.:. السـ.:. ـلام عليكـ.:. ـم .:. إنَّ الحمد لله نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونعـــــــــــــوذُ باللهِ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فإنَّه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً ... أهلا وسهلا بكل أعضاء و زوار المنتدى الحديث والسيرة النبوية تحية عطرة عطرها مسك المحبة والاخاء... يسرني أن أضع بين أيديكم هذه المادة الطيبة والتي هي بعنوان [المتابعة أن تفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعله عليه الصلاة والسلام] قال ابن تيمية رحمه الله : "لا تثبت [الـ]شريعة [بـ]سائر ما ينقل عن آحاد الصحابة في جنس العبادات أو الإباحات أو الإيجابات أو التحريمات إذا لم يوافقه غيره من الصحابة عليه، وكان ما يثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم يخالفه لا يوافقه؛ لم يكن فعله سنة يجب على المسلمين إتباعها بل غايته أن يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد ومما تنازعت فيه الأمة فيجب رده إلى الله والرسول. ولهذا نظائر كثيرة : مثل ما كان ابن عمر يدخل الماء في عينيه في الوضوء ويأخذ لأذنيه ماءاً جديدا. وكان أبو هريرة يغسل يديه إلى العضدين في الوضوء ويقول: من استطاع أن يطيل غرته فليفعل. وروى عنه أنه كان يمسح عنقه ويقول: هو موضع الغل؛ فإن هذا وإن استحبه طائفة من العلماء اتباعا لهما، فقد خالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: سائر الصحابة لم يكونوا يتوضؤون هكذا والوضوء الثابت عنه الذي في الصحيحين وغيرهما من غير وجه ليس فيه أخذ ماء جديد للأذنين ولا غسل ما زاد على المرفقين والكعبين ولا مسح العنق ولا قال النبي صلى الله عليه و سلم: من استطاع أن يطيل غرته فليفعل؛ بل هذا من كلام أبى هريرة جاء مدرجا في بعض الأحاديث، وإنما قال النبي e: "إنكم تأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء"، وكان يتوضأ حتى يشرع في العضد والساق، قال أبو هريرة: "من استطاع أن يطيل غرته فليفعل"، وظن من ظن أن غسل العضد من إطالة الغرة، وهذا لا معنى له فإن الغرة في الوجه لا في اليد والرجل، وإنما في اليد والرجل الحجلة والغرة لا يمكن إطالتها؛ فإن الوجه يغسل كله لا يغسل الرأس ولا غرة في الرأس والحجلة لا يستحب إطالتها وإطالتها مُثلة. وكذلك ابن عمر كان يتحرى أن يسير مواضع سير النبي صلى الله عليه و سلم، وينزل مواضع منزله، ويتوضأ في السفر حيث رآه يتوضأ، ويصب فضل مائه على شجرة صب عليها، ونحو ذلك مما استحبه طائفة من العلماء، ورأوه مستحبا، ولم يستحب ذلك جمهور العلماء كما لم يستحبه ولم يفعله أكابر الصحابة، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلى وابن مسعود ومعاذ بن جبل وغيرهم لم يفعلوا مثل ما فعل ابن عمر ولو رأوه مستحبا لفعلوه كما كانوا يتحرون متابعته والإقتداء به؛ وذلك لأن المتابعة أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعل؛ فإذا فعل فعلا على وجه العبادة شرع لنا أن نفعله على وجه العبادة. وإذا قصد تخصيص مكان أو زمان بالعبادة خصصناه بذلك كما كان يقصد أن يطوف حول الكعبة، وأن يستلم الحجر الأسود، وأن يصلى خلف المقام، وكان يتحرى الصلاة عند اسطوانة مسجد المدينة، وقصد الصعود على الصفا والمروة والدعاء والذكر هناك، وكذلك عرفة ومزدلفة وغيرهما. وأما ما فعله بحكم الاتفاق ولم يقصده؛ مثل أن ينزل بمكان ويصلي فيه لكونه نزله لا قصدا لتخصيصه به بالصلاة والنزول فيه، فإذا قصدنا تخصيص ذلك المكان بالصلاة فيه أو النزول لم نكن متبعين بل هذا من البدع التي كان ينهى عنها عمر بن الخطاب كما ثبت بالإسناد الصحيح من حديث شعبة عن سليمان التيمي عن المعروف بن سويد قال: كان عمر بن الخطاب في سفر فصلى الغداة ثم أتى على مكان فجعل الناس يأتونه فيقولون: صلى فيه النبي صلى الله عليه و سلم فقال عمر: إنما هلك أهل الكتاب أنهم اتبعوا آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبيعا فمن عرضت له الصلاة فليصل وإلا فليمض". فلما كان النبي صلى الله عليه و سلم لم يقصد تخصيصه بالصلاة فيه بل صلى فيه لأنه موضع نزوله، رأى عمر أن مشاركته في صورة الفعل من غير موافقة له في قصده ليس متابعة بل تخصيص ذلك المكان بالصلاة من بدع أهل الكتاب التي هلكوا بها ونهى المسلمين عن التشبه بهم في ذلك ففاعل ذلك متشبه بالنبي صلى الله عليه و سلم في الصورة، ومتشبه باليهود والنصارى في القصد الذي هو عمل القلب. وهذا هو الأصل ؛ فإن المتابعة في السنة أبلغ من المتابعة في صورة العمل، ولهذا لما اشتبه على كثير من العلماء جلسة الاستراحة هل فعلها استحبابا أو لحاجة عارضة تنازعوا فيها. وكذلك نزوله بالمحصب عند الخروج من منى لما اشتبه هل فعله لأنه كان اسمح لخروجه أو لكونه سنة تنازعوا في ذلك. ومن هذا وضع ابن عمر يده على مقعد النبي صلى الله عليه و سلم. وتعريف ابن عباس بالبصرة وعمرو بن حريث بالكوفة؛ فإن هذا لما لم يكن مما يفعله سائر الصحابة ولم يكن النبي صلى الله عليه و سلم شرعه لأمته لم يمكن أن يقال: هذا سنة مستحبة، بل غايته أن يقال: هذا مما ساغ فيه اجتهاد الصحابة، أو مما لا ينكر على فاعله؛ لأنه مما يسوغ فيه الاجتهاد، لا لأنه سنة مستحبة سنها النبي صلى الله عليه و سلم لأمته. أو يقال في التعريف: إنه لا بأس به أحيانا لعارض إذا لم يجعل سنة راتبة. وهكذا يقول أئمة العلم في هذا وأمثاله؛ تارة يكرهونه. وتارة يسوغون فيه الاجتهاد. وتارة يرخصون فيه إذا لم يتخذ سنة. ولا يقول عالم بالسنة إن هذه سنة مشروعة للمسلمين؛ فإن ذلك إنما يقال فيما شرعه رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ ليس لغيره أن يسن ولا أن يشرع وما سنه خلفاؤه الراشدون فإنما سنوه بأمره فهو من سننه ولا يكون في الدين واجبا إلا ما أوجبه ولا حراما إلا ما حرمه ولا مستحبا إلا ما استحبه ولا مكروها إلا ما كرهه ولا مباحا إلا ما أباحه. وهكذا في الإباحات؛ كما استباح أبو طلحة أكل البرد وهو صائم، واستباح حذيفة السحور بعد ظهور الضوء المنتشر حتى قيل هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع، وغيرهما من الصحابة لم يقل بذلك فوجب الرد إلى الكتاب والسنة. وكذلك الكراهة والتحريم؛ مثل كراهة عمر وابنه للطيب قبل الطواف بالبيت، وكراهة من كره من الصحابة فسخ الحج إلى التمتع أو التمتع مطلقا، أو رأى تقدير مسافة القصر بحد حده، وأنه لا يقصر بدون ذلك، أو رأى أنه ليس للمسافر أن يصوم في السفر، ومن ذلك قول سلمان: "إن الريق نجس" وقول ابن عمر: "إن الكتابية لا يجوز نكاحها"، وتوريث معاذ ومعاوية للمسلم من الكافر، ومنع عمر وابن مسعود للجنب أن يتيمم، وقول علي وزيد وابن عمر في المفوضة: إنه لا مهر لها إذا مات الزوج، وقول علي وابن عباس في المتوفى عنها الحامل: إنها تعتد أبعد الأجلين، وقول ابن عمر وغيره: "إن المحرم إذا مات بطل إحرامه"، وفعل به ما يفعل بالحلال، وقول ابن عمر وغيره: "لا يجوز الاشتراط في الحج"، وقول ابن عباس وغيره في المتوفى عنها: "ليس عليها لزوم المنزل"، وقول عمر وابن مسعود: "إن المبتوتة لها السكنى والنفقة". وأمثال ذلك مما تنازع فيه الصحابة فإنه يجب فيه الرد إلى الله والرسول. ونظائر هذا كثيرة فلا يكون شريعة للأمة إلا ما شرعه رسول الله صلى الله عليه و سلم. ومن قال من العلماء : إن قول الصحابي حجة؛ فإنما قاله إذا لم يخالفه غيره من الصحابة. ولا عرف نص يخالفه . ثم إذا اشتهر ولم ينكروه كان إقرارا على القول فقد يقال: هذا إجماع إقراري، إذا عرف أنهم أقروه ولم ينكره أحد منهم وهم لا يقرون على باطل. وأما إذا لم يشتهر ؛ فهذا إن عرف أن غيره لم يخالفه فقد يقال: هو حجة. وأما إذا عرف أنه خالفه فليس بحجة بالاتفاق. وأما إذا لم يعرف هل وافقه غيره أو خالفه لم يجزم بأحدهما([1]) . ومتى كانت السنة تدل على خلافه كانت الحجة في سنة رسول الله لا فيما يخالفها بلا ريب عند أهل العلم"اهـ([2]) . ([1]) وقال رحمه الله في مجموع الفتاوى (5/79): "وأما أقوال الصحابة فإن انتشرت ولم تنكر في زمانهم فهي حجة عند جماهير العلماء . وإن تنازعوا رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول ولم يكن قول بعضهم حجة مع مخالفة بعضهم له باتفاق العلماء . وإن قال بعضهم قولا ولم يقل بعضهم بخلافة ولم ينتشر فهذا فيه نزاع؛ وجمهور العلماء يحتجون به كأبي حنيفة ومالك وأحمد في المشهور عنه والشافعي في أحد قوليه وفي كتبه الجديدة الاحتجاج بمثل ذلك في غير موضع ولكن من الناس من يقول هذا هو القول القديم"اهـ ([2]) مجموع الفتاوى (1/278-284). جامعة أم القرى |
2 مشترك
[المتابعة أن تفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعله عليه الصلاة والسلام]
الجزائري عبد المعز- عضو ماسي
- تاريخ الإنضمام : 05/10/2011
الجنسية : جزائر
عدد المشاركات : 3288
مكسب العضو : 40583
نقاط تقييم مواضيع العضو : 21
المزاج : منتديات طموح الجزائر
ahmade- عضو ماسي
- تاريخ الإنضمام : 27/11/2011
الجنسية : alg
عدد المشاركات : 2394
مكسب العضو : 14803
نقاط تقييم مواضيع العضو : 0
مشكور اخي ع الطرح