[size=21]الناسخ والمنسوخ في القرآن
أ- تعريف النسخ:-
1 لغة: الإزالة. يقال: نسخت الشمس الظّل، أي أزالته. ويأتي بمعنى التبديل والتحويل، يشهد له قوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [النحل: 101].
2 اصطلاحاً: رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر. فالحكم المرفوع يسمى: المنسوخ، والدليل الرافع يسمى: الناسخ، ويسمى الرفع: النسخ.
فعملية النسخ على هذا تقضي منسوخاً وهو الحكم الذي كان مقرراً سابقاً، وتقتضي ناسخاً، وهو الدليل اللاحق.
ب- شروط النسخ:-
1 أن يكون الحكم المنسوخ شرعياً.
2 أن يكون الدليل على ارتفاع الحكم دليلاً شرعياً متراخياً عن الخطاب المنسوخ حكمه.
3 ألا يكون الخطاب المرفوع حكمه مقيداً بوقت معين مثل قوله تعالى:
{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة:109] فالعفو والصفح مقيد بمجيء أمر الله.
.. وبذلك فإن النسخ لا يكون في القصص القرآني ولا في الأخبار عن الأمم السابقه ، إنما يكون النسخ في الأحكام الشرعية ..
جـ- حكمة وقوع النسخ:-
1 يحتل النسخ مكانة هامة في تاريخ الأديان، حيث أن النسخ هو السبيل لنقل الإنسان إلى الحالة الأكمل عبر ما يعرف بالتدرج في التشريع، وقد كان الخاتم لكل الشرائع السابقة والمتمم له ما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبهذا التشريع بلغت الإنسانية الغاية في كمال التشريع.
وتفصيل هذا: أن النوع الإنساني تقلب كما يتقلب الطفل في أدوار مختلفة، ولكل دور من هذه الأدوار حال تناسبه غير الحال التي تناسب دوراً غيره، فالبشر أول عهدهم بالوجود كانوا كالوليد أول عهده بالوجود سذاجة، وبساطة، وضعفاً، وجهالة، ثم اخذوا يتحولون من هذا العهد رويداً رويداً، ومروا في هذا التحول أو مرت عليهم أعراض متبانية، من ضآلة العقل، وعماية الجهل، وطيش الشباب، وغشم القوة على التفاوت في هذا بينهم، اقتضى وجود شرائع مختلفة لهم تبعاً لهذا التفاوت.
حتى إذا بلغ العالم أوان نضجه واستوائه، وربطت مدنيته بين أقطاره وشعوبه، جاء هذا الدين الحنيف ختاماً للأديان ومتمماً للشرائع، وجامعاً لعناصر الحيوية ومصالح الإنسانية و مرونة القواعد، جمعاً وفَّقَ بين مطالب الروح والجسد، وآخى بين العلم والدين، ونظم علاقة الإنسان بالله وبالعالم كله من أفراد، وأسر، وجماعات، وأمم، وشعوب، وحيوان، ونبات، وجماد، مما جعله بحق ديناً عاماً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
2 ومن الحكم أيضاً التخفيف والتيسير: مثاله: إن الله تعالى أمر بثبات الواحد من الصَحابَة للعشرة في قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [ الأنفال:65] ثم نسخ بعد ذلك بقوله تعالى :{الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال:66] فهذا المثال يدل دلالة واضحة على التخفيف والتسير ورفع المشقة، حتى يتذكر المسلم نعمة الله عليه.
3 مراعات مصالح العباد.
4 ابتلاء المكلف واختباره حسب تطور الدعوة وحال الناس.
د- أقسام النسخ في القرآن الكريم :-
1 نسخ التلاوة والحكم معاً.
رُوي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان فيما نزل من القرآن:"عشر رضعات معلومات يحرّمن " فنسخن خمس رضعات معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مما يقرأ من القرآن". ولا يجوز قراءة منسوخ التلاوة والحكم في الصلاة ولا العمل به، لأنه قد نسخ بالكلية. إلا أن الخمس رضعات منسوخ التلاوة باقي الحكم عند الشافعية.
2 نسخ التلاوة مع بقاء الحكم.
يُعمل بهذا القسم إذا تلقته الأمة بالقبول، لما روي أنه كان في سورة النور: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما نكالاً من الله والله عزيز حكيم "، ولهذا قال عمر: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي.
وهذان القسمان: (1- نسخ الحكم والتلاوة) و (2- نسخ التلاوة مع بقاء الحكم) قليل في القرآن الكريم، ونادر أن يوجد فيه مثل هذان القسمان، لأن الله سبحانه أنزل كتابه المجيد ليتعبد الناس بتلاوته، وبتطبيق أحكامه.
3 نسخ الحكم وبقاء التلاوة.
فهذا القسم كثير في القرآن الكريم، وهو في ثلاث وستين سورة.
مثاله:
1 قيام الليل:
المنسوخ: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمْ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا}[المزمل: 1- 3].
الناسخ: قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ} [المزمل:20].
النسخ: وجه النسخ أن وجوب قيام الليل ارتفع بما تيسر، أي لم يَعُدْ واجباً.
2 محاسبة النفس.
المنسوخ: قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284].
الناسخ: قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [ البقرة:286 ].
النسخ: وجهه أن المحاسبة على خطرات الأنفس بالآية الأولى رُفعت بالآية التالية.
3 حق التقوى.
المنسوخ: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102].
الناسخ: قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].
النسخ: رفع حق التقوى بالتقوى المستطاعة.
ما الحكمة من نسخ الحكم وبقاء التلاوة؟
1 إن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه، والعمل به، فإنه كذلك يُتلى لكونه كلام الله تعالى، فيثاب عليه، فتركت التلاوة لهذه الحكمة.
2 إن النسخ غالباً يكون للتخفيف، فأبقيت التلاوة تذكيراً بالنعمة ورفع المشقة، حتى يتذكر العبد نعمة الله عليه.
هـ- النسخ إلى بدل وإلى غير بدل :-
1 النسخ إلى بدل مماثل، كنسخ التوجه من بيت المقدس إلى بيت الحرام: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة :144].
2 النسخ إلى بدل أثقل، كحبس الزناة في البيوت إلى الرجم للمحصن، والجلد لغير المحصن. ونسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان.
3 النسخ إلى غير بدل، كنسخ الصدقة بين يدي نجوى الرسول صلى الله عليه وسلم.
4 النسخ إلى بدل أخف: مر معنا في الأمثلة السابقة ( قيام الليل ).
و- أنواع النسخ :-
النوع الأول: نسخ القرآن بالقرآن، وهو متفق على جوازه ووقوعه.
النوع الثاني: نسخ القرآن بالسنة وهو قسمان:
1 نسخ القرآن بالسنة الآحادية، والجمهور على عدم جوازه.
2 نسخ القرآن بالسنة المتواترة.
أ- أجازه الإمام أبو حنيفة ومالك ورواية عن أحمد، واستدلوا بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] فقد نسخت هذه الآية بالحديث المستفيض، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " ألا لا وصية لوارث " ولا ناسخ إلا السنة . وغيره من الأدلة .
ب- منعه الإمام الشافعي ورواية أخرى لأحمد، واستدلوا بقوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] قالوا: السنة ليست خيراً من القرآن ولا مثله.
النوع الثالث: نسخ السنة بالقرآن:
أجازه الجمهور، ومثلوا له بنسخ التوجه إلى بيت المقدس الذي كان ثابتاً بالسنة بالتوجه إلى المسجد الحرام. ونسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
نظم الإمام السيوطي ـ رحمه الله ـ الآيات المنسوخة في القرآن ، وقد وضع عليها الإمام الشنقيطي ـ رحمه الله ـ شرحاً لها ، كما هو مذكور في تتمة الشيخ عطية محمد سالم ـ رحمه الله ـ لأضواء البيان (9/699) ، وهذا نسخ للأبيات مع شرحها ، سائلاً الله تبارك وتعالى أن ينفع بها ، إنه جواد كريم .
قال الإمام السيوطي ـ رحمه الله ـ في الإتقان في علوم القرآن (2/50) :
قَدْ أكْثَرَ النَّاسُ في المَنْسُوخِ مِنْ عَدَدِ
وأدْخَلُوا فِيــهِ آياً لَيْسَ تَنْحَصِــــرُ
وهَاكَ تَحْـرِيرَ آيٍ لا مَـزِيـدَ لَهَا
عِشْرِينَ حَرَّرَهَا الحُذَّاقُ والكُبَـــــرُ
آيُ التَّوَجُهِ حَيْثُ المَرْءُ كـانَ وإِنْ
يُوصِي لأهْلِيهِ عِنْدَ المَوْتِ مُحْتَضِرُ
وحُرْمَةُ الأكْلِ بَعْدَ النَّوْمِ مَـعْ رَفَثٍ
وفِدْيَةٍ لِمُطِيقِ الصَّوْمِ مُشْتَهِـــرُ
وحَقُّ تَقْوَاهُ فِيمَا صَحَّ فِي أَثَـــرٍ
وفي الحَرامِ قِتَالٌ للأُلَى كَفَـــرُوا
والاعْتِدَادُ بِحَوْلٍ مَـــعْ وَصِيَّتِهَا
وأنْ يُدَانَ حَدِيثُ النَّفْسِ والفِكَــرُ
والحِلْفُ والحَبْسُ للزَّانِي وتَرْكُ أُولِي
كُفْرٍ وإشْهَادُهُمْ والصَّبْرُ والنَّفَــرُ
ومَنْعُ عَقْدٍ لِـزَانٍ أوْ لِــــزَانِيَةٍ
ومَا عَلَى المُصْطَفَى في العَقْدِ مُحْتَظَرُ
ودَفْعُ مَهْرٍ لِمَنْ جَاءَتْ وآيَةُ نَجْــ
ـوَاهُ كَذَاكَ قِيَامُ الليْلِ مُسْتَطَـــرُ
وزِيدَ آيَةُ الاسْتِئْذَانِ مِمَّا مَلَكَـــتْ
وآيَةُ القِسْمَةِ الفُضْلَى لِمَنْ حَضَرُوا
الشرح :-
آيُ التَّوَجُهِ حَيْثُ المَرْءُ كـانَ وإِنْ
يُوصِي لأهْلِيهِ عِنْدَ المَوْتِ مُحْتَضِرُ
(آيُ التَّوَجُهِ) : يشير إلى قوله تعالى { فأينما تولوا فثم وجه الله } منسوخة على رأي ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بقوله تعالى { فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام .
(وإِنْ يُوصِي لأهْلِيهِ) : أشار به إلى أن آية { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية } الآية ، منسوخة ، قيل : بآية المواريث ، وقيل : بحديث (( لا وصية لوارث )) ، وقيل : بالإجماع ، حكاه ابن العربي .
وحُرْمَةُ الأكْلِ بَعْدَ النَّوْمِ مَـعْ رَفَثٍ
وفِدْيَةٍ لِمُطِيقِ الصَّوْمِ مُشْتَهِـــرُ
(وحُرْمَةُ الأكْلِ بَعْدَ النَّوْمِ مَـعْ رَفَثٍ) يشير إلى أن آية { كتب عليكم الصيام } المتضمنة حرمة الأكل والجماع بعد النوم كما في صوم من قبلنا ؛ منسوخة بآية { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } .
(وفِدْيَةٍ لِمُطِيقِ) يشير إلى أن آية { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } منسوخة بآية { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } ، وقيل : محكمة ، و " لا " مقدرة ، يعني : وعلى الذين لا يطيقونه .
وحَقُّ تَقْوَاهُ فِيمَا صَحَّ فِي أَثَـــرٍ
وفي الحَرامِ قِتَالٌ للأُلَى كَفَــرُوا
(وحَقُّ تَقْوَاهُ) يشير إلى أن قوله تعالى { اتقوا الله حق تقاته } منسوخ بقوله { فاتقوا الله ما استطعتم } ، وقيل : محكمة .
(وفي الحَرامِ قِتَالٌ) يشير إلى أن قوله تعالى { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه } ، وقوله { ولا الشهر الحرام } منسوخان بقوله تعالى { وقاتلوا المشركين كافة } الآية ، أخرجه ابن جرير عن عطاء بن ميسرة .
والاعْتِدَادُ بِحَوْلٍ مَـــعْ وَصِيَّتِهَا
وأنْ يُدَانَ حَدِيثُ النَّفْسِ والفِكَــرُ
(والاعْتِدَادُ بِحَوْلٍ مَـــعْ وَصِيَّتِهَا) يعني أن قوله تعالى { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم } الآية ، منسوخ بقوله { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } .
(وأنْ يُدَانَ حَدِيثُ النَّفْسِ والفِكَــرُ) يشير إلى قوله تعالى { إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } منسوخ بقوله تعالى { لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } .
والحِلْفُ والحَبْسُ للزَّانِي وتَرْكُ أُولِي
كُفْرٍ وإشْهَادُهُمْ والصَّبْرُ والنَّفَــرُ
(والحِلْفُ ) أي المحالفة ، يشير إلى قوله تعالى { والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم } منسوخة بقوله تعالى { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } الآية .
(والحَبْسُ للزَّانِي) يشير إلى أن قوله تعالى { فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت } منسوخ بقوله تعالى { فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } .
(وتَرْكُ أُولِي كُفْرٍ) يشير إلى قوله تعالى { فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } منسوخ بقوله تعالى { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } .
(وإشْهَادُهُمْ) يشير إلى أن قوله تعالى { أو آخران من
غيركم } منسوخ بقوله تعالى { واشهدوا ذوي عدل منكم } .
(والصَّبْرُ) يشير به إلى قوله تعالى { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } الآية ، منسوخ بما بعده وهو قوله تعالى { الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين } .
(والنَّفَــرُ) يشير إلى أن قوله تعالى { انفروا خفافاً وثقالاً } منسوخ بقوله تعالى { ليس على الضعفاء ولا على المرضى } الآية ، أو { ليس على الأعمى حرج } الآية ، أو قوله تعالى { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } الآية .
ومَنْعُ عَقْدٍ لِـزَانٍ أوْ لِــــزَانِيَةٍ
ومَا عَلَى المُصْطَفَى في العَقْدِ مُحْتَظَرُ
(ومَنْعُ عَقْدٍ لِـزَانٍ أوْ لِــــزَانِيَةٍ) يشير إلى قوله تعالى { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك } الآية ، منسوخ بقوله تعالى { وانكحوا الأيامى منكم } الآية .
(ومَا عَلَى المُصْطَفَى في العَقْدِ مُحْتَظَرُ } يشير إلى قوله تعالى { لا يحل لك النساء من بعد } الآية ، منسوخ بقوله تعالى { إنا أحللنا لك أزواجك } الآية .
ودَفْعُ مَهْرٍ لِمَنْ جَاءَتْ وآيَةُ نَجْــ
ـوَاهُ كَذَاكَ قِيَامُ الليْلِ مُسْتَطَـــرُ
(ودَفْعُ مَهْرٍ لِمَنْ جَاءَتْ) يشير إلى أن قوله تعالى { فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا } منسوخ ، قيل : بآيات السيف ، وقيل : بآيات الغنيمة .
(وآيَةُ نَجْـــوَاهُ) يشير إلى أن قوله تعالى { فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } منسوخ بقوله تعالى { فإن لم تجدوا ف( وآية نجواه ) يشير إلى أن قوله تعالى { فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } منسوخ بقوله تعالى { فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم } ، وبقوله { فإن لم تفعلوا وتاب الله عليكم } .
(كَذَاكَ قِيَامُ الليْلِ) يشير إلى أن قوله { يا أيها المزمل قم الليل } منسوخ بقوله تعالى { علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤا ما تيسر من القرآن } ، وبقوله تعالى { فاقرؤا ما تيسر منه } . وهذا الناسخ أيضاً منسوخ بالصلوات الخمس .
وزِيدَ آيَةُ الاسْتِئْذَانِ مِمَّا مَلَكَـــتْ
وآيَةُ القِسْمَةِ الفُضْلَى لِمَنْ حَضَرُوا
(وزِيدَ آيَةُ الاسْتِئْذَانِ مِمَّا مَلَكَـــتْ) آية الاستئذان { ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم } والأصح فيها عدم النسخ ، لكن تساهل الناس بالعمل بها .
(وآيَةُ القِسْمَةِ) { وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه } والصحيح فيها أيضاً عدم النسخ .
ومثال نسخ الناسخ : آخر سورة المزمل ، فإنه منسوخ بفرض الصلوات الخمس .
وقوله { انفروا خفافاً وثقالا } فإنه ناسخ لآية الكف ، منسوخ بآية العذر .
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين ،،،
[/size]أ- تعريف النسخ:-
1 لغة: الإزالة. يقال: نسخت الشمس الظّل، أي أزالته. ويأتي بمعنى التبديل والتحويل، يشهد له قوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [النحل: 101].
2 اصطلاحاً: رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر. فالحكم المرفوع يسمى: المنسوخ، والدليل الرافع يسمى: الناسخ، ويسمى الرفع: النسخ.
فعملية النسخ على هذا تقضي منسوخاً وهو الحكم الذي كان مقرراً سابقاً، وتقتضي ناسخاً، وهو الدليل اللاحق.
ب- شروط النسخ:-
1 أن يكون الحكم المنسوخ شرعياً.
2 أن يكون الدليل على ارتفاع الحكم دليلاً شرعياً متراخياً عن الخطاب المنسوخ حكمه.
3 ألا يكون الخطاب المرفوع حكمه مقيداً بوقت معين مثل قوله تعالى:
{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة:109] فالعفو والصفح مقيد بمجيء أمر الله.
.. وبذلك فإن النسخ لا يكون في القصص القرآني ولا في الأخبار عن الأمم السابقه ، إنما يكون النسخ في الأحكام الشرعية ..
جـ- حكمة وقوع النسخ:-
1 يحتل النسخ مكانة هامة في تاريخ الأديان، حيث أن النسخ هو السبيل لنقل الإنسان إلى الحالة الأكمل عبر ما يعرف بالتدرج في التشريع، وقد كان الخاتم لكل الشرائع السابقة والمتمم له ما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبهذا التشريع بلغت الإنسانية الغاية في كمال التشريع.
وتفصيل هذا: أن النوع الإنساني تقلب كما يتقلب الطفل في أدوار مختلفة، ولكل دور من هذه الأدوار حال تناسبه غير الحال التي تناسب دوراً غيره، فالبشر أول عهدهم بالوجود كانوا كالوليد أول عهده بالوجود سذاجة، وبساطة، وضعفاً، وجهالة، ثم اخذوا يتحولون من هذا العهد رويداً رويداً، ومروا في هذا التحول أو مرت عليهم أعراض متبانية، من ضآلة العقل، وعماية الجهل، وطيش الشباب، وغشم القوة على التفاوت في هذا بينهم، اقتضى وجود شرائع مختلفة لهم تبعاً لهذا التفاوت.
حتى إذا بلغ العالم أوان نضجه واستوائه، وربطت مدنيته بين أقطاره وشعوبه، جاء هذا الدين الحنيف ختاماً للأديان ومتمماً للشرائع، وجامعاً لعناصر الحيوية ومصالح الإنسانية و مرونة القواعد، جمعاً وفَّقَ بين مطالب الروح والجسد، وآخى بين العلم والدين، ونظم علاقة الإنسان بالله وبالعالم كله من أفراد، وأسر، وجماعات، وأمم، وشعوب، وحيوان، ونبات، وجماد، مما جعله بحق ديناً عاماً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
2 ومن الحكم أيضاً التخفيف والتيسير: مثاله: إن الله تعالى أمر بثبات الواحد من الصَحابَة للعشرة في قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [ الأنفال:65] ثم نسخ بعد ذلك بقوله تعالى :{الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال:66] فهذا المثال يدل دلالة واضحة على التخفيف والتسير ورفع المشقة، حتى يتذكر المسلم نعمة الله عليه.
3 مراعات مصالح العباد.
4 ابتلاء المكلف واختباره حسب تطور الدعوة وحال الناس.
د- أقسام النسخ في القرآن الكريم :-
1 نسخ التلاوة والحكم معاً.
رُوي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان فيما نزل من القرآن:"عشر رضعات معلومات يحرّمن " فنسخن خمس رضعات معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مما يقرأ من القرآن". ولا يجوز قراءة منسوخ التلاوة والحكم في الصلاة ولا العمل به، لأنه قد نسخ بالكلية. إلا أن الخمس رضعات منسوخ التلاوة باقي الحكم عند الشافعية.
2 نسخ التلاوة مع بقاء الحكم.
يُعمل بهذا القسم إذا تلقته الأمة بالقبول، لما روي أنه كان في سورة النور: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما نكالاً من الله والله عزيز حكيم "، ولهذا قال عمر: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي.
وهذان القسمان: (1- نسخ الحكم والتلاوة) و (2- نسخ التلاوة مع بقاء الحكم) قليل في القرآن الكريم، ونادر أن يوجد فيه مثل هذان القسمان، لأن الله سبحانه أنزل كتابه المجيد ليتعبد الناس بتلاوته، وبتطبيق أحكامه.
3 نسخ الحكم وبقاء التلاوة.
فهذا القسم كثير في القرآن الكريم، وهو في ثلاث وستين سورة.
مثاله:
1 قيام الليل:
المنسوخ: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمْ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا}[المزمل: 1- 3].
الناسخ: قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ} [المزمل:20].
النسخ: وجه النسخ أن وجوب قيام الليل ارتفع بما تيسر، أي لم يَعُدْ واجباً.
2 محاسبة النفس.
المنسوخ: قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284].
الناسخ: قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [ البقرة:286 ].
النسخ: وجهه أن المحاسبة على خطرات الأنفس بالآية الأولى رُفعت بالآية التالية.
3 حق التقوى.
المنسوخ: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102].
الناسخ: قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].
النسخ: رفع حق التقوى بالتقوى المستطاعة.
ما الحكمة من نسخ الحكم وبقاء التلاوة؟
1 إن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه، والعمل به، فإنه كذلك يُتلى لكونه كلام الله تعالى، فيثاب عليه، فتركت التلاوة لهذه الحكمة.
2 إن النسخ غالباً يكون للتخفيف، فأبقيت التلاوة تذكيراً بالنعمة ورفع المشقة، حتى يتذكر العبد نعمة الله عليه.
هـ- النسخ إلى بدل وإلى غير بدل :-
1 النسخ إلى بدل مماثل، كنسخ التوجه من بيت المقدس إلى بيت الحرام: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة :144].
2 النسخ إلى بدل أثقل، كحبس الزناة في البيوت إلى الرجم للمحصن، والجلد لغير المحصن. ونسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان.
3 النسخ إلى غير بدل، كنسخ الصدقة بين يدي نجوى الرسول صلى الله عليه وسلم.
4 النسخ إلى بدل أخف: مر معنا في الأمثلة السابقة ( قيام الليل ).
و- أنواع النسخ :-
النوع الأول: نسخ القرآن بالقرآن، وهو متفق على جوازه ووقوعه.
النوع الثاني: نسخ القرآن بالسنة وهو قسمان:
1 نسخ القرآن بالسنة الآحادية، والجمهور على عدم جوازه.
2 نسخ القرآن بالسنة المتواترة.
أ- أجازه الإمام أبو حنيفة ومالك ورواية عن أحمد، واستدلوا بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] فقد نسخت هذه الآية بالحديث المستفيض، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " ألا لا وصية لوارث " ولا ناسخ إلا السنة . وغيره من الأدلة .
ب- منعه الإمام الشافعي ورواية أخرى لأحمد، واستدلوا بقوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] قالوا: السنة ليست خيراً من القرآن ولا مثله.
النوع الثالث: نسخ السنة بالقرآن:
أجازه الجمهور، ومثلوا له بنسخ التوجه إلى بيت المقدس الذي كان ثابتاً بالسنة بالتوجه إلى المسجد الحرام. ونسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
نظم الإمام السيوطي ـ رحمه الله ـ الآيات المنسوخة في القرآن ، وقد وضع عليها الإمام الشنقيطي ـ رحمه الله ـ شرحاً لها ، كما هو مذكور في تتمة الشيخ عطية محمد سالم ـ رحمه الله ـ لأضواء البيان (9/699) ، وهذا نسخ للأبيات مع شرحها ، سائلاً الله تبارك وتعالى أن ينفع بها ، إنه جواد كريم .
قال الإمام السيوطي ـ رحمه الله ـ في الإتقان في علوم القرآن (2/50) :
قَدْ أكْثَرَ النَّاسُ في المَنْسُوخِ مِنْ عَدَدِ
وأدْخَلُوا فِيــهِ آياً لَيْسَ تَنْحَصِــــرُ
وهَاكَ تَحْـرِيرَ آيٍ لا مَـزِيـدَ لَهَا
عِشْرِينَ حَرَّرَهَا الحُذَّاقُ والكُبَـــــرُ
آيُ التَّوَجُهِ حَيْثُ المَرْءُ كـانَ وإِنْ
يُوصِي لأهْلِيهِ عِنْدَ المَوْتِ مُحْتَضِرُ
وحُرْمَةُ الأكْلِ بَعْدَ النَّوْمِ مَـعْ رَفَثٍ
وفِدْيَةٍ لِمُطِيقِ الصَّوْمِ مُشْتَهِـــرُ
وحَقُّ تَقْوَاهُ فِيمَا صَحَّ فِي أَثَـــرٍ
وفي الحَرامِ قِتَالٌ للأُلَى كَفَـــرُوا
والاعْتِدَادُ بِحَوْلٍ مَـــعْ وَصِيَّتِهَا
وأنْ يُدَانَ حَدِيثُ النَّفْسِ والفِكَــرُ
والحِلْفُ والحَبْسُ للزَّانِي وتَرْكُ أُولِي
كُفْرٍ وإشْهَادُهُمْ والصَّبْرُ والنَّفَــرُ
ومَنْعُ عَقْدٍ لِـزَانٍ أوْ لِــــزَانِيَةٍ
ومَا عَلَى المُصْطَفَى في العَقْدِ مُحْتَظَرُ
ودَفْعُ مَهْرٍ لِمَنْ جَاءَتْ وآيَةُ نَجْــ
ـوَاهُ كَذَاكَ قِيَامُ الليْلِ مُسْتَطَـــرُ
وزِيدَ آيَةُ الاسْتِئْذَانِ مِمَّا مَلَكَـــتْ
وآيَةُ القِسْمَةِ الفُضْلَى لِمَنْ حَضَرُوا
الشرح :-
آيُ التَّوَجُهِ حَيْثُ المَرْءُ كـانَ وإِنْ
يُوصِي لأهْلِيهِ عِنْدَ المَوْتِ مُحْتَضِرُ
(آيُ التَّوَجُهِ) : يشير إلى قوله تعالى { فأينما تولوا فثم وجه الله } منسوخة على رأي ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بقوله تعالى { فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام .
(وإِنْ يُوصِي لأهْلِيهِ) : أشار به إلى أن آية { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية } الآية ، منسوخة ، قيل : بآية المواريث ، وقيل : بحديث (( لا وصية لوارث )) ، وقيل : بالإجماع ، حكاه ابن العربي .
وحُرْمَةُ الأكْلِ بَعْدَ النَّوْمِ مَـعْ رَفَثٍ
وفِدْيَةٍ لِمُطِيقِ الصَّوْمِ مُشْتَهِـــرُ
(وحُرْمَةُ الأكْلِ بَعْدَ النَّوْمِ مَـعْ رَفَثٍ) يشير إلى أن آية { كتب عليكم الصيام } المتضمنة حرمة الأكل والجماع بعد النوم كما في صوم من قبلنا ؛ منسوخة بآية { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } .
(وفِدْيَةٍ لِمُطِيقِ) يشير إلى أن آية { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } منسوخة بآية { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } ، وقيل : محكمة ، و " لا " مقدرة ، يعني : وعلى الذين لا يطيقونه .
وحَقُّ تَقْوَاهُ فِيمَا صَحَّ فِي أَثَـــرٍ
وفي الحَرامِ قِتَالٌ للأُلَى كَفَــرُوا
(وحَقُّ تَقْوَاهُ) يشير إلى أن قوله تعالى { اتقوا الله حق تقاته } منسوخ بقوله { فاتقوا الله ما استطعتم } ، وقيل : محكمة .
(وفي الحَرامِ قِتَالٌ) يشير إلى أن قوله تعالى { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه } ، وقوله { ولا الشهر الحرام } منسوخان بقوله تعالى { وقاتلوا المشركين كافة } الآية ، أخرجه ابن جرير عن عطاء بن ميسرة .
والاعْتِدَادُ بِحَوْلٍ مَـــعْ وَصِيَّتِهَا
وأنْ يُدَانَ حَدِيثُ النَّفْسِ والفِكَــرُ
(والاعْتِدَادُ بِحَوْلٍ مَـــعْ وَصِيَّتِهَا) يعني أن قوله تعالى { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم } الآية ، منسوخ بقوله { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } .
(وأنْ يُدَانَ حَدِيثُ النَّفْسِ والفِكَــرُ) يشير إلى قوله تعالى { إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } منسوخ بقوله تعالى { لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } .
والحِلْفُ والحَبْسُ للزَّانِي وتَرْكُ أُولِي
كُفْرٍ وإشْهَادُهُمْ والصَّبْرُ والنَّفَــرُ
(والحِلْفُ ) أي المحالفة ، يشير إلى قوله تعالى { والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم } منسوخة بقوله تعالى { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } الآية .
(والحَبْسُ للزَّانِي) يشير إلى أن قوله تعالى { فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت } منسوخ بقوله تعالى { فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } .
(وتَرْكُ أُولِي كُفْرٍ) يشير إلى قوله تعالى { فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } منسوخ بقوله تعالى { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } .
(وإشْهَادُهُمْ) يشير إلى أن قوله تعالى { أو آخران من
غيركم } منسوخ بقوله تعالى { واشهدوا ذوي عدل منكم } .
(والصَّبْرُ) يشير به إلى قوله تعالى { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } الآية ، منسوخ بما بعده وهو قوله تعالى { الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين } .
(والنَّفَــرُ) يشير إلى أن قوله تعالى { انفروا خفافاً وثقالاً } منسوخ بقوله تعالى { ليس على الضعفاء ولا على المرضى } الآية ، أو { ليس على الأعمى حرج } الآية ، أو قوله تعالى { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } الآية .
ومَنْعُ عَقْدٍ لِـزَانٍ أوْ لِــــزَانِيَةٍ
ومَا عَلَى المُصْطَفَى في العَقْدِ مُحْتَظَرُ
(ومَنْعُ عَقْدٍ لِـزَانٍ أوْ لِــــزَانِيَةٍ) يشير إلى قوله تعالى { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك } الآية ، منسوخ بقوله تعالى { وانكحوا الأيامى منكم } الآية .
(ومَا عَلَى المُصْطَفَى في العَقْدِ مُحْتَظَرُ } يشير إلى قوله تعالى { لا يحل لك النساء من بعد } الآية ، منسوخ بقوله تعالى { إنا أحللنا لك أزواجك } الآية .
ودَفْعُ مَهْرٍ لِمَنْ جَاءَتْ وآيَةُ نَجْــ
ـوَاهُ كَذَاكَ قِيَامُ الليْلِ مُسْتَطَـــرُ
(ودَفْعُ مَهْرٍ لِمَنْ جَاءَتْ) يشير إلى أن قوله تعالى { فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا } منسوخ ، قيل : بآيات السيف ، وقيل : بآيات الغنيمة .
(وآيَةُ نَجْـــوَاهُ) يشير إلى أن قوله تعالى { فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } منسوخ بقوله تعالى { فإن لم تجدوا ف( وآية نجواه ) يشير إلى أن قوله تعالى { فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } منسوخ بقوله تعالى { فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم } ، وبقوله { فإن لم تفعلوا وتاب الله عليكم } .
(كَذَاكَ قِيَامُ الليْلِ) يشير إلى أن قوله { يا أيها المزمل قم الليل } منسوخ بقوله تعالى { علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤا ما تيسر من القرآن } ، وبقوله تعالى { فاقرؤا ما تيسر منه } . وهذا الناسخ أيضاً منسوخ بالصلوات الخمس .
وزِيدَ آيَةُ الاسْتِئْذَانِ مِمَّا مَلَكَـــتْ
وآيَةُ القِسْمَةِ الفُضْلَى لِمَنْ حَضَرُوا
(وزِيدَ آيَةُ الاسْتِئْذَانِ مِمَّا مَلَكَـــتْ) آية الاستئذان { ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم } والأصح فيها عدم النسخ ، لكن تساهل الناس بالعمل بها .
(وآيَةُ القِسْمَةِ) { وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه } والصحيح فيها أيضاً عدم النسخ .
ومثال نسخ الناسخ : آخر سورة المزمل ، فإنه منسوخ بفرض الصلوات الخمس .
وقوله { انفروا خفافاً وثقالا } فإنه ناسخ لآية الكف ، منسوخ بآية العذر .
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين ،،،