ، المطلعين على ما هو مدون من خطب مصاقع خطباء العرب ، وأشعار بواقع شعرائهم ، المرتاضين بدقائق علوم العربية وأسرارها . وقد تعرض لبيان بعض ما اشتملت عليه من ذلك جماعة منهم ، فأطالوا وأطابوا ، رحمنا الله وإياهم برحمته الواسعة " [فتح القدير : 3/450]. فالظالم إذا هلك ذهب غير مأسوف عليه ولا مؤبه به ولا منظور إليه، فيسلم منه العباد والبلاد، قال تعالى:{فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين} [ الدخان 29] . قال الشوكاني -رحمه الله- :" { فما بكت عليهم السماء والأرض } هذا بيان لعدم الاكتراث بهلاكهم" [ فتح القدير: 6/429] . وقال ابن سعدي - رحمه الله - :" { فما بكت عليهم السماء والأرض } أي : لما أتلفهم الله وأهلكهم لم تبك عليهم السماء والأرض، أي لم يحزن عليهم ولم يؤس على فراقهم، بل كل استبشر بهلاكهم وتلفهم حتى السماء والأرض، لأنهم ما خلفوا من آثارهم إلا ما يسود وجوههم ويوجب عليهم اللعنة والمقت من العالمين" [ تيسير الكريم الرحمن : 1/773] . وقال الطاهر بن عاشور -رحمه الله- :" أي فما كان مهلكهم إلا كمهلك غيرهم ولم يكن حدثا عظيما كما كانوا يحسبون ويحسب قومهم، وكان من كلام العرب إذا هلك عظيم أن يهولوا أمر موته بنحو: بكت عليه السماء، وبكته الريح، وتزلزلت الجبال، قال النابغة في توقع موت النعمان بن المنذر من مرضه:
فإن يهلك أبو قابوس يهلك --- ربيع الناس والبلد الحرام وقال في رثاء النعمان بن الحارث الغساني:
بكى حارث الجولان من فقد ربه --- وحوران منه موحش متضائل والكلام مسوق مساق التحقير لهم" [ التحرير والتنوير : 5/161] . والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على النبي الأمين والآل والصحب والتابعين إلى يوم الدين
عروش الطغاة وهوان الدنيا على الله موسى الغنامي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ,,,, أما بعد
" وتأمل حكمته تعالى في تسليط العدو على العباد , إذا جَار قويهم على ضعيفهم , ولم يُؤخذ للمظلوم حقه من ظالمه ؛ كيف يُسلط عليهم من يفعل بهم كفعلهم برعاياهم وضعفائهم سواء , وهذه سنة الله تعالى مُنذ قامت الدنيا إلى أن تطوى الأرض ويعيدها كما بدأها " . توقيع العلامة ابن القيم مفتاح دار السعادة (1/253) .
أيها المباركون إن الخالق العظيم سبحانه وتعالى عندما ابتدأ الخلق , وجعل له ميدانا في السموات والأرض , ضرب له نواميس كونية , وسننا قدرية , لا يحيد عنها قيد أنملة , وجعل لها حدودا شرعية , وضوابط مرعية , من شرعه القويم , فإن هَسّ عنها المخلوق يمنة أو يسرة ابتدرته السنن وكلاً على قدر حاله . قال صلى الله عليه وسلم : " كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ " . أخرجه مسلم (4/2044) والله جل ذكره متفردٌ بالجمال والكمال , واحد في الصفات والأفعال , ملكٌ عظيم , له الملك الأزلي , والتصرف المطلق , يعطي ويمنع , ويخفض ويرفع , يعاقب ويثيب , ويسمع ويجيب . إذا أراد شيئا قال له : كن فيكون , له الأمر كله , وله الحكم كله , لا يخرج عن مشيئته فاذ , ولا ينبوا عن قدره شاذ , يكوّر الليل على النهار ويكوّر النهار على الليل , قد استوى على عرشه فوق سماواته السبع الطباق , ولا يخفى عليه شيء من أمور خلقه بارهم والعاق , ومع علوّه سبحانه فهو أقرب شهيد , وأدنى حفيظ ، حال دون النفوس ، وأخذ بالنواصي , وكتب الآثار , ونسخ الآجال ، فالقلوب له مُفضية ، والسرّ عنده علانية , ولا حول ولا قوة إلا به . عظيمٌ شأنه , عزيزٌ سلطانه , كاملٌ برّه , وبائن لطفه , تتابعت عطاياه , وتوافرت نعماه , يرى من عباده الفواحش والآثام , فيسترهم عن أعين الأنام , يذكّرُهُم عفوه , ويحذّرهم بطشه , فيتحبب إليهم بالنعم , وإلا عَصَفَهم بالنقم . فإن أطاعوه قرّبهم , وإن عادوه باعدهم , ولا أبعد ممن أبعده الله تعالى , يُعامل عباده بالسنن الشرعية فضلا منه , فإن عصوه أخذهم بسننه القدرية عدلا منه . ملكٌ عظيمٌ جِدُ عظيم , ترتد الأبصار خاسئة دون بعض مخلوقاته , وتتحير الأذهان في بعض مصنوعاته , وتزداد النفوس هيبة وتعظيما له إذا رأت بعض آياته . عَرَفَ بعضُ خلقه ذراتا من بديع مخلوقات الله كالجبال والشمس والقمر فعبدوها من دون الله , فكيف لو عرفوه تعالى ! " وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ " .
أيها المباركون إن في تصاريف الأيام , وتداول الأحوال , لعبرةً تدعو لفكرة , تجعل المؤمن يتفكّر في سنن الله الكونية , فيزداد بها تعظيما وإيمانا , وإقرارا وإذعانا لمن خلقها جل شأنه وأدار فلكها ورمكها على مِغزل الأيام بخيوط القدر الرقيقة , وأدخل جَمَلَ الحوادث في سَمّ خِياط قدره , " فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ " . وفي هذه الأيام تتجلي سنن الله الكونية تنادي أولي الألباب ليعرفوها كما أخبر بها خالقها جل شأنه في الظالمين والطغاة من عباده " سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا " .
فإن الدنيا وإن عظمت لا تساوي عند الله جناح بعوضة , فعطائه فيها لمن يحب ولمن لا يحب , وأعظم العطايا في الدنيا عطية " المُلك " ولذا قال جل شأنه لسليمان عليه السلام بعد التفضل عليه بالملك العظيم : " هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ " , ومع كبير قدر الملك , وعظيم خطره , وتشبث العبد به وتطاوله إليه , حتى إنه لا يكاد يفلته إن حصل عليه , فلا يؤخذ منه أخذا بل ينتزع منه انتزاعا كانتزاع الروح من الجسد , " تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ " . فبعد طويل ليل الطغاة الجبابرة , الجاثمين على صدر الأمة ردحا من الزمان , آذن الله بالإصباح للمستضعفين , لينظر صنيعهم , وهو أعلم بهم , " الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ " .
فها هم عتاة الأقطار , وجبابرة الأمصار , يتساقطون واحدا تلو الآخر في مزبلة التاريخ , فبعد أن شادوا لهذا اليوم الحصون , " أَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ " , " وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " . ويا للعجب من قدر الله وحكمته البالغة , وبديع نواميسه الخفية والظاهرة , ولا إله إلا الله وحده لا شريك له في حكمه وملكه وقدره .
تبدأ الكوارث القدرية في الطبيعة من غير إنذار فقطرة ماء , تنقلب إلى سيل جارف , وانقداح شرارة إلى حريق هائل , وتحرك صفيحة أرضية إلى بركان عارم , وتعاقب نسمة إلى ريح عاصف ! لكنها لا تحرّك في بُنيّ آدم شيء بل ينسب أمرها إلى سببها ويتناسى مسببها سبحانه وتعالى !
لكن عندما تكون الكوارث في البشر يكون لها معيار آخر وسنة كونية لها تقديرها من الله سبحانه وقد جاء إنذارها في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , قال الله تعالى : " فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ " , وقال صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْلِي لِلظَّالِمِ، فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ : ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) " . متفق عليه , البخاري (6/74) ومسلم (4/1997)
وقد طرقتُ في مقال سابق بعض سنن الله الكونية في بعض خلقه هذه الأيام , وعنوانه " الله أكبر إنها السنن ورب الكعبة " , وها نحن الآن في فصل آخر من فصول هذه السنن تجري أحداثها هذه الأيام !
فمن عجيب قدر الله التي لا يخطر عليها البال , أن يهين بعض عبيده من الملوك الآبقين عن طاعته , بأحقر ما ينظرون إليه ! فها هي عربة " البو عزيزي " بعد أن شرّدت العبد الآبق ذي الرقم (1) ابن علي في العالمين , وضيّقت أنفاس العبد الآبق ذي الرقم (2) حسني مبارك بالسجن , وأحرقت وجه العبد الآبق ذي الرقم (3) علي صالح , وها هي تسحل العبد الآبق ذي الرقم (4) القذافي وتخرجه من مجاري الصرف الصحي ! ولا زالت هذه العربة تجري في فلكها , وأظن أنها لن تقف وفي رئاسة بلاد الإسلام عبد آبق واحد والله أعلم !
أيها المباركون إن الله عز شأنه جعل جزاء الظالمين من جنس أعمالهم عدلا منه سبحانه , وهذه البكرة الكونية تتجلى في أوضح صورها مع هؤلاء العبيد الآبقة , فهذا ابن علي الذي حارب المسلمين في دارهم وشردهم في الأرض حتى صاروا تسولون مكان الإقامة , هروبا بدينهم , فكان جزائه أن شرده الله في الأرض يذرعها طولا وعرضا , لا يقبل به أحد , وصار يتمسح بالشعائر التي كان يحاربها في بلده ؛ فتحجج بالعمرة لعله يجد محط رحل يلملم فيه كرامته المهدرة . وهذا بائع القضية الفلسطينية ومحاصر المسلمين في غزة مع اليهود حسني مبارك , يحاصره من كان بالأمس القريب يعتد بهم من الجند والأعوان , بل ويحاكمونه على أفعاله ! وهذا طاغية ليبيا معمر القذافي من تواترت بجبروتيته الأخبار حتى بلغت به أنه يضع مخالفيه وذويهم وفيهم الأطفال والنساء في الصهاريج والحاويات ثم يدفنهم وهم أحياء ! وكما رأينا سنة الله فيه بجنس صنيعه فيمسكه الثوار وقد أختبئ في عبارة صرف صحي ثم يسحلونه ليذوق وبال أمره . و" كُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ " .
يا دولة الظلم يرمينا تطاولها*** بالمزعجات ويشجينا تماديها شدي الرحال وزولي غير راجعةٍ*** تلك الكنانة جاءتها مواليها تمت روايتها الكبرى وأودعها*** خزائن الدهر والأجيال راويها هل كان عهدك إلا غمة ًكشفت*** أو غمرة ً ذهبت عنا غواشيها تراكمت ظلمات الخطب فانبلجت*** طلائع الفتح بيضاً في حواشيها
أيها المباركون إن الأيام حبلى بالعجائب ولا أظن – في نظري القاصر – أن عربة خضار البو عزيزي ستتوقف حتى تجرجر عروش الطغاة جميعهم ! فالمتأمل للواقع بذاكرة التاريخ , ليتحدس أن في الثورات العربية خيوطا قدرية تسوقها القدرة الإلهية لحدث جلل الله أعلم به , فثورة تونس عقبتها مصر ثم ليبيا ثم اليمن ثم سوريا وها هي الشعوب تتململ في الجزائر والأردن والمغرب وبعض دول الخليج حتى أنقلب قول الشاعر:
جانب السلطان وأحذر بطشه *** لا تعاند من إذا قال فعل
إلى :
سالم الشعوب وأحذر بطشها *** لا تعاند من إذا قال فعل !
وقد أخبرنا الله أن سننه لا تتبدل ولا تتحول , وفي سنته تعالى أن الأمور العظام تسبق الأحداث العظام !
فأهل السير ذكروا " أن في الليلة التي ولد بها النبي صلى الله عليه وسلم أرتجس إيوان كسرى , وسقطت منه 14 شرفة , وخمدت نار فارس ولم تخمد قبله بألف سنة , وغاضت بحيرة ساوة , ورؤيا الموبذان في ذلك " البداية والنهاية (2/150) وفي ردة العرب عن الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وتكالبهم على المسلمين في المدينة وخروج الأسود العنسي في اليمن ومسيلمة في اليمامة وسجاح في الجزيرة والأعراب في البوادي وكل ذلك في خلافة الصديق رضي الله عنه إذان من الله باتساع رقعة الإسلام وتوسع نفوذه ! قال ابن حجر رحمه الله : " عادة الله جرت بأن الأمر الجليل إذا قضى بإيصاله إلى الخلق أن يقدمه ترشيح وتأسيس " . فتح الباري (12/360) .
ولعل الناظر من ثقب باب عام 1432 ليرى في عام 1433 أمور عظام , ربما لا تبقي من معالم العام الذي قبله شيئا حتى أصحاب الرياسات ! وأظن أولهم العبد الآبق علي عبد الله صالح , فقد ولغ في الدماء وقتل المسلمين في الأشهر الحرم التي كانت تعظمها الجاهلية وجاء الإسلام بتعظيمها , قال تعالى : " إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ " الآية .
ثم الدول بعده على الطاغوت واللعين ابن اللعين بشار الأسد والذي صدق فيه قول ابن الجوزي – رحمه الله - : " من طالت عنقه ورقت ، فهو صياح أحمق جبان " . أخبار الحمقى والمغفلين (1/31) فأي حمقٍ يصل إليه بشرٌ لم يصله بشار الوغد ! بل وصل به حُمقه أن أقرّ لأزلامه بدعواهم له بالألوهية , ورضي بالسجود لصورته النتنه ! قال ابن عبد الوهاب – رحمه الله - : " كل ما عبد من دون الله وهو راض فهو طاغوت " . كتاب التوحيد (1/20) .
أما جُبنه فقد سارت به الركبان , حتى خُيّل إليه أن الأطفال العزل جند مدجج بالسلاح , فحمل عليهم حملة الجبان الخائف , وللعرب أقاويل في طعنة الجبان فإنها واحدة لكنها قاضية , لاجتماع الخوف وصِدام الفطرة ! وأظن نهايته بشعة جدا فقد جمع بين خبث المعتقد , وسوء الطوية , وعنجهية الفعال , والتعرض للذات الإلهية ودماء المسلمين ومساجدهم وأعراضهم , وهذه والله لم أرها فيمن سبقه على سوء عواقبهم نسأل الله العافية والسلامة .
فنقول للشعوب التي تترقب فجرها في ليلهم البهيم " وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ " ونقول للطغاة الجبابرة قد رأينا سنن الله في بعضكم وها نحن ننتظرها فيكم فـــ" انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ " .
أسأل الله أن يبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , تُرفع فيه ألوية الجهاد عالية لإذلال الكفر وأهله وأوليائه , إنه قريب مجيب .
حرام عليكم د. حكيم المصراتي
كان دائما هناك ، ، في شاشات الفضائيات، في نشرات الأخبار، في الصحف والمجلاّت، في المذياع والقنوات المحليّة، على الأوراق المالية، في المدرسة والجامعة، في المحلات والأسواق، في دورات المياه وفي حافظات الأطفال.. كان دائما هناك، كما الماء والهواء، لم يكن ثمة موضع في ليبيا بإمكانه النجاة من صور القذافي أو من مقولاته.. نعم، كان هناك منذ نعومة أظفاري، ففي المدرسة الابتدائية تعلمنّا أن التاريخ ينقسم الى مرحلتين فقط، مرحلة ما قبل التاريخ ثم تليها ثورة الفاتح من سبتمبر العظيمة، وتعلمنا أن (بابا معمر) لا يقل أهمية عن (بابا سنفور)، وأن قوته لاتقل عن قوة (غرانديزر) و(رعد العملاق) الذي جاء ليحمينا.. في نشرة الأخبار كان هناك - منذ الأزل - ذاك الصوت الكئيب التعيس الذي يصيبك بالفالج النصفي قائلا: من الفصل الأول.. من الكتاب الأخضر، تليها الأخبار المفصلة والبداية دائما: استقبل (الأخو) قائد الثورة.... و ودّع (الأخو) قائد الثورة.. في مراهقتنا، تعلمنا أنه هو المراهق الأوحد، فقد أحاط نفسه بكتيبة من الشقراوات على طريقة الأساطير الإغريقية، لا للحماية طبعا، ولكن ليبعث رسالة كيميائية للشعب الليبي مفادها أنه الفحل الوحيد هنا، أدونيس الذي تتهافت النساء لحمايته، معتقدا أن شعر رأسه - الذي لايختلف كثيرا عن كومة قش - كفيل بسلب لبّ كل رعبوبة دعجاء.. مرت المراهقة على خير، وبدأت أناملنا تتحسس بفضول تلك الكرة القابعة بين أكتافنا، فاكتشفنا أنها جمجمة، وأن بها عقلا يستحق الاستخدام ونفض الغبار عليه، وفجأة، وقبل أن نفكر في التفكير، ظهر لنا وجه القذافي من مكان ما، عاقدا يديه على صدره، مسعّرا وجهه إلى علّ، ومرتديا إحدى ستائر (سيدار) المزركشة، ظهر لنا على أنه المفكر الوحيد، والمعلم الأوحد، الأديب والشاعر والفنان وراقص الباليه ومهندس النظرية العالمية الثالثة.. لم يكن ثمة من يجرؤ على ادعاء التخصص في مجال ما، فقد كان يفهم اللعبة السياسيّة أفضل من أساتذة (هارفارد)، ويشخص الأمراض أفضل من أطباء (كامبريدج)، ويتحدث في الأدب العالمي أفضل من فطاحل (أُكسفورد)، ويسلّك البالوعات أفضل من الحاج (جمعة).. قضّ مضجعه (أبو الحروف) الذي ضاقه أن يوصف بأنه أطول من المدّ وأهدأ من السكون وأسرع من لمح العين، فقررأن يلعب دور غريمه (خربوط) ويغير المسميات دون إحم أو دستور، فألبس (أوباما) العمامة، وجعل من شكسبير الشيخ زبير، وفكك الديمقراطية الى طاولات وكراسي.. لم ينجو شيء من قبضته، غيّر أسماء الشهور والسنوات، واستبدل تاريخ هجرة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) بتاريخ وفاته، وأنكر السّنة وتهكم على الشفاعة، وحرّف القرآن، وتوصل الى الحل النهائي لأوجاع الانسانية في كتابه الأخضر، الذي فاجأنا فيه باكتشافات علمية ساحقة لم ينتبه لها أحد، منها أن المراة تحمل وتنجب بينما الرجل لايمكنه ذلك.. لم يكتف (الزعيم والقائد) بهذا، بل فكر وقدّر، وتذكر أنه لم يتحدث بعد في الألوان، فحمل برميلا من الطلاء الأخضر وسكبه على رأس الشعب المسكين.. كنا نعيش حالة (اخضرار) حادة، فالأعلام خضراء، والأختام خضراء، والكتب خضراء، والسيارات خضراء، والواجهات خضراء، وجثث ضحاياه خضراء، كل شيء كان أخضرا باستثناء الأرض، فهي الوحيدة التي بقيت صفراء مكفهرة تعاني الإهمال والتصحر.. لو فتحت التلفاز لوجدته يتحدث، ولو فتحت المذياع لسمعت صوته عبر الأثير، ولو طالعت الصحيفة لوجدت صورته أمامك، ولو فتحت القرآن الكريم (الطبعة الليبية) لوجدت كلمة (الناس) مكتوبة بخط يده، ولو فتحت دولاب غرفتك لخرج لك من إحدى الأدراج.. هكذا كان (معمر القذافي)، شبحٌ يطاردك في اليقظة والمنام، ديناصورٌ جوراسي يرفض الانقراض، لطالما تندّر الليبيون هامسين أن القذافي يحتفظ بسلحفاة وليدة ليتأكد إذا كانت تعيش –فعلا- مائتي عام.. لعل ما ذكرته آنفا يبررُ ردة فعلي وأنا أسمع خبر مقتله على أيدي ثوارنا الأشاوس، فقد صرت أبحلق كما المصعوق في شاشة التلفاز بين مصدق ومكذب، كان برفقتي صديق ياباني، اتسعت حدقتاه مثلي وبات يردد كلمات يابانية على وزن (مش معقولة)، طلبت منه أن يقرصني في ذراعي لأستيقظ من الحلم، أطلق شتيمة يابانية على القذافي، ولا أدري إن كانت شتيمة أم لا، لكنها بدت لي كذلك، ثم قال لي أن هذه نهاية كل طاغية أجرم في حق شعبه.. كلمات صديقي الياباني أكدت لي ما أشاهده، إنه القذافي يا قوم، القذافي الذي كان ملء السمع والبصر، يستجدي الرحمة من الثوار، رغم كونه عرّاب المقولة الشهيرة (لا شفقة لا رحمة) والتي طبقتها كتائبه بإخلاص.. كان القذافي يمسح دماءه بيده، وينظر إليها غير مصدق، كان يراها للمرة الأولى، ولسان حاله يسأل، كيف يمكن لدماء (ملك الملوك) أن تسيل؟ لقد ظنّ أن الدماء التي لابد أن تسيل هي دماء الشعب فقط.. نعم، صدق أو لاتصدق، معمر القذافي مات.. لقد صار بين يدي العدالة المطلقة، حيث لا محاكم صوريّة ولا مؤتمرات شعبية، لن يجد اليوم حارساته الشقراوات، ولا لجانه الثورية، ولا أمنه الخاص، ولا أصدقائه الأفارقة، لن يجد بانتظاره سوى محاكمة إلهية شعارها (لا ظلم اليوم)، واستقبال لن يحسده عليه أحد.. انتهى الكابوس بنهاية شاعرية عادلة، وأسدل الستار على ملحمة بطوليّة ستضاف إلى كتب التاريخ، وسُتدرّس لأجيال يأتون بعدنا، يفخرون بأنهم أحفاد من ثاروا قديما على زاحف متوحش اسمه معمر القذافي، و بأنهم جيرانٌ لآخرين ثاروا على بقية الديناصورات في ربيع عربي مزهر،، سنطوي –أخيرا- صفحة القذافي رغم ثقل وزنها، راجياً المولى أن نستبدل كلمة (الثورة) بكلمة لذيذة جذابة هي (الدولة).. وأقول لمن يشربون الشاي ويأكلون (الكرواسون) تحت مكيفات الهواء المنعشة، الذين يتهمون الثوار بالدموية متشدقين بمواثيق العدالة وحقوق الإنسان، أقول لهم أين كانت (فزعتكم) الإنسانية تلك قبل بضعة أشهر فقط، حينما شربتم نخب مقتل (بن لادن) الأعزل مع سبق الإصرار والترصد، بطريقة قال عنها (أوباما) شخصيا أنها كانت بشعة، وإلقاء جثته لأسماك المحيط في هتك واضح وصريح لكل الأعراف الدولية، لم ينبس أي مثقف غربي أو عربي ببنت شفة، بل لهجت ألسنتكم بالدعاء على الإرهابيين، واحتفلتم حتى ساعات الصباح الأولى بانتصار (ماما) أمريكا على الإرهاب.. ثم لمَ تحمّلون الثورة الليبية أكثر مما تحتمل؟ ألم تكن كل الثورات التي أنجبت ديمقراطياتكم الغربية مغموسة في الدماء وتسودها نزعة الانتقام؟ حتى الثورة الانجليزية التي أعقبت شلالات دم الحرب الأهلية، والتي سميت تجاوزا بالثورة (المجيدة)، اعتبرها علماء التاريخ انقلابا أكثر منها ثورة، ومع ذلك حدث خلالها ما حدث من حمامات دماء، في ايرلندة على الأقل.. ولمَ نذهب بالذاكرة بعيدا؟ هل نسيتم أن عاصمة الرومانسية والجمال (باريس) قد حدثت في شوارعها اعدامات جماعية لأكثر من تسعة آلاف فرنسي عميل للنازية قبل ستين عاما فقط، كان الرجال والنساء يجلبون من بيوتهم، ويضربون في الشوارع وتحلق رؤوسهم، ثم يعدمون عراة على
خليل إبراهيم- صاحب الموقع
- تاريخ الإنضمام : 02/12/2009
الجنسية : أردني وافتخر
عدد المشاركات : 9177
مكسب العضو : 122149
نقاط تقييم مواضيع العضو : 118
العمر : 34
المزاج : رايق
من طرف خليل إبراهيم 14/12/2011, 12:22 مشكووووووووووووووووووووووووور على الموضوع الرائع
|