اللجنة العلمية في مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثمين الخيرية 5/3/1425هـ أركان العمرة السؤال( 224 ) : فضيلة الشيخ ، ما هي أركان العمرة ، حيث إنها في التمتع تسبق الحج ؟ الجواب : يقول العلماء : أن أركان العمرة ثلاثة : الإحرام ، والطواف ، والسعي ، وإن واجباتها اثنان : أن يكون الإحرام من الميقات ، والحلق أو التقصير . وما عدا ذلك فهو سنن . أركان الحج السؤال( 225 ) : فضيلة الشيخ ، ما هي أركان الحج ؟ الجواب : أركان الحج ، يقول العلماء إنها أربعة : الإحرام والوقوف بعرفة ، والطواف ، والسعي . حكم الإخلال بشيء من أركان الحج أو العمرة السؤال( 226 ) : فضيلة الشيخ ، ما حكم الإخلال بشيء من هذه الأركان ؟ الجواب : الإخلال بشيء من هذه الأركان لا يتم النسك إلا به ، فمن لم يطف بالعمرة مثلا ، فإنه يبقى على إحرامه حتى يطوف ، ومن لم يسع ، يبقى على إحرامه حتى يسعى ، وكذلك نقول في الحج : من لم يأت بأركانه ، فإنه لا يصح حجه ، فمن لم يقف بعرفة حتى طلع الفجر يوم النحر ، فقد فاته الحج فلا يصح حجه ، لكنه يتحلل بعمرة ، فيطوف ، ويسعى ، ويقصر أو يحلق ، وينصرف إلى أهله فإذا كان العام القادم أتى بالحج . وأما الطواف والسعي إذا فاته في الحج ، فإنه يقضيه ؛ لأنه لا آخر لوقته ، لكن لا يؤخره عن شهر ذي الحجة إلا من عذر . واجبات الحج السؤال (227 ) : فضيلة الشيخ ، ما هي واجبات الحج ؟ الجواب : واجبات الحج : هي أن يكون الإحرام من الميقات ، وأن يقف بعرفة إلى الغروب ، وأن يبيت بمزدلفة ، وأن يبيت بمنى ليلتين بعد العيد ، وأن يرمي الجمرات ، وأن يطوف للوداع . حكم الإخلال بشيء من واجبات الحج أو العمرة السؤال (228 ) : فضيلة الشيخ ، ما حكم الإخلال بشيء من واجبات الحج أو العمرة ؟ الجواب : الإخلال بشيء منها إن كان الإنسان متعمدا ، فعليه الإثم والفدية كما قال أهل العلم ؛ شاة يذبحها ويفرقها في مكة ، وإن كان غير متعمد ، فلا إثم عليه ، لكن عليه الفدية ، يذبحها في مكة ، ويوزعها على الفقراء ؛ لأنه ترك واجبا له بدل ، فلما تعذر الأصل ، تعين البدل ، وهذا هو قول أهل العلم فيمن ترك واجبا ، أن عليه فدية ، يذبحها في مكة ، ويوزعها على الفقراء . صفة القرآن السؤال (229 ) فضيلة الشيخ ، تحدثتم عن صفة التمتع في حديثكم عن صفة الحج ، حبذا أيضا لو تحدثتم عن صفة القران ؟ الجواب : التمتع كما ذكرنا : أن يأتي بالعمرة مستقلة ، ويحل منها ، ثم يحرم بالحج في عامه . والقران له صورتان : الصورة الأولى : أن يحرم بالعمرة والحج جميعا من الميقات ، فيقول : لبيك عمرة وحجا . والصورة الثانية : أن يحرم بالعمرة أولا ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها . وهناك صورة ثالثة : موضع خلاف بين العلماء ، وهي أن يحرم بالحج وحده ، ثم يدخل العمرة عليه ، قبل أن يفعل شيئا من أفعال الحج ، كالطواف والسعي مثلا . والقارن يبقى على إحرامه ، فإذا قدم مكة يطوف للقدوم ، ويسعى للحج والعمرة ، ويبقى على إحرامه إلى أن يتحلل منه يوم العيد ، ويلزمه هدي كهدي المتمتع . وأما المفرد : فيحرم بالحج مفردا من الميقات ، ويبقى على ذلك ، فإذا قدم مكة طاف للقدوم ، وسعى للحج ، ولم يحل إلا يوم العيد . فيكون القارن والفرد سواء في الأفعال ، ولكنهما يختلفان في أن القارن يحصل له عمرة وحج ، ، ويلزمه هدي ، وأما المفرد فلا يحصل له إلا الحج ، ولا يلزمه هدي . حكم الاعتمار بعد الحج السؤال (230 ) فضيلة الشيخ ، عرفنا صفة الحج ، وعرفنا التمتع والقران والإفراد ، وقلتم في الإفراد : إن المسلم يأتي بالحج وحده ولا يأتي بعمرة معه ، لكننا نرى كثيرا من الناس إذا انتهى من الإفراد اعتمر ، فما حكم هذا العمل ؟ الجواب : هذا العمل لا أصل له في السنة ، فلم يكن الصحابة رضي الله عنهم مع حرصهم على الخير يأتون بهذه العمرة بعد الحج ، وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، وأصحابه الذين هم خير القرون ، وإنما جاء ذلك في قضية معينة قصة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، حيث كانت محرمة بعمرة ، ثم حاضت قبل الوصول إلى مكة ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم بالحج ؛ ليكون نسكها قرانا ، وقال لها : (( طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك ))(221) ، فلما انتهى الحج ، ألحت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأتي بعمرة ، بدلا من عمرتها التي حولتها إلى قران ، فأذن لها ، وأمر أخاها عبد الرحمن بن عوف أن يخرج بها من الحرم إلى الحل ، فخرج بها إلى التنعيم ، وأتت بعمرة ، فإذا وجدت صورة كالصورة التي حصلت لعائشة ، وأرادت المرأة أن تأتى بعمرة ، فحينئذ نقول : لا حرج أن تأتي المرأة بعمرة ، كما فعلت أم المؤمنين عائشة رضي الله صلى الله عليه وسلم عنها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم . ويدلك على أن هذا أمر ليس مشروع ، أن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه وهو مع أخته لم يحرم بالعمرة لا تفقها من عنده ، ولا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو كان هذا من الأمور المشروعة ، لكان رضي الله عنه يأتي بالعمرة ؛ لأن ذلك أمر سهل عليه حيث إنه قد خرج مع أخته . والمهم : أن ما يفعله بعض الحجاج كما أشرت إليه ليس له أصل من السنة . نعم : لو فرض أن بعض الحجاج يصعب عليه أن يأتي إلى مكة بعد مجيئه هذا ، وهو قد أتى بحج مفرد ، فإنه في هذه الحال في ضرورة إلى أن يأتي بعد الحج بالعمرة ، ليؤدي واجب العمرة ؛ فإن العمرة واجبة على القول الراجح من أقوال أهل العلم ؛ وحينئذ يخرج إلى التنعيم ، أو إلى غيره من الحل ، فيحرم منه ، ثم يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر . السؤال (231 ) : فضيلة الشيخ ، لكن ما الأولى بالنسبة لهذا الحاج الذي يعرف أن الإتيان إلى مكة يصعب عليه ؟ الجواب : كما قلت لك يأتي بالعمرة بعد الحج ؛ لأن هذا ضرورة . السؤال (232 ) : لكن أليس الأولى أن يأتي مثلا متمتعا أو قارنا ليسلم من المحظور ؟ الجواب : نعم هذا هو الأولى ، لكن نحن فرضنا أنه أتى مفردا فيه . حكم الانتقال من نسك لآخر السؤال (233 ) : فضيلة الشيخ ، ما حكم الانتقال من نسك إلى نسك آخر ؟ الجواب : الانتقال من نسك إلى نسك آخر تقدم في صفة القران ، أنه من الممكن أن يحرم الإنسان أولا بعمرة ، ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها ، فيكون انتقل من العمرة إلى الجمع بينها وبين الحج ، وكذلك يمكن أن ينتقل من الحج المفرد أو من القران ، إلى عمرة ليصير متمتعا ، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ، من لم يكن منهم ساق الهدي ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قارنا ، وكان قد ساق الهدي ، وساقه معه أغنياء الصحابة رضي الله عنهم ، فلما طاف وسعى ، أمر من لم يسق الهدي أن يجعلها عمرة ، فانتقلوا من الحج المفرد أو المقرون بالعمرة إلى أن يجعلوا ذلك عمرة ، ولكن هذا مشروط بما إذا تحول من حج أو قران إلى عمرة ليصير متمتعا ، أما من تحول من قران أو إفراد إلى عمرة ، ليتخلص من الإحرام ويرجع إلى أهله ، فإن ذلك لا يجوز . حكم التحول من التمتع إلى الإفراد السؤال (234 ) : فضيلة الشيخ ، هل يجوز أن يتحول من التمتع إلى الإفراد ؟ الجواب : من التمتع إلى الإفراد لا يجوز ولا يمكن ، وإنما يجوز أن يتحول من الإفراد إلى التمتع ، بمعنى أن يكون محرما بالحج مفردا ، ثم بعد ذلك يحول إحرامه بالحج إلى عمرة ؛ ليصير متمتعا ، وكذلك القارن يجوز أن يحول نيته من القران إلى العمرة ، ليصير متمتعا ، إلا من ساق الهدي في الصورتين : فإنه لا يجوز له ذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين معه أن يجعلوا إحرامهم بالحج المفرد أو المقرون بالعمرة ، أن يجعلوه عمرة ، ليصيروا متمتعين ، إلا من ساق الهدي . أحكام وضوابط النيابة في الحج السؤال (235 ) : فضيلة الشيخ ، لو تحدثنا أيضا عن النيابة الكلية في الحج من حيث الأحكام والضوابط ؟ الجواب : النيابة في الحج إن كان الإنسان قادرا ، فإنها غير مشروعة ، أما في الفريضة ، فإنه لا يجوز أن يستنيب الإنسان أحدا عنه ، يؤدي الحج أو العمرة فريضة ؛ لأن الفريضة تطلب من الإنسان نفسه أن يؤديها بنفسه . فإن كان عاجزا عن أداء الفريضة : فإما أن يكون عجزه طارئا يرجى زواله ، فهذا ينتظر حتى يزول عجزه ، ثم يؤدي الفريضة بنفسه ؛ مثل أن يكون في أشهر الحج مريضا مرضا طارئا يرجى زواله ، وهو لم يؤد الفريضة ، فإننا نقول له : انتظر حتى يعافيك الله وحج ، إن أمكنك في هذه السنة فذاك ، وإلا ففي السنوات القادمة . أما إذا كان عجزه عن الحج عجزا لا يرجى زواله ؛ كالكبير والمريض مرضا لا يرجى زواله ، فإنه يقيم من يحج ويعتمر عنه ، ودليل ذلك : حديث ابن عباس رضي الله عنهما ؛ أن امرأة من خثعم سألت النبي صلى الله عليه وسلم : فقالت : إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج ، شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : (( نعم )) (222). فهذا حكم النيابة في الفرض ، أنه إن كان المستنيب قادرا ، فإن ذلك لا يصح ، وإن كان عاجز عجزا لا يرجى زواله ، فإن ذلك يصح ، وإن كان الإنسان عاجزا عجزا طارئا يرجى زواله ، فإنه لا يصح أن يستنيب أحدا ، ولينظر حتى يعافيه الله ، ويؤدي ذلك بنفسه . أما في النافلة : فإن كان عاجز عجزا لا يرجى زواله ، فقد يقول قائل : إنه يصح أن يستنيب من يحج عنه النافلة ، قياسا على استنابة من عليه الفريضة ، وقد يقول قائل : أنه لا يصح القياس هنا ؛ لأن الاستنابة في الفريضة استنابة في أمر واجب لابد منه بخلاف النافلة ؛ فإن النافلة لا تلزم الإنسان ، فيقال : إن قدر عليها ، فعلها بنفسه ، وإن لم يقدر عليها ، فلا يستنيب أحدا فيها . أما إذا كان قادراً على أن يؤدي الحج بنفسه ، فإنه لا يصح أن يستنيب غيره في الحج عنه ، على إحدى الروايتين عن الإمام أحمد ، وهي عندي أقرب ؛ لأن الحج عبادة يتعبد بها الإنسان لربه ، فلا يليق أن يقول لأحد : اذهب فتعبد لله عني ، بل نقول : أدها أنت بنفسك ؛ لأنه ليس لديك مانع حتى تستنيب من يؤدي هذه النافلة عنك ، هذه الاستنابة في الحج على وجه الكمال ، يعني بمعنى : أنه يصير في كل حج . شروط النائب في الحج السؤال (236 ) : فضيلة الشيخ ، ما هي شروط النائب في الحج ؟ الجواب : النائب يشترط أن يكون قد أدى الفريضة عن نفسه إن كان قد لزمه الحج ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : لبيك عن شبرمة ، فقال : (( من شبرمة ؟ ))(223) يقوله النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال الرجل : أخ لي ، أو قريب لي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( حججت عن نفسك ؟ )) قال لا ، قال : (( حج عن نفسك ، ثم حج عن شبرمة )) 1 ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(( ابدأ بنفسك )) ، ولأنه ليس من النظر الصحيح أن يؤدي الإنسان الحج عن غيره مع وجوبه عليه ، قال أهل العلم : ولو حج عن غيره مع وجوب الحج عليه ، فإن الحج يقع عن نفسه ، أي : عن نفس النائب ، ويرد للمستنيب ما أخذه منه من الدراهم والنفقة . أما بقية الشروط فمعروفة ، وقد تكلمنا عليها من قبل ؛ مثل : الإسلام ، والعقل ، والتمييز ، وهي شروط واجبة في كل عبادة . يأخذ نقوداً ليحج بها وليس في نيته إلا جمع الدراهم السؤال (237 ) فضيلة الشيخ ، ما حكم من أخذ نقودا ليحج عن غيره ، وليس في نيته إلا جمع الدراهم ؟ الجواب : يقول العلماء : إن الإنسان إذا حج للدنيا لأخذ الدراهم ، فإن هذا حرام عليه ، ولا يحل له أن ينوى بعمل الآخرة شيئا من الدنيا ؛ لقوله تعالى : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ) (15) (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (هود:15 ، 16 ) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : من حج ليأخذ ، فليس له في الآخرة من خلاق ، وأما إذا أخذ ليحج ، أو ليستعين به على الحج ، فإن ذلك لا بأس به ، ولا حرج عليه ، وهنا يجب على الإنسان أن يحذر من أن يأخذ الدراهم للغرض الأول ، فإنه يخشى ألا يقبل منه وألا يجزئ الحج عمن أخذه عنه ، وحينئذ يلزمه أن يعيد النفقة والدراهم إلى صاحبها ، إذا قلنا بأن الحج لم يصح ولم يقع عن المستنيب ، ولكن يأخذ الإنسان الدراهم والنفقة ليحج بها عن غيره ، ليستعين بها على الحج ، ويجعل نيته في ذلك أن يقضي غرض صاحبه ، وأن يتقرب إلى الله تعالى بما يتعبد به في المشاعر ، وعند بيت الله . هل يقع للنائب ثواب في بعض الأعمال إذا حج عن غيره؟ السؤال (238 ) : فضيلة الشيخ ، إذا أمن هذا ، هل يمكن أن يقع ثواب بعض الأعمال للنائب ؟ الجواب : نعم ؛ لأن النائب لا يلزمه إلا أن يقوم بالأركان ، والواجبات ، وكذلك المستحبات بالنسبة للنسك ، وأما ما يحصل من ذكر ، ودعاء ، فما كان متعلقا بالنسك ، فإنه لصاحب النسك (( للمستنيب )) وما كان خارجا عن ذلك ، فإنه لصاحبه (( النائب )) . معنى النيابة الجزئية في الحج السؤال (239 ) : فضيلة الشيخ ، حبذا لو حدثتمونا فضيلتكم عن النيابة الجزئية في الحج ؟ الجواب : النيابة الجزئية في الحج معناها : أن يوكل الإنسان عنه من يقوم ببعض أفعال الحج ، مثل أن يوكل من يطوف عنه ، أو يسعى عنه ، أو يقف عنه ، أو يبيت عنه ، أو يرمي عنه ، أو ما أشبه ذلك من جزئيات الحج ، والراجح : أنه لا يجوز للإنسان أن يستنيب من يقوم عنه بشيء من أجزاء الحج أو العمرة ، سواء كان ذلك فرضا أو نفلا ؛ وذلك لأن من خصائص الحج والعمرة ، أن الإنسان إذا أحرم بهما صار فرضا ولو كان ذلك نفلا ، أي : لو كان الحج أو العمرة نفلا ؛ لقوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجّ)(البقرة: 197) . وهذه الآية نزلت قبل فرض الحج ، أي قبل قوله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً )(آل عمران: 97) ، وهذا يدل على أن تلبس الإنسان بالحج أو العمرة يجعله فرضا عليه . وكذلك يدل على أنه فرض إذا شرع فيه ؛ قوله تعالى : ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج:29) ، وهذا يدل على أن الشروع في الحج يجعله كالمنذور ، وبناء على ذلك : فإنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً في شيء من جزئيات الحج ولا أعلم في السنة أن الاستنابة في شيء من أجزاء الحج قد وقعت إلا فيما يروى من كون الصحابة رضي الله عنهم يرمون عن الصبيان ، ويدل لهذا أن أم سلمة رضي الله عنها لما أرادت الخروج قالت : يا رسول الله ، إني أريد الخروج وأجدني شاكية ، فقال : (( طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ))(224)، وهذا يدل على أنه لا يجوز التوكيل في جزئيات الحج . قياس التوكيل في الرمي على غيره من مناسك الحج السؤال (240 ) : فضيلة الشيخ ، ذكرتم أن التوكيل في الجزئية يكون مثلا في الطواف أو الرمي أو الوقوف أو ما أشبه ذلك ، فهل إذا جاز التوكيل في الرمي مثلا يقاس عليه بقية أجزاء الحج ؟ الجواب : لا ، نحن قلنا هذا تمثيل على التوكيل في الجزئية ، وليس حكما بأن ذلك مباح ؛ ولهذا قلنا : لا نعلم في السنة أنه ورد التوكيل في شيء من الجزئيات ، أو أن أحدا يقوم عن أحد إلا في الرمي ، وقلنا :إن الإنسان إذا تلبس في الحج أو العمرة ، صار فرضا عليه يلزمه هو بنفسه ؛ وعلى هذا فلا يجوز التوكيل في أي شيء من أجزاء الحج أو العمرة فرضا كانت أم نفلا ، إلا في الرمي ؛ لوروده في حق الصغار ، وكذلك من لم يستطيع الرمي بنفسه من الكبار . السؤال (241 ) : فضيلة الشيخ ،لكن إذا جاز التوكيل في الرمي ، هل هناك شروط للنائب والمنيب ؟ الجواب : نعم ، أما المنيب فيشترط ألا يستطيع الرمي بنفسه لا ليلا ولا نهارا ، وأما النائب ، فقال الفقهاء رحمهم الله : أنه لابد أن يكون ممن حج تلك السنة ، وأن يكون قد رمى عن نفسه. عجز عن إكمال النسك ، فماذا يصنع ؟ السؤال (242) : فضيلة الشيخ ، إذا عجز الحاج عن إكمال النسك فماذا يصنع ؟ الجواب : إذا عجز الحاج عن إتمام النسك ، فلا يخلو من حالين : إما أن يكون عجزه بصد عدو صده عن البيت ؛ كما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم حين صده المشركون عام الحديبية ، ففي هذه الحال : يحلق بعد أن ينحر هديه ويحل من إحرامه ؛ لقول الله تعالى : ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ )(البقرة: 196) ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عام الحديبية أن يحلقوا ، ولما تأخروا رجاء أن ينسخ الحكم ، أو لسبب آخر غلب عليه الصلاة والسلام في ذلك ، حتى أشارت عليه إحدى أمهات المؤمنين أن يخرج إليهم فيحلق رأسه ، ففعل ، وحينئذ تتابع الناس على حلق رؤوسهم ، والإحلال من إحرامهم ، وفي هذه الحال ، لا يلزمه أن يقضي ما أحصر عنه ، إلا إذا كان لم يؤد الفريضة ، فإنه يلزمه أداء الفريضة بالأمر الأول ، لا قضاء عما أحصر فيه ، هذا إذا كان الحصر بعدو . أما إذا كان الحصر بغير عدو ، كما لو أحصر بذهاب نفقة أو بمرض أشتد به ، فإنه في هذه الحال يحل من إحرامه ، بعد أن ينحر هديا ويحلق ، إما قياسا على حصر العدو ، وإما إدخالا له في العموم ، وهو قوله تعالى : ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ )(البقرة: من 196 ) ، فإن هذا الإحصار شامل ، وكون الإحصار بالعدو هو الذي وقع في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ، لا يمنع أن تتناول الآية غيره . على كل حال : إذا حصر بغير عدو ، من مرض ، أو ذهاب نفقة ، أو ما أشبه ذلك ، فالقول الراجح : أنه يحل بهذا الإحصار ، بعد أن ينحر هديه ويحلق رأسه ، ويلزمه القضاء ، أي : قضاء ما أحصر فيه إلا إذا كان واجبا بأصل الشرع ، مثل أن يكون لم يؤد الفريضة من قبل ، فيلزمه فعل الفريضة بالخطاب الأول ، أي : بالأمر الأول ، لا من حيث إنه قضاء . هذا إذا لم يكن اشترط في ابتداء إحرامه، أنه (( إن حبسني حابس ، فمحلي حيث حبستني))، فإن كان قد اشترط في بداية إحرامه أنه (( إن حبسني حابس، فمحلي حيث حبستني))، فإنه يحل من إحرامه مجاناً ولا شيء عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير، وقد أرادت الحج وهي شاكية: (( حجي واشترطي ، وقولي: اللهم ، محلي حيث حبستني))(225). حكم من توفي أثناء إحرامه بالنسك السؤال (243): فضيلة الشيخ، هذا ما يتعلق بالحاج إذا عجز عن النسك، لكن لو توفي الحاج أثناء تلبسه بالنسك ما الحكم؟ الجواب: إذا توفي الحاج أثناء تلبسه بالنسك، فإن من أهل العلم من يقول: إذا كان حجه فريضة، فإنه يقضى عنه ما بقي، ومنهم من يقول: إنه لا يقضى عنه ما بقي، وهذا القول هو القول الراجح؛ ودليله حديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة الرجل الذي وقصته ناقته وهو واقف بعرفة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً))(226) ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقضي أحد عنه ما بقي من نسكه، ولأننا لو قضينا ما بقي من نسكه، لكان هذا النائب الذي قام مقامه يحل من إحرامه، وحينئذ لا يبعث الرجل يوم القيامة ملبياً؛ لأن نائبه قد حل من الإحرام الذي تلبس به بدلاً عنه، وعلى كل حال : فالقول الراجح بلا شك: أن الإنسان إذا مات أثناء تلبسه بالنسك، فإنه لا يقضى عنه، سواء كان ذلك فريضة أم نافلة. |
5 مشترك
فتاوى الحج4
الجزائري عبد المعز- عضو ماسي
- تاريخ الإنضمام : 05/10/2011
الجنسية : جزائر
عدد المشاركات : 3288
مكسب العضو : 40583
نقاط تقييم مواضيع العضو : 21
المزاج : منتديات طموح الجزائر
- مساهمة رقم 1
فتاوى الحج4
الفارس الابيض- الــمــديــر الــعــام
- تاريخ الإنضمام : 23/11/2010
عدد المشاركات : 1549
مكسب العضو : 10937
نقاط تقييم مواضيع العضو : 2
- مساهمة رقم 2
رد: فتاوى الحج4
ميشو- عضو جديد
- تاريخ الإنضمام : 01/11/2011
الجنسية : مصري
عدد المشاركات : 37
مكسب العضو : 162
نقاط تقييم مواضيع العضو : 0
- مساهمة رقم 3
رد: فتاوى الحج4
مرسي [على] الموضوع تستاهل تقييم و تشجيع [على]
المجهودات الرائعة
ننتظر
منكـ المزيد |
دمت مبدعا و بـــ الله
ـــاركـ فيك
تح
ــياتي وشكري ليك
المجهودات الرائعة
ننتظر
منكـ المزيد |
دمت مبدعا و بـــ الله
ـــاركـ فيك
تح
ــياتي وشكري ليك
ahmade- عضو ماسي
- تاريخ الإنضمام : 27/11/2011
الجنسية : alg
عدد المشاركات : 2394
مكسب العضو : 14803
نقاط تقييم مواضيع العضو : 0
- مساهمة رقم 4
رد: فتاوى الحج4
يعطيك العافيه
خليل إبراهيم- صاحب الموقع
- تاريخ الإنضمام : 02/12/2009
الجنسية : أردني وافتخر
عدد المشاركات : 9177
مكسب العضو : 122149
نقاط تقييم مواضيع العضو : 118
العمر : 34
المزاج : رايق
- مساهمة رقم 5
رد: فتاوى الحج4
مشكوووووووووووووووووور على الموضوع المميز