وقعتُ في حُبّ أوروبا من أوّل متحف ! فهي أقصى ما في الذوق الإنساني، وقمّة ما يمكن للعقل البشري أن يُبدع. لكن لندن، على ما يبدو، هي ملكة جمال أوروبا، وسرُّ قوَّتِها المُعلَن.إنّها أرملة الزمن التي ما زالت فاتنة وشابّة:الكل يتمنّاها.... الآن فهمت لماذا يَعلق فيها العرب ولا يعودون: إن جمالها يحبس الأنفاس،وهي مُبهرة وصادمة، وأيضاً نادرة؛ مثل الخبر الحلو!
تتناول الإفطار في نادي الكارلتون بحضورإحدى الملكات العريقات مثل الملكة ماري وإليزابيث الأم، ومجموعة من «المرموقين بحق» كما يصفون رؤساء وزرائهم النبلاء. ويقدّم المحترم آرثر ويلزلي: دوق ويلنجتون لك الشاي الإنجليزي الذي أُقيمت من أجله الحروب ؛ فالتاريخ في إنجلترا كائن حي بشخوصه وأحداثه ولم يصبح ماضياً أبداً. اللوحات النادرة المُثّبّتة كجزء من الجدران تُذكّر الذي قد ينسى منهم؛ ولذلك لا يملك الإنجليزي إلا أن يكون إنجليزياً وحسب!
عندما تذهب في رحلة استكشاف لندن على متن الطابق الثاني من الباص، تتفرج على مستوى الفن الصارخ النافر من واجهات البيوت والمباني، والذي يُشبه الأبديّة، ويماثل نكهة العثور على كنز !عندها يتولّد في البال سؤال: لماذا هُم مولعون بالفن إلى درجة أنه يلاقيك حتى على واجهة صيدلية أو سوبر ماركت أو محل صرافة؟؟ ولا جواب سوى أن البُلدان العريقة تتميّز بوحدانية التفكير والنسق والمذهب، من الفكر الديموقراطي وحتى سقوف المباني!
يتمشّى إلى جانبك شكسبير عظيم الأدب الإنساني، فهاملت ما زال يترصّد عمّهُ بجانب قلعة لندن التي بُنيت في الألف الميلادي الأول !وتشعر بجون كيتس وميلتون وشعراء إنجلترا وهم يجوبون الأمكنة التي ألهمتهم بخالد الشعر والأدب،وذلك أثناء محاولتهم لوصف الذي لا يوصف من جمال نهر التايمز وجسر لندن القديم، والكاتدرائيات،والمتاحف،ومبنى البرلمان، والمحكمة العليا، وبقية الأمكنة العليا !
عظَمَة العمران الإنجليزي وتَعَبُهم وإصرارهم من أجل بنائه، يؤكّد أن الحضارات لا تخلد إلا بالتضحية وبذل الجهد الأقصى، وبمنتهى الجديّة التي «تُميّز حتى مشيتهم السريعة الواثقة، ونظرتهم التي نعتبرهاعابسة: ولكنها نظرة الذي لا يتهاون في عمله مهما كان عملاً صغيراً.انها الرؤية الواضحة برغم ضباب لندن المنعِش !
التضحية لا تضيع هباءً، بل هي أساس الثروة والشهرة التي أوصلت أسماءَهم لتصير (ماركات) عالمية يدفع الناس الغالي والنفيس لاقتنائها!»فبيربيريز وسبنسر وهنتر» ليسوا سوى خياطين من الريف الإنجليزي،واليوم يتمنى ملايين المتسوقين في لندن ولو مُجرّد التقاط صورة بجانب محلاتهم! فمن يستطيع شراء حقيبة بثلاثة آلاف جنيه؟
يدفئءُ بردهم هذا الآجُر الأحمر والبُني والقرميدي الذي يزيّن مبانيهم ويدمجها بالطبيعة البليغة أيضاً، حتى ليبدو كل شيء ُمنسجماً ومُندغماً. فالبيت رفيق التراب، والفن من الحجر، والنوافير من التايمز والبحيرات، وحتى التكنولوجيا في أقصى منجزها تخدم ذلك التجانس الفريد بين عناصر الحياة الإنجليزية.وسواءً كنت من سكان «هايدبارك» او بالقرب من «ألبرت هول» اوشارع أكسفورد، أو من الأرياف البعيدة- فأنت ابن هذه الصورة المتكاملة الآسرة حيث يُفكِّر الإنسان طويلاً حتّى في العبارة التي ستُنقش على شاهد قبره..لتضيف المزيد للحكمة البشرية، وليكون القبر تُحفة هو الآخر!
(الرأي)
تتناول الإفطار في نادي الكارلتون بحضورإحدى الملكات العريقات مثل الملكة ماري وإليزابيث الأم، ومجموعة من «المرموقين بحق» كما يصفون رؤساء وزرائهم النبلاء. ويقدّم المحترم آرثر ويلزلي: دوق ويلنجتون لك الشاي الإنجليزي الذي أُقيمت من أجله الحروب ؛ فالتاريخ في إنجلترا كائن حي بشخوصه وأحداثه ولم يصبح ماضياً أبداً. اللوحات النادرة المُثّبّتة كجزء من الجدران تُذكّر الذي قد ينسى منهم؛ ولذلك لا يملك الإنجليزي إلا أن يكون إنجليزياً وحسب!
عندما تذهب في رحلة استكشاف لندن على متن الطابق الثاني من الباص، تتفرج على مستوى الفن الصارخ النافر من واجهات البيوت والمباني، والذي يُشبه الأبديّة، ويماثل نكهة العثور على كنز !عندها يتولّد في البال سؤال: لماذا هُم مولعون بالفن إلى درجة أنه يلاقيك حتى على واجهة صيدلية أو سوبر ماركت أو محل صرافة؟؟ ولا جواب سوى أن البُلدان العريقة تتميّز بوحدانية التفكير والنسق والمذهب، من الفكر الديموقراطي وحتى سقوف المباني!
يتمشّى إلى جانبك شكسبير عظيم الأدب الإنساني، فهاملت ما زال يترصّد عمّهُ بجانب قلعة لندن التي بُنيت في الألف الميلادي الأول !وتشعر بجون كيتس وميلتون وشعراء إنجلترا وهم يجوبون الأمكنة التي ألهمتهم بخالد الشعر والأدب،وذلك أثناء محاولتهم لوصف الذي لا يوصف من جمال نهر التايمز وجسر لندن القديم، والكاتدرائيات،والمتاحف،ومبنى البرلمان، والمحكمة العليا، وبقية الأمكنة العليا !
عظَمَة العمران الإنجليزي وتَعَبُهم وإصرارهم من أجل بنائه، يؤكّد أن الحضارات لا تخلد إلا بالتضحية وبذل الجهد الأقصى، وبمنتهى الجديّة التي «تُميّز حتى مشيتهم السريعة الواثقة، ونظرتهم التي نعتبرهاعابسة: ولكنها نظرة الذي لا يتهاون في عمله مهما كان عملاً صغيراً.انها الرؤية الواضحة برغم ضباب لندن المنعِش !
التضحية لا تضيع هباءً، بل هي أساس الثروة والشهرة التي أوصلت أسماءَهم لتصير (ماركات) عالمية يدفع الناس الغالي والنفيس لاقتنائها!»فبيربيريز وسبنسر وهنتر» ليسوا سوى خياطين من الريف الإنجليزي،واليوم يتمنى ملايين المتسوقين في لندن ولو مُجرّد التقاط صورة بجانب محلاتهم! فمن يستطيع شراء حقيبة بثلاثة آلاف جنيه؟
يدفئءُ بردهم هذا الآجُر الأحمر والبُني والقرميدي الذي يزيّن مبانيهم ويدمجها بالطبيعة البليغة أيضاً، حتى ليبدو كل شيء ُمنسجماً ومُندغماً. فالبيت رفيق التراب، والفن من الحجر، والنوافير من التايمز والبحيرات، وحتى التكنولوجيا في أقصى منجزها تخدم ذلك التجانس الفريد بين عناصر الحياة الإنجليزية.وسواءً كنت من سكان «هايدبارك» او بالقرب من «ألبرت هول» اوشارع أكسفورد، أو من الأرياف البعيدة- فأنت ابن هذه الصورة المتكاملة الآسرة حيث يُفكِّر الإنسان طويلاً حتّى في العبارة التي ستُنقش على شاهد قبره..لتضيف المزيد للحكمة البشرية، وليكون القبر تُحفة هو الآخر!
(الرأي)