بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله وحده .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه أجمعين .. إلـى يوم الدين اما بعد : الزهد فى الدنيا ، وليس المراد تخليها من اليد ولا إخراجها وقعوده صفراً منها، وإنما المراد إخراجها من قلبه بالكلية، فلا يلتفت إليها، ولا يدعها تساكن قلبه، وإن كانت فى يده. فليس الزهد أن تترك الدنيا من يدك وهى فى قلبك وإنما الزهد أن تتركها من قلبك وهى فى يدك. وهذا كحال الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز الذى يضرب بزهده المثل مع أن خزائن الأموال تحت يده، بل كحال سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم حين فتح الله عليه من الدنيا ما فتح، ولا يزيده ذلك إلا زهداً فيها. والذى يصحح هذا الزهد ثلاثة أشياء: أحدها: علم العبد أنها ظل زائل وخيال زائر وأنها كما قال الله تعالى فيها: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهُوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِى الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرَّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً} [الحديد: 20]، وقال الله تعالى: {إِنَّما مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرضُ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضِ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَهَا حَصِيداً كَأَن لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24]، وقال تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ مُقْتَدِراً} [الكهف: 45]، وسماها سبحانه: "متاع الغرور" ونهى عن الاغترار بها، وأخبرنا عن سوء عاقبة المغترين بها وحذرنا مثل مصارعهم، وذم من رضى بها واطمأن إليها. وقال النبى صلى الله عليه وسلم: "مالى وللدنيا إنما أن كراكب قال فى ظل شجرة ثم راح وتركها". وفى المسند عنه صلى الله عليه وسلم حديث معناه: أن الله جعل طعام ابن آدم وما يخرج منه مثلاً للدنيا فإنه وإن فوَّحه وملحه فلينظر إلى ماذا يصير، فما اغتر بها ولا سكن إليها إلا ذو همة دنية وعقل حقير، وقدر خسيس. الثانى: علمه أن وراءها داراً أعظم منها قدراً وأجل خطراً وهى دار البقاءِ، وأن نسبتها إليها كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: "ما الدنيا فى الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه فى اليم فلينظر بم يرجع"، فالزاهد فيها بمنزلة رجل فى يده درهم قيل له: اطرحه ولك عوضه مائة ألف دينار مثلاً، فألقاه من يده رجاءَ ذلك العوض، فالزهد فيها لكمال رغبته فيما هو أعظم منها زهد فيها. الثالث: معرفته أن زهده فيها لا يمنعه شيئاً كتب له منها، وأن حرصه عليها لا يجلب له ما لم يقض له منها، فمتى تيقن ذلك وصار له به علم يقين هان عليه الزهد فيها، فإنه متى تيقن ذلك وثلج له صدره وعلم أن مضمونه منها سيأْتيه بقى حرصه وتعبه وكده ضائعاً، والعاقل لا يرضى لنفسه بذلك. فهذه الأُمور الثلاثة تسهل على العبد الزهد فيها، وتثبت قدمه فى مقامه. والله الموفق لمن يشاءُ. طريق الهجرتين وباب السعادتين |
3 مشترك
الزهد ابن القيم
الجزائري عبد المعز- عضو ماسي
- تاريخ الإنضمام : 05/10/2011
الجنسية : جزائر
عدد المشاركات : 3288
مكسب العضو : 40583
نقاط تقييم مواضيع العضو : 21
المزاج : منتديات طموح الجزائر
- مساهمة رقم 1
الزهد ابن القيم
ahmade- عضو ماسي
- تاريخ الإنضمام : 27/11/2011
الجنسية : alg
عدد المشاركات : 2394
مكسب العضو : 14803
نقاط تقييم مواضيع العضو : 0
- مساهمة رقم 2
رد: الزهد ابن القيم
مشكور
موضوع متميز
موضوع متميز
ahmad- عضو ماسي
- تاريخ الإنضمام : 27/11/2011
الجنسية : algh
عدد المشاركات : 1040
مكسب العضو : 15384
نقاط تقييم مواضيع العضو : 0
- مساهمة رقم 3
رد: الزهد ابن القيم
موضوع متميز من عضو مميز
نقبل مروري البسيط
تحياتي
نقبل مروري البسيط
تحياتي