الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فإنه بعد محبة الله ورسوله تجب محبة أولياء الله ومعاداة أعدائه.
فمن
أصول العقيدة الإسلامية أنه يجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالي
أهلها ويعادي أعداءها فيحب أهل التوحيد والإخلاص ويواليهم، ويبغض أهل
الإشراك ويعاديهم، وذلك من ملة إبراهيم والذين معه، الذين أمرنا بالاقتداء
بهم، حيث يقول سبحانه وتعالى : { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا
بُرَاءٌ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ
وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا
حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}
وهو من دين محمد عليه الصلاة
والسلام. قال تعالى : {لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ
فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.
وهذه
في تحريم موالاة أهل الكتاب خصوصًا. وقال في تحريم موالاة الكفار عمومًا: {
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ
أَوْلِيَاءَ}(.
بل لقد حرَّم على المؤمن موالاة الكفار ولو كانوا من
أقرب الناس إليه نسبًا، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ
تَتَّخِذُواْ آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إَنِ اسْتَحَبُّواْ
الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ
هُمُ الظَّالِمُونَ}
وقال تعالى: { لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ
إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}.
وقد جهل كثير من الناس هذا الأصل
العظيم، حتى لقد سمعت بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة في إذاعة عربية يقول
عن النصارى إنهم إخواننا، ويا لها من كلمة خطيرة.
وكما أن الله سبحانه
حرَّم موالاة الكفار أعداء العقيدة الإسلامية فقد أوجب سبحانه موالاة
المؤمنين محبتهم، قال تعالى: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ
الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ، وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.
وقال تعالى: { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.
وقال تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}
فالمؤمنون
إخوة في الدين والعقيدة وإن تباعدت أنسابهم وأوطانهم وأزمانهم قال تعالى: {
وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا
وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي
قُلُوبِنَا غِلاّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}.
فالمؤمنون
من أول الخليقة إلى آخرها مهما تباعدت أوطانهم وامتدت أزمانهم إخوة
متحابون يقتدى آخرهم بأولهم ويدعون بعضهم لبعض ويستغفر بعضهم لبعض.
وصلى الله على نبينا محمد.