معهد ون ويب لتطوير المواقع | 1weeb.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ستايلات مجانية FREE STYLES


+2
مرتاح بهجرك
الجزائري عبد المعز
6 مشترك

    تفريغ محاضرة : المنهجية في الجمع بين الفقه وأصوله لمعالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه

    الجزائري عبد المعز
    الجزائري عبد المعز
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 05/10/2011

    الجنسية : جزائر

    عدد المشاركات : 3288

    مكسب العضو : 40583

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 21

    المزاج : منتديات طموح الجزائر

     تفريغ محاضرة : المنهجية في الجمع بين الفقه وأصوله لمعالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه Empty تفريغ محاضرة : المنهجية في الجمع بين الفقه وأصوله لمعالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه

    مُساهمة من طرف الجزائري عبد المعز 3/12/2011, 02:58

    [center]بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    -------------
    المنهجية

    في الجمع بين الفقه وأصوله


    محاضرة مفرغة

    لمعالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشتري

    - عضو هيئة كبار العلماء سابقا -

    ألقاها يوم : 1432-03-18









    إن
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
    ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ،
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى
    الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا .

    أما بعد :
    فحياكم الله في هذا المجلس العلمي الذي يُأمَلُ أن يكون من قَصَدَهُ ممن دخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم : [ مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ ])
    [1](.
    ويأمل في من حَضَرَهُ أن يكون ممن يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم : [ مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ])
    [2](.
    ما معنى [ يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ]
    ؟ أي يُعَرِّفُهُ بأحكام الشريعة ويُبَيِّنُهَا له و يُوَضِّحُهَا ،
    فالمراد بالفقه في الدين هنا جميع أحكام الشريعة ؛ فإن كلمة الفقه تطلق
    ويراد بها في اللغة الفهم كما هو معروف .

    لكن في الإصطلاح تطلق على أربعة معاني :

    * المعنى الأول:
    جميع أحكام الشريعة فإنه يسمى فقها ، ولذلك قال الإمام أبو حنيفة : الفقه
    معرفة النفس ما لها وما عليها . وهذا المعنى هو المراد بكلمة الفقه في قول
    الله عزوجل :
    -(وَمَا
    كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ
    فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا
    قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)
    - [التوبة/122]
    ولعله هو المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم : [ مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ])
    [3](.

    * المعنى الثاني من معاني كلمة الفقه أن يراد بهذه الكلمة الفقه : الأحكام العملية ، ويقابلها العقيدة ويراد بها أحكام ما في القلوب .
    مثال ذلك : الخوف والرجاء هذه من أعمال القلوب ، هذه من أمور القلوب وليست من أعمال الجوارج ، ومن ثَمَّ على هذا الإصطلاح الثاني لا تسمى فقها ولا تدخل في الفقه ،وهذا
    هو الإصطلاح الذي سار عليه أكثر علماء الشريعة أن يسموا الفقه يريدون به
    الأحكام العملية ، وهو الذي وضعت على أساسه المؤلفات الفقهية .

    مثال ذلك :لما يأخذ الإنسان كتاب المغني في الفقه، أو يأخذ الكافي في فقه الإمام أحمد،هذه
    الكتب ألفت في الفقه ، وإذا نظرنا فيها وجدنا أن الأحكام التي اشتمل عليها
    هاذان الكتابان أحكاما فقهية بمعني أنها أحكام عملية ، ولو كانت مقطوعا
    بها مثل وجوب الصلاة هذا حكم قطعي لكنه لما كان عمليا أدخلوه في مسمى الفقه
    .

    * والإصطلاح الثالث في كلمة الفقه : قصر الفقه على الأحكام الشرعية غير المعلومة بالضرورة يعني غير القطعية ، الأحكام الاجتهادية يسمونها فقه ، وهذا سار عليه الرازيوجماعة ، ولكن يترتب عليه أن بعض المسائل العقدية التي ليس فيها دليل قاطع تعتبر من الفقه ، مثل مسألة هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه في الدنيا أو لا ؟ )
    [4](فهذه مسألة ليس فيها دليل قاطع وليست من مسائل الفقه ، مما دَلَّ على أنه لا يصح جعل الفقه هو المسائل الاجتهادية الظنية .
    * الإصطلاح الرابع
    : أن يراد بالفقه القدرة على الفهم بأن يكون عند الإنسان مَلَكَةً فقهية
    تُمَكّنُهُ من فهم المسائل ومن استنباط الأحكام من الأدلة ، هذه المَلَكَةُ
    الفقهية التي هي المعنى الرابع من معاني الفقه إذا وجدت عند شخص من
    الأشخاص فهو من الفقهاء يصبح حينئذ فقيها ، أما إذا لم يكن عنده هذه
    المَلَكَة وليس لديه هذه القدرة فإنه ليس من الفقهاء ولا يصح له الاجتهاد
    بل الواجب عليه سؤال العلماء .

    هذه الملكة تتكون عند الإنسان من خلال أو بواسطة خمسة أمور :
    - الأمر الأول : معرفة الأدلة الشرعية وما يصلح أن يكون منها دليلا وما لا يصح أن يكون دليلا .
    - والأمر الثاني : معرفة قواعد الفهم والاستنباط ، قد يسميها بعضهم قواعد اللغة من مثل قولنا : مفهوم الموافقة حجة،
    ومن مثل قولنا : دلالة الاقتضاء دلالة صحيحة ، ومن مثل قولنا : إذا تعارضت
    دلالة الإشارة ودلالة التنبيه قُدِّمت دلالة التنبيه ونحو ذلك .من لم يعرف
    قواعد الاستنباط لم تتكون لَدَيه المَلَكَةُ الفقهية .

    - الأمر الثالث
    : معرفة كيفية تنزيل الوقائع أو تنزيل النصوص على الوقائع ، بحيث يكون
    قادرا على معرفة هل هذا النص يَصِحُّ استخدامه في هذه المسألة أو لا .

    - الأمر الرابع
    : هو فهم المسائل التي يراد البحث والاجتهاد فيها ، ومن لم يكن فاهما
    للمسائل عارفا بها - المسائل الجديدة النازلة - لم يَصِحَّ له أن يجتهد
    فيها .

    - والأمر الخامس : مما نحتاج إليه في تكوين المَلَكَةِ : النظر في اجتهادات الفقهاء لنتعلم منهم كيف نجتهد وكيف نستنبط .
    إذن
    هذه قواعد تُكَوِّنُ المَلَكَةَ الفقهية عند الإنسان ومن ثَمَّ يكون من
    الفقهاء ، من لم توجد فيه هذه الأمور فهو ليس من الفقهاء .

    إذا
    تقرر هذا فإن الكلام في هذا الموضوع يَجُرُّنَا على الكلام عن الاجتهاد ؛
    والمراد بالاجتهاد استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة هذا هو الإجتهاد .

    وعلاقته
    بما نحن فيه أن الاجتهاد ثمرةٌ للملكةِ الفقهيةِ ، وقد يكون عند الإنسان
    قدرة على الاجتهاد وإن لم تتكون له مَلَكَةٌ فقهية تامة ، لكن لابد أن يكون
    عنده مَلَكَةٌ فقهية ولو ناقصة .

    (شروط الاجتهاد) :
    الاجتهاد يشترط له أربعة شروط :
    - أولها : معرفة الأدلة في المسألة الـمُجْتَهَدِ فيها .
    - وثانيها : العلم بقواعد علم الأصول - أصول الفقه - .
    - وثالثها : معرفة مواطن الإجتهاد والاختلاف لئلا يجتهد في مسألة إجماعية فيخالف الإجماع السابق .
    - والشرط الرابع : أن يعرف من لغة العرب ما يُمَكِّنُهُ من فهم النصوص الشرعية ، من لم يكن قادرا على فهم النصوص فلا يصح منه الاجتهاد .
    (فائدة) :
    وهنا
    مسألة تتعلق بغير الناطقين باللغة العربية : هؤلاء هل يتمكنون من تحصيل
    الاجتهاد ؟ نقول : آلة الإجتهاد عندهم آلة ناقصة وذلك لثلاثة أمور :

    - أولها:
    أنهم لا يعرفون القرآن والسنة وإنما يعرفون معانيهما بحسب ترجمة مترجم ،
    والجهد البشري قد يعتريه النقص سواء في التفسير الأول أو في الترجمة بخلاف
    القرآن فإنه لا يعتريه نقص .

    - والأمر الثاني : أن المصطلحات الشرعية لا يُتْقِنُهَا من لا يحسن اللغة العربية ، ومن ثَمَّ قد يُنَزِّلُ الحكمَ على خلافِ المراد به .
    أورد لذلك نموذجا : كان في أحد
    البلدان الأوربية فأتاه شخص أعجمي يتكلم بلغة مكسرة فقال : أنتم يا أيها
    الوهابيون تقولون مقالة شنيعة وقولا عظيما وزورا وبهتانا . كيف ذاك
    ؟أنتم تقولون : الرسول صلى الله عليه وسلم بشر وهذا احتقار لمكانة هذا النبي ، وإنقاص منها ومخالفة للقرآن والسنة .
    فَسُئلَ عن : أين آية القرآن التي تخالف هذا حتى نأخذ بها ؟
    فقال : إن الله عزوجل يقول في آخر سورة الكهف : (قُل إنَّ ما أنا بشر) الله يقول :ما أنا بشر.
    فنقول : العُجمَةُ أَثَّرَتْ عليه فلم يفهم هذا اللفظ على مراد الله عزوجل منه ، ولذلك يقال له : أكمل الآية .
    -(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ)- (يوحى إلي أنَّ مَا إلهكم إله واحد) .
    أعوذ بالله لا ، -(أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ)- [الكهف/110].
    فيقال له : كما قلت في الثانية قل في الأولى .
    من أين أوتي ؟ من عدم معرفته باللغة .
    ومن
    أمثلته أيضا : أن تجد مثلا في التفسير في ترجمة معني القرآن باللغات
    الأخرى تجد أن فيها نقصا وتجد أن فيها خطأً ، أنا أضرب مثلاً لشيء في كثير
    من كتب التفسير أو كتب ترجمة معاني القرآن ؛ يقول الله عزوجل مثلا :
    -(وَالْعَصْرِ)- [العصر/1] نحن نفهم أن الواو للقَسَمِ ، فَيُقْسِمُ الله عزوجل بهذا الجزء من النهار ، قد يوجد في بعض ترجمات معاني القرآن كتبت :" and asr " ، " and " بمعنى حرف الواو العطف حرف العطف ، فيكون تفسيراخاطئا)
    [5](، من أين أوتي ؟ من عدم معرفة لغة العرب .
    كذلك
    من لا يحسن العربية قد تَلتَبسُ عليه الألفاظ لأن اللفظ الواحد يطلق ويراد
    به معانٍ متعددة يدل عليه السياق بحسب مراد المتكلم ويدل عليه السياق .

    من
    أمثلة ذلك ، من يمثل ؟ الكتاب قد يراد به القرآن وقد يراد به اللوح
    المحفوظ قد يراد به صحائف الأعمال ، فعندما يأتي الأعجمي لهذا اللفظ قد
    يُنزلُهُ على غير مراد الله فيه ، وإن سَلِمَ من الخَطَإِ في بعض المواطن
    فلن يَسْلَمَ من الجميع .

    طيب ، إذا عرفنا
    أن الأَوْلَى في المَلَكَةِ أن يكون تحصيل الفقهِ بمعرفةِ لغة العرب
    فَيُحَصِّلُ من لغة العرب ما يُمَكّنُهُ من فهم كلامهِمْ وتَنْزِيله على
    مراد المُتَكَلِّمِ مِنْهُ .




    (أنواع المجتهدين) :

    إذا تقرر هذا فإن المجتهدين على أربعة أنواع ، أهل الاجتهاد قل على خمسة أنواع ، كم نوع ؟ خمسة .
    هذا التقسيم مبني على ملاحظة مدى الارتباط ارتباط الفقيه بالفقه وأصوله .
    * أعلالها : - أعلى المجتهدين - رتبة المجتهد المطلق :
    وهو الذي لا يَتَقَيَّدُ بمذهب إمامٍ لا في الأصول ولا في الفروع ، بحيث
    يكون قد نَظَرَ في القواعد سابقا وتَمَكَّنَ منها وضَبَطَهَا ، واجتهد فيها
    ولم يَتَقَيَّد بالمذهب فيها ، فلما وردت عليه مسألة من المسائل اجتهد
    بناءً على قدرته على الاجتهاد وبالنظر في الأدلة الشرعية ، هذا يسمى المجهد
    المطلق ، لماذا سمي المجهد المطلق ؟ لأنه لايتقيد بأصول إمام ولا بفروعه .

    * النوع الثاني - من أنواع المجتهدين - من يُسَمَّوْنَ بأصحاب الوُجُوهِ :
    أصحاب إيش ؟؟ أصحاب الوُجُوهِ . والمراد بهم من لا يَـخْرُجُ عن مذهب
    إمامه في الأصول ، القواعد الأصولية لا يخرج عن مذهب الإمام ، لكنه في
    الفروع قد يجتهد ويختار قولاً مخالفاً للأقوال الواردةِ في المذهب .

    من هؤلاء ؟ يُسَمَّوْنَ أصحاب الوُجُوهِ ، لأن الأقوال في المذهب إما أن تكون :
    أ- روايات منسوبة للمذهب .
    ب- وإما أن تكون وُجُوهاً منسوبة إلى الأصحاب ، وهؤلاء عندهم
    اجتهادات فتسمى اجتهاداتهم أوجها ، ومن ثم قيل لهم :أصحاب
    الوُجُوهِ .
    * النوع الثالث أصحاب التَّرْجِيحِ :
    وهم الذين يَنظُرُونَ في الروايات الواردة عن الإمام فَيُرَجِّحُونَ بينها
    بحَسْبِ قواعد الإمام وأصوله ، عندما تأتيهم مسألة ينظرون فيها ويرجحون
    بين الأقوال بناء على قواعد المذهب ، هؤلاء يسمَّون أصحاب الترجيح .

    * النوع الرابع أصحاب التَّخْرِيجِ:ما
    معنى كلمة التَّخْرِيجِ ؟ القياس ، معنى كلمة التَّخْرِيجِ هنا القياس ،
    أي أنه إذا وردت إليهم مسألة نَازِلَةٌ طَبَقُوهَا على الفروع الواردة عن
    إمامهم وقَاسُوهَا عليها.

    مثال ذلك: رَكِبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الجَمَلَ ، وفي عصرنا الحاضر جاءتنا مراكب حديثة ما بين سيارات إلى طائرات إلى غيرها . ما حكم ركوبها ؟ حرام ، صح ولا لا ؟
    أقول :مباح .
    من أين أَخَذْتُ
    الإِبَاحَةَ ؟ القياس على ماذا ؟ على ركوب الخيل ، هذا القياس يسمى
    التَّخْرِيجَ ، وأصحابه يُسَمَّوْنَ أصحاب التَّخْرِيجِ وهؤلاء لا
    يَخْرُجُونَ عن أقوال أئمتِهم .

    * النوع الأخير أصحاب الحِفْظِ : وهم الذين يَحْفَظُون الأقوال الفقهية والكتب الفقهية .
    إذن هؤلاء من هم ؟ أصحاب الاجتهاد ، منهم من له الحق أن يجتهد ، ومنهم من لاحق له في الاِجتهاد .

    (أركان علم الأصول) :
    إذا نظرنا في هذا فإن تدريس أو إن إيجاد المَلَكَةِ الفقهية والاجتهاد عند الإنسان يرتكز على دراسة علم الأصول ؛ وذلك لأن علم الأصول مبني على أربعة أركان ، كم هي أركان أصول الفقه ؟ أربعة :
    أ- الركن الأول
    : تصور الأحكام الشرعية ، وايش معنى صحيح ؟ ما معنى فاسد ؟ ما معنى نافذ ؟
    ما معنى معيار وظرف ؟ ما الفرق بين المكروه تنزيها والمكروه تحريما ؟ هذا
    القسم الأول وهو تصور الأحكام الشرعية .

    ب- القسم[ الركن ] الثاني : معرفة الأدلة ، أي ما هو الدليل الصالح للاستدلال به في مسائل الفقه ؟
    أنت ،أنا
    أطلب خمسمائة ، لو جاءك إنسان وقال لك أطلب خمسمائة ، وقلنا له : من أين
    تطلبه ؟ قال : لأني رائي رؤيا منامية إنك تعترف بأنك واخذ مني خمسمائة .
    أعطه الخمسمائة ... آه يكذب ؟ يمكن صادق ؟ يمكن يراك في المنام وصادق في
    هذا ؟

    نقول الرؤيا المنامية لا يصح
    الاستدلال بها ، صح الرؤيا المنامية لا يصح الإستدلال بها ، يمكن الشيطان
    جاءك في المنام وتلاعب بك في منامك ، أليس كذلك ؟

    إذن نحن نحتاج إلى معرفة الأشياء التي يصح الاستدلال بها والأشياء التي لا يصح الاستدلال بها .
    في مسائل الفقه مرات يأتون بأشياء ليست بدليل ولا يصح الاستدلال بها ، على نسق كلام الصوفية : حدثني قلبي عن ربي .
    وبالتالي يُقَرِّرُحكما شرعيا بناء على ذلك . نقول : ما يَصحُّ هذا .
    من أين عرفنا أن هذا لا يَصحُّ الاستدلال به ؟ من تدارس علم الأصول .
    إذن هذا في أصل الدليل ، مرات قد يكون أصل الدليل مقبولا لكن فروعه غير مقبولة .
    السنة النبوية حجة ودليل ، لكن إذا جاءنا إنسان بحديث ضعيف قلنا ما يصح بناء الأحكام عليه .
    ومن
    ذلك بناء الأحكام على القياس فنحتاج إليه فلا يكون الإنسان مجتهدا إلا إذا
    كان عارفا بالقياس ، ومثل الاستصحاب وسد الذرائع ؛ متى يكون سد الذرائع
    دليلا ومتى لا ...؟ هناك ضوابط معينة ندرسها في هذا العلم .

    قد
    يكون الدليل صحيحا وهذا القسم مما يصح الاستدلال به ، لكن هذه الجزئية لم
    يصح لأننا قد عرفنا أن الراوي قد أخطأ أو أنه قد سقط بعض طبقات الإسناد .

    ج- القسم [ الركن ] الثالث : معرفة أصول الفقه يعني قواعد الفهم والاستنباط ، ما نَتَمَكَّنُ من فهم الكتاب والسنة فهما صحيحا إلا بمعرفتهما .
    د- القسم [ الركن ] الرابع ، إذن قلنا علم الأصول يكون من أربعة أقسام:
    الأول : تصور الأحكام الشرعية .
    الثاني : إيش الأدلة ما يصح أن يكون دليلا وما لا يصح .
    الثالث
    : قواعد الفهم والاستنباط والتي هي جزء من علم أصول الفقه ؛ الأمر للوجوب ،
    مفهوم المخالفة حجة ، حجية مفهوم الصِّفَةِ ، دَلَالَةُ التَنْبِيهِ ،
    الاِقتضاء ... إلى غير ذلك من أنواع الدلالات .

    د- القسم [ الركن ] الرابع
    : الاجتهاد والتقليد ، بحيث نعرف من هو صالح لأن يأخذ الأحكام من الأدلة
    ومن لا يصح ، هناك شروط معينة للمجتهد ، وهناك طرائق للاجتهاد لا يجوز
    للإنسان أن يخرج عنها .

    إذن هذا هو القسم [ الركن ] الرابع الاجتهاد والتقليد .
    من لم يكن مجتهدا وجب عليه سؤال العلماء والرجوع إليهم لقوله : -(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)- [النحل/43] .




    (طرائق الجمع بين دراسة الفقه وأصوله) :


    ندخل قليلا في ما يتعلق بموضوع المحاضرة وهو الربط بين الأصول والفقه أو الفروع .
    إذا نظر الإنسان للتعليم - تعليم الأصول وتعليم الفقه - وجد أن من الضروري ربط هذين العِلْمَيْنِ بِبَعْضِهِمَا .
    ونتكلم عن أوجه الربط وطرائق الربط ، ثم نتكلم عن أنواع الناس في هذا الباب .

    * الطريقة الأولى من طرائق الربط : ربط دراسة الأصول بالفروع بحيث إذا درسنا قاعدة أصولية درسنا الفروع الفقهية المترتبة عليها .
    وهذه يختلف العلماء فيها على طريقتين :
    1- الطريقة الأولى : ربط الخلاف الفقهي بالخلاف الأصولي .
    2- والطريقة الثانية : ربط الدليل الجُزْئِيِّ بالقاعدة الأصولية .
    شو الفرق بينهما ؟
    أنا أضرب لذلك مثال :
    أنا أُدرسكم قاعدة : الأمر للوجوب ، جئنا في مسألة صلاة الوتر لما أقول أَرْبِطُ الخلاف بالخلاف فأقول :اختلف الفقهاء في حكم صلاة الوتر ؛ الجمهور يقولون متسحبة والحنفية يقولون واجبة .
    ما دليل الحنفية ؟ هو قول النبي صلى الله عليه وسلم : [ أوتروا يا أهل القرآن ])
    [6]( هنا أمر والأصل في الأوامر الوجوب .
    جاءنا شخص وقال : قاعدة الأمر للوجوب يترتب عليها مسألة وجوب الوتر .
    نقول : لا هذا الربط فيه ما فيه ، إذن هنا رَبَطْنَا الخلاف الفقهي بالخلاف الأصولي ،وهذا التَخْرِيجُ فيه ما فيه .
    النوع الثاني ربط الدليل الجزئي هو قوله : [ أوتروا يا أهل القرآن ] بالقاعدة ، ما نربط الخلاف الفقهي وإنما نربط الدليل الجزئي هنا بدليل جزئي .

    طيب
    الطريقة الأولى وهي ربط الخلاف الفقهي بالخلاف الأصولي هذه سار عليها أكثر
    العلماء وكتب فيها أُنَاسٌ كُثُر ، ولذلك لما تجد مثلا كتاب تخريج الفروع
    على الأصول للزنجاني ، أو كتاب مفتاح الأصول للتِّلْمِسَانِي
    ، أو كتاب التمهيد للإِسْنَوِيأو غيرها من الكتب ، أو كتاب القواعد والفوائد الأصولية لابن اللَّحَّامِ تجدهم يَبْنُونَ على هذه الطريقة ؛ يأتون بالقاعدة الأصولية ويربطون بين الخلاف الفقهي مع الخلاف الأصولي .
    هذه الطريقة عليها محاذير كثيرة ، وأنا أورد لكم بعض المحاذير لتَنْتَبِهُوا لها :
    أ - المحذور الأول
    : أن المسألة الأصولية كُلِّيَةٌ بَيْنَمَا الفرع الفقهي قد يكون الخلاف
    فيه ليس ناشئا عن الاختلاف في الأمر الكلي ، يعني مثال ذلك : قبل قليل قلنا
    قاعدة الأمر للوجوب وجبنا
    [ أوتروا يا أهل القرآن ])
    [7](هنا
    أمر ، الذي يخالف ويقول : الوتر ليس للوجوب ، لا يقول لأن السبب أن الأمر
    لا يفيد الوجوب ، وإنما يقول لأن هنا مانعٌ يَصْرِفُ الأمر من الوجوب إلى
    الاستحباب .

    إذن هو لم يُخَالِفْ في أصل
    القاعدة وإنما خالف في وجود المانع ، فعندما نربط بين الخلاف الفقهي
    والخلاف الأصولي نكون في الحقيقة مُخْطِئِينَ .

    ب - الإشكال الثاني :أن
    الخلاف الفقهي ترتبط الأقوال فيه بأدلة متعددة ولا تَقْتَصِرُ على دليل
    واحد ، فإذا ربطنا الخلاف الفقهي بالخلاف الأصولي كأَنَّنَا حصرنا المسألة
    الفقهية في أحد الأدلة
    ،واضح ولا نجيب مثال ؟ مثال ؟ طيب .
    يقول
    : من المسائل الخلافية مسألة بيع العِينَةِ ، وايش معنى بيع العِينَةِ ؟
    بيع العِينَةِ أن أبيعك السلعة كم قيمتها ؟ أبيعك هذه السلعة بعشرة مليون
    تسددها لي
    [عبر] سنة ، ثم تُعَاوِد تبيع لي السلعة بثمانية ملايين حَالَّةً هَا الِحين .
    هذه
    إيش تسمى ؟ إحنا دَخَّلْنَا هذا الكأس كله علشان بس حيلة ، وَلاَّ نهايةُ
    المعاملة ثمانية ملايين تُسَلَّمُ حَالَّةً مُقَابِل عشرة ملايين تُسَلَّمُ
    بعدَ سنةٍ هذا بيع عينة
    [ أو عكس بيع العينة ] .
    بيع العِينَةِ اختلف الفقهاء في جوازها ؛ فالجمهور يقولون هي حرام ، والشافعية يقولون هي جائزة ، كان من أدلة الجمهور أن زيد بن ثابت)
    [8]( بَاعَ بِبَيْعِ عِينَةٍ ، فَأُخْبِرَتْ عائشة بذلك فقالت عائشة رضي الله عنها : أخبري زيداً أنه قد أَبْطَلَ جِهَادَهُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)[9](.
    فجاءنا إذن وقع خلاف مَنْشَأُهُ اختلفوا في هذا الدليل .
    جاءنا
    بعض الفقهاء وقال : هذا الخلاف الفقهي مرتبط بالخِلاف في مسألة حُجِّيَةِ
    الصحابي ؛ فمن قال بأن قول الصحابي حُجَّةٌ قال بَيْعُ العِينَةِ حرام .
    ومن قال قول الصحابي ليس بحجة قال : بيع العِينَةِ مباح .هذا الربط رَبْطٌ
    خاطئٌ ؛ لأن المسألة فيها أدلة أخرى
    .
    بعضهم يستدل بقوله تعالى : -(وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)- [المدثر/6] ، وبعضهم يستدل بما ورد في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ إذا تبايعتم بالعِينَةِ واتَّبَعْتُمْ أذناب البقر وتَرَكْتُمُ الجهادَ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ - إيش ؟ - عدوا أو ذلا لا يرفعه عنكم حتى تُرَاجِعُوا - إيش ؟- دينكم ])
    [10](.
    ولذلك أنا قد أقول : بأن قول الصحابي ليس بحجة ولا أستدل بأثر عائشة لكنني أمنع من العِينَةِ بناءً على هذا الحديث .
    وفي المقابل قد يقول قائل : أنا أقول بأن قول الصحابي حجة ، لكن بَيْعُ العِينَةِ عندي مباح لأن هذا لم يثبت عن عائشة مثلا .
    فإذن قد يكون الاختلاف الفقهي ليس مرتبطا بالخلاف الأصولي وإنما يكون لسببِ دليلٍ آخر في المسألة أو بسبب عدم صحة الدليل مثلا .
    ج - الإشكالية الأخرى : التي
    سار عليها هؤلاء كثيرا أنهم طَبَّقُوا القواعد الأصولية على الألفاظِ من
    الإِقْرَارَاتِ والطلاقِ والعقودِ ونحو ذلك ، والمقصود من القواعد الأصولية
    أَصَالَةً هو الدليل الشرعي .

    إذن هذه
    الطريقة عليها هذه المحاذير ولذلك من الأولى ألاَّ نَرْبِطَ الخلاف الفقهي
    بالخلاف الأصولي ، وإنما نَرْبِطُ الدليلَ الجُزْئِيَّ بالقاعدةِ
    الكُلِّيَةِ أو القاعدة الأصولية .


    (فائدة) :
    هل يناسب عند دراسة الأصول أن نَدْرُسَ الفقه وأَنْ نُبَيِّنَ التَّطْبِيقَاتِ الفقهية أو لا يناسب ؟
    عندنا خلاف في هذه المسألة ، هل يناسب وضع تَطْبِيقَاتٍ فقهية عند الدراسة الأصولية أو لا ؟
    أكثر العلماء المتقدمين يقولون هذا ما يصح هذا غير مناسب ، ليش ؟ قالوا : لأن هذا من خَلْطِ العلوم ، وبعدين المسائل الفقهية [...])
    [11](ولا ينبغي أن تبحث في الأصل ، ولذلك ينكرون يقولون هذا ما يفعله إلا البَلِيدُ .
    وإن
    كان مرات بعضهم تَكَلَّمَ بمثل هذا يغمز به على طريقة الحَنَفِيَّةِ ، لأن
    الحَنَفِيَّةَ كانوا يَأْخُذُونَ القواعد الفقهية من الفروع الفقهية
    الواردة عن أئمتهم ، ولهم طرائقهم الخاصة في الاصطلاحات والاجتهاد ، ولذلك
    تجد الكتب الأصولية عند علماء الحَنَفِيَّةِ مَلِيئَةً بالفروع الفقهية .

    بينما
    طريقة الجمهور أنهم يدرسون القواعد الأصولية مُجَرَّدَةً عن الفروع
    الفقهية ، وإنما قد يذكرون مسألة على جهة التمثيل لا على جهة التطبيق من
    أجل الفهم فقط .



    *
    الطريقة الثانية من طرائق الحمع بين الدراسة الأصولية والدراسة الفقهية :
    دراسة القواعد الأصولية من خلال دراسة الفروع الفقهية من خلال أدلتها
    .

    مثال ذلك : لما قال الله عزوجل -(يَا
    أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ
    الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا
    بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)
    - [البقرة/278-279] عندما يبحث الإسنان في مسائل الربا في الفقه يقرر أن الفقه حرام ويقول : والأصل في تحريمه : -(وَحَرَّمَ الرِّبَا)- [البقرة/275]
    ولفظة التحريم صريحة في إثبات حُكم الحرام ، هذه القاعدة لفظة التحريم
    صريحة في التحريم أو في إثبات لفظ الحرام هذه قاعدة أصولية وبالتالي نتمكن
    من الربط بين الفقه والأصول من خلال ذلك .

    ثم يستدل بقوله عزوجل -(اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا)- [البقرة/278] فقوله : -(ذَرُوا)- هذا أمر بالترك والأمر بالترك يفيد التحريم ، وقوله : -(إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)- [البقرة/278] فيه دلالة على ان أكل الربا حرام ، لماذا لأنه علق الإيمان - المعنى الكامل - على تركه .
    فنأخذ من هذا أن ما عُلِّق الإيمان عليه فهو واجب ، وتركه يكون محرما .
    يعني مثال ذلك الحديث [ أوتروا يا أهل القرآن ]لما
    يأتي مستدل يتكلم عن مسائل فقهية في باب الوتر ويقول : الوتر ليس بواجب
    على من ليس من أهل القرآن ، غير حفظة القرآن لا يجب عليهم الوتر استدلالاً
    بقوله النبي
    صلى الله عليه وسلم : [ أوتروا يا أهل القرآن ]فإنه لما خاطب أهل القرآن بالأمر بالوتر دل هذا على أن غير أهل القرآن لا يخاطبون بالأمر به ، فإذن الأمر هنا مختص .
    القاعدة هنا أن الأمر المخصوصبطائفة
    لا يشمل من لا يماثلهم في المعنى ، أو اختصاص الحكم بالوصف المرافق له
    وهذا يسمونه دلالة القصر أو بعبارة أخرى دلالة مفهوم المخالفة ، فإنه لما
    أمر أهل القرآن بالوتر دل ذلك على أن غير أهل القرآن لا يأمرون بالوتر .

    إذن
    هذه الطريقة هي طريقة دراسة الفقه ثم بعد ذلك ندرس القاعدة الأصولية ، لكن
    تلاحظون أن هذا لا يكون إلا عند دراسة الفقه بطريقة الإستدلال ، أما طريقة
    دراسة الفقه بتحليل الألفاظ بدون أن يكون هناك استدلال فإنه لا يمكن في
    الربط بين الأصول والفقه .

    وتلاحظون أيضا أن كثيرا من المؤلفين في الفقه قد يغفل هذا ، تجده مثلا يقول : الأصل في البيع الإباحة لقوله : -(وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ)- [البقرة/275] ولأن النبي صلى الله عليه وسلم باع واشترى . فأسقط وجه الاستدلال وبالتالي قد لا تتنبه إلى القاعدة الأصولية التي استعملت لاستخراج هذا الحكم بواسطتها من الدليل .
    -(وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ)- هنا تصريح بالإحلال فيدل على جوازه ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم باع في مقدمة أخرى وهي أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم حجة ، وأن الفعل المجرد من النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الإباحة .
    هذه
    القواعد لم تذكر لكن طالب العلم ينبغي به أن يكون متنبها لها ، وهذه في
    جميع العلوم وهو أن أهل العلم يحذفون بعض المقدمات لظنهم أنها معلومة ،
    فيقع اللبس وعدم الفهم عند كثير من القراء .


    * الطريقة الثالثة من طرائق الربط بين الأصول والفروع : الربط بينهما عند دراسة النصوص الشرعية:
    يعني
    عند تفسير القرآن أو شرح الأحاديث النبوية يقوم الفقيه باستنباط الحكم من
    الدليل ويوضح القاعدة ، فلان في درس تفسير فيقول : هذه الآية تدل على كذا
    فَيُوَضِّحُ القاعدة التي اسْتَنَدَ عليها في ذلك .

    إذا نظر الإنسان في المدرسين الذين يُدَرِّسُونَ في الأصول وجد بأنهم على أنواع :
    1- النوع الأول: مَن يدرس القواعد الأصولية مُجَرَّدَةً ما معها فروع ، هذا إذا كان فاهماً فهو جيد لأن الفاهم في علم الأصول نوادر صح ولا لا ؟
    2- القسم الثاني من أنواع الأساتذة: من يُدَرِّسُ القواعد الأصولية ويُفَرِّعُ عليها الفُرُوعَ الفقهية المذكورة عند الأصوليين ، وهذا أحسن من الأول .
    3- والثالث: من يدرس القواعد الأصولية ويُطَبِّقُهَا على الفروع الفقهية المذكورةِ في كتب الفقهاء ، وهذا أحسن من الذي قبله .
    4- والنوع الرابع
    : من يُطَبِّقُ القواعد الأصوليةَ على المسائل النازلةِ - المسائلُ
    المعاصرة الجديدة - ، هذا هو الفقيه حَقَّ الفِقْهِ ، لكن هذا نادر أصحابه
    ما يعدون إلا بالأصابع .

    إذن هناك من
    يُدَرِّسُ الأصول بدون ذكر الفروع ، وهناك من يُدَرِّسُ الأصول بِذِكْرِ
    الفروع التي يَذْكُرُهَا الأصوليون ، وهناك من يُدَرِّسُ الأصول بِذِكْرِ
    فروع فقهية مبنيةٍ على تلك القاعدة الأصولية من كتب الفقهاء ، وهناك من
    يُدَرِّسُ القواعد الأصولية ويُنَزِّلُـهَ على المسائلِ الجديدة
    والنَّازِلَةِ .

    أُنَبِّهُ إلى قضيةٍ هنا
    وهي أن عِلْمَ الأصول لا يَقْتَصِرُ على الفقه ، بل القواعد الأصولية كما
    يأخذ منها أحكام فقهية يُأْخَذُ منها أحكام في كل المجالات في كل العلوم .

    مثال ذلك : في مسائل العقيدة نأخذ فروعا فقهية من النصوص بواسطة قواعد أصولية ، ما حكم الإيمان ؟ ايش ؟ واجب ، وايش الدليل ؟ -(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا )- [النساء/136]
    طيب كملوا إحنا قلنا قبل اشوي أن كثيرا من الفقهاء ما يَذْكُرُونَ وَجْهَ
    الاستدلال وبالتالي لا يربطون بين المسألة الفقهية أو العقدية وبين القاعدة
    الأصولية ، فتقول هنا :
    -(آَمِنُوا )- فعل أمر والأمر يدل على الوجوب ، هنا اسْتَنْبَطْنَا حُكْماً عَقَدِياً بواسطة القواعد الأصولية .
    ولذلك قال المعتزلة بأن الله لا يُرَى)
    [12](، رَدَّ عَلَيْهِمْ أهل السنة باستدلالات كثيرة ، من تلك الإستدلالات قوله عزوجل : -(كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)- [المطففين/15]
    في سورة المطففين ، فإنه قَسَّمَ النَّاسَ إلى قسمين : فُجَّارٌ وأَبْرارٌ
    ، فذكر أن الفجار مَحْجُوبُونَ عن ربهم جل وعلا فدل ذلك على أن
    المُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ ربهم لا يُـحْجَبُونَ ، هذا ويش يسمى ؟ مَفْهُومُ
    المُخَالَفَةِ ولا مَفْهُومُ التَّقْسِيمِ ؟ اللي يقول مَفْهُومُ
    المُخَالَفَةِ يرفع يده ، بس واحد ، اثنين ثلاثة .... طيب اللي يقول
    مَفْهُومُ التَّقْسِيمِ يرفع يده .

    هو الآن
    قَسَّمَ الناس مؤمن أبرار وفجار ، حَكَمَ على أحد القِسْمَيْنِ بحكمٍ
    دَلَّ ذلك على أن القسم الآخر لا يُحْكم عليه بهذا الحكم .

    اه من يقول بأنه مفهوم تَقْسِيمٍ ؟ بس ، لا .
    غَلَطْ
    مَفْهُومُ التقسيم أحد أنواع مفهومِ الـمُخَالفة ، فهذا مثال لمفهوم
    التقسيم وهو في نفس الوقت مفهوم مخالفةٍ لأن مفهوم التقسيم أحد أنواع مفهوم
    المخالفة .

    المقصود أننا استدللنا بهذه
    القاعدة الأصولية في حكم عقدي وهو إثبات رؤية المؤمينن لربهم جل وعلا ،
    فَدَلَّنَا هذا على أن القواعد الأصولية لا يصح أن تُحْصَرَ في مسائل الفقه
    العملية ، وإنما طرائق فهم الكتاب والسنة هي قواعد الأصول .




    (أوجه الترابط بين الفقه والأصول ، ومدى حاجة الفقيه إلى علم أصول الفقه)


    إذا أردنا أن نَتَعَرَّفَ ما هي
    أوجهُ الترابطِ بين الفقهِ والأصول ؟ وما مدى حاجة الفقيهِ إلى معرفة
    الأصول ؟ اللي يبغى يصير فقيها هل يحتاج إلى أن يدرس الأصول ويعرف الأصول
    أو لا يحتاج ؟

    يحتاج ؛ لماذا هو يحتاج ؟ لأمور :
    - أولها
    : الاستنباط لأنه لا يَتَمَكَّنُ من استنباط الأحكام الفقهية من الأدلة
    إلا بواسطة القواعد الأصولية ، فإذا لم يعرف القواعد الأصولية لم
    يَتَمَكَّنْ من استنباطِ أحكام المسائل الفقهية .

    - الأمر الثاني : الإِحَاطَةُ
    بمسائل الفقه ، مسائل الفقه كثيرة متعددة لَكِنَّكَ إذا عرفت قواعد الأصول
    تَتَمَكَّنُ من الإحاطة بكُلِّهَا أو بأغلبها ، أما إذا دَرَسْتَ الفروع
    الفقهية بِجُزْئِيَّاتِهَا لن تَتَمَكَّنَ من ضبط الفروع ولن تتمكن من
    الإحاطة بالفقه ، وهذه تَنْتَبِهُونَ لها كثيرا ، كثيرٌ من الناس يقول أنا
    دَرَسْتُ ودَرَسْتُ مسائل فقهيةً وأنسى ولا أضبطها ليش ؟

    لأنه
    لم يَرْبِطِ تلك الفروع بقواعدها ، لو رَبَطَهَا لَبَقِيَّتْ في ذهنه ،
    حتى لو نسي فرعاً فقهياً إذا جائته مسألة هذا الفرع الفقهي عرف القاعدة
    فأرجعها إلى القاعدة
    .
    - الأمر الثالث
    : تحصيل رتبة الاجتهاد ؛ لا يَتَمَكَّنُ الإنسان من الوُصُولِ إلى رتبة
    الاجتهاد إلا إذا كان عنده علم بالأصول فلن يجتهد ولا يتمكن من الاجتهاد في
    الفروع الفقهية إلا بمعرفة القواعد الأصولية ، بل إنه في الحقيقة لن يتمكن
    من فهم الفروع الفقهية إلا إذا عرف القواعد الأصولية ، لأن الفرع الفقهي
    يحتاج إلى تصور لتَحْكُمَ عليه ، من طرائق التَّصَوُّرِ فَهْمُ الألفاظ
    المنقولةُ المسألةُ بها ، إذا ما حَصَّلْتْ تعرفْ الألفاظ ودلالاتها حينئذ
    لن تَتَمَكَّنَ من فهم المسألة .

    كذلك إذا عرفتَ الأصول تَمَكَّنْتَ من التمييز بين أنواع اجتهادات السابقين ؛عندك
    أبو حنيفة يقول كذا ، والشافعي يقول كذا ، ومالك يقول كذا ، وأحمد يقول
    كذا ، كيف ترجح بينها ؟ وكيف تعرف الراجح من المرجوح ؟ بواسطة النظر في
    الأدلة الشرعية بالقواعد الأصولية .

    ومن ثم دراسة الأصول تُعِينُ على الترجيح بين اجتهادات الفقهاء المتقدمين .
    يمثلون
    بأمثلة يقولون : الفقيه مثل الصيدلي والأصولي مثل الطبيب ، الطبيب يعرف
    العلاج بس ما عنده علاج ، يقول : أنت مريض بالمرض الفلاني وعلاجك الدواء
    الفلاني .من اللي يقوله ؟ الطبيب وهذا مثل الأصولي .

    طيب أعطني شيء يتعلق به ، قال : نعطيك بس قاعدة تُمَشِّيكَ في الدرب .
    أما
    الفقيه فهو بمثابة الصيدلي عنده أنواع الأدوية ، لكن إذا جاءه مريض قال
    والله ما أدري وايش أعطيك أخاف أعطيك دواء وتموت ، هذا مَثَلُ الفقيه الذي
    ليس عنده معرفة بالأصول .


    من مميزات ربط دراسة الفقه بالأصول : التأكد
    من صحة الاجتهاد والمنع من الخطأ فيه ؛ إذا كنت تعرف القواعد الأصولية
    فاجتهدت في مسألة ثم رجعت إلى ما لديك من قواعد ونظرت هل اجتهادك صحيح أو
    اجتهادك خاطئ .

    مثال هذا : في تصحيح الحديث
    وتضعيفه : هناك قواعد للتصحيح والتضعيف ، عندما يأتيك حديث وتصححه أو
    تضعفه ، ثم تنظر في هذه القواعد تتعرف هل حكمك صحيح أو خطأ ، هكذا في
    الفروع الفقهية ، عندما تحكم على مسألة بحكمٍ ثم تنظر في القواعد الأصولية
    وتُطَبِّقُهَا على هذه المسألة تَعْرِفُ الحكم الذي توصلت إليه صحيح أو ليس
    كذلك .


    كذلك من فوائد ربط الفقه بالأصول معرفة الحِكَمِ والأسرار والمعاني التي تشتمل عليها أحكام الشريعة؛
    في الأصول نحن نحتاج إلى إعمال القياس ، إعمال القياس ما يكون إلا
    باستخراج العلة ، العلة فيها معنى معقول لأنه يحصل من ترتيب الحكم على هذا
    الوصف مصلحة ، فحينئذ نعرف فضل الله جل وعلا علينا بهذه الشريعة وكيف كانت
    هذه الشريعة مُحَقِّقَةً لمصالحنا ومصالح الخلق .

    (فائدة) :
    وقع اختلاف بين علماء الشريعة هل الأفضل نُقَدِّمْ دراسة الأصول ؟ أو الأفضل نُقَدِّمْ دراسة الفقه ؟
    وأحسن
    الأقوال في هذا أن يقال : أن الإنسان يحتاج في أول أمره إلى عمل ، هذا
    العمل لابد أن يتعلم هذا العمل هو الفقه ؛ تعرف كيف تصلي ، تعرف كيف تتوضأ
    هذا الفقه فتُقَدِّمُهُ ، ثم بعد ذلك تَدْرُسُ الأصول التي تُسْتَنْبَطُ
    بواسطتها الأحكام الشرعية من الأدلة .

    هل هناك قواعد أصولية لا يَنْبَنِي عليها فقه ؟ أو لا يَنْبَنِي عليها فروع ؟
    [
    مرتاح بهجرك
    مرتاح بهجرك
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 22/09/2011

    الجنسية : العراق

    عدد المشاركات : 1082

    مكسب العضو : 4717

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 21

     تفريغ محاضرة : المنهجية في الجمع بين الفقه وأصوله لمعالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه Empty رد: تفريغ محاضرة : المنهجية في الجمع بين الفقه وأصوله لمعالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه

    مُساهمة من طرف مرتاح بهجرك 4/12/2011, 08:31

    الف شكررررررررررررررر
    خليل إبراهيم
    خليل إبراهيم
    صاحب الموقع


    تاريخ الإنضمام : 02/12/2009

    الجنسية : أردني وافتخر

    عدد المشاركات : 9177

    مكسب العضو : 122149

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 118

    العمر : 34

    المزاج : رايق

     تفريغ محاضرة : المنهجية في الجمع بين الفقه وأصوله لمعالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه Empty رد: تفريغ محاضرة : المنهجية في الجمع بين الفقه وأصوله لمعالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه

    مُساهمة من طرف خليل إبراهيم 17/1/2012, 03:56

    مشكووووووووووووووووووووووووور على الموضوع الرائع
    امة الله
    امة الله
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 20/02/2012

    الجنسية : مصرية

    عدد المشاركات : 501

    مكسب العضو : 2442

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 20

     تفريغ محاضرة : المنهجية في الجمع بين الفقه وأصوله لمعالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه Empty رد: تفريغ محاضرة : المنهجية في الجمع بين الفقه وأصوله لمعالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه

    مُساهمة من طرف امة الله 20/2/2012, 20:27

    موضوع متميز
    جزاك الله خيرا
    دمت برعاية الله
    المخلص الموعود
    المخلص الموعود
    المراقب العام
    المراقب العام


    تاريخ الإنضمام : 26/03/2012

    الجنسية : ذكر

    عدد المشاركات : 1045

    مكسب العضو : 2044

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 19

     تفريغ محاضرة : المنهجية في الجمع بين الفقه وأصوله لمعالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه Empty رد: تفريغ محاضرة : المنهجية في الجمع بين الفقه وأصوله لمعالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه

    مُساهمة من طرف المخلص الموعود 5/4/2012, 00:45

    بارك الله فيك على هذا الموضوع الذي يفيدنا ويحدثنا على حياة الرسول صلى الله عليه واله وسلم
    هيرودوت
    هيرودوت
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ الإنضمام : 10/04/2012

    الجنسية : يمنية

    عدد المشاركات : 878

    مكسب العضو : 1010

    نقاط تقييم مواضيع العضو : 20

     تفريغ محاضرة : المنهجية في الجمع بين الفقه وأصوله لمعالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه Empty رد: تفريغ محاضرة : المنهجية في الجمع بين الفقه وأصوله لمعالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه

    مُساهمة من طرف هيرودوت 13/4/2012, 00:11

    يارك الله فيك


    طرح مميز


    ننتظر حديدك


    يسسلم قلمك المبدع

      الوقت/التاريخ الآن هو 27/11/2024, 20:53