إِنَّ الحَمدَ لِلَّهِ نَحمَدُهُ وَنَستَعِينُهُ وَنَستَغفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِن شُرُورِ أَنفُسِنَا وَمِن سَيِّئَاتِ أَعمَالِنَا، مَن يَهدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَن يُضلِل فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ. أَمَّا بَعدُ: فَإِنَّ خَيرَ الكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ، وَخَيرَ الهَديِ هَديُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحدَثَاتُهَا؛ وَكُلَّ مُحدَثَةٍ بِدعَةٌ، وَكُلَّ بِدعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ و بعد : * فضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله * السؤال: في قولِه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ»، هل هذه الفضيلةُ خاصّةٌ بالنّبيِّ صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم أم عامّةٌ لأمّتِه؟ وجزاكمُ اللهُ خيرًا. الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أما بعد: ففي الصّحيحين عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي اللهُ عنهما أنّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم قال: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً»(١- أخرجه البخاريّ في «التّيمّم» باب التّيمّم (1/ 78)، ومسلم في «المساجد ومواضع الصّلاة» (1/ 236) رقم (521)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما). فظاهرُ هذا الخطابِ يفيد أنّ فضيلةَ النّصرةِ بالرّعبِ عامّةٌ في النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم، إذ كلّما توجّه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم إلى عدوٍّ ملأ اللهُ قلوبَهم رعبًا شديدًا وخوفًا وهَلَعًا مِن مَقْدَمِه عليهم، كما تعمّ هذه الفضيلةُ سائرَ مَنِ اتّبع هديَه وسار على نهجِه بأنْ حقّق الإسلامَ وصحّح العقيدةَ وقام بالشّريعةِ، وسَلِمَتْ سريرتُه مِنَ الدَّغَلِ والدَّخَنِ، وسيرتُه مِنَ الاضطرابِ والاعوجاجِ، فإنّ الرّعبَ باقٍ في نفوسِ أعداءِ الإسلامِ، والملاحَظُ أنّه بالرَّغمِ مِنْ ضعفِ المسلمين في هذا الزّمانِ إلاّ أنّ الكفّارَ في جملتِهم مرعوبون منهم ومِن عودةِ الإسلامِ، لذلك يحدث منهم الهجومُ الشَّرِسُ على المسلمين بمختلفِ الوسائلِ قصْدَ إبعادِهم عن دينِهم بأيديهم وأيدي بني جلدتِنا، كلُّ ذلك خوفًا ورعبًا مِنَ التّمكينِ للإسلامِ فتتزلزلُ أقدامُهم، قال تعالى: ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: 151]. قال الدّمشقيّ -رحمه الله-: «إنّ هذا العمومَ على ظاهرِه، لأنّه لا أحدَ يخالف دينَ الإسلامِ إلاّ في قلبِه ضربٌ مِنَ الرّعبِ، ولا يقتضي وقوعَ جميعِ أنواعِ الرّعبِ في قلوبِ الكافرين، إنّما يقتضي وقوع هذه الحقيقةِ في قلوبِهم مِن بعضِ الوجوهِ»(٢- «اللّباب في علوم الكتاب» للدّمشقيّ (5/ 595)). قلت: والظّاهرُ -أيضًا- أنّ الفضائلَ الواردةَ في الحديثِ كلَّها عامّةٌ فيه صلّى اللهُ عليه وسلّم وفي أمّتِه، سواء في سَعَةِ الأرضِ للصّلاةِ وطهارةِ تربتِها، أو في إحلالِ الغنائمِ، أو في الدّعوةِ إلى اللهِ تعالى للنّاسِ كافّةً، ما عدا الشّفاعةَ العظمى فهي خاصّةٌ به دون الشّفاعةِ لأهلِ المعاصي مِنَ الموحِّدين، فهي عامّةٌ له وللأنبياءِ والصّالحين مِن عبادِ اللهِ تعالى. والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما. الجزائر في: 02 من ذي الحجة 1431ﻫ الموافق ﻟ: 08 نـوفمـبـر 2010 م ١- أخرجه البخاريّ في «التّيمّم» باب التّيمّم (1/ 78)، ومسلم في «المساجد ومواضع الصّلاة» (1/ 236) رقم (521)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. ٢- «اللّباب في علوم الكتاب» للدّمشقيّ (5/ 595). المصدر: موقع الشيخ فركوس حفظه الله |
3 مشترك
معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «نصرت بالرعب»
الجزائري عبد المعز- عضو ماسي
- تاريخ الإنضمام : 05/10/2011
الجنسية : جزائر
عدد المشاركات : 3288
مكسب العضو : 40583
نقاط تقييم مواضيع العضو : 21
المزاج : منتديات طموح الجزائر
- مساهمة رقم 1
معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «نصرت بالرعب»
audai mousa- الــمــديــر الــعــام
- تاريخ الإنضمام : 26/07/2011
الجنسية : اردني
عدد المشاركات : 1472
مكسب العضو : 7773
نقاط تقييم مواضيع العضو : 274
العمر : 34
- مساهمة رقم 2
رد: معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «نصرت بالرعب»
شكرا على الموضوع المميز
خليل إبراهيم- صاحب الموقع
- تاريخ الإنضمام : 02/12/2009
الجنسية : أردني وافتخر
عدد المشاركات : 9177
مكسب العضو : 122149
نقاط تقييم مواضيع العضو : 118
العمر : 34
المزاج : رايق
- مساهمة رقم 3
رد: معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «نصرت بالرعب»
مشكووووووووووووووووور على الموضوع الرائــع
» معنى قوله - صلى الله عليه وسلم – ( وأعوذ بك منك )
» معنى قوله - صلى الله عليه وسلم – ( وأعوذ بك منك )
» معنى حديث " فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النارالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته معنى حديث " فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار " عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنـه قال حدثنه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو الصادق المصدوق ( إن أ
» إحياء سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أثناء تلاوة القرآن الكريم
» الحديث بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم
» معنى قوله - صلى الله عليه وسلم – ( وأعوذ بك منك )
» معنى حديث " فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النارالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته معنى حديث " فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار " عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنـه قال حدثنه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو الصادق المصدوق ( إن أ
» إحياء سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أثناء تلاوة القرآن الكريم
» الحديث بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم