روى البخاري في صحيحه قال:
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ
قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ الصَّلَاةَ مَعَكَ وَكَانَ رَجُلًا ضَخْمًا فَصَنَعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فَدَعَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرًا وَنَضَحَ طَرَفَ الْحَصِيرِ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الْجَارُودِ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى قَالَ مَا رَأَيْتُهُ صَلَّاهَا إِلَّا يَوْمَئِذٍ
شرح الحديث الشريف
قولـــــه فِي حَدِيث أَنَس
( قَالَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار )
قِيلَ إِنَّهُ عِتْبَانُ بْن مَالِك ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِتَقَارُبِ الْقِصَّتَيْنِ ، لَكِنْ لَمْ أَرَ ذَلِكَ صَرِيحًا . وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ الْآتِيَة أَنَّهُ بَعْض عُمُومَة أَنَس وَلَيْسَ عِتْبَانُ عَمًّا لِأَنَسٍ إِلَّا عَلَى سَبِيل الْمَجَاز لِأَنَّهُمَا مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَة وَهِيَ الْخَزْرَج لَكِنْ كُلّ مِنْهُمَا مِنْ بَطْن .
قولـــــه : ( مَعَك )
أَيْ فِي الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِد .
قولـــــه : ( وَكَانَ رَجُلًا ضَخْمًا )
أَيْ سَمِينًا ، وَفِي هَذَا الْوَصْف إِشَارَة إِلَى عِلَّة تَخَلُّفِهِ ، وَقَدْ عَدَّهُ اِبْن حِبَّانَ مِنْ الْأَعْذَار الْمُرَخِّصَةِ فِي التَّأَخُّر عَنْ الْجَمَاعَة ، وَزَادَ عَبْد الْحَمِيد عَنْ أَنَس " وَإِنِّي أُحِبّ أَنْ تَأْكُل فِي بَيْتِي وَتُصَلِّيَ فِيهِ " .
قولـــــه : ( فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرًا )
فيه جواز الصلاة علي الحصير" .
قولـــــه : ( فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ )
زَادَ عَبْدُ الْحَمِيدِ " فَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ " .
قولـــــه : ( فَقَالَ رَجُل مِنْ آلِ الْجَارُودِ )
فِي رِوَايَة عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ الْآتِيَة لِلْمُصَنِّفِ فِي صَلَاة الضُّحَى " فَقَالَ فُلَان اِبْن فُلَان بْنُ الْجَارُود " وَكَأَنَّهُ عَبْد الْحَمِيد بْن الْمُنْذِرِ بْن الْجَارُود الْبَصْرِيّ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبُخَارِيّ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيث مِنْ رِوَايَة شُعْبَةَ ، وَأَخْرَجَهُ فِي مَوْضِع آخَر مِنْ رِوَايَة خَالِد الْحَذَّاءِ كِلَاهُمَا عَنْ أَنَس اِبْن سِيرِينَ عَنْ عَبْد الْحَمِيد بْن الْمُنْذِر بْن الْجَارُود عَنْ أَنَس ، وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ وَابْن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَة عَبْد اللَّه اِبْن عَوْن عَنْ أَنَس بْن سِيرِينَ عَنْ عَبْد الْحَمِيد بْن الْمُنْذِرِ بْن الْجَارُود عَنْ أَنَس ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ اِنْقِطَاعًا ، وَهُوَ مُنْدَفِع بِتَصْرِيحِ أَنَس بْن سِيرِينَ عِنْدَهُ بِسَمَاعِهِ مِنْ أَنَس ، فَحِينَئِذٍ رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ إِمَّا مِنْ الْمَزِيد فِي مُتَّصِل الْأَسَانِيد ، وَإِمَّا أَنْ يَكُون فِيهَا وَهْمٌ لِكَوْنِ اِبْن الْجَارُود كَانَ حَاضِرًا عِنْدَ أَنَس لَمَّا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيث وَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلَهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَظَنَّ بَعْض الرُّوَاة أَنَّ لَهُ فِيهِ رِوَايَة . وَمُطَابَقَته لِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِمَّا مِنْ جِهَة مَا يَلْزَم مِنْ الرُّخْصَة لِمَنْ لَهُ عُذْر أَنْ يَتَخَلَّف عَنْ الْحُضُور فَإِنَّ ضَرُورَة مُوَاظَبَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّلَاة بِالْجَمَاعَةِ أَنْ يُصَلِّيَ بِمَنْ بَقِيَ ، وَإِمَّا مِنْ جِهَة مَا وَرَدَ فِي طَرِيق عَبْد الْحَمِيد الْمَذْكُورَة حَيْثُ قَالَ أَنَس " فَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ " فَإِنَّهُ مُطَابِق لِقولـــــه " وَهَلْ يُصَلِّي بِمَنْ حَضَرَ " وَاللَّهُ أَعْلَم .
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ
قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ الصَّلَاةَ مَعَكَ وَكَانَ رَجُلًا ضَخْمًا فَصَنَعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فَدَعَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرًا وَنَضَحَ طَرَفَ الْحَصِيرِ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الْجَارُودِ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى قَالَ مَا رَأَيْتُهُ صَلَّاهَا إِلَّا يَوْمَئِذٍ
شرح الحديث الشريف
قولـــــه فِي حَدِيث أَنَس
( قَالَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار )
قِيلَ إِنَّهُ عِتْبَانُ بْن مَالِك ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِتَقَارُبِ الْقِصَّتَيْنِ ، لَكِنْ لَمْ أَرَ ذَلِكَ صَرِيحًا . وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ الْآتِيَة أَنَّهُ بَعْض عُمُومَة أَنَس وَلَيْسَ عِتْبَانُ عَمًّا لِأَنَسٍ إِلَّا عَلَى سَبِيل الْمَجَاز لِأَنَّهُمَا مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَة وَهِيَ الْخَزْرَج لَكِنْ كُلّ مِنْهُمَا مِنْ بَطْن .
قولـــــه : ( مَعَك )
أَيْ فِي الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِد .
قولـــــه : ( وَكَانَ رَجُلًا ضَخْمًا )
أَيْ سَمِينًا ، وَفِي هَذَا الْوَصْف إِشَارَة إِلَى عِلَّة تَخَلُّفِهِ ، وَقَدْ عَدَّهُ اِبْن حِبَّانَ مِنْ الْأَعْذَار الْمُرَخِّصَةِ فِي التَّأَخُّر عَنْ الْجَمَاعَة ، وَزَادَ عَبْد الْحَمِيد عَنْ أَنَس " وَإِنِّي أُحِبّ أَنْ تَأْكُل فِي بَيْتِي وَتُصَلِّيَ فِيهِ " .
قولـــــه : ( فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرًا )
فيه جواز الصلاة علي الحصير" .
قولـــــه : ( فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ )
زَادَ عَبْدُ الْحَمِيدِ " فَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ " .
قولـــــه : ( فَقَالَ رَجُل مِنْ آلِ الْجَارُودِ )
فِي رِوَايَة عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ الْآتِيَة لِلْمُصَنِّفِ فِي صَلَاة الضُّحَى " فَقَالَ فُلَان اِبْن فُلَان بْنُ الْجَارُود " وَكَأَنَّهُ عَبْد الْحَمِيد بْن الْمُنْذِرِ بْن الْجَارُود الْبَصْرِيّ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبُخَارِيّ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيث مِنْ رِوَايَة شُعْبَةَ ، وَأَخْرَجَهُ فِي مَوْضِع آخَر مِنْ رِوَايَة خَالِد الْحَذَّاءِ كِلَاهُمَا عَنْ أَنَس اِبْن سِيرِينَ عَنْ عَبْد الْحَمِيد بْن الْمُنْذِر بْن الْجَارُود عَنْ أَنَس ، وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ وَابْن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَة عَبْد اللَّه اِبْن عَوْن عَنْ أَنَس بْن سِيرِينَ عَنْ عَبْد الْحَمِيد بْن الْمُنْذِرِ بْن الْجَارُود عَنْ أَنَس ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ اِنْقِطَاعًا ، وَهُوَ مُنْدَفِع بِتَصْرِيحِ أَنَس بْن سِيرِينَ عِنْدَهُ بِسَمَاعِهِ مِنْ أَنَس ، فَحِينَئِذٍ رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ إِمَّا مِنْ الْمَزِيد فِي مُتَّصِل الْأَسَانِيد ، وَإِمَّا أَنْ يَكُون فِيهَا وَهْمٌ لِكَوْنِ اِبْن الْجَارُود كَانَ حَاضِرًا عِنْدَ أَنَس لَمَّا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيث وَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلَهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَظَنَّ بَعْض الرُّوَاة أَنَّ لَهُ فِيهِ رِوَايَة . وَمُطَابَقَته لِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِمَّا مِنْ جِهَة مَا يَلْزَم مِنْ الرُّخْصَة لِمَنْ لَهُ عُذْر أَنْ يَتَخَلَّف عَنْ الْحُضُور فَإِنَّ ضَرُورَة مُوَاظَبَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّلَاة بِالْجَمَاعَةِ أَنْ يُصَلِّيَ بِمَنْ بَقِيَ ، وَإِمَّا مِنْ جِهَة مَا وَرَدَ فِي طَرِيق عَبْد الْحَمِيد الْمَذْكُورَة حَيْثُ قَالَ أَنَس " فَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ " فَإِنَّهُ مُطَابِق لِقولـــــه " وَهَلْ يُصَلِّي بِمَنْ حَضَرَ " وَاللَّهُ أَعْلَم .