كانت شنقيط مركز
إشعاع علمي وثقافي ،ارتبط اسمها بحملة من المعاني حيث شهدت منذ القرن 10 هـ
نهضة ثقافية شاملة إلا أن أهلها لم يهتموا بتدوين حركتهم العلمية وتوثيق
أحداثها والتأريخ لها. بنيت شنقيط القديمة سنة 160 هـ/ 776 م
وعاشت قرونا ثم اندثرت لتنهض على أنقاضها مدينة شنقيط الحالية بما تحويه
من كنوز التراث الثقافي المنسي فلا زالت مدينة حية تقاوم الظروف الصعبة
والعزلة القاتلة. ترجح بعض المصادر أن اسم شنقيط يرجع إلى نوع من الأواني
الخزفية يسعى "الشقيط" كانت تشتهر به وان مؤسسها حبيب بن عبيدة الذي حفر بئرا في هذا المكان أثناء حملته بالصحراء سنة 116 هـ/ 723 م
. وهناك رواية أخرى تقول بأن كلمة "شنقيط" ذات أصل "بربري" ومعناها باللغة
البربرية"عيون الخيل". كانت شنقيط مدينة واحات ومحطة هامة من محطات تجارة
الصحراء وكان الحجاج يتجمعون فبها ثم ينطلقون في قافلة واحدة لأداء فريضة
الحج فسمي سكان هذا القطر "الشناقطة" نسبة إلى مدينة شنقيط التي تعزز دورها
التجاري والديني في أوائل القرن 11هـ حتى أصبحت العاصمة الثقافية لذلك
البلاد. المجتمع الشنقيطي. لقد سبق العرب إلى إفريقيا وبلاد المغرب وحكموها
أكثر مما حكمها أهلها الأقدمون، وأكثر مكان حكمه العرب كان بلاد شنقيط و
دام الصراع الثقافي فترة طويلة. ورغم ذلك فلم يحدث انصهار عرقي ثقافي مثل
الذي حدث في المجتمع الشنقيطي، وتحدث جميع الشناقطة اللهجة الحسانية العربية التي جاءت بها قبيلة بني حسان قبل
ستة قرون فانتشرت واكتسحت اللغات القديمة ثم تولت القبائل الصنهاجية التي
انسخلت عن لغتها القديمة تعميم العامية العربية الحسانية ونشرها وتطويرها
ولعلها بذلك بذلت من الجهد وأنجزت ما لم ينجزه بنو حسان أنفسهم. لقد اعتنق
أهل الصحراء الإسلام وتحدثوا اللغة العربية أصيلهم ودخيلهم. واحتلوا مواقع
السلم الاجتماعي على أساس تمثلهم لروح الإسلام وتجسيدهم لروح البطولة
العربية ما قبل الإسلام دون أن يكون للسلالة دور كبير في بلورة البيئة
الاجتماعية السكانية.
الصور: