بسم الله الرحمن الرحيــــــــــم
والصلاة على رسول الله
عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ: (( هَذَا
أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنْ النَّاسِ حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ
عَلَى شَيْءٍ )) . رواه الترمذي .
وعَنْ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ
ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَقَالَ
((ذَاكَ عِنْدَ أَوَانِ ذَهَابِ الْعِلْمِ)) قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ
وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَنُقْرِئُهُ
أَبْنَاءَنَا وَيُقْرِئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ قَالَ : (( ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ زِيَادُ إِنْ كُنْتُ
لَأَرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ أَوَلَيْسَ هَذِهِ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ لَا
يَعْمَلُونَ بِشَيْءٍ مِمَّا فِيهِمَا )) . رواه أحمد وابن ماجه .
الشرح :
الأحاديث
في قبض العلم وذهابه في آخر الزمان كثيرة ، منها في الصحيحين أحاديث عدة
كقوله عليه الصلاة والسلام : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ
انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ
بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ
النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ
فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) ، ذهاب العلم من أشراط الساعة الصغرى ، أن يقل
العلم ويُرفع ، وأن يكثر الجهل وفشو ، وكثرة القراءة الموجودة في هذا
الزمان ؛ لا تدل على ازدياد العلم لأن الناس يقرأون ولكنهم لا يعلمون إلا
القليل .
لهذا إذا نظرت – الآن – في عدد الأمة وعدد الناس ، كم منهم
من يطلب العلم ؟ كم منهم من يعلم ، نادر ، يعني : إذا ذكرتَ ألفاً أو
ألفين أو ثلاثة آلاف ، إذا كانوا يوجدون في ألف مليون ، لا شك أن هذا نادر
جداً، وأيضاً هم متفاوتون في العلم ، وفي إدراكه وتحصيله ، فهذا يخوِّف ،
وهذا الحديث مما ينبغي لك أن تستحضره دائماً في التخويف ، أن تدرك الزمن
الذي ينزع فيه العلم ، وينتشر فيه الجهل ، لماذا ؟ لأن هذا يدل على فساد
الزمان ، حتى ربما الواحد تدركه هذه البلية أن يكون جاهلاً فيتخذ رئيساً
فيُسأل فيُفتي يغير علم وهو يظن عن نفسه أنه عالم لكنه سئل بغير علم فأفتى
فضلَّ وأضل ، وهذه ظهرت بوادرها الآن فيما ينشر ويقرأ ويراه البعض في
القنوات أو يسمعونه في الإذاعات أو في الصحف ، أسئلة كثيرة وأجوبة بغير
علم ، يعني أجوبة من جهة الاستحسان والرأي أو الضعف أمام ما يجري في العصر
ونحو ذلك مما هو سبيل ضعف العلم وعدم رعاية الدليل من القرآن وسنة النبي
صلى الله عليه وسلم .
فإذاً هذه الأحاديث التي فيها رفع العلم في آخر
الزمان وقلة العلم وكثرة الجهل ؛ تخوِّفك ، وإذا خفت أدلجت ، ( من خاف
أدلج ) ، إذا خفت أدركت أن المسألة صعبة ، وأن مسؤولية الأمة ومسؤولية
بقاء وراثة النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي عليَّ وعليك ، وعلى الثاني
والثالث ممن أدركوا .
إذاً لا بد أن نبذل أنفسنا في العلم ، وطلب
العلم جهاد ونشره جهاد ، النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر عاماً يجاهد
بالعلم وبالقرآن ، (فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ
جِهَاداً كَبِيراً) (الفرقان:52) ، لذلك جهاد العلم هو أعظم من جهاد
السنان ، ولهذا قول المحققين من أهل العلم : أن طلب العلم والتفرغ له
والعناية به حفظاً ودرساً أنه أفضل من النوافل ، حتى أفضل من جهاد التطوع
، لماذا ؟ لأن النفع عام ، وجهاد التطوع قد يكون خاصاً ، لكن العلم فيمن
أخذه بحزم وجد ؛ فإن نفعه عام له ولمن حوله وللناس ، ويبقى على مدى سنين
طويلة ما أحياه الله جل وعلا .
فالمجاهدة بالعلم ؛ هذه من أعظم
الجهاد ، بل هي سبب لكل خير ، لكن هذا لا يعني أن المرء يتصدَّر قبل أوانه
، أو يذكر ما لا يعلم ، أو يقول أشياء بالظن ، أو يتجرأ على ما ليس له ،
وبالتجربة ، والذي وجدناه أن الله جل وعلا يبارك للعبد إذا علَّم ونشر ما
علِم بيقين ، والذي لا تعلمه ، أو أنت شاك فيه ، أو لم تُحسن فهمه فاتركه
، ولا يلزمك أنك تعلم ، أو تنشر في كلمة أو محاضرة أو في خطبة شيء لا
تعلمه ، فشيء مشتبه عليك ؛ اتركه أصلاً حتى تتحقق منه مائة بالمائة ،
والناس الآن يحتاجون إلى اليقينيات ، يحتاجون إلى ما يعلمه طلاب العلم
بوضوح ، يحتاجونه الآن ، نسوا أكثر العلم والدين من أمور الدين العظام في
التوحيد وتعظيم القرآن وتعظيم السنة ، والإتيان بالعبادات ونحو ذلك ، طاعة
النبي عليه الصلاة والسلام ، ونحو ذلك من الأمور التي هي أصول الدين ،
فإذاً الواجب عليكم جميعاً الجد في طلب العلم ، لا يسبقنكم الزمان وفترة
الشباب ،و لتثبيت العلم مثل التقوى والإنابة إلى الله جل وعلا .
قال جل وعلا : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا )(العنكبوت: من الآية
69) ، وقال : (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)(النساء: من الآية66
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة على رسول الله
عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ: (( هَذَا
أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنْ النَّاسِ حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ
عَلَى شَيْءٍ )) . رواه الترمذي .
وعَنْ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ
ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَقَالَ
((ذَاكَ عِنْدَ أَوَانِ ذَهَابِ الْعِلْمِ)) قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ
وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَنُقْرِئُهُ
أَبْنَاءَنَا وَيُقْرِئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ قَالَ : (( ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ زِيَادُ إِنْ كُنْتُ
لَأَرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ أَوَلَيْسَ هَذِهِ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ لَا
يَعْمَلُونَ بِشَيْءٍ مِمَّا فِيهِمَا )) . رواه أحمد وابن ماجه .
الشرح :
الأحاديث
في قبض العلم وذهابه في آخر الزمان كثيرة ، منها في الصحيحين أحاديث عدة
كقوله عليه الصلاة والسلام : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ
انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ
بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ
النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ
فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) ، ذهاب العلم من أشراط الساعة الصغرى ، أن يقل
العلم ويُرفع ، وأن يكثر الجهل وفشو ، وكثرة القراءة الموجودة في هذا
الزمان ؛ لا تدل على ازدياد العلم لأن الناس يقرأون ولكنهم لا يعلمون إلا
القليل .
لهذا إذا نظرت – الآن – في عدد الأمة وعدد الناس ، كم منهم
من يطلب العلم ؟ كم منهم من يعلم ، نادر ، يعني : إذا ذكرتَ ألفاً أو
ألفين أو ثلاثة آلاف ، إذا كانوا يوجدون في ألف مليون ، لا شك أن هذا نادر
جداً، وأيضاً هم متفاوتون في العلم ، وفي إدراكه وتحصيله ، فهذا يخوِّف ،
وهذا الحديث مما ينبغي لك أن تستحضره دائماً في التخويف ، أن تدرك الزمن
الذي ينزع فيه العلم ، وينتشر فيه الجهل ، لماذا ؟ لأن هذا يدل على فساد
الزمان ، حتى ربما الواحد تدركه هذه البلية أن يكون جاهلاً فيتخذ رئيساً
فيُسأل فيُفتي يغير علم وهو يظن عن نفسه أنه عالم لكنه سئل بغير علم فأفتى
فضلَّ وأضل ، وهذه ظهرت بوادرها الآن فيما ينشر ويقرأ ويراه البعض في
القنوات أو يسمعونه في الإذاعات أو في الصحف ، أسئلة كثيرة وأجوبة بغير
علم ، يعني أجوبة من جهة الاستحسان والرأي أو الضعف أمام ما يجري في العصر
ونحو ذلك مما هو سبيل ضعف العلم وعدم رعاية الدليل من القرآن وسنة النبي
صلى الله عليه وسلم .
فإذاً هذه الأحاديث التي فيها رفع العلم في آخر
الزمان وقلة العلم وكثرة الجهل ؛ تخوِّفك ، وإذا خفت أدلجت ، ( من خاف
أدلج ) ، إذا خفت أدركت أن المسألة صعبة ، وأن مسؤولية الأمة ومسؤولية
بقاء وراثة النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي عليَّ وعليك ، وعلى الثاني
والثالث ممن أدركوا .
إذاً لا بد أن نبذل أنفسنا في العلم ، وطلب
العلم جهاد ونشره جهاد ، النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر عاماً يجاهد
بالعلم وبالقرآن ، (فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ
جِهَاداً كَبِيراً) (الفرقان:52) ، لذلك جهاد العلم هو أعظم من جهاد
السنان ، ولهذا قول المحققين من أهل العلم : أن طلب العلم والتفرغ له
والعناية به حفظاً ودرساً أنه أفضل من النوافل ، حتى أفضل من جهاد التطوع
، لماذا ؟ لأن النفع عام ، وجهاد التطوع قد يكون خاصاً ، لكن العلم فيمن
أخذه بحزم وجد ؛ فإن نفعه عام له ولمن حوله وللناس ، ويبقى على مدى سنين
طويلة ما أحياه الله جل وعلا .
فالمجاهدة بالعلم ؛ هذه من أعظم
الجهاد ، بل هي سبب لكل خير ، لكن هذا لا يعني أن المرء يتصدَّر قبل أوانه
، أو يذكر ما لا يعلم ، أو يقول أشياء بالظن ، أو يتجرأ على ما ليس له ،
وبالتجربة ، والذي وجدناه أن الله جل وعلا يبارك للعبد إذا علَّم ونشر ما
علِم بيقين ، والذي لا تعلمه ، أو أنت شاك فيه ، أو لم تُحسن فهمه فاتركه
، ولا يلزمك أنك تعلم ، أو تنشر في كلمة أو محاضرة أو في خطبة شيء لا
تعلمه ، فشيء مشتبه عليك ؛ اتركه أصلاً حتى تتحقق منه مائة بالمائة ،
والناس الآن يحتاجون إلى اليقينيات ، يحتاجون إلى ما يعلمه طلاب العلم
بوضوح ، يحتاجونه الآن ، نسوا أكثر العلم والدين من أمور الدين العظام في
التوحيد وتعظيم القرآن وتعظيم السنة ، والإتيان بالعبادات ونحو ذلك ، طاعة
النبي عليه الصلاة والسلام ، ونحو ذلك من الأمور التي هي أصول الدين ،
فإذاً الواجب عليكم جميعاً الجد في طلب العلم ، لا يسبقنكم الزمان وفترة
الشباب ،و لتثبيت العلم مثل التقوى والإنابة إلى الله جل وعلا .
قال جل وعلا : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا )(العنكبوت: من الآية
69) ، وقال : (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)(النساء: من الآية66
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته