عبد العزيز محمد قاسم
دعوكم من وعود وزارة التربية لمعلميها التي ذهبت أدراج
الرياح، ودعوا عنكم صورة المعلم الشاحبة في ذهنية المجتمع ووسائل الإعلام،
واستقرأوا مواقف الوزارة مع حوادث المعلمين التي تقع يقول الخبر الذي
تناقلته الصحف الأسبوع الماضي إن وزارة التربية والتعليم في احتفالها
باليوم العالمي للمعلم، استعانت بمعلمي المدارس الأهلية «الوافدين»
لمشاركتها في الاحتفال، كون معظم المعلمين السعوديين غابوا عن المشاركة
الماضية، ولعمرو الله إن المقاطعة من قبل المعلمين السعوديين لهي رسالة
فاقعة إلى قيادات الوزارة؛ بأن المعلم غير راضٍ عن الوزارة، ولا يشعر
بالانتماء والفخر بهذه المهنة. معالي النائب الأستاذ فيصل المعمر وعد في
تصريحات صحفية بحزمة من القرارات التي تعزّز مكانة المعلم، وبشّر كثيرا في
عام (المعلم) هذا، بيد أن الوعود تمضي عليها الأيام ولا تتحقق. تأملوا في
التأمين الطبي الذي وُعد هذا المعلم به قبل سنوات عديدة ولم يتحقق له، بل
انظروا لمواقف الوزارة مع حوادث المعلمين، وقتما يشعر بأنه يخذل في النهاية
من وزارته التي كان ينبغي عليها نصرته. إن لم يشعر المعلم بانتمائه لوزارة
تكرّمه وتقدّره، عبر أفعال حقيقية لا تصريحات صحفية، وتشعره بأنها معه، لا
أن تناوئه، فستظل الأمور كما هي عليها، ومهما كانت الوعود سيظل الانتماء
هزيلاً، وكل الأهداف الكبرى التي خطط لها دهاقنة الخبراء في الوزارة ستظل
حبراً على ورق، لأن المعلم في النهاية هو أسّ العملية التربوية، وهو
المترجم الفعلي للأهداف النظرية التي تكتب، فتصوّروا كيف هو حال المعلم دون
أن يتشبّع برسالة التعليم، معتبراً مهنته السامية مجرد وظيفة جامدة، يسحب
نفسه سحباً في بواكير الصباح للمدرسة، ويتثاءب عند نشيد العلم، منتظراً
الجرس. هل بالله ترجون من هذا المعلم تحقيق رسالة التعليم؟!. السؤال: ما
الذي أوصل المعلم لهذه المرحلة من اللامبالاة وعدم الانتماء؟
بتصوري أن الأسباب كثيرة، غير أن شعور المعلم بأن
الوزارة لم تكرّمه بما يستحق، وتوفّه حقه؛ هو سبب رئيس في هذه القضية،
دعوكم من الوعود التي ذهبت أدراج الرياح، ودعوا عنكم صورة المعلم الشاحبة
في ذهنية المجتمع ووسائل الإعلام، واستقرأوا مواقف الوزارة مع حوادث
المعلمين التي تقع، وكلنا يذكر ذلك المشهد الهوليوودي في محاصرة طلاب
(المرامية) في ينبع لمدير المدرسة والمعلمين، دون أن تحرك الوزارة ساكناً،
وربما أعترف هنا –وأنا مَن يكتب من عمق ميدان التربية والتعليم- بأن ما
يظهر في وسائل الإعلام والصحف هو رأس جبل الجليد فقط، وإلاَّ فمئات الحوادث
المؤسفة تقع للمعلّمين، ولكنّها تُحتوى في تلك المدارس، إذ ما الذي بيد
المعلّم –المغلوب على أمره- وقتما تُطرح أمامه عشرات العُقل، والأشمغة،
والمشالح؛ تطلبه السماح والتنازل؟!
بل أكثر من ذلك، تقوم إدارات التعليم في المناطق الكبرى
بتكوين لوبي إعلامي داخل الصحف، بعدم نشر أية أخبار تتعلق بالوزارة، وإلا
فالحوادث المؤسفة كثيرة ولا تتوقف. أثق بشفافية معالي الأستاذ فيصل المعمر،
ونحن من خبَرناه في مؤتمرات الحوار الوطني، ونعلم كذلك بأنه إزاء إرث من
ديون ثقيلة ورثها عمن قبله، غير أنني أهمس لمعاليه بأن المنصب الذي يتسنمه
الآن، وقد أولاه خادم الحرمين الشريفين كلّ ثقته، لن يدوم، وعليه أن يعي
بضرورة ترك بصمة خالدة في هذه الوزارة الأهمّ، تذكرها الأجيال له، بما
نتذكر لمعالي الدكتور محمد الرشيد كثيراً من الخطوات والقفزات الكبرى التي
حققها للتعليم، فيما غيره أتى ورحل ولم نتذكر سوى الجمود، وإبقاء الحال على
ما هو عليه. إن إيجاد هيئة أهلية للمعلمين، هو مطلب ملّح في راهن الآن،
وليس لها سوى العقليات التي خبرت الحراك المدني، وعرفت آثارها وفوائدها
الكبيرة، ومعالي الأستاذ فيصل المعمر منهم، وهذه الهيئة التي نرجو أن تقوم
بمساندة الوزارة في الرفع من مكانة المعلم المتضعضعة، وقد بات أضحوكة في
المسلسلات الهزلية، وبطلاً دائماً في الرسومات الكاريكاتورية التي تسخر
منه، وبالتأكيد ستكون الهيئة مستقلة عن الوزارة ومسؤوليها، فأحيانًا يكون
المسؤول هو الخصم. يقينًا أن المعلم سيشعر بالقوة والانتماء، فثمة هيئة هي
من توصل صوته وتنصره، وتطالب بكل حقوقه، وتسعى في خدمته، بل وتتسابق
المؤسسات الخاصة لتقديم خدماتها له، وقد انفكوا عن البيروقراطية الحكومية،
وسيتأدب أولئك الذين استرخصوا عِرض المعلّم، واستمرأوا ضربه، وإهانته،
والسخرية منه في برامجهم أو صحفهم عندما يعلمون أن خمسمائة ألف معلّم
ومعلمة هم خصومهم، وليس ذيّاك المعلّم وحده، بل حتى المعلّم ليشعر حينها
أنه يتكئ إلى ركن متين، وأن لديه (عزوةً) يتحزّم بهم في نيل حقه أمام تلك
المشالح المتمددة، أو المدير الجبان، ولا يحمل همَّ المحاكم وأكلافها
المادية. مهام كثيرة ستقوم بها الهيئة، ستحمل عن الوزارة كثيراً من العبء
وتكون مساندة لها، بل لا أقل من أن إنشاءها سيحسب لهذا العهد الميمون، عهد
عبد الله بن عبدالعزيز. العظماء فقط هم من يتركون بصمة مميزة تتذكرها
الأجيال لهم، ويسطّرها لهم التاريخ في سجله.
دعوكم من وعود وزارة التربية لمعلميها التي ذهبت أدراج
الرياح، ودعوا عنكم صورة المعلم الشاحبة في ذهنية المجتمع ووسائل الإعلام،
واستقرأوا مواقف الوزارة مع حوادث المعلمين التي تقع يقول الخبر الذي
تناقلته الصحف الأسبوع الماضي إن وزارة التربية والتعليم في احتفالها
باليوم العالمي للمعلم، استعانت بمعلمي المدارس الأهلية «الوافدين»
لمشاركتها في الاحتفال، كون معظم المعلمين السعوديين غابوا عن المشاركة
الماضية، ولعمرو الله إن المقاطعة من قبل المعلمين السعوديين لهي رسالة
فاقعة إلى قيادات الوزارة؛ بأن المعلم غير راضٍ عن الوزارة، ولا يشعر
بالانتماء والفخر بهذه المهنة. معالي النائب الأستاذ فيصل المعمر وعد في
تصريحات صحفية بحزمة من القرارات التي تعزّز مكانة المعلم، وبشّر كثيرا في
عام (المعلم) هذا، بيد أن الوعود تمضي عليها الأيام ولا تتحقق. تأملوا في
التأمين الطبي الذي وُعد هذا المعلم به قبل سنوات عديدة ولم يتحقق له، بل
انظروا لمواقف الوزارة مع حوادث المعلمين، وقتما يشعر بأنه يخذل في النهاية
من وزارته التي كان ينبغي عليها نصرته. إن لم يشعر المعلم بانتمائه لوزارة
تكرّمه وتقدّره، عبر أفعال حقيقية لا تصريحات صحفية، وتشعره بأنها معه، لا
أن تناوئه، فستظل الأمور كما هي عليها، ومهما كانت الوعود سيظل الانتماء
هزيلاً، وكل الأهداف الكبرى التي خطط لها دهاقنة الخبراء في الوزارة ستظل
حبراً على ورق، لأن المعلم في النهاية هو أسّ العملية التربوية، وهو
المترجم الفعلي للأهداف النظرية التي تكتب، فتصوّروا كيف هو حال المعلم دون
أن يتشبّع برسالة التعليم، معتبراً مهنته السامية مجرد وظيفة جامدة، يسحب
نفسه سحباً في بواكير الصباح للمدرسة، ويتثاءب عند نشيد العلم، منتظراً
الجرس. هل بالله ترجون من هذا المعلم تحقيق رسالة التعليم؟!. السؤال: ما
الذي أوصل المعلم لهذه المرحلة من اللامبالاة وعدم الانتماء؟
بتصوري أن الأسباب كثيرة، غير أن شعور المعلم بأن
الوزارة لم تكرّمه بما يستحق، وتوفّه حقه؛ هو سبب رئيس في هذه القضية،
دعوكم من الوعود التي ذهبت أدراج الرياح، ودعوا عنكم صورة المعلم الشاحبة
في ذهنية المجتمع ووسائل الإعلام، واستقرأوا مواقف الوزارة مع حوادث
المعلمين التي تقع، وكلنا يذكر ذلك المشهد الهوليوودي في محاصرة طلاب
(المرامية) في ينبع لمدير المدرسة والمعلمين، دون أن تحرك الوزارة ساكناً،
وربما أعترف هنا –وأنا مَن يكتب من عمق ميدان التربية والتعليم- بأن ما
يظهر في وسائل الإعلام والصحف هو رأس جبل الجليد فقط، وإلاَّ فمئات الحوادث
المؤسفة تقع للمعلّمين، ولكنّها تُحتوى في تلك المدارس، إذ ما الذي بيد
المعلّم –المغلوب على أمره- وقتما تُطرح أمامه عشرات العُقل، والأشمغة،
والمشالح؛ تطلبه السماح والتنازل؟!
بل أكثر من ذلك، تقوم إدارات التعليم في المناطق الكبرى
بتكوين لوبي إعلامي داخل الصحف، بعدم نشر أية أخبار تتعلق بالوزارة، وإلا
فالحوادث المؤسفة كثيرة ولا تتوقف. أثق بشفافية معالي الأستاذ فيصل المعمر،
ونحن من خبَرناه في مؤتمرات الحوار الوطني، ونعلم كذلك بأنه إزاء إرث من
ديون ثقيلة ورثها عمن قبله، غير أنني أهمس لمعاليه بأن المنصب الذي يتسنمه
الآن، وقد أولاه خادم الحرمين الشريفين كلّ ثقته، لن يدوم، وعليه أن يعي
بضرورة ترك بصمة خالدة في هذه الوزارة الأهمّ، تذكرها الأجيال له، بما
نتذكر لمعالي الدكتور محمد الرشيد كثيراً من الخطوات والقفزات الكبرى التي
حققها للتعليم، فيما غيره أتى ورحل ولم نتذكر سوى الجمود، وإبقاء الحال على
ما هو عليه. إن إيجاد هيئة أهلية للمعلمين، هو مطلب ملّح في راهن الآن،
وليس لها سوى العقليات التي خبرت الحراك المدني، وعرفت آثارها وفوائدها
الكبيرة، ومعالي الأستاذ فيصل المعمر منهم، وهذه الهيئة التي نرجو أن تقوم
بمساندة الوزارة في الرفع من مكانة المعلم المتضعضعة، وقد بات أضحوكة في
المسلسلات الهزلية، وبطلاً دائماً في الرسومات الكاريكاتورية التي تسخر
منه، وبالتأكيد ستكون الهيئة مستقلة عن الوزارة ومسؤوليها، فأحيانًا يكون
المسؤول هو الخصم. يقينًا أن المعلم سيشعر بالقوة والانتماء، فثمة هيئة هي
من توصل صوته وتنصره، وتطالب بكل حقوقه، وتسعى في خدمته، بل وتتسابق
المؤسسات الخاصة لتقديم خدماتها له، وقد انفكوا عن البيروقراطية الحكومية،
وسيتأدب أولئك الذين استرخصوا عِرض المعلّم، واستمرأوا ضربه، وإهانته،
والسخرية منه في برامجهم أو صحفهم عندما يعلمون أن خمسمائة ألف معلّم
ومعلمة هم خصومهم، وليس ذيّاك المعلّم وحده، بل حتى المعلّم ليشعر حينها
أنه يتكئ إلى ركن متين، وأن لديه (عزوةً) يتحزّم بهم في نيل حقه أمام تلك
المشالح المتمددة، أو المدير الجبان، ولا يحمل همَّ المحاكم وأكلافها
المادية. مهام كثيرة ستقوم بها الهيئة، ستحمل عن الوزارة كثيراً من العبء
وتكون مساندة لها، بل لا أقل من أن إنشاءها سيحسب لهذا العهد الميمون، عهد
عبد الله بن عبدالعزيز. العظماء فقط هم من يتركون بصمة مميزة تتذكرها
الأجيال لهم، ويسطّرها لهم التاريخ في سجله.