معجزة نبوية مباركة

[center]من بدائع القصص النبوي الصحيح

معجزة نبوية مباركة

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
( والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لاعتمد بكبدي على الأرض من الجوع ،
وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه ،
فمرّ أبو بكر ، فسألته عن آية من كتاب الله ، ما سألته إلى ليشعبني ، فمرّ ولم يفعل .
ثم مرّ بي عمر ، فسألته عن آية في كتاب الله ، ما سألته إلا ليشبعني ، فمرّ ولم يفعل ،
ثم مرّ النبي صلى الله عليه وسلم ، فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في و جهي ) .

[center]فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبا هر [ لقب الصحابي أبو هريرة ]

[center]أبو هريرة : لبيك يا رسول الله .

[center]رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألحق .

[center](يمضي الرسول إلى بيته فيتبعه أبو هريرة ) ،
يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم فيستأذن له فيجد لبناً في قدح .

[center]رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أين هذا اللبن ؟ ,

[center]أهل البيت : أهداه لك فلان ، أو فلانة .

[center]رسول الله صلى الله عليه و سلم : أبا هرّ .

[center]أبو هريرة : لبيك يا رسول الله .

[center]رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألحق إلى أهل الصفة فأدعهم لي ،
وأهل الصفة أضياف الإسلام ،
لا يأوون إلى أهل ولا مال ولا على أحد ، وكان إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئاً ،
وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم . (يستاء أبو هريرة من ذلك) .

[center]أبو هريرة ( يخاطب نفسه ) : وما هذا اللبن في أهل الصفة ؟
كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها ، فإذا جاء ،
وأمرني (رسول الله صلى الله عليه وسلم) فكنت أنا أعطيهم .
وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ؟ ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد .

[center](يدعوهم أبو هريرة فيقبلون ويستأذنون فأذن لهم و يأخذون مجالسهم من البيت) .

[center]رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا أبا هرّ .

[center]أبو هريرة : لبيك يا رسول الله .

[center]رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ فأعطهم .

[center]( يأخذ القدح أبو هريرة ، فيعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ، ثم يعطيه الآخر فيشرب حتى يروى ،
حتى ينتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم ،
فيأخذ الرسول القدح فيضعه على يده وهو ينظر إلى أبي هريرة ويبتسم .

[center]رسول الله صلى الله عليه و سلم : أبا هرّ .

[center]أبو هريرة : لبيك يا رسول الله .

[center]رسول الله صلى الله عليه و سلم : بقيت أنا وأنت .

[center]أبو هريرة : صدقت يا رسول الله .

[center]رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقعد فاشرب .

[center]ويقعد أبو هريرة ويشرب .

[center]رسول الله صلى الله عليه وسلم : اشرب .

[center]يشرب ثانياً أبو هريرة والرسول لا يزال يقول اشرب اشرب .

[center]أبو هريرة : لا والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً .

[center]رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأرني .

[center]يناوله أبو هريرة القدح ، فيحمد الله ويسمي ويشرب الفضلة .

من فوائد القصة :

قال الله تعالى :
{ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ }

[center]1- الصحابة الذين تعودوا الجوع ، ولم يذوقوا حلاوة الرفاهية ، مكتفين بحلاوة الإيمان ،
هم الذين فتحوا القلوب بالقرآن والأخلاق قبل أن يفتحوا البلاد بالسنان .

[center]2- صدق فراسة النبي ، وذكاؤه فيما يراه في وجود أصحابه ،
وتعهده إياهم : ( فتبسم حين رآني ، وعرف ما بي ) .

[center]3- تكريم الرسول صلى الله عليه وسلم للفقراء ، ودعوتهم إلى بيته ، دليل على اهتمامه بهم .

[center]4- الرسول المربي الحكيم يربي أبا هريرة على الكـرم والإيثار وينتزع من نفسه حب الذات .
( ألحق بأهل الصفة فأدعهم لي) .

[center]و يعلمه أن يبدأ بغيره قبل نفسه : ( خذ فأعطهم ) .

[center]5- ملاطفة الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة ساءه كثرة الشاربين
مع قلة اللبن تتجلى في مناداته مراراً : ( أبا هر ـ أبا هر) .

[center]6- الرسول صلى الله عليه وسلم كما علم الإيثار لأبي هريرة على غيره يحققه بذاته ،
بل يقدم أبا هريرة على نفسه قائلاً : ( اشرب اشرب) . وما زال أبو هريرة يشرب ،
حتى امتلأ لبناً ، بعد أن امتلأ قناعة وإيثاراً ،
والطبيب الناجح يكرر الدواء لمريضه حتى يحصل له الشفاء بإذن الله .

[center]7- من السنة أن يشرب المسلم قاعداً كما علم الرسول صلى الله عليه وسلم أبا هريرة (اقعد فاشرب) .

[center]8- و من السنة التسمية عند الشرب والحمد لله على نعم الله ، وصاحب البيت آخر القوم شراباً .


للأمانة من بدائع القصص النبوي الصحيح منقولة من كتاب قيم
(هو للمؤلف الأستاذ محمد بن جميل زينو المحترم حفظه الله)